مركز نور السادة الروحي
         
 
     

:: مركز نور السادة الروحي ليس لديه أي مواقع آخرى على شبكة الأنترنت، ولا نجيز طباعة ونشر البرامج والعلاجات إلا بإذن رسمي ::

::: أستمع لدعاء السيفي الصغير  :::

Instagram

العودة   منتديات نور السادة > نـور السـادة أهل البيت (عليهم السلام) > نور الإمام الحسين (عليه السلام)،،،(في ذكرى عاشوراء الأليمة)
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 05-02-2011, 01:03 AM   رقم المشاركة : 1
أحرار
موالي فعال
 
الصورة الرمزية أحرار








أحرار غير متواجد حالياً

افتراضي هيهات من الذلة

“هيهات منا الذلة” مكون رئيس من مكونات الشخصية الإيمانية، ولا يمكن أن يتخلف عنها ولا تنبت على حقيقة التامة إلا هي، ولا يمكن تنبت على هذه الأرضية ذلة أو شيء من الذلة، في اٌلإسلام لا ذلة ولا خنوع، ولا تكبر ولا تجبر، ولكن عزة وكرامة وشهامة وإباء. مسلم بن عقيل كان في أشد الأوضاع الذلة المادية، يقف مأسورا بين يدي أبن زياد ولا ناصر له، وليس بينه وبين الموت إلا لحظات، والدماء تشخب من كل بدنه، لكن عزته الإيمانية لم تثلم، وبقي الرجل الطود، لا يلين ولا يستكين، ولا تظهر منه كلمة ضعف.الحسين عليه السلام كان مكثورا بالجيوش الأموية، محاطا بحالة من الإرهاب الشديد، كل السيوف والرماح وكل أدوات الحرب تتوعده و تتهدده بالموت، وليس الأمر كذلك فحسب بل سيعلق الرأس على قناة الرمح، وتحرق الخيام، وتسبى الفاطميات، ويفقد كل ناصر، ويتوسد كل أحبته من خيرة أهل الدنيا الثرى وتنتهي المعركة العسكرية في صالح العدو الشرس الذود، لكن كل ذلك لم يتسرب منه ما يفعلُ في قلبه شيء من الذلة أو الشعور بالهوان.

زين العابدين عليه السلام وهو مغلل بالأقياد، أسير بين يدي الأعداء، تحت رحمة السياط، والفاطميات من جهة أخرى العزيزات الكريمات الموقرات العفيفات يتعرضن لسبي ما كن يتصورنه،
ولكن الإباء هو الإباء، والعزة هي العزة، والكرامة هي الكرامة، والشعور بالثقة كما كان قويا وفولاذيا ولا يلين، وكان الركب ركبُ السبايا يدرك تماما أنه أكبر من في الدنيا، ويعيش هذا الشعور، ويغذيه بهذا الشعور والكرامة والشهامة

هل ننكر أن هناك ذلة مادية خارجية؟ لا يسع.
كان الحسين عليه السلام محاط بكل أسباب الذل الخارجي والمغلوبية على الأمر، أما نفس الحسين عليه السلام فكانت تزداد شعور بالعزة وبالكرامة والشموخ والاستعلاء كلما قرب حين لقائها بالله تبارك وتعالى.

فهناك ذلتان ذلة خارج وداخل، ذلة خارجية يمكن أن يفرضها الخارج عليك قهرا، وهناك ذلة داخلية تختارها أنت اختيارا، وذلة الخارج للشريعة فيها رأي كما سيأتي.

ذلة الخارج معروفة، وما هي ذلة النفس؟ أن تسترخص نفسك أمام أي رغبة أو رهبة، أن تتنازل عن قناعتك الإيمانية عن إنسانيك أمام أي ظرف من الظروف، أن تسقط في نظرك؛ لأنك لم تعد تملك القوة المادية الكافية للإجهاز على مقاومك، من أتت عليه من لحظات الشدة، لحظة من لحظات الامتحان الصعب، وشعر بتفاهته، وفقد شعوره بالعزة فهو ذليل نفسه،
وعزة الداخل التي تقابل هذه الذلة إذا تمت لامرئً لم تملك الدنيا أن تملكها عليه، أو تنال منها شيئا في داخله، فهكذا كان أنبياء الله ورسله وأوليائه الصادقون.
ليس ما يبني أمة قوية صلبة شديدة متأبية على الانهيار والضعف كما هو الإسلام، الإسلام ينتشل المجتمع من أحط الوهاد بل من أسفل سافلين؛ ليرتفع به ويبنيه قويا شامخا عزيزا كريما. ولا طريق للعزة غيرُ القوة، قوة الداخل تطلب بالصلة بالله، وتربية النفس على منهجه، وبترويضها على الصعوبات، وبالتأمل والتفكر في قيمة الحياة وقيمة الآخرة، في قيمة الإنسان، في قيمة ما يملكه الإنسان، فإذا ترسخت النظرة الكريمة للمعبود الحق، وللهدف وكبرت النفس وعزت الآخرة، ونظر الإنسان إلى كرامته، فهذه كلها مناشئ الشعور بالعزة، والغنى والعزة والكرامة، هذه عزة الداخل. وذلته طريقها هو الطريق لهذا المعاكس لهذا الطريق، سيأتي أن هناك من يكون في أعلى درجات العزة الظاهرية، لكنه فاقدٌ لعزة الداخل،
وهناك من يكون بين يدي عدوه لا يملك من أمر خارجه شيئا حتى أن ينظر في هذا الاتجاه بعينه، أو ذلك الاتجاه، لكنه كله فخرٌ واعتزاز، وشعورٌ بالعزة والكرامة، ويرى في جلادة وسجناه الشيء الوضيع الدنيء، هذا يكون وذاك يكون.

الشاعرُ يقول عن الإمام زين العابدين عليه السلام”أقاد ذليلا” هناك ذلة خارجية ولكن ليست من نفس تعيش الإباء والعز والشموخ والرفعة والسمو والثقة بالذات كما كانت نفس ذلك الأسير عليه السلام. ولا تلازم بين الذلتين، فأعز عزيز نفسا قد يذله الخارج لكن على مستوى الخارج، وأذل ذليل في نفسه قد يظهر بأكبر مظاهر العز الخارجي، كثيرون هم أعزاء الخارج، والذين تتغير قناعتهم في لحطة ويتنازلون عن كرامتهم أمام وعد زهيد أو وعيد غير أكيد.

هناك رؤساء وزعماء، هناك كبار ويعيشون كل مظاهر العز الخارجي، ويحاطون بالعساكر والقوى المدججة بالسلاح ويأتمر بأمرهم الألوف وقد يكون الملايين، لكن كلمة من أوباما تغير حال هذا الرجل كل التغيير، وتعدل به عن كل خططه، ويبدي الذلة بين كلمة من أوباما. هارون الرشيد من على سطح أشرف على سجن الإمام الكاظم عليه السلام، فكان أن وجد ثوبا ملقا على الأرض، سأل السجان الربيع: ما هذا الثوب؟ أخبره أنه ليسا ثوبا وإنما هو الإمام الكاظم عليه السلام في سجدته التي تبتدئ صباحا حتى الزوال. فتاتي الكلمة من هارون بأنه من رهبان بني هاشم، تعجب هذا كلمة السجان: ولما تشدد عليه يا أمير المؤمنين؟ قال: هيهات أنه الملك، معناها هيهات أن أتنازل عن هذا التشدد، عن إنزال هذه الأذى الأليم بالإمام الكاظم عليه السلام، إنه الملك، الرجل مأسور في داخلة لشهوة الملك، ذليل أمامها وكثيرا منا من يعيش منا هذه الذلة أمام وعد بمنصب، أمام شهوة منصب، أو امرأة، أو بيت متواضع. إذا كان هارون الرشيد فاقدا للعزة في داخله ومقطونا من الذلة لشهوة الملك، فإن شهوةً أقل من شهوة هارون الرشيد بما لا يقاس تأسر الكثيرين من الناس، والذين يتراء لهم أنهم مؤمنون.

والمؤمن كل داخله يقول “هيهات منا الذلة”، “هيهات منا الذلة” شعار يواجه به المؤمن نفسه قبل أن يواجه به الخارج، وهو يستمد قوة شعاره الخارجي من قوة صموده أمام الداخل.


من احدى خطب آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم دام ظله
المصدر: ملتقى فجر البحرين






التوقيع


هذه دماؤنا..هذه رقابنا.. هذه رؤوسنا.. فداءٌ لديننا وعزتنا ..
*آية الله الشيخ عيسى احمد قاسم**
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 11:06 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.