بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى ( ورتل القرآن ترتيلا ) قال أمير المؤمنين عليه السلام : أي بينه تبيانا وﻻتهذه هذّ الشعر وﻻتنثره نثر الرمل ولكن اقرعوا قلوبكم القاسية وﻻيكن هم أحدكم آخر السورة .
وقال الله تعالى ( لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ). ونرى أنفسنا الشقية تتلوه وتقرؤه وﻻتخشع قلوبنا وﻻ تتصدع فكنا كما قال الله تعالى ( ثم قست قلوبكم ) فكانت كالحجارة أو أشد قسوة .
روي عن الإمام الصادق عليه السلام : القرآن نزل بالحزن فاقرأوه بالحزن .
روي عن النبي صل الله عليه وآله وسلم : اتلوا القرآن وابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا .
فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء : قلب خاشع ، وبدن فارغ ، وموضع خال . فإذا خشع لله قلبه فر منه الشيطان ، وإذا تفرغ نفسه من الأسباب تجرد قلبه للقرآءة فلا يعترضه عارض فيحرمه من نور القرآن وفوائده ، و إذا اتخذ مجلسا خاليا واعتزل من الخلق بعد أن أتى بالخصلتين الأوليتين استأنس روحه وسره بالله ، ووجد حلاوة مخاطبات الله عباده الصالحين ، وعلم لطفه بهم .
ينبغي لقارئ القرآن من أمور باطنه منها :
_ فهم عظمة الكلام وعلوه ، وفضل الله تعالى ولطفه بخلقه في نزوله عن عرش جلاله إلى درجة أفهام خلقه .
_ التعظيم للمتكلم ، فالقارئ عند البداية بتلاوة القرآن ينبغي أن يحضر في قلبه عظمة المتكلم ، ويعلم أن ماقرأه ليس من كلام البشر . فإنه تعالى قال ( لايمسه إلا المطهرون ) كما أن ظاهر جلد المصحب وورقه محروس عن ظاهر بشرة اللامس إلا إذا كان متطهرا ، فباطن معناه أيضا محجوب عن باطن القلب إلا إذا كان منقطعا عن كل رجس ومستنيرا بنور التعظيم والتوقير ، كما لا يصلح للمس المصحف كل يد فلا يصلح لتلاوة حروفه كل لسان ولا لنيل معانيه كل قلب .
_ حضور القلب وترك حديث النفس .
_ التدبر ، وهو وراء حضور القلب . ولذلك سنّ فيه الترتيل ، لأن الترتيل في الظاهر تمكن من التدبر في الباطن .
_ التفهم ، وهو أن يستوضح من كل آية مايليق بها .
_ التخلي عن موانع الفهم ، فإن أكثر الناس منعوا عن فهم معاني القرآن لأسباب وحجب أسدلها الشيطان على قلوبهم . وحجب الفهم أربعة : 1ـ أن يكون الهم منصرفا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها وهذا من تسويلات الشيطان .
2ـ أن يكون مقلداً لمذهب سمعه بالتقليد وجمد عليه وثبت في نفسه التعصب له .
3ـ أن يكون *********اً على ذنب أو متصفا بكبر ، ومبتلى على الجملة بهوى في الدنيا .
4ـ أن يكون قد قرأ تفسيرا ظاهرا واعتقد أنه لامعنى لكلمات القرآن إلا ماتناوله النقل .
_ التخصيص ، وهو أن يقدر أنه المقصود بكل خطاب في القرآن فإن سمع أمرا أو نهيا قدر أنه هو المأمور والمنهي ، وإن سمع موعظة اتعظ وهكذا .
ـ التأثر ، وهو أن يتأثر قلبه بآثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات في الرحمة والمغفرة والعذاب ونحو ذلك .
_ الترقي ، وهو أن يترقى إلى أن يسمع الكلام من الله لامن نفسه ، فدرجات القرآءة ثلاث أدناها أن يقدر العبد كأنه يقرأ على الله تعالى وهو ناظر إليه يستمع إليه ثم أن يشهد بقلبه كأن ربه يخاطبه بألطافه ، فمقامه الحياء والتعظيم والإصغاء والفهم ، ثم أن يرى في الكلام المتكلم وفي الكلمات الصفات فلاينظر إلى نفسه ولا إلى قرآءته ، بل يكون مقصور الهم على المتكلم بوقوف الفكر عليه ، كأنه مستغرق بمشاهدة المتكلم عن غيره وهذه درجة المقربين وماقبلها من درجات أصحاب اليمين وماعداها من الغافلين.
_ التبري ، وهو أن يتبرى من حوله وقوته والإلتفات إلى نفسه بعين الرضا والتزكية ، فإذا تلا آيات الوعد والمدح للصالحين فلا يشهد نفسه عند ذلك بل يشهد المؤقنين والصديقين فيها ويتشوق أن يلحقه الله بهم ، وإذا تلا آية المقت وذم العصاة والمقصرين شهد نفسه هناك وقدر أنه المخاطب خوفا واشفاقا .
مقتطفات من كتاب : الأخلاق للسيد عبدالله شبر .
وفقكم المولى لكل خير ببركات محمد وآل محمد عليهم السلام