السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
التواضع :
للحصول على صفة " التواضع مع الناس " الحميدة تجب مراعاة عدة أمور:
1 - الإبتداء بالسلام:
ينبغي أن يسلم الإنسان على كل من يلقاه غنياً وفقيراً, كبيراً أو صغيراً, شريفاً أو وضيعاً ولا يفرق في السلام بين أحد وغيره قال الإمام الصادق عليه السلام: من التواضع أن تسلم على من لقيت.وقال عليه السلام: إن الله عز وجل قال: إن البخيل من يبخل بالسلام.وقال الإمام الباقر عليه السلام: إن الله يحب إفشاء السلام.وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: السلام تطوع والرد فريضة.وفي وصية النبي لعلي: يا علي ثلاث كفارات إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام.وقال صلى الله عليه وآله: خمس لا أدعهنّ حتى الممات الأكل على الحضيض ( الأرض من غير خوان ( سفرة )) وركوبي الحمار موكفاً ( عليه الجل ) وحلبي العنز بيدي ولبس الصوف والتسليم على الصبيان.وقال الإمام الصادق عليه السلام: من لقي فقيراً فسلم عليه بخلاف سلامه على الغني لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان.وقد ورد في عدة روايات عن الإمام الصادق عليه السلام أن يبدأ الصغير بالسلام الكبير والمار يبدأ الجالس والراكب يبدأ الماشي والجماعة القليلة تبدأ الجماعة الكثيرة وكذلك الداخل إلى المجلس يبدأ أهل المجلس بالسلام.
2 - أن يكون خادماً لا مخدوماً:
من الأمور التي تنجي الشخص من مرض الكبر وتجعله متواضعاً أن لا يصدر الأوامر إلى غيره في قضاء حوائجه الشخصية وأن لا يتوقع من غيره أن يخدمه وأن يقضي هو حوائج نفسه... وأيضاً يسعى في تعامله مع أهل بيته وكل من يعاشرهم أن يتحمل مشقاتهم ويقضي حوائجهم ويكون خادماً لهم. وإذا كان له خادم فلا يطلب منه شيئاً بلهجة الآمر, بل يطلب منه ذلك بلهجة المحتاج إلى خدمته. وإذا خالف سلوك الشخص ما ذكر فإنه مبتلى حتماً بالكبر القلبي بل سيصبح متكبراً .ولكي نعرف طريقة عظماء الدين يشار إلى بعض الروايات:
المصطفى مع خادمه:
عن أنس قال: خدمت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين بالمدينة وأنا غلام ليس كل أمري كما يشتهي صاحبي أن يكون عليه فما قال لي: أف فيها قط وما قال لي: لمَ فعلتَ هذا وإلا فعلت هذا.
وقال أنس أيضاً: كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله شربة يفطر عليها وشربة للسحر و ربما كانت واحدة وربما كانت لبناً وربما كانت الشربة خبزاً يماث فهيأتها له صلى الله عليه وآله ذات ليلة فاحتبس النبي صلى الله عليه وآله ( أي تأخر ) فظننت أن بعض أصحابه دعاه فشربتها حين احتبس فجاء صلى الله عليه وآله بعد الصلاة بساعة فسألت بعض من كان معه هل كان النبي صلى الله عليه وآله أفطر في مكان أو دعاه أحد فقال لا فبتّ بليلة لا يعلمها إلا الله من غم أن يطلبها مني النبي صلى الله عليه وآله ولا يجدها فيبيت جائعاً فأصبح صائماً وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة.
يكره الإمتياز:
وكان صلى الله عليه وآله وسلم في سفر فأمر بإصلاح شاة فقال رجل يا رسول الله علي ذبحها وقال آخر عليّ سلخها وقال آخر علي طبخها فقال صلى الله عليه وآله وسلم: عليَّ جمع الحطب فقالوا يا رسول الله نحن نكفيك فقال قد علمت أنكم تكفوني لكني أكره أن أتميز عنكم فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه فقام فجمع الحطب.وروي أنه خرج صلى الله عليه وآله إلى بئر فاغتسل فأمسك حذيفة بن اليمان بالثوب على رسول الله صلى الله عليه وآله وستره به حتى اغتسل ثم جلس حذيفة ليغتسل فتناول رسول الله صلى الله عليه وآله الثوب وقام يستر حذيفة فأبى حذيفة فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا تفعل فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن يستره بالثوب حتى اغتسل وقال ما اصطحب اثنان قط إلا وكان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه ورأى جارية تخاف أن تذهب إلى بيتها لأنهم أرسلوها في حاجة فأبطأت عليهم فمضى صلى الله عليه وآله معها إلى البيت ليصفح مولاها عنها فأعتقها إكراماً لرسول الله صلى الله عليه وآله.
مع الأطفال...
وكان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له صلى الله عليه وآله ويسميه فيأخذه فيضعه في حجره تكرمة لأهله فربما بال الصبي على ثيابه فيصيح بعض من رآه فيقول صلى الله عليه وآله لا تزرموا بالصبي فيدعه حتى يقضي بوله ثم يفرغ له من دعائه أو تسميته فيبلغ سرور أهله فيه ولا يرون أن يتأذى ببول صبيهم فإذا انصرفوا غسل ثوبه.
وكان خدم المدينة يأتون رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى الغداة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بآنية إلا غمس يده فيها وربما كان ذلك في الغداة الباردة يريدون به التبرك والروايات في تواضع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كثيرة.قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيما مسلم خدم قوماً من المسلمين إلا أعطاه الله مثل عددهم خداماً في الجنة.
تواضع أمير المؤمنين عليه السلام:
ذكر الكوفيون أن سعيد بن قيس الهمداني رآه يوماً ( في شدة الحر ) في فناء حائط فقال يا أمير المؤمنين: بهذه الساعة؟ قال: ما خرجت إلا لأعين مظلوماً أو أغيث ملهوفاً فبينا هو كذلك إذ أتته امرأة قد خلع قلبها لا تدري أين تأخذ من الدنيا حتى وقفت عليه فقالت: يا أمير المؤمنين: ظلمني زوجي وتعدى علي وحلف ليضربني فاذهب معي إليه فطأطأ رأسه ثم رفعه وهو يقول: حتى يؤخذ للمظلوم حقه غير متعتع ( غير مكره فيتعتع أي يتردد في الكلام ) وأين منزلك قالت في موضع كذا وكذا فانطلق معها حتى انتهت إلى منزلها ( ... ) قال فسلم فخرج شاب عليه إزار ملونة فقال عليه السلام اتق الله فقد أخفت زوجتك فقال وما أنت وذاك والله لأحرقنها بالنار لكلامك قال وكان إذا ذهب إلى مكان أخذ الدرة بيده والسيف معلق تحت يده فمن حل عليه حكم بالدرة ضربه ومن حل عليه حكم بالسيف عاجله فلم يعلم الشاب إلا وقد أصلت السيف وقال له آمرك بالمعروف وأنهاك عن المنكر وترد المعروف؟ تب وإلا قتلتك قال وأقبل الناس من السكك يسألون عن أمير المؤمنين حتى وقفوا عليه ( فعرفه الشاب حينئذٍ ) فأسقط في يده وقال يا أمير المؤمنين اعف عني عفا الله عنك والله لأكوننّ لها أرضاً تطأني فأمرها بالدخول إلى منزلها وانكفأ وهو يقول " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " الحمد لله الذي أصلح بي بين مرأة وزوجها.
مقتطفات من كتاب القلبُ السَّليم للسَّيّد عَبْد الحُسَيْن دَسْتغيْب
وفقكم الله تعالى ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام
(يا علي يا علي يا علي (33))