بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم ..
السلام عليك ياسيدي ومولاي يارسول الله وعلى بضعتك الطاهرة وعلى آل بيتك الطاهرين جميعاً ورحمة الله وبركاته ..
السلام عليك ياسيدي ومولاي يابقية الله في أرضه ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
(كلام في عبادة الاصنام في فصول) < بحث قرآني وروائي ..
1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس:
الانسان يجرى في حياته الاجتماعية على اعتبار قانون العلية والمعلولية الكلى وسائر القوانين الكلية التى اخذها من هذا النظام العام المشهود، وهو على خلاف ما نشاهده من اعمال سائر الحيوان وأفعاله يجرى في التفكر والاستدلال أعنى القياس والاستنتاج إلى غايات بعيدة.
وهو مع ذلك لا يستقر في فحصه وبحثه على قرار دون أن يحكم في علة هذا العالم المشهود الذى هو احد أجزائه بشئ من الاثبات والنفى لما يرى أن سعادة حياته التى لا بغية عنده أحب منها تختلف على تقديري إثبات هذه العلة الفاعلة المسماة بالاله عز اسمه ونفيه اختلافا جوهريا فمن البين أن لا مضاهاة بين حياة الانسان المتأله الذى يثبت للعالم إلها حيا عليما قديرا لا مناص عن الخضوع لعظمته وكبريائه والجرى على ما يحبه ويرضاه، وبين حياة الانسان الذى يرى العالم سدى لا مبدء له ولا غاية، وليس فيه للانسان إلا الحياة المحدودة التى تفنى بالموت وتبطل بالفوت، ولا موقف للانسانية فيه إلا ما للحيوان العجم من موقف الشهوة والغضب وبغية البطن والفرج.
فهذه نزعة فكرية أولى للانسان إلى الحكم بأنه: هل للوجود من إله؟ وتتلوه نزعة ثانية وهى القضاء الفطري بالاثبات، والحكم بأن للعالم إلها خلق كل شئ بقدرته وأجرى النظام العام بربوبيته فهدى كل شئ إلى غايته وكمال وجوده بمشيته وسيعود كل إلى ربه كما بدئ.
هذا.
ثم إن مزاولة الانسان للحس والمحسوس مدى حياته وانكبابه على المادة وإخلاده إلى الارض عوده أن يمثل كل ما يعقله ويتصوره تمثيلا حسيا وإن كان مما لا طريق للحس والخيال إليه البتة كالكليات والحقائق المنزهة عن المادة على أن الانسان إنما ينتقل الى المعقولات من طريق الاحساس والتخيل فهو انيس الحس وأليف الخيال.
وقد قضت هذه العادة اللازمة على الانسان أن يصور لربه صورة خيالة على حسب ما يألفه من الامور المادية المحسوسة حتى أن اكثر الموحدين ممن يرى تنزه ساحة رب العالمين تعالى وتقدس عن الجسمية وعوارضها يثبت في ذهنه له تعالى صورة مبهمة خيالية معتزلة للعالم تبادر ذهنه إذا توجه إليه في مسألة أو حدث عنه بحديث غير أن التعليم الدينى أصلح ذلك بما قرر من الجمع بين النفى والاثبات والمقارنة بين التشبيه والتنزيه يقول الموحد المسلم: إنه تعالى شئ ليس كمثله شئ له قدرة لا كقدرة خلقه، وعلم لا كالعلوم وعلى هذا القياس.
وقل أن يتفق لانسان أن يتوجه إلى ساحة العزة والكبرياء ونفسه خالية عن هذه المحاكاة، وما أشذ أن يسمح الوجود برجل قد أخلص نفسه لله سبحانه غير متعلق القلب بمن دونه، ولا ممسوس بالتسويلات الشيطانية، قال تعالى: (سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين) الصافات: 160، وقال حكاية عن إبليس: (قال فبعزتك لاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) ص: 83.
وبالجملة الانسان شديد الولع بتخيل الامور غير المحسوسة في صورة الامور المحسوسة فإذا سمع أن وراء الطبيعة الجسمية ما هو أقوى وأقدر وأعظم وأرفع من الطبيعة وأنه فعال فيها محيط بها أقدم منها مدبر لها حاكم فيها لا يوجد شئ إلا بأمره ولا يتحول عن حال إلى حال إلا بإرادته ومشيته لم يتلق من جميع ذلك إلا ما يضاهى أوصاف الجسمانيات وما يتحصل من قياس بعضها إلى بعض.
وكثيرا ما حكاه في نفسه بصورة إنسان فوق السماوات جالس على عرش الملك يدبر أمر العالم بالتفكر ويتممه بالارادة والمشية والامر والنهى، وقد صرحت التوراة الموجودة بأن الله سبحانه كذلك، وأنه تعالى خلق الانسان على صورته، وظاهر الاناجيل أيضا ذلك.
فقد تحصل أن الاقرب إلى طبع الانسان وخاصة الانسان الاولى الساذج أن يصنع لربه المنزه عن الشبه والمثل صورة يضاهى بها الذوات الجسمانية وتناسب
الاوصاف والنعوت التى يصفها بها كما يمثل الثالوث بإنسان ذو وجوه ثلاثة كأن كلا من النعوت العامة وجه للرب يواجه به خلقه.
.......................
3 - كيف نشأت الوثنية؟ وبما ذا بدأت؟