✨ القوّة الوحيدة التي يستطيع الإنسان أنْ يتّكل عليها ✨
إنَّ اللهَ قدْ خَلَقَ الإنسان محتاجاً إلى غيره من خلق الله، أي أنّ المجتمع الإنساني قد بُني على أنْ يكون الناس محتاجين بعضٌ إلى بعض، وإنّه لمن هذا المنطلق أننا نرى أنّ التعاليم الإسلامية تحثُّ على التعاون، لقد جاء في القرآن المجيد:
{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى } ( الآية 2 من سورة المائدة )
وكلمة " التعاون " من مادة " عون "، ولو كانت الاستعانة بغير الله غير جائزة بكلّ الحدود، لما حثّ الله الناسَ على التعاون لكونهم يحتاج بعضهم إلى بعض، ولذلك فلا بدّ أنْ يتعاونوا فيما بينهم.
جاء في الأخبار أنّ رجلاً دعا الله بالدعاء التالي وهو في حضرة أمير المؤمنين ( عليه السلام ): اللهمّ لا تحوجني إلى خلقك
فقال الإمام: قل: اللهمّ لا تحوجني إلى لئام خلقك.
وذلك لأنّ الجملة الأولى مستحيلة ما دامت طبيعة الإنسان وتكوينه الاجتماعي يقتضيان التعاون.
جملة { ...وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} ( سورة الفاتحة ) لا تقول إنّ على الإنسان ألّا يستعين بالآخرين، فما هي المسألة ؟
إنّ ما في الآية هو أنّ الاعتماد النهائي، وأنّ ما يتَّكِلُ عليه قلبُ الإنسان، أي ما يتّكل عليه الإنسان في نفسه، ينبغي أن يكون الله،
وأمّا الذين يُستمدّ منهم العون في الدنيا فإنّما هم وسائل.
فالإنسان نفسه، وطاقته، وقوّة عضلاته، وقوّة فكره، كلّها وسائلٌ خلقها الله ووضعها تحت تصرّفه، ولكنّ الأمور بِيَدِ الله.
لذلك فقد يتّكلُ الإنسان في دنياه على وسائل كثيرة، ثم يخيب ظنّه فيها، لأنّها لم تُقدّم له العون الذي كان ينتظر.
بل قد يعتمدُ قواه الخاصّة، ولكنّه يجدها قد خيّبت أمله.
إنّ القوّة الوحيدة التي يستطيع الإنسان أن يتّكل عليها ويُنظّم برنامجه معها دون خوف، هي الله ( تعالى )...
خلاصة القول هي أنّ هذه الآية ( { ...وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} ) لا تعني أنّ الإنسان يجب ألّا يمدّ يده طلباً للعون أبداً، ولكنّه يجب ألّا ينسى، وهو يطلب العون، سَبَبَ الأسباب، وأن يُدرك أنّ الوسائل كلّها بيده.
✏️ الشهيد الشيخ مرتضى مطهري رضوان الله تعالى عليه