بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محد وال محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الوسطية وعدم الافراط والتفريط
بالطبع لقد كانت هنالك أمور وتصرفات تصدر من البعض في ذلك الوقت، فكان أولئك الأشخاص يأخذون إمّا جانب الإفراط أو جانب التفريط في تعاملهم مع هذا الموضوع، وذلك بسبب فهمهم الخاطئ لما كان يُطرح من قبل المرحوم العلاّمة. وبما أنَّني كنت على علم أكثر من غيري بما كان يُطرح من قبله وبكيفية تصرفاته، فكنت أُلاحظ الكثير من الإفراط في تصرفات الغير، ولم تكن تصرفاتهم تلك متوافقة مع ما كان عليه اعتقاد ورأي المرحوم العلاّمة.
يطرح الإمام الصادق على عنوان جملة من الأمور فيما يخصّ موضوع التغذية فيقول: أولاّ، لا تأكل ما لم تشعر بالجوع؛ أي لا تأكل ما لم يصل الجوع إلى الحد الذي يتسبب في انشغال فكرك بأمر الطعام. بالطبع ليس المقصود بالطعام هنا هو الوجبات الرسمية؛ الفطور والغداء والعشاء فقط، بل مطلق الطعام وكلّ ما يتناوله الإنسان كغذاء، وهو الأمر الذي أخذ اليوم بُعداً آخر، وهو مغاير لدأب وديدن العظماء، فقد أصبحت عادتنا هذه الأيام تناول طعام الفطور ـ مثلاً ـ عند الصباح بعد نهوضنا من النوم، وبعد ساعتين نأكل ما يُقدّم إلينا من فاكهة أو حلوى في المنزل أو عند زيارتنا لأحد الأشخاص، وبعد ساعة تُقدّم إلينا العصائر المُثلجة فنتناول منها، أو أنَّنا نخرج من المنزل فنرى نوعاً من الغذاء فنتناول منه، كما نأكل قبل الظهر، وهكذا إلى أن يحين وقت النوم، فنكون دائماً في حال تناول الطعام، فيبدو بأنَّنا والحال هذه لن نشعر بالجوع أبداً، وستكون معدتنا مشغولة دائماً بالهضم.
فالإمام عليه السلام لا يتحدّث هنا عن هذا الطرز من تناول الطعام، وقد بينت السبب للإخوة في المجالس السابقة، وقلت بأنَّ ذلك الذكاء وتلك الحالة من الفطنة والتركيز سوف تُسلب من الإنسان عندما تكون المعدة مشغولة بهضم الطعام، وهذا هو واقع الحال شاء الإنسان أم أبى، أمّا ما يتعلق بتناول شيء بسيط كتمرة واحدة على سبيل المثال، فهذا خارج عن الموضوع، بل المقصود هنا هو أن يأكل بعد نهوضه من النوم في الصباح، ثم يأكل في بيت صديقه ما يُقدَّم له من فاكهة أو حلوى؛ أو يأكل ما يجده في منزله من الغذاء، فهذا النمط من تناول الطعام، علاوة على ما له من أضرار على الجسم وجهاز الهضم وما يُسببه من جهد إضافي على الكبد وما شاكل ذلك، فهو يسلب من الإنسان ذلك التوجّه الخاص وذلك الاستعداد الذهني لتلقي المفاهيم؛ وهذا هو الأمر المهم بالنسبة للسالك، وهو لا يمكن أن يتحقق في هكذا ظروف، فقد خلق الله الإنسان على هذه الشاكلة، ولا دخل للإنسان بهذا الأمر.
----------------
الغذاء وأثره على السلوك
مقتبسة من محاضرة
ألقاها:
سماحة آية اللـه السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني حفظه اللـه
ألقيت في التاسع عشر من جمادى الثاني من عام 1435 هجري قمري
"موقع المتقين