بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم
السلام عليك سيدي ومولاي يا بقية الله في أرضهِ ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(كتيّب، كيف ترجع كما ولدتك أمك، باب الحاج)
================================================
فضل المسعي
ويسعى ضيف الله بين الصفا والمروة (مسافة 400 كلم تقريباً) في بقعة مباركة من الله تعالى، حيث ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ما من بقعة أحبُّ إلى الله من المسعى...) (1).
حكمة السعي
ورد سابقاً أن هاجر قامت بالسعي بين الصفا والمروة، إلّا أن بعض الروايات تدلّ على ارتباط السعي بالنبي إبراهيم (عليه السلام) أيضاً، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (صار السعي بين الصفا والمروة؛ لأن ابراهيم عرضَ له إبليس، فأمر جبرئيل (عليه السلام) فشدّ عليه فهرب منه، فجرت السنَّة. يعني بالهرولة) (2).
وتدل بعض الروايات إلى أن الله تعالى أراد من خلال فريضة السعي أن يذلَّ المتجبِّرين لما للمشي والهرولة من شعور بالذلَّة أمام الله تعالى، فقد رُوي أن الإمام الصادق (عليه السلام) سُئِل: لِمَ جُعِلَ السعي؟ فقال (عليه السلام): (مذلَّة للجبارين) (3).
ثواب السعي
وفي ثواب السعي تحدَّث النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: (الحاج... إذا سعى بين الصفا والمروة، خرج من ذنوبه) (4).
وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام): (الساعي بين الصفا والمروة، تشفع له الملائكة، فتشفّع فيه بالإيجاب) (5)، أي أنها تقبل شفاعتهم بإيجاب الله تعالى على نفسه في حقه.
آداب السعي
يُستحب للساعي أن يقف قبل سعيه على الصفا مستقبلاً الركن الذي فيه الحجر الأسود، وهناك يحمد الله ويثني عليه.
- ثم يكبّر الله سبع مرات.
- ثم يحمده سبع مرات.
- ثم يهلله (لا إله إلا الله) سبع مرات، ثم يصلِّي على النبي (صلى الله عليه وآله).
- ثم يقول (الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا، والحمد لله الحيّ القيّوم، والحمد لله الحي الدائم) ثلاث مرات.
- ثم يقول (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، لا نعبد إلا إيّاه مخلصين له الدين، ولو كره المشركون) ثلاث مرات.
- ثم يقول (اللهم إني أسالك العفو والعافية، واليقين في الدنيا والآخرة) ثلاث مرات.
- ثم يقول: (اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار) ثلاث مرات.
- ثم يكبّرالله مئة مرة.
- ثم يهلّل الله مئة مرة.
- ثم يحمد الله مئة مرة.
- ثم يسبّح الله مئة مرة.
- ثم يقول: (لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فله الملك، وله الحمد وحده وحده، اللهم بارك لي في الموت، اللهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته، اللهم أظلَّني في ظلّ عرشك يوم لا ظلّ إلا ظلّك).
- ثم يقول: (أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا يضيِّع ودائعه ونفسي وديني وأهلي، اللهم استعملني على كتابك وسنَّة نبيّك، وتوفّني على ملَّته، وأعذني من الفتنة).
- ثم يكبّر الله أحد عشر مرة.
وقد عقَّب الإمام الصادق (عليه السلام) بعد أن ذكر هذا العمل الطويل المستحب قبل البدء بالسعي بقوله (عليه السلام): (فإن لم تستطع هذا فبعضه) (6).
وقد ورد ذكر مختصر يقال في منسك السعي وهو ما ذكره أحد أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) إذ قال: كنت وراء أبي الحسن موسى (عليه السلام) على الصفا – أو على المروة – وهو لا يزيد على حرفين: (اللهم إني أسألك حسن الظنِّ بك في كل حال، وصدق النيّة في التوكّل عليك) (7).
سر السّعي الباطني:
وبيَّن الإمام السجاد سرَّ السعيّ الباطني لشبلي حينما سأله: فحين سعيت نويت أنَّكَ هربت إلى الله وعرف ذلك منك علَّام الغيوب؟
قال شبلي: لا.
فقال (عليه السلام): (فما...سعيت) (8).
================================================
التقصير:
وينتهي الساعي في سعيهِ في صخرة المروة ليحلَّ من إحرامه بتقصير شعره، وهو يأمل أن تكون الشعرات الساقطة تتلألأ بأنوارها يوم القيامة.
وبهذا يُنهي الضيف رحلة الضيافة الأولى ليبدأ رحلته الثانية حينما يُحرم من مكَّة ويلبِّي دعوة الله تعالى ويتوجّه في ضيافة الله تعالى إلى عرفة، فهلمَّ معنا إلى هناك.
================================================
وقوف عرفات:
بعد أن أذنب العبد وعصى ربَّه يتوجَّه إلى الله تعالى قاصداً مدينته المقدَّسة ملبياً دعوة الضيافة الربَّانية مريداً بذلك محو الذنوب، والعودة كما ولدته أمه.
يقف عند الحجر الأسود ليصافحه ويستلمه مؤكداً على ميثاق التوحيد، ويصلي عند الحطيم معلناً توبته إلى الله في مكان توبة أبيه آدم (عليه السلام)، ويدعو في حجر إسماعيل (عليه السلام) تحت ميزاب الرحمة لعلَّ رحمة الله تناله، ويبسط يديه على حائط المستجار مقرّاً بذنوبه عسى أن يمحوها ربُّه، ويستلم الركن اليماني سائلاً عصمة التوبة آملاً تأمين الملَك الهجِّير على دعائه، ويصلي خلف مقام إبراهيم (عليه السلام) معلناً عبوديته لله، ويسعى بين الصفا والمروة يهرب من الله إلى الله. ولكن مع كل هذا تبقى كلمة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) تشدّه نحو متَّجهٍ آخر، وذلك حينما يقول (صلى الله عليه وآله): (من الذنوب ذنوب لا تُغفر إلا بعرفات) (9).
لمَ سمّيت عرفات؟!
وفي وجه تسمية ذلك المكان بعرفات، ورد حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال فيه: (إن جبرئيل خرج بإبراهيم صلوات الله عليه يوم عرفة، فلما زالت الشمس قال له جبرئيل: يا إبراهيم اعترف بذنبك، واعرف مناسكك، فسُمّيت عرفات لقول جبرئيل: اعترف، فاعترف) (10).
إذن اسم عرفات من الاعتراف والمعرفة.
================================================
مكانة عرفة وأهلها:
إن الوقوف بعرفة، الركن الأساس في أعمال الحج، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يبيِّن ذلك: (الحج عرفات، الحج عرفات، الحج عرفات) (11).
ففي الحديث النبوي: (إن الله عزّ وجلّ يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شُعْثَاً غُبْراً) (12).
عشيّة عرفة
ويستحب للحاج أن يكون عشية عرفة بالموقف ذاكراً الله تعالى ليكون من أهل الكرامة والمباهاة.
فعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (ما من مسلم يقف عشية عرفة بالموقف فيستقبل القبلة بوجهه، ثم يقول: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير مئة مرة، ثم يقرأ قل هو الله أحد مئة مرة، ثم يقول: (اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وعلينا معهم، مائة مرة) إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي، ما جزاء عبدي هذا؟ سبّحني وهلّلني، وكبّرني، وعظَّمني وعرفني، وأثنى عليّ، وصلّى على نبيّي. اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت له، وشفّعتهُ في نفسه، ولو سألني عبدي هذا لشفّعته في أهل الموقف كلهم) (13).
================================================
يوم عرفة والدعاء:
إن يوم عرفة هو يوم الدعاء، حتى ورد أنَّ من خاف أنْ يضعفه الصوم عن الدعاء في هذا اليوم فليترك الصوم ويدعو الله تعالى، وقد ورد عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام): (إذا كان يوم عرفة لم يردّ سائلاً).
ومن أروع الأدعية الواردة عن أهل العصمة (عليهم السلام) هو دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) في عرفة ذو المضامين العالية التي تشهد أنها وردت من الأطهار الكرام (عليهم السلام).
================================================
المصادر:
(1) الكليني، الكافي، ج4، ص434، حديث 3.
(2) الريشهري، الحج والعمرة، ص205.
(3) الكليني، الكافي، ج4، ص434، حديث 3.
(4) الريشهري، الحج والعمرة، ص208.
(5) المصدر السابق.
(6) المصدر السابق، ص205-206.
(7) المصدر السابق، ص208.
(8) الكاشاني، التحفة السنيّة، ص184.
(9) الريشهري، الحج والعمرة، ص220.
(10) المصدر السابق، ص213.
(11) المصدر السابق، ص214.
(12) المصدر السابق، ص213.
(13) المصدر السابق، ص220.
وفقكم الله لكل خير ببركة وسداد أهل البيت عليهم السلام