:: مركز نور السادة الروحي ليس لديه أي مواقع آخرى على شبكة الأنترنت، ولا نجيز طباعة ونشر البرامج والعلاجات إلا بإذن رسمي :: |
|
نور الصلاة الخاشعة وآدابها (( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ )) |
|
أدوات الموضوع |
04-06-2010, 05:33 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
وداعاً للشك والوسوسه 2
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين بجميع محامده اللهم صلِّ على كامل النور الحبيب محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم يارب ياكريم السلام عليكِ ياسيدة نساء العالمين يامولاتي يافاطمة الزهراء ورحمة العزيز الجبار وبركاته السلام عليك يامولاي ياباقر علوم الأولين والأخرين ورحمة العلي العليم وبركاته السلام عليكم ورحمة العلي الرحيم وبركاته بِسَنَدِي المتَّصِلِ إلى شيخ المحدثين وأفضلِهم محمَّدِ بن يعقوبَ الكلينيِّ ـ رحمه الله تعالى ـ عن مُحَمَّدِ بنِ يحيى، عن أحمدَ بن محمَّدٍ، عن أبن محبوبٍ، عن عبداللهِ بنِ سِنانٍ قالَ: «ذَكَرْتُ لأَبِي عَبْدِاللهِ عليه السلام رَجُلاً مُبْتَلىً بِالوُضُوءِ وَالصَّلاَةِ وَقُلْتُ: هُوَ رَجُلٌ عَاقِلٌ. فَقالَ أبو عَبْدِاللهِ عليه السّلام: وَأيُّ عَقْلٍ لَهُ وَهُوَ يُطيعُ الشَّيْطَانَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَكَيْفَ يُطيعُ الشَّيْطَانَ؟ فَقالَ: سَلْهُ هذَا الَّذِي يَأتِيهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَكَ: مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ» [1]. إعلم أن الوسوسة والشك والتزلزل والشرك وأشباهها من الخطرات الشيطانية والإلقاءات الإبليسية التي تُقذف في قلوب الناس. كما أن الطمأنينة واليقين والثبات والإخلاص وأمثالها من الإفاضات الرحمانية والإلقاءات المُلكية. وتفصيل هذا الإجمال بصورة مختصرة هو: أن قلب الإنسان شيء لطيف متوسط بين نشأة المُلك ونشأة الملكوت، بين عالم الدنيا وعالم الآخرة، عين منه نحو عالم الدنيا والمُلك، وبها يعمّر هذا العالم، وعين أخرى منه نحو عالم الآخرة والملكوت والغيب، وبها يعمّر عالم الآخرة والملكوت. فالقلب بمثابة مرآة لها وجهان، وجه منها نحو عالم الغيب، وتنعكس فيه الصور الغيبية، ووجه آخر نحو عالم الشهادة وتنعكس فيه الصور المُلكية الدنيوية. ويتم انعكاس الصور الدنيوية من خلال القوى الحسّية الظاهرية وبعض القوى الباطنية مثل الخيال والوهم. وتنتقش الصور الأخروية فيها من باطن العقل وسرّ القلب. فإذا قويت الوجهة الدنيوية، والتفتت كلياً إلى تعمير الدنيا، وانحصرت همته في هذا العالم واستغرق في ملاذ البطن والفرج، وكافة المشتهيات والمتع الدنيوية، انعطف باطن الخيال نحو الملكوت السفلي، الذي يكون بمثابة الظل المظلم لعالم المُلك والطبيعة، وعالم الجن والشياطين والنفوس الخبيثة، وتكون الالقاءات شيطانية، وباعثة على تخيّلات باطلة وأوهام خبيثة. وحيث أن النفس تنتبه إلى الدنيا، إشتاقت إلى تلك التخيلات الباطلة، وتبعها أيضاً العزم والإرادة، وتتحول كل الأعمال القلبية والقالبية إلى سنخ الأعمال الشيطانية من قبيل الوسوسة والشك والترديد والأوهام والخيالات الباطلة. وتصبح الإرادة على ضوء ذلك في مُلك الجسم فعّالة، وتتجسد الأعمال البدنية أيضاً حسب الصور الباطنية للقلب، لأن الأعمال صورة وتمثال للإرادات، التي هي صور ومثال للأوهام التي بدورها إنعكاس لاتجاه القلب. وحيث أن وجهة القلب كانت نحو عالم الشيطان، كانت الإلقاءات في القلب من سنخ الجهل المركب الشيطاني، وفي النهاية تستشري من باطن الذات، الوسوسة والشك والشرك والشبهات الباطلة وتسري في كل أنحاء الجسم. وعلى هذا القياس المذكور، إذا كانت وجهة القلب نحو تعمير الآخرة، والمعارف الحقة، وعالم الغيب، لحصل له وئام مع الملكوت الأعلى، الذي هو عالم الملائكة وعالم النفوس الطيبة السعيدة، والذي يكون هذا العالم بمثابة الظل النوراني لعالم الطبيعة، واعتبر العلوم التي تفاض عليه من العلوم الرحمانية الملكية والعقائد الحقة وغدت الخواطر من الإلقاءات والخواطر الإلهية، ويتطهر من الشك والشرك ويتنزه منهما، وحصلت الإستقامة والطمأنينة في النفس، وصارت أشواقها أيضاً على ضوء تلك العلوم، وإرادتها على ضوء تلك الأشواق. ومجمل الكلام أن الأعمال القلبية والقالبية والظاهرية والباطنية، تتحقق على أساس العقل والحكمة. روى العيّاشي بإسناده عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلاّ وَلِقَلْبِهِ فِي صَدْرِهِ أُذُنَانِ: أُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا المَلَكُ وَأُذُنٌ يَنْفُثُ فِيهَا الوَسْوَاسُ الخَنّاسُ، يُؤَيِّدُ اللهُ المُؤْمِنَ بِالمَلَكِ وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ» [2]. وفي مجمع البحرين: في حديث آخر: إنَّهُ قَالَ: «الشَّيْطَانُ واضِعٌ خَطْمَهُ عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، لَهُ خُرْطُومٌ مِثْلُ خُرْطُومِ الخَنْزِيرِ، يُوَسْوِسُ لابْنِ آدَمَ أنْ أَقْبِلْ عَلَى الدُّنْيَا وَمَا لاَ يُحِلُّ اللهُ. فَإِذَا ذَكَرَ اللهَ خَنَسَ» [3] إن الشاهد على أن هذه الوساوس والأعمال من ألعاب الشيطان وإلقاءات ذلك الملعون، وأنه لا يوجد لها دافع ديني وباعث إيماني، رغم زعم صاحبها أن دافعه أمر ديني، هو أن هذه الوساوس تخالف أحكام الشريعة وأخبار أهل بيت العصمة والطهارة. مثلاً: وردت في أحاديث متواترة عن طريق أهل بيت العصمة عليهم السلام، كيفية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أنها كانت غسلة واحدة. ومن ضروريات الفقه اجزاء غَرفة واحدة للوجه، وغرفة لغسل اليد اليمنى وغَرفة لغسل اليد اليسرى وأما الإجزاء مع غَرفتين أو غسلتين لكل من الوجه واليد اليمنى واليسرى، فهو محل خلاف حتى أنه يستفاد من وسائل الشيعة الفتوى بعدم الجواز أو التأمل في عدم الجواز. ونقل عن آخرين خلاف ذلك. مع أن جواز الغسلتين لا يكون محل تأمل أيضاً. والشهرة العظيمة مع الأخبار الكثيرة دالة على استحبابه، لكن لا يبعد أفضلية الغسلة الواحدة شريطة أن يصل الماء إلى جميع أطراف العضو الذي نريد أن نغسله. مع العلم بأن الغَسل ثلاث مرات بأن نصبّ الماء في كل مرة على أن يستوعب الماء العضو المغسول هو بدعة وحرام من دون أي محذور، ووضوئه يكون باطلاً إذا مسح مع رطوبة الغسلة الثالثة. وفي أخبار أهل البيت عليهم السلام أن الغسلة الثالثة بدعة، وكل بدعة في النار. وعليه فإن الإنسان الجاهل المبتلى بالوسوسة، يغسل أعضاء الوضوء أكثر من عشر مرات وفي كل مرة يوصل الماء إلى كل أطراف العضو الذي يُريد أن يغسله بدقة متناهية، بل يغسل العضو حتى يجري ماء الوضوء ويتحقق الغسل الشرعي ثم يكرر الغسل مرات عديدة، فمع أي مقياس نستطيع أن نطبق عمله هذا؟ ومع أي حديث أو فتوى فقيه يتطابق عمله؟ لقد صلى المسكين عشرين عاماً أو أكثر مع مثل هذا الوضوء الباطل، وتظاهر أمام الناس أنه في منتهى القدسية والطهارة. إن الشيطان قد داعبه والنفس الأمارة بالسوء، قد غرّرته، ومع هذا كله يخطيء الآخرين ويرى نفسه مصيباً. إن الذي يخالف النص المتواتر وإجماع العلماء، هل يجب أن نعدّه من عمل الشيطان أو من طهارة النفس وتقواها؟ فإذا كانت هذه الوسوسة من جراء منتهى التقوى والاحتياط في الدين فلماذا نجد الكثير من ذوي الوسوسة التي لا مبرر لها والجهلة المتنسكين، لا يحتاطون في مواضع يجب الاحتياط فيها أو يستحب؟ هل سمعت أحداً يعيش حالة الوسوسة في الشبهات المالية؟ مَن من الوسواسين دفع الزكاة والخمس مرات عديدة ؟ وذهب إلى الحج لأداء الواجب مرات متكررة؟ وأعرض عن الطعام المشتبه؟ لماذا كانت أصالة الحلية في الأطعمة المشتبه جارية وأصالة الطهارة في مشكوك النجاسة غير جارية؟ مع أنه في باب مشكوك الحلية من الراجح الاجتناب. وتدل على ذلك الأحاديث الشريفة مثل حديث التثليث [4]. عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث قال وإنما الأمور ثلاثة: أَمْرٌ بَيِّنٌ رُشْدَهُ فَيُتَّبَعْ وَأَمْرٌ بَيِّنٌ غَيَّهُ فَيُجْتَنَبْ وَأَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ عِلْمُهُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ ـ وفي باب الطهارة عكس ذلك ـ كُلُّ شَيْءٍٍ لَكَ طَاهِرٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ نَجِسٌ. وأسوأ من كل ذلك وأكثر فضيحة، وسوسة البعض لدى نية الصلاة وتكبيرة الإحرام، لأنه يرتكب عدة محرمات، ويعتبر نفسه من المقدسين، ويرى بهذا العمل ميزة لنفسه. هذه النية التي تتوقف عليها الأعمال الاختيارية بأسرها، وتعدّ من الأمور اللازمة للأعمال الاختيارية، ولا يستطيع الإنسان أن يأتي بعمل من الأعمال العبادية أو غير العبادية من دونها، فمع هذا الوصف ومع مختلف أساليب الشيطنة وهيمنة الشيطان عليه قد يبتلى ساعة أو ساعات لإنجاز هذا الأمر الضروري الوجود وفي النهاية قد لا يحصل. فهل إن هذا الأمر من الخواطر الشيطانية وأعمال إبليس لعنه الله الذي وضع الطوق واللجام على هذا المسكين، وأخفى عليه هذا الأمر الضروري وابتلاه بالمحرّمات الكثيرة من قبيل قطع الصلاة، وتركها وتجاوز وقتها، أو أنه من طهارة الباطن والقدس والتقوى ؟ ومن شؤون الوسوسة التي يكثر الابتلاء بها الوسوسة في قراءة الفاتحة في الصلاة حيث قد تخرج نتيجة التكرار للحروف أو الكلمات وتفخيمها من القواعد التجويدية وقد تتغير صورة الكلمة كلياً. مثلاً ينطق حرف الضاد من كلمة (الضالين) بصورة تقترب من حرف القاف. ويتفوه بالحاء في (الرحمن الرحيم) وكأنه ينطق كلمة غريبة ويفصل بين حرف وحرف في كلمة واحدة مما يسبب تغييراً في هيئة الكلمة ومادتها وتنسلخ الكلمة عن وضعها الطبيعي. ومجمل القول إن الصلاة التي تعدّ معراجاً للمؤمن، وقرباناً للمتقين، وعموداً للدين تفرغ من كافة شؤوناتها المعنوية وأسرارها الإلهية وتتحول إلى كلمات يراد لها التجويد وكيفيّة الإلقاء، ومن ثمَّ ينجرّ تجويد الكلمات، إلى فسادها وعدم إجزائها وكفايتها بحسب ظاهر الشرع. فهل إن هؤلاء وفي هذه الحالات، يعيشون وساوس الشيطان أو تغمرهم فيوضات الرحمن؟ لقد وردت روايات كثيرة في حضور القلب لدى الصلاة، والتوجه القلبي في العبادات ولكن هذا المسكين عرف من حضور القلب علماً وعملاً، الوسوسة في النية ومدّ كلمة (ولا الضالين) أكثر من القدر اللازم، وتغيير تقاسيم الوجه والفم حين تلفظ الكلمات. أليست هذه بمصيبة حيث أن الإنسان يغفل سنيناً طويلة عن حضور القلب ومعالجة قلقه النفسي ولم يتصدّ لإصلاحه، ولا يعتبر لحضور القلب شأناً من شؤون العبادة، ولم يتعلم كيفية تحصيله من علماء القلوب ـ العرفاء ـ ولم يلتزم به، ويشتغل بهذه الأباطيل التي تكون من الخنّاس اللعين حسب نصّ الكتاب الكريم. وأنها من عمل الشيطان حسب تصريح الصادِقَين عليهم السلام بذلك. وإن العمل بها يوجب البطلان، كما ذكرتها فتاوى الفقهاء لكنه يعتبر كل ذلك من شؤون الطهارة والقدسية؟ وقد تحدث الوسوسة أو تشتد من جرّاء أن جهلةً مثل هذا الإنسان الوسواسي يطرون عليه ويعتبرون وسوسته من الفضائل، ويثنون على ديانته وقدسيته وتقواه، قائلين إنه نتيجة شدَّة دينه وتقواه أصبح وسواسياً، مع أن الوسوسة لا ترتبط بالديانة أبداً، بل هي مخالفة للدين ومن ثمار الجهل وعدم العلم. ولكنهم لما لم يبيّنوا له حقيقة الأمر، ولم يبتعدوا عنه ولم يؤنبوه بل على العكس مدحوه وأثنوا عليه استمر في عمله الشنيع، حتى بلغ نهايته وجعل نفسه لعبة بيد الشيطان وجنوده، فأقصاه الشيطان من ساحة قدس المقرَّبين. فيا أيها العزيز، بعد أن عُلم نقلاً وفعلاً بأن هذه الوساوس من الشيطان وهذه الخواطر من عمل إبليس، الذي يفسد عملنا، ويصرف قلوبنا عن الحق المتعالي. ومن المحتمل أنه لا يكتفي بهذه الوسوسة في العمل، بل يبدي البراعة ليدخل الوسوسة في العقيدة والدين، ويبعد دينك عن دين الله ويجعلك شاكاً في المبدء والمعاد ويدفعك إلى الشقاء الأبدي. وإذا لم يستطع أن يضلّل أشخاصاً عبر الفسق والفجور، فهو يسلك سبيل العبادات والمناسك فيبطل نهائياً الأعمال والأفعال التي يجب أن يتقرب بها إلى الله، ونعرج من خلالها إلى الحق المتعالي، ويجعلها دوافعاً للابتعاد عن ساحة القدس الربوبي جل شأنه والتقرب من إبليس وجنوده. وعلى أي حال يخشى من أن يعبث في عقائدك. بعد علمنا ذلك لا بد من السعي في سبيل معالجة هذه الحالة بأي شكل كان وبواسطة أي ترويض روحاني ممكن. معالجته: إعلم أن معالجة هذه الآفة القلبية التي يخشى منها أن تؤدي بالإنسان إلى الهلاك الأبدي والشقاء الدائم، كبقية الأمراض القلبية، يمكن أن تتم بواسطة العلم النافع والعمل بكل سهولةٍ ويسرٍ. فيجب أولاً أن يشعر الإنسان بأنه سقيم، حتى يسعى في سبيل المعالجة. ولكن النقص يكمن في أن الشيطان قد يزين له الأمور على مستوى لا يرى فيه هذا المسكين نفسه مريضاً، وإنما الآخرون يرونه منحرفاً عن السبيل وغير مكترث بالدين. أما المعالجة لهذه الآفة القلبية بواسطة العلم فيكون بالتفكر في هذه الأمور المذكورة، حيث يجدر بالإنسان أن تكون أعماله وأفعاله نتيجة التفكر والتأمل. بأن يفكر في أن هذا العمل الذي يريد أن ينجزه ويريد أن يجعله مرضياً لله تعالى من أي مصدر يكون وممن يؤخذ حتى تكون كيفيته بذلك الشكل المخصوص؟ ومن الواضح أن العوام من الناس يأخذون من الفقهاء كيفية العمل ومراجع التقليد يستنبطونها من الكتاب والسنة والقواعد الفقهية. وعندما نرجع إلى الفقهاء نسمع منهم القدح في عمل الوسواسي، ويرون بعض أعماله باطلة، وعندما نرجع إلى الأحاديث الشريفة، والكتاب الإلهي نجد بأن عمله يعتبر من الشيطان ويجعل صاحبه مجنوناً. إذن إن الإنسان العاقل إذا فكر وتدبر قليلا قبل أن يهيمن الشيطان على عقله لأوجب على نفسه الإقلاع عن هذا العمل الفاسد، ولسعى في سبيل تصحيح عمله حتى يكون مرضياً عند الحق المتعال. ويجب على كل من يشك في حصول الوسوسة عنده، أن يكون مثل الناس العوام، في عرض عمله على العلماء والفقهاء، والاستفهام منهم بأنه هل ابتلي عمله بمرض الوسوسة أم لا؟ لأنه كثيراً ما يكون الإنسان الوسواسي غافلاً عن حاله ومعتقداً بأنه معتدل وأن الآخرين غير مكترثين بالدين. ولكنه إذا فكّر قليلاً، لوجد أن مصدر هذا الاعتقاد هو الشيطان وإلقاءاته الخبيثة، لأنه يرى بأن العلماء والفقهاء الكبار ومن الذين يؤمن بعلمهم وعملهم، بل ويكونون مراجع المسلمين في أخذ مسائل الحلال والحرام منهم، يعملون بما يُغاير عمله. ولا يستطيع القول بأن الملتزمين غالباً والعلماء والفقهاء لا يحفلون بدين الله وأن الإنسان الوسواسي وحده يتقيد بالدين. وعندما أدرك ضرورة إصلاح العمل، دخل مرحلة العمل ( المقصود هنا الشخص الوسواسي)، والعمدة في هذه المرحلة عدم الاهتمام بالوساوس الشيطانية والأوهام التي تلقى عليه. فمثلاً إذا كان ـ مجتهداً ـ ومبتلياً بالوسوسة في الوضوء، فليتوضأ مع غَرفة واحدة رغم وسوسة الشيطان. إن الشيطان يوسوس ويقول بأن هذا العمل ليس بصحيح ولكن يواجهه بأن عملي لو لم يكن صحيحاً لوجب أن لا يكون عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الطاهرين عليهم السلام والفقهاء جميعاً صحيحاً. لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الطاهرين قد توضأوا في فترة طويلة تقرب من ثلاثمائة سنة، وكانت كيفية وضوء جميعهم واحدة. فإذا كان عملهم باطلاً، فليكن عملي باطلاً أيضاً. وإذا كنت مقلداً لمجتهد، فأجب الشيطان بأنني أعمل على ضوء فتوى المجتهد، فإذا كان وضوئي باطلاً، فلا يؤاخذني ربي عليه، ولا تكون عليّ حجته. وإذا أوقعك الشيطان الملعون في الشك قائلاً بأن المجتهد لم يقل هكذا فافتح رسالته العلمية وتأكد من صحة العمل، فإذا لم تعبأ بإلقاءاته عدة مرات وعملت على خلاف رأيه غدا آيساً منك. ونرجو أن تكون المعالجة النهائية لمرضك. كما ورد هذا المعنى في الأحاديث الشريفة: فعن الكافي بإسناده عن زرارة وأبي بصير قالا: «قُلْنَا لَهُ: الرَّجُلُ يَشُكُ كَثيراً في صَلاَتِهِ حَتَّى لا يَدْري كَمْ صَلّى وَلاَ مَا بِقِيَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: يُعيدُ. قُلْنَا لَهُ: فَإِنَّهُ يَكْثُر عَلَيْهِ ذلِكَ، كُلَّمَا أَعَادَ شَكَّ. قَالَ: يَمْضِي فِي شَكِّهِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ تُعَوِّدُوا الخَبِيثَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ بِنَقْضِ الصّلاةِ فَتُطْمِعوهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ خَبِيثٌ يَعْتَادُ لِمَا عُوِّدَ، فَلْيَمْضِ أَحَدُكُمْ فِي الوَهْمِ وَلاَ يُكْثِرَنَّ نَقْضَ الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذلِكَ مَرّاتٍ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ الشَّكُّ. قَالَ زُرَارَةُ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا يُريدُ الخَبيثُ أَنْ يُطاعَ فَإِذَا عُصِيَ لمْ يَعُدْ إِلَى أَحَدِكُمْ.» [5]. وبإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قالَ: «إذا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ فَامْضِ فِي صَلاَتِكَ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَدَعَكَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ» [6]. ومن الوضوح بمكان أنك إذا خالفت الشيطان فترة من الزمان، ولم تلق بالاً لوساوسه، لا نقطع طمعه عنك، وعادت الطمأنينة والسكون إلى نفسك. ولكن في غضون أيام تصدّيك للشيطان، تضرّع إلى ساحة الحق المتعالي والتجئ إلى ذاته المقدس من شرّ ذاك الملعون وشر النفس، واستعذ بالله منه وهو يعينك عليه كما ورد في الكافي الأمر بالاستعاذة من الشيطان. بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «أتى رَجُلٌ النَّبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلم فقالَ: يا رَسولَ اللهِ أشكو إلَيْكَ مَا ألقىَ مِنَ الوَسْوَسَةِ فِي صَلاَتِي حَتّى لاَ أَدْرِي مَا صَلَّيْتُ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، فَقالَ إِذَا دَخَلْتَ فِي صَلاَتِكَ فَاطْعَنْ فَخِذَكَ الأَيْسَرَ بِأصْبَعِكَ اليُمْنَى المُسَبِّحَةِ ثُمَّ قُلْ: بِسْمِ الله وَبِالله، تَوَكَّلْتُ عَلَى الله، أعوذُ بِالله السَّمِيع العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم، فَإِنَّكَ تَنْحَرُهُ وَتَطْرُدُهُ» [7]. والحمد لله أَوَّلاً وَأخراً وظاهراً وباطناً، والصَّلاة والسّلام على محمّدٍ وآله الطاهرين. __________________________ الأربعون حديثاً للإمام الخميني (قدس [1] أصول الكافي، المجلد الأول، كتاب العقل والجهل، ح 10. [2] مجمع البيان، المجلد العاشر، ص 571. [3] مجمع البحرين، مادة خنس، ص 305. [4] وسائل الشيعة، المجلد 18 الباب الثاني عشر من أبواب صفات القاضي، ح 9. [5] فروع الكافي، المجلد 3، ص 358 و359. [6] فروع الكافي، المجلد 3، ص 358 و359. [7] فروع الكافي، المجلد 3 ص 359. حفظكم الإله العلي العظيم وسددكم ببركة الصلاة على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وصلّ اللهم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم ياكريم
|
|||
04-08-2010, 03:51 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: وداعاً للشك والوسوسه 2
بسم الله الرحمن الرحيم
|
|||
04-09-2010, 01:57 AM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: وداعاً للشك والوسوسه 2
بسم الله الرحمن الرحيم
|
|||
01-17-2011, 11:20 AM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: وداعاً للشك والوسوسه 2
بسم الله الرحمن الرحيم
|
|||
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|