[عماد الأصفياء]

السؤال : هل السحر هو حقيقة خيالية أم حقيقة حقيقة واقعية ؟

السيد الحيدري :
***قال تعالى في كتابه المحكم بسم الله الرحمن الرحيم (( وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ )) [البقرة : 102] .

يُفهم من الآية الكريمة عدة معاني تتعلق بحقيقة السحر :-

1- أن السحر كفر (( فَلاَ تَكْفُرْ )) لأنه تصرف بالكون على خلاف ما جرت عليه القدرة الإلهية حيث أن الساحر يفسد أمر الصنع والتكوين ويسبق تقدير الله بأعمال السحر ، وهذا التصرف إن أقتصر على الخيالات والصور فقط فلا يصل لحد كفر الساحر ، ولكن ما يُفهم أن ضرر السحر تجاوز حد الخيالات ووصل للضرر الفعلي (( وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِه )) أي أنه لو أقتصر على الخيالات فقط لأمكننا القول بأن الشخص الذي يستخدم الحيل البصرية بخفة اليد هو أيضاً كافر لأنه يخدع البصر وهذا لا يستقيم أمام العقل .

2- أن التفريق بين المرء وزوجه كما ورد في الآية الكريمة (( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ )) غير محدود الضرر بمعنى أنه يتجاوز أيضاً الخيالات ولا يقتصر على ظهور الزوجة بعين زوجها بصورة غير حسنة بفعل سحر الخيالات حتى تحدث الفرقة ، وإنما يصل للمشاعر والعواطف وتقليبها بل قد يتجاوز بأن لا يتمكن الرجل من إتمام الجماع بصورته المعتادة بفعل السحر وهنا يتضح الضرر بدني ، أي يمكن إستنتاج بأن الأمر لا يُحدّ بدائرة الخيالات والصور وإنما يصل لحقيقة مشاعر الزوج أو الزوجة ويحدث التحول السلبي بفعل السحر ، أو حجب القدرات الشهوية لدى الزوج بقوة السحر وبذلك يكون السحر قد تجاوز حد الخيالات الصورية ووصل لعمق المشاعر .

3- التعلم يرتبط مع مفهومي الكثرة الكمية والملازمة أي عندما تريد أن تتعلم على يد شخص ما بعض العلوم فيستوجب ملازمته للأخذ من علومه المتنوعة في مجال ما ، وقد وردت كلمة ( يعلمون ، فيتعلمون ) أي أن السحر يمكن أن يطلق عليه صفة العلم وبما أنه علم فله منهجه وطرقه وأساليبه وبذلك يُستنتج بأنه علم لا يقتصر على التأثير على الخيالات والصور فقط وإنما هنالك أبعاد أخرى مخفية تصل لإيقاع الضرر بالمشاعر والتفكير والبدن لإحداث الفرقة .

وبذلك يكون السحر حقيقة واقعية وإن كان جزء منه له من الآثار الخيالية .