بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
واجبات المكلف المختلفة تجاه مولاه المهدي (عليه السلام)
1- التعرف على شخصية الإمام المهدي:
من أولى الواجبات في عصر الغيبة الكبرى هو التعرف على شخصية الإمام المهدي من جميع أبعادها، وتعميق المعرفة به، وأنه حي يرزق، ويطلع على أعمال الناس، وأنه إمام هذا العصر والزمان الذي نعيش فيه، وأنه حجة الله على خلقه، وعلينا الإيمان بكل ذلك ارتكازاً على الأدلة النقلية الصحيحة، والاستدلالات العقلية المنطقية.
2- الارتباط الوجداني والعاطفي بالإمام المهدي:
ومن التكاليف والواجبات المهمة التي أكدتها الأحاديث الشريفة لمؤمني عصر الغيبة هو تمتين الارتباط الوجداني بالمهدي المنتظر والتفاعل العملي مع أهدافه السامية والدفاع عنها والشعور الوجداني العميق بقيادته وهذا هو ما تؤكده أيضاً معظم التكاليف التي تذكرها الأحاديث الشريفة. كواجبات للمؤمنين تجاه الإمام مثل الدعاء له بالحفظ والنصرة وتعجيل فرجه وظهوره وكبح أعدائه والتصدق عنه والمواظبة على زيارته وغير ذلك مما ذكرته الأحاديث الشريفة. وقد جمعها آية الله السيد الإصفهاني في كتابه ( مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم ) وكتابه ( وظائف الأنام في غيبة الإمام ).
3- التهيؤ النفسي والسلوكي والعملي:
مجاهدة النفس وتربيتها على الخصال الحميدة، والصفات النبيلة، والأفعال الحسنة من أهم وأبرز مقتضيات الانتظار، ذلك أنه لن يفوز بالجهاد مع الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) إلا من رَبَّى نفسه، وجاهد شهواته وغرائزه، واستعد نفسياً وسلوكياً للانضمام إلى ركب الإمام الحجة ( عجل الله فرجه الشريف).
أما من يرتكب الحرام تلو الحرام، ويقترف الموبقات والمحرمات، فليس له أن يتمنى أو يفكر أن يكون من أصحاب الإمام المهدي؛ لأن أصحابه وأنصاره لا يمكن أن يكونوا إلا من الأتقياء والمؤمنين والصالحين، الذين جاهدوا أنفسهم، وتربوا على الخصال الحميدة، والعادات الحسنة واستعدوا لملاقاة إمامهم وهم في أحسن استعداد سلوكي، وتهيئة نفسية و أخلاقية.
كما أن قيام المؤمن الصادق بالأعمال الصالحة، والمداومة على فعل الخير، واستباق الخيرات من متطلبات الانتظار، ذلك الانتظار الذي ورد في فضله أنه أحب الأعمال إلى الله تعالى، وأنه من أفضل العبادة، وأنه كالمتشحط بدمه في سبيل الله؛ لا يمكن أن يكون للمنتظر من غير عمل صالح، أو لمن لا يفكر - فضلاً عن أن يعمل- في الانضمام إلى ركب الإمام المهدي؛ فللانتظار مقتضياته ومستلزماته، والتي من أهمها المداومة على الأعمال الصالحة.
4- إحياء نهج أهل البيت:
من الواجبات المهمة في عصر الغيبة هو إحياء نهج أهل البيت ( عليهم السلام) ، ونشر ثقافتهم والتعريف بمنهجهم، وبيان مظلوميتهم، ودعوة الناس إلى السير على نهجهم امتثالاً لأمر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بالتمسك بالثقلين.
ومن الضروري اتباع الحكمة في التعريف بمكانة أهل البيت، والابتعاد عن كل ما يثير البغضاء والشحناء، واستفزاز الآخرين، فعن الإمام الصادق ( عليه السلام) قال: (( رحم الله عبداً حَبَّبَنا إلى الناس ولم يُبَغّضْنا إليهم، أما والله لو يروون محاسن كلامنا لكانوا به أعز، وما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشيء، ولكن أحدهم يسمع الكلمة فيحط إليها عشراً ))
فالإمام الصادق (عليه السلام) يرشدنا إلى ضرورة أن نحبب الناس إلى أهل البيت، وذلك بذكر أخلاقياتهم ومناجاتهم وصفاتهم الحميدة، أما اتباع أسلوب ما يثير الآخرين ويستفزهم، فهذا يُبعد الناس عن أهل البيت، ويحول بينهم وبين التعرف على ثقافة أهل البيت، وفي ذلك إساءة لهم، وإن تصور الفاعل أنه بذلك يخدم أهل البيت، فليكن منهجنا هو تحبيب الناس لأهل البيت، واجتناب أي أسلوب يثير البغضاء والشحناء والضغائن في القلوب والنفوس.
5- الاغتمام لفراقه (عليه السلام) ولمظلوميته :
لقد روي عن الامام الصادق ( عليه السلام) انه قال: (نفس المهموم لنا المغتنم لمظلوميتنا تسبيح).
6- التوسل به (عجل الله فرجه الشريف):
إن من الوظائف في زمن الغيبة التوسل به ( عجل الله فرجه الشريف) ورد في بعض الراويات توسل بالإمام صاحب العصر والزمان ( عليه السلام) في الشدائد : (اللهم إني أسألك بحق وليك وحجتك صاحب الزمان (عليه السلام) إلا أعنتني به على جميع أموري وكفيتني به مؤونة كل مؤذ وطاغ وباغ وأعنتني به فقد بلغ مجهودي وكفيتني به كل عدو وهم وغم ودين وعني وعن ولدي وجميع أهلي وإخواني ومن يعنيني أمره وخاصتي آمين رب العالمين).
7- الثبات على الولاية لأهل البيت (عليهم السلام) والتمسك بالمذهب الحق:
من أهم تكاليفنا الشرعية في عصر الغيبة هو الثبات على موالاة أهل البيت عليهم السلام والثبات على العقيدة الصحيحة بإمامة الأئمة الاثني عشر وخصوصاً خاتمهم وقائمهم المهدي محمد بن الحسن (ع)، كما يتوجب علينا عدم التأثر بموجات التشكيك وتأثيرات المنحرفين مهما طال زمان الغيبة أو كثرت ضروب المشككين.
فعن رسول الله قال: ( والذي بعثني بالحق بشيراً ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني حتى يقول أكثر الناس ما لله في آل محمد حاجة ويشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا يشككه فيزيله عن ملتي ويخرجه من ديني ) 1
8- الرجوع في الأحكام الشرعية إلى العلماء المجتهدين:
حيث أن تقليد الفقهاء والعلماء المجتهدين في غير أصول الدين هو واجبنا الشرعي في عصر الغيبة الذي نعايشه، وذلك لمن لا يمكنه الاجتهاد أو العمل بالاحتياط المبرئ للذمة في أحكام الدين وفروعه.
فلقد جاء في التوقيع المروي عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) والذي خرج لإسحاق بن يعقوب في فترة الغيبة الصغرى: (.. وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ) 2
--------------------
1- كمال الدين ج 1 ص 51، إثبات الهداة ج 3 ص 459،بحار الأنوار ج 51 ص 68 ح 10.
2- غيبة الطوسي ص 291، كمال الدين ج 2 ص 483، إعلام الورى ص 423، كشف الغمة ج 3 ص 321