مركز نور السادة الروحي
         
 
     

:: مركز نور السادة الروحي ليس لديه أي مواقع آخرى على شبكة الأنترنت، ولا نجيز طباعة ونشر البرامج والعلاجات إلا بإذن رسمي ::

::: أستمع لدعاء السيفي الصغير  :::

Instagram

العودة   منتديات نور السادة > نـور السـادة لمحـاسن الأخـلاق > نور القـصص والعِـبـر
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

نور القـصص والعِـبـر (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03-26-2012, 02:45 AM   رقم المشاركة : 1
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة والأخوات الأفاضل حفظكم الله تعالى ورعاكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

قارئي العزيز تأن في القراءة وتفكّر جيداً واترك لنفسك بعض الوقت في التأمل والتفكر واهتم بالهواش فهي مهمه ايضاً

اسأل الله تعالى لكم الوصول إليه سبحانه وتعالى بقلب سليم


لَقَد كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (1)

لقد متّ(2) فرأيت أن مرضي الجسماني قد تلاشى وأصبحت في أتمّ صحّة، ورأيت أقربائي حول جنازتي يبكون عليّ، فحزنت على بكائهم، وقلت لهم: إنّني لم أمُت، بل زال عنّي مرضي. إلاّ أنّ أحداً لم يسمعني، وكأنّهم لا يرونني ولا يسمعون صوتي(3)، فعلمت أنّني بعيد عنهم، ولكنّي كنت هناك بسبب معرفتي وحبّى لتلك الجنازة، وكنت اُحدّق بعيني في جنبها الأيسر العاري.

وبعد غُسل الجنازة وإجراء ما يلزم لها، اتجهوا بها نحو المقابر، وكنت مع المشيّعين الذين أرعبني أن أرى بينهم حيوانات وحشيّة مفترسة من كلّ نوع، إلاّ أنّ الآخرين لم يخافوها، وهي لم تؤذِ أحداً، وكأنّها حيوانات أهلية يأنسون بها.

أنزلوا الجنازة في القبر، وكنت أقف في القبر أتفرّج، وعندئذ أحسست بالخوف وارتهبت، وعلى الأخصّ عندما لاحظت أنّ حيوانات أخذت تظهر في القبر وتهاجم الجثّة، وأنّ الرجل الذي كان يوسّد الجثّة في التراب لم يدفع تلك الحيوانات عنها، وكأنّه لا يبصرها.

ثمّ خرج من القبر، فدخلت أنا القبر، لطرد تلك الحيوانات، بالنظر لما يربطني بتلك الجثّة من روابط، ولكنّ الحيوانات تكاثر عددها وغلبتني على أمري. ثمّ إنّي كنت في أشدّ الخوف، بحيث كانت جميع أعضائي ترتجف، وطلبت النجدة من الناس، ولكن لم ينجدني أحد، واستمر كلٌّ فيما كان يعمل فيه، وكأنّهم لا يرون ما يحدث في القبر.

وبغتةً ظهر اُناسٌ في القبر ساعدوني على طرد الحيوانات فهربَتْ. فأردت أن أسألهم من هم ؟ فقالوا: إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السيِّئَاتِ (4)، واختفَوا.

بعد الانتهاء من هذه المعركة انتبهت إلى أنّ الناس كانوا قد أغلقوا القبر، وتركوني في ذلك المكان الضيق المظلم، وانصرفوا إلى بيوتهم، حتّى أقربائي وأصدقائي وزوجتي وأطفالي الذين كنت أسعى ليل نهار لراحتهم؛ فآلمني نُكرانهم الجميلَ وعدمُ وفائهم، وقد أوشك قلبي أن ينفطر خوفاً وهلعاً من وحشة القبر ومن الوحدة.
في تلك الحال من الاستيحاش الرهيب واليأس الشديد إلاّ من الله.. جلستُ عند رأس الجنازة، ولاحظتُ شيئاً فشيئاً أنّ القبر أخذ يهتزّ وراح التراب ينهال من سقف اللحد، وكانت الأرض التي تلي قدمَي الجثّة تضطرب وكأنّ حيواناً يحاول أن يشقّها ليدخل القبر. وأخيرا انشقّت الأرض وخرج منها شخصان لهما ملامح مخيفة وهيكلان مهيبان(5).

كانا كوحشَين قويّين يخرج من فمَيهما ومناخيرهما النار والدخان، وبيديهما هِراوَتان من حديد محمرّ، كجمرتين يتطاير منهما الشر. أخذا يطرحان على الجثّة أسئلة بصوت كرعد قاصف كاد يهزّ الأرض والسماء، قالا له: « مَن ربّك ؟ ».

أمّا أنا فقد جفّ حلقي من شدّة الخوف والهلع، وقلت: إنّ هذه الجثّة التي لا روح فيها لا يمكن أن تجيب عن سؤالهما، ولا شكّ أنّهما سينهالان عليها بالضرب بهراوتَي النار فيمتلئ القبر بالنار المحرقة ويشتدّ الأمر، فمن الخير إذن أن أردّ أنا. فتوجّهت إلى الله أملِ البائسين والمساكين وملجأ الحَيارى، وتوسّلتُ في قلبي بالإمام عليّ بن أبي طالب(6) الذي كنت أعرفه جيداً، وأعرف أنّه يدرك الملهوفين.
كنت أحبّ أن أرى قدرته نافذة في كلّ مكان وفي جميع العوالم، وكانت هذه واحدة من نعم الله تعالى أعدّها لإنقاذ عبيده من ذلك الوضع المخيف الذي يجرّد الإنسان من كلّ إحساس وشعور:
وَتَرَى النَّاسَ سُكَارى وَمَا هُمْ بِسُكَارى (7)
إنّه يذكّرهم بتلك الوسيلة الكبيرة.
وفعلاً، ما أن تذكّرت ذلك حتّى قوي قلبي وانحلّت عقدة لساني.

ولمّا طال الزمن على ردّ الجواب، عاد السائلان يسألان بغيظ وحَنَق وبصوت أشدّ من الأوّل وبغضب شديد اسوَدّ منه وجهاهما وانبعث الشرر يتطاير من عينيهما: « مَن ربك ؟ ».
ولكنّني قبل أن يركبني الخوف كالسابق(8)، أجبت بصوت ضعيف: الله ربّي هُوَ اللهُ الّذي لا إلهَ إلاَّ هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ والشّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحيمُ * هُوَ اللهُ الّذي لا إلهَ إلاّ هُوَ المَلِكُ القُدُوسُ السّلامُ المُؤمِنُ المُهَيْمِنُ العَزيزُ الجبَّارُ المُتَكَبّرُ سُبْحَانَ الله عَمّا يُشْرِكُوَن (9).
هذه الآيات الشريفة التي كنت أتلوها في تعقيب صلاة الصبح دائماً، تَلَوتُها عليهما لمجرد إظهار أنّي أحفظها، ولكي لا يقولا: إنّ الإنسان لا يملك علماً ولا كمالاً، كما قيل يوم خلق الله آدم إنّه ليس فيه سوى الفساد وإراقة الدماء.

على كلّ حال، ما أن تَلَوتُ تلك الآيات عليهما حتّى لاحظتُ أنّ غضبهما قد هدأ، فانبسطت ملامح وجهيهما، والتفتَ أحدُهما يقول للآخر: يبدو أنّ هذا من علماء المسلمين، وهو جدير بأن نتلطّف في سؤاله.
إلاَّ أنّ الآخر قال: إنّ سلوكنا معه يعتمد على جوابه عن سؤال آخر، وبما أنّ جوابه ليس معروفاً بعد فعلينا أن نواصل مهمّتنا ونؤدّي واجبنا المطلوب، لا تهمّنا شخصية هذا الميت، فالمراكز والمقامات لا اعتبار لها في نظرنا. ثمّ التفت إلى الجثّة قائلاً: « مَن نبيّك ؟ ».

عندئذ هدأتْ ضربات قلبي وانطلق لساني أكثر، فقلت: « النبيّ ورسول الله إلى الناس كافة: محمّد بن عبدالله، خاتم النبيّين وسيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله.
هنا زال عنهما كلّ غضب وحنق، وأشرق وجهاهما، كما زايَلَني كلّ ما كنت أشعر به من خوف ورهبة.
ثمَّ أخذا يسألانني عن الكتاب والقِبلة والإمام وخليفة رسول الله، فأجبت:
« كتابي القرآن الكريم، وقد نزل من ربّ رحيم على نبيّ حكيم، وقبلتي الكعبة المسجد الحرام وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (10)؛ المسجد الحرام ظاهراً، والحقّ المتعالي باطناً وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذي فَطَرَ السَّمَواتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً وَمَا أنَا مِنَ المُشْرِكِينَ (11). وأئمّتي وخلفاء نبيّي اثنا عشر إماماً، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وآخرهم الحجّة بن الحسن صاحب العصر والزمان، مفترضو الطاعة ومعصومون من الخطأ والزلل، شهداء دار الفَناء، وشفعاء دار البقاء ».

ورُحتُ أذكر لهما اسم كلّ واحد من أُولئك العظام ونسَبَه وحسَبَه، فقالا:
« لا حاجة لهذا التفصيل، فجواب كلّ سؤال كلمة واحدة ».
فقلت:
« كان لابدّ من هذا التفصيل وأكثر، لأنّكم منذ البداية أظهرتم سوء الظنّ بنا، واعترضتم على خلقنا، مع أنّه لا يجوز الاعتراض على فعل العليّ الحكيم، ومنذ اليوم الذي علمتُ فيه باعتراضكم ضِقتُ ذَرعاً بكم، وألزمتُ نفسي ـ إن أُتيحت لي الفرصة ـ أن أطرح عليكم بعض الأسئلة، واُثير حولكم القيل والقال، ولكن من المؤسف أنّ ذلك لا يتاح لي وأنا في هذا الضيق والابتلاء ».

سكتُّ أنتظر أن يطرحا عليّ أسئلة اُخرى، ولكنّهما لم يسألا تلك الأسئلة، وإنّما سألاني: « مِن أين لك هذه الإجابات، وممّن تعلّمتها ؟ ».
فلم أُجِب، بل احتواني التفكير، وسألت نفسي: الأدلّة والبراهين التي كنّا قد أعددناها في دار الغفلة والجهالة والخطأ والسهو، مَن يضمن أنّها كانت بعيدة عن السهو والخطأ في المادّة، أو في الصورة، أو في ظروف وضعها ؟ وكيف ندري أننا لم نحسب العقيم وَلوداً ؟(12) وكيف نعلم أنّها تنطبق على المقاييس المنطقية، وأنّ المقاييس المنطقية تنسجم مع الواقع، وأنَّ أرسطو نفسه الذي وضع تلك المقاييس لم يك على خطأ(13) ؟ فكثيراً ما ننتبه في ذلك العالم نفسه إلى بعض أخطائنا ومزالقنا. وعلى فرض صّحة تلك البراهين، فإنّها لا تنفع إلا في ذلك العالم الذي هو عالم العمى والجهل، حيث تكون الحاجة إلى تلك المقاييس كحاجة الأعمى إلى العصا أو كحاجة البصير إليها حيث الظلام المتراكم. أمّا في هذا العالم الذي يسطع فيه النور على الحقائق، وحيث يكون البصر حديداً، فلن تكون حاجة إلى عصا. وعليه، فما الذي يريده منّي هذان ؟ إلهي، إنّني حديث الولادة في هذا العالم، ولا أعرف شيئاً من مصطلحاته، فأدرِكْني بحقّ عليّ بن أبي طالب.
كنتُ غارقاً في بحر هذه التأمّلات عندما سمعت صيحتَهما كصاعقة من السماء، وهما يطلبان جواب سؤالهما الأخير: مِن أين لك هذا الذي قلتَه (14) ؟
نظرتُ، وليتني لم أنظر! فقد رأيت علامات الغضب الشديد على ملامحهما، وقد برزت عيونهما محمرّة كشعلة من النار، واسودّ وجهاهما، فَغَرا فمَيهما كأفواه الإبل بدت فيهما الأنياب الصُّفر الطويلة، وقد رفعا هِراوتَيهما تهيّؤاً للضرب. فأصابني فزع شديد وخوف لا مزيد عليه، فغُشي عليّ، ولكنّي في تلك اللحظة اُلهمت أن أقول بصوت ضعيف وأنا أُغمض عينيّ من شدّة الخوف: « ذلك ما هداني الله إليه ».

فسمعتهما يقولان: « نَمْ نومة العروس »، وذهبا. ولعلّي قد استولى عليّ النوم أو الإغماء، ولكنّي شعرت بأنّي قد تحرّرت من ذلك الخوف.
وبعد برهة عدت إلى رشدي وفتحت عيني، وإذا بي في غرفة مفروشة، ورأيت شابّاً صبيحاً، جميل الشعر، طيّب الرائحة، يضع رأسي في حِجرِه ينتظرني أن اُفيق. فرفعتُ رأسي عن حجره أدباً وتواضعاً وسلّمت عليه، فتبسّم في وجهي ونهض وهو يردّ عليّ السّلام، وعانقني بكل محبّة ومودّة، وقال: « اجلس، فما أنا بنبي ولا إمام ولا ملَك، بل أنا حبيبك ورفيقك ».
فسألته: «من أنت، وما اسمك، وإلى مَن تنتسب ؟ وما أحلى أن تكون أنت رفيقي، وأكون بصحبتك دائماً!».

تمت إضافة الجزء الثاني هنا عزيزي القارئ
تمت إضافة الجزء الثالث هنا عزيزي القارئ
تمت إضافة الجزء الرابع هنا عزيزي القارئ
تمت إضافة الجزء الخامس هنا عزيزي القارئ
تمت إضافة الجزء السادس هنا عزيزي القارئ
تمت إضافة الجزء السابع والأخير هنا عزيزي القارئ
نرجو منكم أحبتي عدم قراءة الأجزاء في ذات الوقت وليكن بينها يوم أو يومين
...........................................
1ـ سورة ق / 22.
2 ـ يستعمل المؤلّف هذا الفعل الماضي بغير مقدّمة أو إطناب، فالموت وإن تكن تسبقه مقدّمات طويلة، إلاّ أنّه بذاته يأتي على حين غرة وبكلّ بساطة، دع عنك الموت المفاجئ الذي كثر في أيامنا هذه. وقد جاء في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قوله:
يا مَن بدنياه اشتغـلْ ..... قـد غـرّه طـول الأمـلْ
الـمـوت يأتـي بـغـتـةً ..... والقبر صندوق العملْ
ولم تـزل فـي غـفلـةٍ ..... حتّى دنا منك الأجلْ
3 ـ فيما يتعلق بحالة الاحتضار واللحظات الأخيرة في حياة الإنسان وحالات الأرواح ومشكلاتها في تلك اللحظات المضطربة، يحسن بكلّ إنسان واعٍ يقظ أن يغتنم الفرصة ويبدأ منذ الآن بعلاج الواقعة قبل الوقوع. هناك بعض الكتب المفيدة بخصوص الاستعداد للموت، وحالات الإنسان عند الموت يحسن أن يطّلع عليها الإنسان، منها:
أ. كتاب ( منازل الآخرة ) للمرحوم المحدّث عبّاس القمّي.
ب. كتاب ( حقّ اليقين ) للمرحوم العلاّمة المجلسي.
ج. تسلية الفؤاد، للسيّد عبدالله شبّر.
4 ـ هود / 114. ومن المناسب هنا إيراد فقرات من دعاء أبي حمزة الثمالي، وهي: « فمن يكون أسوأ حالاً منّي إن أنا نُقلت على مثل حالي إلى قبرٍ لم أمهّده لرقدتي، ولم أفرشه بالعمل الصالح لضجعتي، ومالي لا أبكي، ولا أدري مصيري! وأرى نفسي تخادعني، وأيّامي تخاتلني، وقد خفقتْ عند رأسي أجنحة الموت ؟ فمالي لا أبكي، أبكي لخروج نفسي، أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر ونكير إيّاي، أبكي لخروجي من قبري عرياناً ذليلاً حاملاً ثقلي على ظهري...».
5 ـ إنّ ما يجري في القبر من سؤال منكر ونكير والحيّات والعقارب ممّا ورد ذكره في بعض الروايات، وللراغبين أن يطالعوا كتب الاعتقادات للصدوق والبحار للمجلسي وحقّ اليقين، فإذا وجدوا أنّهم يصعب عليهم إدراك ما ورد فيها وتقبّله ( كما يحصل كثيراً في اُمور لا يمكن إدراكها بالحواسّ البشرية ولكنّها موجودة، كالروح والجاذبية وغير ذلك ) فليس لهم أن ينكروها أو يعترضوا عليها قائلين ( إنّ قبوراً قد نُبشت فلم يعثر فيها على أثر لما يقال )، في أمثال هذه الحالات ينبغي الرجوع إلى العلماء من ذوي البصيرة الدينية، بدلاً من الإنكار.
6 ـ يستفاد من الروايات الموثوق بها أنّ نور ولاية أئمّة الهدى عليهم السّلام يكون في عون المحبّين والشيعة في مهالك عوالم ما بعد الموت ومخاطرها. وقد جاء في الديوان الشعري المنسوب إلى أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام وهو يخاطب حارثاً الهمداني قائلاً:
يا حارَ همدانَ مَن يَمُت يَرَني
مِن مؤمنٍ أو منافقٍ قُبُلا
7 ـ الحج / 22.
8 ـ إن هذه الحالة من الاستعداد للإجابة التي يجسدها المرحوم المؤلف إنّما تحكي حال أشخاص من أمثال المرحوم نفسه ممّن أمضَوا السنوات في اكتساب المعرفة وخدمة الناس والأعمال الصالحة والفضائل والأخلاق الفاضلة. أمّا الذين غفلوا عن كلّ ذلك وانغمسوا في حبّ الدنيا، فيلقون حالة صعبة للغاية.
9 ـ الحشر / 22 و 23.
10 ـ البقرة / 144.
11 ـ الأنعام / 79.
12 ـ علينا أن نعلم أنّ المسائل العقائدية ينبغي دركها بالقلب بحيث إنّ الإيمان بها يسكّن القلب، ولهذا يقول الإمام السجّاد عليه السّلام في نهاية دعاء أبي حمزة: « اللهمّ إنّي أسألك إيماناً تُباشر به قلبي ... ». إنّ مثل هذا الإيمان والاعتقاد لا يحصل بالجدل الفلسفي المنطقي، فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلّى الله عليه وآله: « الإيمان سرّ من أسرار الله »، وأشار صلّى الله عليه وآله إلى صدره. أمّا المناظرات التي جَرَت بين بعض علمائنا والعلماء المادّيين والطبيعيين فكانت لغرض إقناعهم بحسب المقاييس التي يرتضونها هم.
13 ـ يرى المؤلف أنّ اصطلاحات العلماء والحكماء والألفاظ التي يصوغونها في دار الدنيا قد تكون باطلة كلّياً وفق منطق عالم الآخرة لا أساس لها من الصحة، وأنّ كل ما قالوه ـ من دون الالتفات إلى أقوال أهل البيت عليهم السّلام ـ لا يعدو أن يكون مجرّد تخيّلات فلسفية لا تنفع في عالم الآخرة.
14 ـ في هذا إشارة إلى أنّ اُصول العقائد الإسلاميّة ـ كالتوحيد والنبوّة والإمامة والمعاد ـ يجب أن تقبل ويأتي الإيمان بها عن طريق الدليل. إذ إنّ من يؤمن بها اتّباعاً لإيمان أبويه أو غيرهما، لن يُقبل منه ذلك في الآخرة ولا يحسب من المسلمين، لأنّ الإسلام دين المنطق والبرهان. فعلى المسلم أن يحصل على عقائده من طريق التبصّر والتحقيق، بحيث لو كذّبه أحد الملحدين لاستطاع أن يدرأ تلك الشبهات بالدليل وأن يثبت عقائده بالبرهان.




ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 03-26-2012, 04:37 PM   رقم المشاركة : 2
سرور قلبي محمد
مـراقـبة سابقة
 
الصورة الرمزية سرور قلبي محمد








سرور قلبي محمد غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد

السلام عليكم عزيزتي

ماشاء الله موضوع في غاية الروعه

احسنتم الطرح الرائع



بارك الله فيك وسدد الله خطاك ببركة اهل البيت عليهم السلام


(يا علي يا علي يا علي(2))







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد

اللهم اني ادعوك لهم لا يفرجه غيرك ولرحمة لاتنال الا بك ولكرب لا يكشفه الاانت ولرغبة لاتبلغ الا بك ولحاجة لا يقضيها الا انت اللهم فكما كان من شانك ماأذنت لي به من مسألتك ورحمتني به من ذكرك فليكن من شأنك سيدي الاجابة لي فيما دعوتك وعوائد الافضال فيما رجوتك والنجاة مما فزعت اليك فيه فأن لم اكن اهلا ان ابلغ رحمتك فان رحمتك اهل ان تبلغني وتسعني وان لم اكن للاجابة اهلا فانت اهل الفضل ورحمتك وسعت كل شي فلتسعني رحمتك ياالهي ياكريم اسالك بوجهك الكريم ان تصلي على محمد واهل بيته وان تفرج همي وتكشف كربي وغمي وترحمني برحمتك وترزقني من فضلك انك سميع الدعاء قريب مجيب

اللهم صل على محمد وال محمد


  رد مع اقتباس
قديم 03-26-2012, 07:13 PM   رقم المشاركة : 3
صفاء انوار القائم
مساعدة معالجة







صفاء انوار القائم غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي الفاضلة بارك الله فيكم وجعله في ميزان حسناتك
لقد توقف نبض القلب وتجمد الدم في عروقي من هول المنظر ولم استطع اكمال الموضوع من اول مرة قرأت الموضوع ولكني رجعت واكملته فشكراً شكراً لما خطته يداك ايتها النقية

وفقكم الله لكل خير ويسر اموركم ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام







التوقيع

لي خمسة أهل العـبـا اطـفي بهم حـر الـوبا
المصطفى والمرتضى وفاطم وابنيهما النجبا

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة و في كل ساعة ولياً و حافظاً و قائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً و تمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين و صل اللهم على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم


ما أنا الا تراب بل اقل من سراب
موئلي ربي اليك ,,,,,,,, أرتجي العفو لديك
ذنبي بين يديك ,,,,,,, إعفو عمن أسخطك
سيدي انت الحياة ,,,,,, خذني من دنيا الممات
منك فيض المكرمات ,,,,, راحما ما اكرمك


عامل الناس بطبعك لا بطباعهم , مهما كانوا ومهما تعددت تصرفاتهم الي تجرحك وتؤلمك في بعض الاحيان
ولا تأبه لتلك الأصوات التي تعتلي طالبة منك أن تترك صفاتك الحسنة لان الطرف الآخر لا يستحق تصرفاتك النبيلة؟
  رد مع اقتباس
قديم 03-27-2012, 11:12 AM   رقم المشاركة : 4
نور القائم (عج)
مـراقـبة عامة ( شؤون إدارية )
 
الصورة الرمزية نور القائم (عج)








نور القائم (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف الكرام و عجَّل فرجهم يا كريم و ارحمنا بهم يا رحمن يا رحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارك الله بك اختي الغالية صفاء نور الزهراء (ع) على الموضوع الذي فعلا ً نحتاجه في غفلتنا وذكر ان نفعت الذكرى.

بانتظار الجزء الثاني بشوق وترقب .




وأسأل الله و أهل البيت عليهم السلام التوفيق و السداد وأن تقضى جميع حوائجكم في الدنيا و الآخرة عاجلاً ببركة و سداد أهل البيت عليهم السلام







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم

الَلهّمّ صَلّ عَلَىَ محمد وآل مُحَّمدْ الَطَيبيِن الطَاهرين الأشْرَافْ وَعجَّل فَرَجَهُم ياَكَرِيمَ..
السلام عليكَ سَيدي ومَوْلاي يا بَقـِيةَ اللهِ في أَرْضِهِ وَرَحْمَةُ الله وبركاته.

فأُطالبكَ يا الهي أن ترزقني شهادةً مُطَهِّرَةً أنا اخترتُها لنفسي كفارةً عن ذنبي، شهادةً قلّ نظيرُها يتفتتُ فيها جسدي و تنال كل جارِحة من جوارحي ما تستحقُّه من القصاصِ و العقوبةِ و بعدها يا ربِّ يصبحُ حتماً أن تسكنني بجِوارِكَ و جِوارِ أولِيائكَ

كن مع الله يكن الله معك

  رد مع اقتباس
قديم 03-27-2012, 04:32 PM   رقم المشاركة : 5
حوراء انسيه
مـراقـبة أولـى ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية حوراء انسيه








حوراء انسيه غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احسنتم عزيزتي صفاء نور الزهراء لكم نحن بحاجة لمثل هذه المواقف المذكرة بين فترة واخرىِ
فإنما هي تذكرة لاصحاب البصائر تزيد بصيرتهم بصيرة وموعظة وعبرة لمن غمست قلوبهم في ملهيات هذه الدنيا الدنية فأصبحوا عن الاخرة غافلين

فالانسان هو من يحدد موقفه بالاخرة امن الخاسرين ام الفائزين لذالك عليه ان يتذكر دائما في كل لحظة وثانية بان هذه الدنيا ليس الا دار عبور
فعليه ان يعد ويتزود جيدا لدار الخلود والامتحانات التي تسبقها فهو من يحددها ان كانت جنة ام نار

بانتظار التتمة عزيزتي ..

موفقين لكل خير يارب

ربي يحفظكم ويحميكم من كل سوء وشر ويجعلكم من السعداء في الدنيا والآخرة ببركة محمد وآل محمد عليهم السلام







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم يارب


اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا
وقائدا وناصر ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين

روحي لتراب مقدمكِ الفداء يابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم



  رد مع اقتباس
قديم 03-28-2012, 09:07 PM   رقم المشاركة : 6
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم
" وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" سورة لقمان 34

اخواتي العزيزات شاكرة لكنّ القراءة والكلمات النوارينة سائلة المولى الكريم ان يمنّ عليكنّ بحسن العاقبة

نسألكم الدعاء وبراءة الذمة

ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 03-28-2012, 09:20 PM   رقم المشاركة : 7
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة والأخوات الأفاضل حفظكم الله تعالى ورعاكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

قارئي العزيز تأن في القراءة وتفكّر جيداً واترك لنفسك بعض الوقت في التأمل والتفكر واهتم بالهواش فهي مهمه ايضاً

اسأل الله تعالى لكم الوصول إليه سبحانه وتعالى بقلب سليم

كانت نهاية الجزء الأول ( فسألته: «من أنت، وما اسمك، وإلى مَن تنتسب ؟ وما أحلى أن تكون أنت رفيقي، وأكون بصحبتك دائماً!». )

فقال: « اسمي الهادي، وأُكنّى بأبي الوفاء، وبأبي تراب. وأنا الذي ألقيتُ في قلبك الجواب الأخير الذي قلتَه فنجوت، وإلاّ لامتلأ المكان بالنار من ضرب هراوتيهما ».
فقلت: « أشكرك على ألطافك، فأنا في الحقيقة طليق يديك، ولكن سؤالهما الأخير بدا في نظري لا فائدة فيه، بل كان مجرّد ذريعة، لأنّي كنت قد أجبت عن أسئلتهما حول العقائد الإسلاميّة أجوبةً صحيحة، فلم يكن ثمّة ما يدعو إلى ذاك التساؤل حول الحقائق؛ فلو وُضِعتْ جمرة في كفّ إنسان ـ مثلاً ـ وقال: إنّ يدي قد احترقت، فلا يمكن أن نسأله: لماذا تقول هذا القول ؟ ولو سأله أحدهم هذا السؤال غافلاً لكان جوابه: أأنت أعمى، ألا ترى جَمرة النار على كفّي ؟ إنّ سؤالهما الأخير كان من هذا القبيل ».
فقال الشاب: « لا. ليس من هذا القبيل، لأنّ مجرد مطابقة الكلام مع واقع الحال لا يفيد الإنسان، بل لابدّ من الإيمان القلبي ليحرّكه نحو العمل، فقد قيل: لا تقولوا آمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم(1). أو لم يجب الجميع في اليوم الاوّل ( بلى ) عندما سئلوا: ألست بربّكم ؟ ، أوَ لم يقرّوا بربوبيّة الله كما هو الواقع ؟! ».
قلت: « بلى، فعلوا ».
فقال: « ولكنّهم عندما امتُحِنوا بالتكاليف في العالم المادّي، أغفلوا العمل ببعض تلك الواجبات، لأنّ إقرارهم الأوّل كان باللسان فقط، فكان أن لم ينجحوا في الامتحان، وهنا في هذه المرحلة الاُولى من هذا العالم، يجيب الجميع: مؤمنين ومنافقين، إجابات صحيحة تتّفق مع الحقيقة(2). إلاّ أنّ هذا السؤال الأخير امتحان يراد به معرفة ما إذا كانت العقيدة قلبية، إذ في هذه الحالة يكون الجواب ما قلته ويكون الخلاص. أمّا إذا كان الجواب: كان الناس يقولون فقلت، فعندئذ لا ينفع التقليد في القول بغير أن يعقد عليه القلب، كما أنّك تعلم أنّ أخبار المعصومين تورد هذه التفاصيل نفسها ».
فقلت: « نعم، الآن تذكّرت أنّ هذا هو ما ورد في الأخبار، ولكنّ الخوف والاندهاش عند طرح السؤال أنساني ذلك، وها أنت تذكّرني به الآن، فلا أبعدك الله عنّي.

والآن قل لي كيف حدث أنّك تعرفني، مع أنّي لم أرَك مِن قبل، ومع ذلك فإنّي لفرط حبّي لك أرى فراقك يعني الهلاك لي ؟ ».
فقال: « لقد كنتُ معك منذ البداية، وأنا أُكنّ لك الودّ، ولكنّك لم تشعر بي، لأنّك في عالم المادّة لم تكن قويّ البصيرة. ما أنا إلاّ حبل المحبّة الذي يربطك بعليّ بن أبي طالب وأهل بيت النبوة وسَورة الهدى(3)، وهي المحبّة التي لهم فيك بقدر قابليتك. ولذلك كان اسمي الهادي، أي هاديك أنت. أمّا هو فإنّه هادي المتّقين جميعاً(4)، ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (5).
إنّه تمسّكك بتلك العروة الوثقى: فَمَنْ يَكفرْ بِالطَّاغُوتِ ويؤمِن بِاللهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الْوْثقَى لا انْفِصَامَ لَها ، لذلك فأنا لا أنفصل عنك إلاّ إذا أبعدت نفسك عنّي باتّباعك الهوى.
أمّا وجه تكنيتي بأبي الوفاء وأبي تراب فيعود إلى سلوكك وانطباقه على الأقوال والوعود وتواضعك للمؤمنين. وخلاصة القول: إنّي وليد عليّ في مهد قلبك، وإنّ مقدار استعدادي لمسالمتك وعدم مسالمتك يعود إليك، ففي حالة معصيتك أهرب منك، وفي حالة توبتك أكون جليسك. ومن هذه الناحية قلت: إنّي في رحلة هذا العالم لا أنفصل عنك، إلاّ في حالة تقصيرك أو قصورك، وهما من صنع يديك: ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيكُمْ وأنَّ اللهَ لَيسَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبيدِ (6).
سأذهب الآن وأتركك تستريح، فما أنا إلاّ تلك الأمانة الإلهية التي عَهِد الله بها إليك. إنّ القرآن مليء بحكايتي، ولكن من المؤسف أنّك قرأت القرآن كثيراً، ومع ذلك تقول إنّكَ لا تعرفني ».

عندما بقيتُ وحدي رحت أُفكر في حالي وفي ما قاله الهادي، فأدركتُ أن حالات الإنسان ومسيرته في العالم المادّي ما هي إلاَّ حلم نراه، ثمّ نستيقظ ونصحو، ونرى تعبيره في الظاهر المرئي. إن قول ذي القَرنين في الظلمات: « إنّ مَن يحمل معه مِن هذا الحصى ويصل إلى حيث النور يندم على ما فعل، ومن لم يحمل معه منه يندم أيضاً » كناية عن هذه الحال المزدوجة التي تمرّ بالإنسان في الدنيا والآخرة، إذ إنّ كلّ فرد يشعر بالندم بقدرٍ ما: يَا حَسْرتَى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ (7)، إلاّ أنّ الندم لا ينفع الآن، فقد اُغلق باب التوبة.
وفيما أنا في هذا الغمّ والهمّ غلبني النعاس، ولم تمضِ فترة طويلة حتّى أحسست أنّ شخصين أحدهما حسن الوجه، والآخر قبيحه، يجلسان على يميني ويساري، ويتشمّمان كلّ عضو من أعضائي على انفراد، من أخمص قدمي حتّى هامة رأسي، ثمّ يكتبان شيئاً في ورقة طويلة بيديهما، ومعهما عُلَب صغيرة وكبيرة يضعان فيها أشياء، ثمّ يختمانها بالشمع الأحمر، وكانا يكرّران اسم بعض الأعضاء مرّات، كالقلب، والمخيلة، والتوهّم، والعينين، واللسان، والاُذن، ويتحادثان ثمّ يعودان إلى التشمّم مرّة ثانية وثالثة، ثمّ يكتبان أشياء، ويضبطانها في تلك العلب. وقد بقيت بلا حَراك حتّى لا أشعرهما بيقظتي، ولكنّي كنت شديد الخوف من دقّتهما في تفتيش صادراتي ووارداتي(8).
لقد أدركت إجمالاً أنّهما يكتبان ويضبطان سيّئاتي وحسناتي، وأنّ ذلك الحسن الصورة كان يريد لي الخير، لأنّي عرفت ممّا كان يجري بينهما من حديث أنّه كان يمنع الآخر من تسجيل السيئات التي تُبتُ عنها، أو من إزالة عمل صالح؛ وكان هذا الشخص كالإكسير الذي يحيل النحاس إلى ذهب، فأحببته لذلك.

وبعد أن انتهى كلّ شيء طَوَيا السجلّ الخاصّ بي وطوّقا به رقبتي، ثمّ جمعا تلك العُلَب في كيس ووضعاه فوق رأسي، ثمّ أتَيا بقفص من الحديد الصلب كأنّه صنع خصّيصاً لجسمي، فوضعاني فيه وراحا يديران ما فيه من مقابض ولَوالِب، فأخذ القفص يضيق ويضيق، وأطبق عليّ إطباقاً أحسست معه أنّ نَفَسي يكاد ينقطع، ولم أستطع حتّى الصراخ، إلاّ أنّهما كانا ماضيَين في إدارة تلك المقابض واللوالب حتّى أصبح القفص الذي وسعني في البداية ضئيلاً صغيراً لا يتجاوز حجم أنبوبة صغيرة، فتحطّمت عظامي جميعاً، واعتُصر كلّ ما فيّ من دهن وخرج كالنفط الأغبر، وفقدت وعيي، ولم أعد أدرك شيئاً بعد ذلك.
عدت إلى نفسي بعد برهة لأرى رأسي في حجر الهادي مرة اُخرى، فقلت له: «اعذرني على عدم تمكّني من النهوض».
لقد كانت عظامي محطّمة، وما زالت أنفاسي ثقيلة، وكلماتي متقطعة، وصوتي ضعيفاً، والدموع تجري على وجهي، وكنت كالعاتب على الهادي، إذ إنّ الضغط الأوّل كان في غيابه.
إلاّ أنّ الهادي أخذ يهوّن عليّ قائلاً: « إنّ ما رأيتَ كان من لوازم المرحلة الاُولى في هذا العالم، ولا يُستثنى منه أحد، لذلك فالبلية إذا عمّت هانت، إلاّ أنّ كلّ شيء قد انتهى، وأرجو أن لا يحدث لك مثل هذا بعد الآن. ثمّ إنّ آلام هذا العالم من مصلحتك، فهذا القفص الذي ظننته من الحديد الصلب إنّما هو خليط الأخلاق الذميمة عند الإنسان، يشتبك بعضها ببعض، وتحيط به في حياته المادّية(9)، وتتحوّل في هذا العالم إلى هذا القفص الذي يمكن أن يكون مؤلّفاً من آلاف الخصال الذميمة، وإن يكن أصلها ثلاثة: الطمع، والأنانية، والحسد؛ فالأوّل قد أخرج آدم من الجنّة، والثاني هوى بإبليس إلى الحضيض، والثالث ألقى بقابيل في جهنّم، إلاّ أنّ لهذه الثلاثة آلاف الأغصان والأوراق، وهي تختلف من حيث الكمّ والكيف في الأشخاص اختلافاً كبيراً ».

كان الهادي أثناء حديثه العذب هذا يمرّ بيده على ظهري وجنبي وسائر أعضائي، فتعود العظام المحطّمة سليمة، وتُزايلني الآلام، وتسري فيّ حياة جديدة وقوّة متدفقة.
لقد تطهّرتْ ملامحي وأعضائي من القَذَر والكدر، وغدت شفافة ساطعة، فأدركتُ أنّ ذلك الضغط كان نوعاً من التطهير لاستخراج ما في الانسان من قاذورات ونفايات وشرور، وهي التي بدت كالنفط الأغبر.
قال الهادي: « إنّ هذا الكيس كيسك، فافتحه لترى ما فيه ». ففتحته وإذا بعُلَب مختومة وقد كُتب على بعضها « زاد المنزل الفلاني »، وعلى بعضها الآخر « أخطار المنزل الفلاني وعقباته »، وكانت ثمّة أكياس تخصّ منازل معينة، فكان ينبغي فتحها في منازلها الخاصّة.
فسألت عن العُلب، فقال: « هي ساعات اللّيل والنهار من عمرك الذي صدرتْ فيه منك أعمال سيئة وحسنة، وبعد انتهاء ذلك الوقت ينغلق فمها كما ينغلق شطرا الصَّدَفة، ويبقى ذلك العمل فيها كما تبقى الحبّة في الصدفة، وتحتفظ بها، وتصبح كالعلبة المختومة ».
قلت: « وما هذا المعلّق برقبتي ؟ ».
فقال: « هذه صحيفة أعمالك، ففي آخر الأمر ويوم الحساب، لابدّ من تصفية حساب وارداتك و*********وفاتك، وهذا ليس وقته الآن: وكُلَّ إنسانٍ ألْزَمْنَاهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتابَاً يَلْقَاهُ مَنْشُورَاً (10).

ثمّ قال: « أرى أنّ زادك للسفر قليل، فلابدّ من مكوثك هنا بضعة أسابيع، فلعلّ شيئاً يصل إليك من دار الغرور من أصحابك، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خير الزاد في السفر ما كَثُر. فعليَّ أن أذهب لاُهيّئ لك بطاقة سفر وجواز عبور من سلطان الدين والدنيا. فإذا لم يصل إليك شيء خلال الاُسبوع، فاذهب ليلة الجمعة إلى أهلك، فلعلّهم يتذكّرونك بطلب الرحمة والمغفرة ».
ذهب الهادي وبقيت انتظر، ولكنّي كنت في مكان حسن، فقد كنت في غرفة مفروشة بسجاجيد ملوّنة ذات نقوش جميلة.

انتظرت حتّى ليلة الجمعة، فلم يحصل شيء، فذهبت حسب وصية الهادي إلى بيتي بهيئة طير، وجثمت على غصن شجرة(11) أنظر إلى ما تفعله زوجتي وأبنائي وأقربائي وأصحابي، الذين كانوا اجتمعوا على حدّ قولهم ليصنعوا لي الخيرات، فطبخوا الحساء والرزّ، وأقاموا مجلس عزاء الحسين عليه السّلام وقرأوا الفواتح. ولكنّي رأيت أنّ أعمالهم لا تنفعني في شيء؛ لأنّ الهدف الحقيقي من أعمالهم كان إعلاء سمعتهم عند الناس، ولذلك فهُم لم يَدْعوا للطعام فقيراً واحداً، ولم يكن هدف المدعوّين سوى تناول الطعام وتصريف شؤونهم الخاصّة، فلا استرحام من أجلي، ولا دمعة على الحسين بن عليّ عليه السّلام، بل كانوا يمتعضون إذا ما حصل تأخير في تقديم الخدمات إليهم، ويشتمون الأموات والأحياء. وإذا ما ظهر شيء من الحزن والألم على أهل البيت والأقرباء، فقد كان على أنفسهم وليس عليّ، لكونهم ظلّوا بغير راعٍ بعدي، وليس لهم مَن يَعُولهم ويدبّر اُمورهم.
وكانوا غارقين في شؤونهم الدنيوية بحيث إنّهم نَسُوني ونسوا أنّ هناك موتاً وداراً اُخرى تنتظرهم، وكأنّ الموت مصيري وحدي وليس لهم نصيب فيه، وكأنّ الله قد ظلمهم ـ والعياذ بالله ـ بموتي، فراحوا يتذمّرون ويحتجّون.
عدتُ إلى منزلي في المقابر بحال من اليأس والإحساس بالهوان، وكدت ألعن الأهل والأولاد، ولكنّ معرفة الحقيقة منعتني من ذلك، وقلت: « يكفيهم ما هم فيه ولا حاجة لمزيد ».
دخلت القبر من الثقب الذي كان فيه فوجدت الهادي جالساً وفي وسط الحجرة طبق من التفّاح، فسألته:
« من أين هذا ؟ ».
فقال الهادي: « كان أحد الناس يمرّ بين القبور فوقف على قبرك وقرأ الفاتحة، وهذا ثوابها النقدي ».
فقلت في نفسي: « رحم الله هذا الإنسان الذي جاء في وقته ».

إنتظروا الجزء الثالث
................................

1ـ فالإيمان أمر قلبي، ويعني الشهادة والتصديق، وهذه الشهادة والتصديق لا يحصلان إلاّ بعد قبول المباني الدينية عن طريق المنطق الفطري والاستدلال الصحيح، ولا يقبلان عن طريق تقليد الأبوين أو سائر الناس، والشهادة باللسان لا تصل القلب، وشهادة كهذه سرعان ما تزول إذا صادفت أتفه شبهة أو مغالطة، وحتّى لو بقيت إلى آخر العمر، فإنّها لا تنفع في عالمَي البرزخ والآخرة، لذلك فإنّ من واجبات كلّ أب واُمّ أن يضعا أبناءهما على صراط الدين بالاستدلال، وإذا لم يؤدّيا واجبهما هذا، فالمفروض على كلّ إنسان فرضاً عقلياً، بعد بلوغه سن التكليف، أن يتفهم اُصول العقائد فهماً جيداً، حتّى لا ينحرف عند أضعف شبهة. إن آثار إيمان كهذا تظهر في جميع الجوارح والأعضاء، فيدرك الإنسان بقلبه وعينه واُذنه، ويرى ويسمع ويعمل بإخلاص، ويتذوّق طعم الإيمان بروحه.
2 ـ لعلّ المرحوم المؤلّف قد صادف بهذا الخصوص حديثاً خاصّاً، ولكن جاء في بعض الروايات صراحة أنّ المؤمن هو وحده القادر على الإجابة الصحيحة، وأنّ المنافقين يعجزون عن ذلك.
3 ـ سَورة الهدى، تعني التحرك والهيجان والهداية في ولاية عليّ وأهل بيت العصمة عليهم السّلام.
4 ـ لابدّ هنا من إيضاح أنّ لكلمة « ولاية » معاني متعددة، تدلّ كلّها على التقارب بين شيئين تقارباً ظاهرياً أو معنوياً.
إلاّ أنّ بعض كتب اللغة، مثل كتاب ( مفردات القرآن ) للراغب الإصفهاني، يقول بوجود اختلاف في معنى « الولاية » بكسر الواو وبفتحها، فمعناها بالكسر هو العون والمساعدة، ومعناها بالفتح يشتق منه الولي الذي له حقّ السلطة على أمر من الاُمور.
5 ـ البقرة / 2.
6ـ آل عمران / 182.
7 ـ الزمر / 56.
8 ـ الصادرات هي الأعمال الصالحة والسيّئة التي تصدر عن الإنسان في دنياه، والواردات هي ما يأكل ويشرب ويرى ويسمع ويتعلّم ويدرس.
9 ـ ضغطة القبر وبعض آلام البرزخ آثار للذنوب الدنيوية، ولا علاقة لها بالكفر والإيمان، فقد يكون الميّت من المؤمنين الخلّص، ولكنّه لما لم يكن معصوماً، فقد اقترف بعض الذنوب التي لا بدّ أن ينال العقاب عليها. ويؤيد ذلك ما يرويه العلامة المجلسي رضي الله عنه في حياة القلوب عن ابن بابويه عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّ سعد بن مُعاذ، الذي كان من كبار الصحابة وهو الذي أمر بضرب أعناق يهود. عندما توفّاه الله وسمع رسول الله بذلك، جاء مع أصحابه إلى دار سعد وأمر بتغسيله وتحنيطه وتكفينه. وعندما حملوه خلع رسول الله صلّى الله عليه وآله رداءه ومشى حافياً في تشييعه ودار حول الجنازة، وعند إنزاله إلى القبر نزل معه ووضعه في لحده، ثمّ خرج وشارك الناس في وضع الأحجار على القبر وفي ملء ما بينها لكيلا ينهال التراب على جسد سعد، وهو يقول: « أعلم أن جسده سوف ينخر ويتلاشى، ولكنّ الله يحبّ من يعمل عملاً فيتقنه ». فسئل عمّا دعاه إلى تشيع الجنازة حافياً وبغير رداء. فقال: « رأيت الملائكة قد حضروا لتشييع جنازة سعد حفاة وبغير رداء، فأحببت أنا أتأسّى بهم، وكان جبرئيل عن يميني، وقد وضع يده في يدي ». مع كلّ هذا التجليل والتكريم، عندما خاطبت أمّ سعد ابنها قائلة: هنيئاً لك الجنّة يا سعد؛ فقد دفنك النبيّ بيده وصلّى عليك بنفسه؛ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: اسكتي يا اُمّ سعد ولا تفرضي على الله أمراً، فلقد اصاب سعداً ضيق شديد في القبر؛ لسوء خلقه مع عياله ».
10 ـ الأسراء / 13.
11 ـ يروي العلامة المجلسي في كتابه (حق اليقين) أنّ أرواح الأموات تذهب كلّ أسبوع أو شهر أو سنة مرّة واحدة ـ بحسب منزلتها ـ لزيارة أهلها بهيئة طائر يحطّ على حائط الدار ويشرف على ما يجري في الدار، فإذا رأى أهله في خير وسلامة فرح، وإلاّ فيستولي عليه الحزن. وفي رواية اُخرى: تطير الأرواح عند مغرب كلّ يوم في هيئة العصافير أو أصغر نحو دور أهاليها، فإذا كانت مؤمنة أرسل الله معها ملكاً حتّى إذا رأت أهلها على غير ما تحبّ أخفى الملك عنها ذلك لئلاّ تحزن.



ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 03-31-2012, 11:10 PM   رقم المشاركة : 8
عقيلة أبا الفضل
مرشدة سابقة
 
الصورة الرمزية عقيلة أبا الفضل








عقيلة أبا الفضل غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
اللهم صل على نبينا الرسول الأمين محمد و آله الطيبين الطاهرين و عجل فرجهم و العن أعدائهم يا كريم

من أروع القصص التي أهواها هي قصص السفر للآخرة
أختنا الحبيبه صفاء نور الزهراء تابعي ونحن بإنتظار الجزء الثالث بلهفة وشوق ..
جزاكِ الله خير الجزاء







التوقيع

قال رسول الله صلّى الله عليه و آله ..
مَن كانَ يُحِبُّ أن يَعلَمَ مَنزِلَتَهُ عِندَ اللهِ فَليَنظُر كَيفَ مَنزِلَةُ اللهِ عِندَهُ ؛
فَإِنَّ اللهَ يُنزِلُ العَبدَ مِنهُ حَيثُ أنزَلَهُ مِن نَفسِهِ
  رد مع اقتباس
قديم 04-02-2012, 04:20 PM   رقم المشاركة : 9
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلاً بكِ أختي العزيزة حفظكم الله وحماكم من كل سوء ومكروه بحق العترة الطاهرة وانار لكم الدرب يارب العالمين


ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 04-02-2012, 04:20 PM   رقم المشاركة : 10
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة والأخوات الأفاضل حفظكم الله تعالى ورعاكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

قارئي العزيز تأن في القراءة وتفكّر جيداً واترك لنفسك بعض الوقت في التأمل والتفكر واهتم بالهواش فهي مهمه ايضاً

اسأل الله تعالى لكم الوصول إليه سبحانه وتعالى بقلب سليم

إنتهينا في الجزء الثاني بهذا ( فقال الهادي: « كان أحد الناس يمرّ بين القبور فوقف على قبرك وقرأ الفاتحة، وهذا ثوابها النقدي ».
فقلت في نفسي: « رحم الله هذا الإنسان الذي جاء في وقته ». )

ورأيت الهادي مشغولاً بتزيين الحجرة، وترتيب مائدة وكراسي من ذهب وفضة، وقد تدلّى من السقف قنديل يسطع ضوؤه كالشمس.
فسألته: « ماذا حدث حتّى أراك منهمكاً هكذا في تزيين هذه الحجرة مع أنّنا مسافران عنها ؟ ».
قال: « سمعت أنّ الأئمّة وأولادهم الذين كنت قد زُرتَ قبورهم، والعلماء الذين ذكرتَ أسماءهم في صلواتك الليلية أو قرأت الفاتحة على قبورهم، قد سمعوا بقصدك السفر إلى الآخرة، فعزموا على زيارتك لأداء حقّك ».
فقلت: « ما أسعدني بهذا التوفيق ! » وزال عنّي ما قد ران عليّ من حزن وهمّ بسبب زيارتي لأهل بيتي، وانتابني فرح شديد لهذا الخبر السارَ(1).
قلت للهادي: « إنّ هذه الحجرة صغيرة ».
فقال: « إنّها صغيرة عليك، ولكنّها سوف تتّسع بقدومهم ».
وفجأة حضروا بوجوه نيّرة وبكلّ عظمة وجلال. وجلس كلّ في مكانه بحسب منزلته، وكان المقدم عليهم جميعاً أبا الفضل العبّاس عليه السّلام وعليّاً الأكبر عليه السّلام فجلسا على منصّة كبيرة، ولكنّهما كانا يلبسان لأمة الحرب، فعجبتُ من ارتدائهما لأمة الحرب في عالم ليس فيه تزاحم ولا تعاند مطلقاً.
كنت أنا والهادي وبعض الحاضرين واقفين، وقد بهرني جمالهما وجلالهما، ولم تعد عيني تطيق التحول عنهما.
التفتَ أبو الفضل عليه السّلام إلى الهادي وسأله إن كان قد تسلّم تذكرة العبور من أبيه، فأجاب بالإيجاب؛ ثمّ تلا:
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إنْ اسْتَطَعْتُم أنْ تَنْفُذُوا مِنْ أقْطَارِ السَّماواتِ والأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إلاَّ بِسُلْطَانٍ (2).
ثمّ التفت إليّ وقال: « اُبشّرك بالفلاح، فإنّ سلطان ولاية أبي هي تذكرة نجاتك ». فقبّلت الأرض بين يديه امتناناً، ووقفت أبكي من شدّة فرحي بحصول هذه اللقيا.
وسمعتُ حبيب بن مظاهر ـ الذي كان يقف إلى جواري ـ يخاطبني قائلاً: « لا تخشَ شيئاً في رحلتك المحفوفة بالمخاطر هذه، ولا تيأس من خلاصك؛ لأنّ هؤلاء العظام وآباءهم المعصومين لن ينسوك، فإنّ قدومهم كان بأمر من آبائهم، فهم يُدركون شيعتهم ومحبّيهم في اللحظة الأخيرة، وأمّا هذا اللقاء فهدفه تطمينك وتهدئة روعك، كما أنّ السيدة زينب عليها السّلام تبلّغك سلامها وتقول: إنّها لا تنسى مسيراتك راجلاً للذهاب لزيارة أخيها الحسين عليه السّلام وما كنتَ تلاقيه خلال الطريق من صعوبات ومشاق وجوع وعطش وبكاء »، فقلت: « عليك وعليها السّلام منّي ورحمة الله وبركاته ».

وسألته لماذا يلبس هذان السيّدان لأمة الحرب من بين جميع الحاضرين، مع أنّه لا حرب عندنا هنا ؟
فتغيّر لون حبيب وامتلأت عيناه بالدموع، وقال: « إنّ عزمهما وإرادتهما في كربلاء على أن يبيدا وحدهما ذلك الجيش الجرّار، لم يتحقّق لهما بسبب المقادير الإلهية التي شاءت أن يحصل ما حصل فلم يستطيعا أن يحققا إرادتهما الحديدية، فبقي ذلك عزيمةً وهمّةً في صدريهما حتّى الآن، وهما ينتظران زمان الرجعة ليُطلقا همتيهما من صدريهما، فتلك العزيمة هي التي تبدو لك في صورة لأمة الحرب ».

ثمّ ذهب الجميع وبقيت وحدي مع الهادي. عادت الحجرة إلى حجمها الصغير السابق، وزالت عنها معالم الفخامة والزينة. وقلت للهادي: « إنّني لن أذهب مرّةً اُخرى إلى عائلتي، لأنّني يائس من إحسانهم، على الرغم من أنهم يعملون أشياء باسمي، ولكنّها أعمال ظاهريّة فقط، ولا هدف لها سوى دنياهم، ولا حاصل لها سوى زيادة حزني وتعاستي، لذلك سوف أقنع بما عندي، وأصبّر نفسي في المخاطر معتمداً على رحمة الله بفضل هؤلاء العظام ».

فقال الهادي: « إنّك الآن لست محتاجاً إلى شيء، ففي المنازل الأوّلية الثلاثة التي تبدأ من السنة الخامسة عشرة، وهي سنة التكليف، حتّى السنة الثامنة عشرة، وهي سنة الرشد واستحكام القوة العقلية، لا توجد عقوبات مهمّة على مخالفة الواجبات والمحرّمات، بسبب ضعف العقل وقوّة الشهوات والأهواء(3). وقد خلق الله العقل أوّلاً، وقال: بك اُعاقب، وبك اُثيب. أي إنّ العقل هو الذي يدور حوله العقاب والثواب، وعليه فإنّ المنازل الثلاثة الاُولى من الرحلة في هذا العالم تكون في الأرض المسموحة، كالمسامحة في أوائل التكليف. وليس فيها مخاطر كبيرة، وإذا كان فيها بعض المخاطر فإنّها سرعان ما تنتهي وتزول. وعليه فلا حاجة لك في مرافقتي، بل سأذهب لأنتظرك في المنزل الرابع. فعليك أن تحمل غداً جرابك على ظهرك، وتسير في هذا الطريق اللاحب المتوجّه إلى القبلة إلى أن تصل إليّ ».

قلت له: « إيّها الهادي، أنت تعلم أنّ فراقك صعب عليّ، ومهما يكن هذا الطريق لاحباً ومستقيماً وخالياً من المخاطر، فإنّ مجرّد الوحدة والجهل بالطريق أمر صعب، وقد أوصى رسول الله صلّى الله عليه وآله قائلاً: « الرفيق قبل الطريق ».
فقال: « لا مندوحة لك عن الانفراد في هذه المراحل الثلاث من الطريق، لأنّي لم أكن معك أيضاً في المراحل الثلاث الاُولى من حياتك في دار الدنيا في بداية التكليف، وإنّما ولدت فيك بعد ذلك، لأن طينتي من عِليّين، وهي الهداية والرشاد، وهذا القصور قد حصل منك، فَلُمْ نفسك ولا تلمني ».
ثمّ طار مبتعداً وتركني وحيداً، فأخذت اُفكّر فيما قاله، فوجدت أنّه كان حكيماً وعلى صواب، فإنّ ما تحقّق عملياً في السنوات الثلاث الأُوَل من البلوغ كان العقل الحيواني، وإنّ العقل الإنساني لم يزد عن شعاع خافت. فهو كما يقول الفلاسفة، العقل الهيولائي أو نواة العقل(4).

وبديهي أنّني لم يكن لي هادٍ حينذاك، وكنت لا ألتزم قولاً ولا عهداً، ولا أفي بوعد، وكنت تحت سيطرة التكبّر والخُيلاء، وكنت يومئذ من طلاّب العلم، وفي الشبر الأول منه. فقد قيل إنّ العلم ثلاثة أشبارك، الشبر الأول يوجب التكبّر.
فكنت وحيداً.. لا هادي ولا أبو وقار ولا أبو تراب، فكان لابدّ من السفر وحيداً؛ سُنّةَ الله التِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (5).
إنّ العوالم نُسخ متكرّرة، فإذا عرفت واحداً منها عرفت الآخر، والجدل في هذا دليل عدم الفهم(6).

فقمت وحملت الكيس على ظهري، وأخذت أجدّ في السير.. كان الطريق ممهّداً، لا صخرة فيه ولا حجر. كان الجوّ ربيعاً، وكنت قويّاً أشعر بالجدّة وبالشوق الشديد لرؤية الحبيب الهادي الوفي، فمشيت مسرعاً حتّى منتصف النهار، ثمّ بدأ التعب يغشاني شيئاً فشيئاً، وحَمِي الجو، وأحسستُ بالعطش، وكنت أصعد في طريق ضيّق مليء بالأشواك، يرتفع في سفح، وقد انتابتني الوحشة من الانفراد.

التفتّ إلى الوراء وإذا بقادم نحوي، ففرحت وشكرت الله على هذا الرفيق، وانتظرت حتّى وصل إليّ، وإذا به رجل أغبر، طويل القامة، غليظ الشفتين، ذو أسنان كبيرة بارزة، مفرطح الأنف، مخيف، نتن الرائحة. ألقى علَيّ السّلام بغير أن ينطق باللام، قائلاً: « سام عليك ».
فوقعتُ في شكّ. كان ظاهر العداء، حسب ما كان يشهد بذلك مظهره النحس، واستخفاف لسانه بنطق اللام. فاكتفيت بالردّ عليه من باب الاحتياط وقلت: وعليك.
فسألته: « أين تقصد ؟ ».
فقال: « أنا معك ».
لكنّي لم اُحبّ أن يكون معي، لأنّني خفت منه.
وسألته عن اسمه.
فقال: « أنا توأمك، اسمي الجهل، ولقبي الأعوج، وكنيتي أبو الهَول، وعملي الإفساد والفتنة ». فكان خوفي يتزايد كلّما ذكر اسماً من هذه الأسماء(7)، وقلت في نفسي: ما أغربه من رفيق سفر! كانت الوحدة خيراً لي.
سألته: « أتعرف الطريق إذا وصلنا إلى مفترق طرق ؟ ».
قال: « لا أعرف ».
سألته: « أبعيد مقصدنا أم قريب ؟ ».
قال: « لا أعرف ».
سألته: « أشعر بالعطش، أفي هذه النواحي ماء ؟ ».
قال: « لا أعرف ».
قلت: « الوجود والمعرفة واحد(8)، فلماذا لا تعرف ؟ ».
قال: « كلّ الذي أعرفه هو أنّني منذ أوّل يوم من عمرك كنتُ ملازماً لك، ولن اُفارقك، إلاّ إذا وفّقك الله لمفارقتي ».
فقلت في نفسي: يبدو أنّ هذا هو الشيطان الذي كنت في الدنيا أقع أحياناً فريسة لوساوسه فأرتكب بعض الخطايا. فما هذه البلوى التي نزلت عليّ! اللهم رحمتك! ثمّ مشيتُ ومشى خلفي على بُعد أقدام، وأخذنا نصعد المرتفع.
وصلتُ إلى قمّة الجبل، فجلست لاُخفّف من تعبي، فلحقني جهل، وقال: « يظهر أنّك قد تعبتَ، لذلك سأجعل لك كلّ خمسة فراسخ بفرسخ واحد حتّى تصل بسرعة »!
فقلت: « يبدو أنّك على جهلك تصنع المعجزات »!

فقال: « تعال انظر إلى بياض الطريق الذي يشبه القوس، وطوله لا يقلّ عن خمسة فراسخ، ثمّ انظر إلى وَتَر هذا القوس ما أقصره! ». والمعروف في الهندسة أنّه كلّما كبر القوس عن نصف الدائرة، كان وتره أقصر. فإذا سرنا على وتر هذا القوس فلن تزيد المسافة عن فرسخ واحد من مكاننا هنا حتّى نعود إلى الطريق الرئيس مرّة اُخرى. أمّا الطريق الرئيس نفسه فلا يقلّ طوله عن خمسة فراسخ، والعاقل لا يختار الطريق الطويل على القصير.
قلت: « إنّ الطريق الرئيس لا يصير طريقاً رئيساً إلاّ بكثرة المارّة، فهل كان كلّ اُولئك الذين مرّوا فيه مجانين لتفضيلهم الطريق الطويل على القصير؟ مع أنّ العقلاء قالوا: امش في طريق سلكه السالكون ».
فقال: « ما أخفّ عقلك! هذا قول شاعر، أوَ تحسب الشعراء من العقلاء حتّى تتّبع أقوالهم، مع أنّك بالحس والعيان ترى خلاف ذلك ؟! أمّا كثرة المارّة من هذا الطريق فلأنّهم كانوا راكبين ومعهم زادهم ومتاعهم وعيالهم وأحمالهم، وإنّ هذا الوادي الذي يقع في بداية الوتر عائق في طريقهم، ولكنّنا خفيفا الحمل، فما الذي يحملنا على ترك الطريق الأقصر ؟ ».

فركبني الحمق، وحسبته يحبّ لي الخير، فانحدرنا إلى ذلك الوادي، وارتفعنا إلى طرفه الآخر، وإذا بوادٍ آخر في طريقنا أعمق من الأول، وهلمّ جرّا.. فرحنا نهبط الوديان ونرتقي التلال في طريق كلُّه أشواك وأحجار وحيوانات. واشتدّ علَيّ الحرّ، وتدلّى لساني عطشاً، وتقرّحت قدماي من الأشواك، وتهالكت أعضائي تعباً، وانتاب قلبي هلع شديد، بينما كان السيد جهل يستهزئ بي ضاحكاً، ويشمت بي متشفّياً.
وبعد عذاب وتعب وقضاء وقت طويل، وصلنا إلى الطريق الرئيس بعد أن قطعنا عشرة فراسخ، في كلّ خطوة منها ألف بلاء ونَصَب. جلستُ أستريح بعض الوقت، وقد أحسست في نفسي بكرهٍ شديد لهذا الجهل الذي لازمني، فقلت: يا ليت بيني وبينه بُعدَ المشرقين! وكان هو نفسه قد وقف بعيداً عنّي. وعدت اُواصل السير وقد أضرّ بي العطش، وكان الجهل يتبعني على مبعدة.

ورأيت على جانب الطريق، وعلى بُعد ربع فرسخ أرضاً خضراء مشجّرة، وكنت ما زلت بين مخالب الجهل، والتفتُّ وإذا به يسرع الخطى نحوي، وقال: « لا شك أنّ في هذه الارض ماءً، فلنذهب لنطفئ عطشنا ». فأردت أن لا أصغي لكلامه، ولكن لشدّة عطشي وتعبي، قلت: إنّ الأشجار لا تنبت بغير ماء. واتّجهت نحوها على أرض مليئة بالأحجار والأشواك، تموج فيها الحيّات وسائر الزواحف، وبعد مشقة وصلنا، وإذا بها من أشجار الغابات الدائمة الخضرة، ولا ماء عندها.. فعدت أدراجي إلى الطريق.

وبعد برهة وصلنا إلى أرض مزروعة بالبطيخ الأحمر، فتناول الجهل واحدة وكسرها وراح يأكلها، وقال لي: « كل، فإنّها تروي العطش ».
فقلت: « لابدّ أنّ له صاحباً، ولا يجوز أن آكل منه بغير رضى صاحبه ».
فقال: « عجيب أمرك أيّها المتديّن! لعلّه ممّا ينبت بنفسه، وحتّى على فرض أنّ له صاحباً، ولكن حقّ المارّة حقّ يقرّه الشرع المقدّس والمالك الحقيقي. ثمّ إنّ العطش يكاد يقضي عليك، فأنت في حالة اضطرار الآن:
فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ ولاَ عادٍ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ إنّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (9).
ثالثا إننا هنا لسنا في دار التكاليف والفرائض حتّى تُفتي أنت بغير ما أنزل الله! ».

اقتنعتُ بهذه الحماقة شيئاً فشيئاً، فاقتطفت واحدة وكسرتها، ولكنّي ما إن وضعت قطعة منها في فمي حتّى التهب فمي من شدّة مرارتها النافذة كالعلقم، فرميت بها وقلت: «هذا حنظل وليس بطيخاً أحمر»!
فقال: « كلاّ، ولعلّ التي أخذتها كانت حنظلاً ». فذقتُ واحدة اُخرى فكانت مرّة كالأُولى، وكذا الأُخرى، بينما كان الجهل مستمرّاً في الأكل، ويقول: إنّها حلوة المذاق! فاقتربت منه، وتناولت قليلاً ممّا كان يأكل، وإذا بها أشدّ مرارة من السابقات، فقلت: «أحرق الله بيتك، كيف تأكل المرّ وتقول: إنّه حلو ؟!».
فقال: « أنا صادق في قولي، فهو في فمي حلو المذاق جدّاً ويناسب طبعي »(10).

وفجأة هجم علينا كلب، وخلفه رجل بيده عصاً وهو يرعد ويزبد بالشتم والسباب قاصداً ضَرْبنا. فأطلق الأغبر رِجلَيه للريح، وسرعان ما وصل إلى الطريق العام، أمّا أنا فعلى الرغم من سرعة ركضي فإنّ الكلب لحق بي، فوقعت على الأرض من شدّة الخوف. وجاء صاحب الكلب وأهوى بعصاه على بدني ما شاء، غير مكترث بصراخي بأنّي لم آكل من البطيخ، بل كان يقول: « لا فرق بين أن تأكل مال غيرك أو تبعثره، بعد أن مددتَ إليه يد العدوان ». ولم أُفلح في الخلاص من عصاه إلاّ بشقّ الأنفس.


إنتظروا الجزء الرابع
...........................................
1ـ جاء في (الكافي) بسند معتبر عن الإمام الباقر عليه السّلام أنّ في مغرب هذا العالم بستاناً يستقي من الفرات، وأنّ أرواح المؤمنين تتنعّم صباحاً ومساءً بنعم الله في ذلك البستان الكثير الخيرات، فيلتقي بعض بعضاً وتتعارف وتتزاور، فإذا أصبح الصباح خرجت من ذلك البستان وطارت في الفضاء جيئة وذهاباً، وعند طلوع الشمس تتفقّد قبورها. وفي شرق هذا العالم نار خلقها الله لأرواح الكفّار المذنبين والناجين، فهي تسكن تلك النار وتطعم طعاماً مرّاً وتشرب من ماء حارّ عفن.
2ـ الرحمن / 33.
3ـ إنّ موضوع سنوات البلوغ الاُولى وكونها ذات عقوبات أقل لأنّها فترة اختبار، لم ترد فيه روايات خاصّة، إذ من الممكن في بعض الأشخاص أن لا يبلغ عقله مبلغ الرشد حتّى في الثمانين أو المائة من عمره، بل تظلّ فيه حالة الحيوانية والجهل وتتفاقم يوماً بعد يوم.
4ـ يقول الفلاسفة: إنّ للعقل مراتب منذ ولادة الإنسان حتّى مراحل كماله. فالمرتبة الاُولى هي هيولائية العقل، أي استعداد العقل للتقبّل باعتباره أرضاً صالحة لحلول قوّة الإدراك. أمّا المراحل الاُخرى فهي العقل بالملكة، والعقل بالفعل، والعقل بالمستفاد، وهي مواضيع يخرج شرحها عن نطاق هذا الكتاب. والمؤلّف يرى أنّه خلال السنوات الثلاث الاولى من مرحلة البلوغ كان ذا عقل هيلائي. إلاّ أنّنا لا نرى هذه التقسيمات للعقل في كتب السنّة والمعارف الإلهية، فهي مصطلحات فلسفية، بل إنّ مسألة القوّة العاقلة ونور الإدراك في نظر العلوم الإسلاميّة ومنابع الوحي تختلف كلّياً عمّا يقوله الفلاسفة بهذا الخصوص.
5ـ الفتح / 23.
6ـ في هذا إشارة إلى أقوال الإمام الرضا عليه السّلام في مجلس المأمون عند إجراء مناظرة له مع أحد كبار علماء ذلك الزمان وفلاسفته، وهو عمران الصابي، إذ قال عليه السّلام له: « لا يُعرف ما هنالك إلاّ بما ها هنا ». أي إنّ هذه الدنيا صورة خفيفة ونموذج للآخرة، وإنّ ما يجري هناك ينبغي أن يُدَرك ممّا يجري هنا.
7ـ جاء في بعض الروايات أنّه بعد طرد إبليس من حضرة الله، طلب من الله عدداً من الطلبات، كان منها أن يولد مع كلّ طفل إنسان طفل شيطان أيضاً يلازمه ولا ينفّك عنه. لذلك فلكل إنسان توأم شيطان، يبقى معه بعد الموت في عالم البرزخ. فإذا كان الإنسان في الدنيا قد قهر توأمه الشيطان يكون قد استكفى شرّه في البرزخ، وإلاّ فسوف يزعجه هناك أيضاً ولا يتركه في راحة. وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « إنّ شيطاني أسلم على يدي » أي أنّه قد قهره، فلم يعد يضايقه.
8ـ يشير إلى الوجود المطلق المحض يتّحد بالعلم المطلق ويساوقه.
9 ـ البقرة / 173.
10 ـ من مباحث الفلسفة بحث مفاده أنّ أنسب الأشياء للطبع هو ذاتيته، فالنطق والعلم والفهم والاُنس من ذاتية الإنسان، لذلك فهي تناسب طبعه. كذلك الحال بالنسبة للشهوة والمعدة في الحيوانات، والافتراس للحيوانات المفترسة، والحرارة للنار والرطوبة للماء، فهي كلّها تناسب الطبيعة الذاتية لتلك الكائنات، إلاّ أنَّ كل واحدة من هذه الآلات قد لا تناسب كائناً آخر مختلف الذاتية. وعلى هذه القاعدة، فإنّ المرارة التي هي نموذج من ذاتية الشيطان توأم الإنسان، تناسب مزاجه ومذاقه، مع أنّها لا تناسب مزاج الإنسان وطبعه، ولذلك تكون مُرّة الطعم في فمه.


ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 04-11-2012, 01:57 AM   رقم المشاركة : 11
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة والأخوات الأفاضل حفظكم الله تعالى ورعاكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

قارئي العزيز تأن في القراءة وتفكّر جيداً واترك لنفسك بعض الوقت في التأمل والتفكر واهتم بالهواش فهي مهمه ايضاً

اسأل الله تعالى لكم الوصول إليه سبحانه وتعالى بقلب سليم

وقفنا في الجزء الثالث عند : ( وجاء صاحب الكلب وأهوى بعصاه على بدني ما شاء، غير مكترث بصراخي بأنّي لم آكل من البطيخ، بل كان يقول: « لا فرق بين أن تأكل مال غيرك أو تبعثره، بعد أن مددتَ إليه يد العدوان ». ولم أُفلح في الخلاص من عصاه إلاّ بشقّ الأنفس.)

جررت نفسي إلى وسط الطريق، ورحت أبكي من جرّاء القروح في فمي، والرضوض في أعضاء جسمي، ومن عطشي وتعبي وبعدي عن الهادي.
أمّا الأغبر الذي نال مرامه وحقّق هدفه، فقد كان يجلس بعيداً عنّي، وعلى شفتيه ابتسامة الشماتة والتشفّي، ويقول: « ما الذي يستطيع أن يعمله لك الهادي ؟! فأنت بمعونتي قد زرعت في الدنيا بذور الأذى بيدك. والدنيا مزرعة الآخرة، والآخرة يوم الحصاد. ألم تقرأ في القرآن: وَمنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَه (1).
أيستطيع الهادي أن يأتي بما يخالف هذه الآيات القرآنية والحجج الدامغة ؟ سوف ترى عندما تجتمع مع الهادي في منزل وأكون معك، أيّ بلاء ينزل عليك بحيث أنّ الهادي نفسه لن يقدر على شيء. ألم يقل هو نفسه إنّك كلّما عصيت هرب منك، وكلّما تبت عاد إليك، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا يزني المؤمن وهو مؤمن(2) فما فائدة مصاحبة الهادي ؟ ».

فرأيت أن هذا الملعون لا يخلو من معرفة، فسكتّ ولم أعد أذكر الهادي. وأخرجت تفاحّة من الخرج وأكلتها، فالتأمتْ جراحي وتحسّنت قوّتي، فقمت أُواصل المسير.
وصلت إلى مفترق طريقين، فاخترت الطريق الأيمن لأنّه كان يوصل إلى مدينة معمورة، بينما كان الطريق الأيسر يوصل إلى قرية خربة. قلت للموكَّل بالطرق: «أرجو أن تمنع هذا الأغبر الذي يتبعني من متابعتي، فقد آذاني اليوم كثيراً».
فقال لي: « إنّه مثل ظلّك لا انفصال له عنك، ولكنّه في هذه الليلة لا يكون معك، لأنّهم سوف ينزلون في القرية الخربة على اليسار، ومن ثمّ فسوف يقلّ إزعاجه لك ».

دخلت المدينة وإذا بالعمارات العالية، والأنهار الجارية، والخضرة الرائقة، والأشجار المثمرة، والخدمة المليحة، واللغة الفصيحة، والنغمات الرخيمة، والأطعمة الطيّبة، والأشربة الهنية. فبعد تلك الصحارى القَفر الموحشة، وتلك المزعجات التي أصابتني من ذلك الأغبر، أجدني الآن وأنا في هذا المكان كأنّني في جنّة فيحاء ذات عبير طيّب، حتّى أنّني ما كنت لأُفارق هذه المدينة لولا اشتياقي للهادي.
هنا التقيت عدداً من طلبة العلوم الدينية، الذين كنت أعرفهم. نمت تلك الليلة لأستريح من تعبي، وفي صباح اليوم التالي خرجنا من المدينة نتمشّى حيث الجو تعطره رائحة زهور القدّاح، وأخذت أقصّ عليهم ما جرى لي في اليوم السابق، لأنّ المسافرين على هذا الطريق يتسقّط بعضهم أخبار بعض عند وصولهم إلى مثل هذا المنزل، وهم في حال التحرك قلّما يسأل بعضهم عن بعض: لِكُلِّ امْرئٍ مِنْهُم يَوْمَئِذٍ شَأنٌ يُغْنِيه (3).
كنّا نشكر الله على التخلّص من أُولئك غبُر الوجوه: وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمين (4).
وخلاصة القول: إنَّ جميع حواسّنا قد تلذّذت في هذه المدينة، فالذائقة تلذّذت بالأطعمة اللذيذة، والشامّة بالروائح الطيّبة، والباصرة بالشمائل الحسنة، والسامعة بالنغمات الرائقة والأصوات الرخيمة، واللامسة بالكواعب الناعمة: لِمِثْلِ هَذا فَلْيَعْمَلِ العامِلُونَ (5).

ونادى المنادي بالرحيل بمضمون: حيَّ على خير العمل. فحمل كلٌّ خرجه، وسِرنا حتّى وصلنا إلى مفترق الطريقين، حيث الطريق الموصل إلى القرية الخربة، وإذا غبُر الوجوه قد ظهروا من بعيد كالدخان الأغبر، فسألت الموكّل بالطريق: « ألا يمكن أن لا يصحبنا هؤلاء غبُر الوجوه ؟ ».
فقال: « هؤلاء صور نفوسكم الحيوانية ذات القوتين: قوّة الشهوة، وقوّة الغضب، ولا يمكن أن تنفصل عنكم، إلاّ أنّها متلوّنة، تتغيّر ألوانها، فهناك السوداء الفاحمة، وهناك السوادء الفاتحة والبيضاء، وهناك البيضاء الناصعة، كما أنَّ أسماءها تختلف أيضاً: فهذه الأمّارة، وتلك اللوّامة، والثالثة المطمئنة(6). فإذا صارت بيضاء ومطمئنة، كانت كثيرة الخير لكم، وبالغة بكم أعلى الدرجات، حتّى تصبحوا سرور الملائكة، وهذه نعمة ينعم الله بها عليكم، ولكنّكم تكفرون بالنعمة، وتظهرونها كأنّها النقمة. إنّ كلّ ما فعلتموه فعلتموه في الدنيا، وكلّ بذر بذرتموه فقد كان هناك، ونموه في فصل الربيع ليس بيدكم: أأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (7).
والمثل العربي يقول:
« في الصيف ضيّعتِ اللبن »(8).

التحق بنا غبُر الوجوه، كلّ بصاحبه، وسرنا وتفرّق شملنا. تخلّف عنا واحد أو اثنان مع أغبرَيهما ، وتقدّمنا واحد أو اثنان، وكنت أسير مع أغبري حتّى وصلنا إلى سفح جبل، حيث ضاق الطريق وأصبح وعراً، وكان في أسفل الجبل وادٍ عميق، إلاّ أنّ قعر الوادي كان أرضاً منبسطة، ولكنّي كنت أودّ السير على الجبل؛ لأنّ الهواء في الوادي كان خانقاً. أسرع إليّ الأغبر وأيّد رأيي قائلاً: إنّه فضلاً عن انحباس الهواء في الوادي، هناك الحيوانات المفترسة والزاحفة، بينما يمكن في المرتفعات التمّتع بالنظر إلى الأطراف.
وبما أنّي في أوائل دراستي في العالم المادي كنت في الأعلى ومتفوقاً على الأقران، اتخذت طريق الجبل صعداً، ولكن لم نجد ثمّة طريقاً إلى القمّة، فأخذنا نسير على السفح، غير أن الطريق لم يكن مستوياً، ولتحرّك الحصى تحت قدمي انزلقت، ووقعت عدّة مرّات، وتدحرجت بضعة أمتار، وكدت أتدحرج إلى أسفل الوادي، ولكنّي كنت أتمسّك بالحشائش والصخور لئلاّ أسقط، إلاّ أن يديّ ورجليّ وجنبي أُصيبت بالجروح والخدوش، وانكسر أنفي عند اصطدامي بصخرة(9).
فقلت للأغبر: « ما أبدع تمتّعنا بالمناظر في هذه المرتفعات! ليتني كنت قد سرت في الوادي ».
كان الأغبر يضحك منّي، ويقول: « لقد سبق لك أن قرأت:
« من استكبر وضعه الله، ومن استعلى أرغم الله أنفه ».
ولكنك لم تتّعظ، فيقال لك: ذُقْ إنَّكَ أنْت الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (10).

على كلّ حال.. استطعت التخلّص من ذلك السفح الخطر بعد تحمل الكثير من المشاقّ والمتاعب بجسم مجروح مكدود. إلاّ أن الشخص المسكين الذي كان يسبقني في الطريق على السفح نفسه قد هوى من ذلك العلوّ إلى الوادي، وسمعت صوت أنينه يتعالى، بينما جلس أغبره إلى جانبه يضحك منه، وبقي هناك.
والخلاصة: إنّني وصلت بعد العناء المهلك إلى أرض سهلة لم ألقَ فيها كثيراً من الصعاب، لولا العطش وحرقة تلك الجروح. ولقد حاول الأغبر أن يقنعني عدّة مرات بدلائل عقلية لإخراجي من الطريق، ولكنّي لم أُعِره أُذناً صاغية، على الرغم من ميلي إلى ذلك. وإذْ رأى أنّني لم أطعه، تخلّف ورائي في السير.

وصلت إلى بستان كان طريقي يمرّ من خلاله، وهناك رأيت بضعة أشخاص يجلسون على حافة حوض ماء، وأمامهم أنواع من الأثمار الشهيّة، وما أن رأوني حتّى أظهروا الاحترام ودعَوني للجلوس معهم، ومشاركتهم في تناول الفاكهة، وقالوا بأنّ الله قد توفّاهم من دار الغرور وهم صيام، وهذا طعام فطورهم، وإنّهم يَرَون أن لي حقّاً في أن أُشاركهم فيه، لأنّني لابدّ أن أكون قد دعوتُ أحد الصائمين إلى الإفطار عندي. فجلست وأكلت من تلك الفاكهة، فارتويت وزال عني العطش وما كنت أحس به من ألم.
سألوني: « ما الذي جرى لك في هذا الطريق ؟ ».
فقلت: « الحمد لله على كلّ حال، وكلّ المصاعب التي عانيت منها قد زالت برؤيتكم. إلاّ أنّ عدداً من المارّة قد تخلّفوا على أثر اقتناعهم بوساوس هؤلاء الغُبر، وأنا نفسي كدت أن أقع ضحية أغبري، ولكنّي لم أكترث بأقواله فتخلّف عنّي، وإنّي لأرجو أن لا يصل إلي ».
فقالوا: « ليس الأمر كذلك، إنّ هؤلاء غبُر الوجوه لا يرفعون أيديهم عنّا. إنّهم في هذه الأرض السمحة يؤذوننا بلسان المكر والخديعة، ولكنهم قد يحاربوننا بعد هذا مثل قطاع الطرق ».
فقلت: « فكيف نعمل ولا سلاح عندنا ؟ ».
قالوا: « إنّ مَن أعدّ لنفسه سلاحاً في دار الغرور فإنّه سوف يجده هنا في المراحل التالية. فقد قال الله تعالى: وأعِدّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ ومِن رِبَاطِ الخَيْلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدوَّ اللهِ وَعدُوَّكُمْ (11) ».
قلت: « كنت أفهم من هذه الآية ما يتعلّق بالإعداد والاستعداد للجهاد في الدنيا ».
قالوا: « إنّ القرآن وما فيه من تعاليم يخصّ كلّ العوالم والمنازل والمقامات، فهو يجمعها كلّها، ويشمل جميع مراحل الوجود، وإلاّ لكان ناقصاً، مع أنّه خاتم الكتب وقد نزل على خاتم الأنبياء، فكلّ ما كان خلف الستار قد ظهر ».
ثمّ نهضنا جميعاً وأخذنا نسير تحت الأشجار المثمرة ونمرّ بالأنهار الجارية، وقد عبق الجوّ بالريحان، وامتلأت القلوب بالفرح والسرور، وكأنّها قد تجلّى لها الجمال الإلهي.

بلغنا مكان النزول فاتخذ كلٌّ منّا منزلاً في أحد تلك القصور العالية المبنية بطابوق من الذهب والفضّة، كان أثاث البيت كاملاً من جميع الوجوه، وكانت نظافته ولطافته وما عليه من نقوش تبهر الأبصار وتحيّر العقول، وكان الخدم في غاية الجمال في ملامحهم وقدودهم وملابسهم وهم دائبو الحركة في خدمتنا:
ويَطُوفُ عَلَيهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إذا رأيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤلُؤاً مَنْثُورَاً * وإذا رأيْتَ ثَمَّ رأيْتَ نَعِيماً وَمُلْكَاً كَبِيرَاً (12).

لقد شعرت بالخجل منهم، وأنا أراهم يقومون على خدمتي. ولكنّي عندما نظرت إلى مرآة كبيرة رأيت نفسي أجمل وأبهى وأجلّ منهم بكثير، وعندئذ استولى عليّ الوقار والهدوء ووثقت بجلال قدْري.
واقترب الليل واُضيئت المصابيح الساطعة على رؤوس الأغصان، وبدت المصابيح من بين الأغصان والأوراق المضيئة بما لا يعدّ ولا يحصى، وأضاءت كالشمس الساطعة جميع البساتين والقصور العالية كأنّها في رائعة النهار. فعجبت من ذلك وقلت في نفسي: يا إلهي! ما أكبر المولِّد الذي يستطيع أن يغذّي هذا العدد العظيم من المصابيح بالطاقة والنور! فسمعت قائلاً يقول: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنّهَا كَوْكَبٌ دُرّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ (13).

عندئذ أدركت أنّ هذا الضوء من أنوار شجرة آل محمّد صلّى الله عليه وآله، وكان اسم المدينة ومنازل المسافرين (مدينة المحبّة)، وإنّ محبّي أهل البيت، ممّن بلغ بهم حبّ آل البيت مبلغ العشق، يسكنون في هذه القصور العالية الضاحكة المستبشرة، مشغولين بذكر الله وحمده، والثناء على الولي المطلق. وكانت أصواتهم جذّابة تأخذ بمجامع القلوب، وكنّا نحن في تمام الاطمئنان وكمال السرور. وقد رأينا أنّه كُتب على مدخل هذه المدينة وبخط جلي:
« حبّ عليّ حسنة، لا تضرّ معه سيئة »(14).


إنتظروا الجزء الخامس
.............................................
1ـ الزلزلة / 8.
2 ـ يستفاد من هذا الحديث ومن أخبار أُخرى أنّ روح الإيمان ليست ثابتة في الناس، أي أنّها تُسلب من الإنسان عند الغفلة والمعصية، فهو لا يكون مؤمناً أثناء ارتكابه المعصية، ولا تعود إليه روح الإيمان ـ وهي قوّة ملكوتية إلهية ـ إلاّ بعد التوبة والاستغفار. فعلى ضوء هذا الشرح يتّضح معنى الحديث الشريف: « لا يزني المؤمن وهو مؤمن »، أو « لا يكذب المؤمن وهو مؤمن ».. أي أنّه عند الزنا والكذب وغير ذلك من المعاصي يغادر نورُ الإيمان الإنسان، ويصاحبه الجهل والعصيان.
3 ـ عبس / 37.
4ـ يونس / 10.
5 ـ الصافات / 61.
6 ـ النفس الأمّارة: هي التي وردت في سورة يوسف، الآية 52: « وما أُبرِّئُ نفسي إنّ النفْسَ لأمّارةٌ بالسوءِ إلاّ ما رَحِم ربّي ». والنفس واللّوامة هي التي وردت في سورة القيامة، الآية 2: « ولا أُقسمُ بالنفسِ اللّوامة ». أمّا النفس المطمئنة التي هي أعلى درجة من درجات النفس فقد وردت في سورة الفجر الآيات 26 و 27 و 28 « يا أيّتها النفسُ المطمئنةُ ارجِعي إلى ربِّكِ راضيةً مرضيّةً * فادخلي في عبادي * وادخلي جنّتي ».
7 ـ الواقعة / 64.
8ـ هذا مثل عربي يُضرب لمن يطلب شيئاً قد فوّته على نفسه، وأصله أن دختنوس بنت لقيط كانت امرأة لعمرو بن عُدس وكان شيخاً، فأبغضته فطلّقها، وتزوّجها فتىً جميل الوجه. وأجدبت السنة فبعثت إلى عمرو تطلب منه حلوبة، فقال المثل.(المترجم).
9 ـ هذا كناية عن أنّ شموخ الأنف سوف يتحطّم في هذا العالم ويُمرّغ في التراب.
10 ـ الدخان / 49. وفي تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي أنّ أبا جهل كان يرّدد دائماً بزهوٍ « أنا العزيز الكريم » فيقال له ولأمثاله يوم القيامة باستهزاء « ذق إنّك أنت العزيز الكريم ».
11 ـ الأنفال / 60.
12 ـ الإنسان / 19 و 20.
13 ـ النور / 35.
14 ـ هذا الحديث مروي عن طريق الشيعة والسنّة، وقد تناوله المحقّقون بالشرح والتوضيح، فقال بعضهم في تفسيره: حبّ عليّ أشبه بالدرع أو الحرز الذي يدفع الذنوب، فمن يحبّ عليّاً لا يقترف ذنباً.


ربي يحفظكم ويحميكم من كل شر وسوء بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 04-12-2012, 01:59 PM   رقم المشاركة : 12
عقيلة الحسين
متخرجو المدرسة الروحية
 
الصورة الرمزية عقيلة الحسين








عقيلة الحسين غير متواجد حالياً

Smile رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين

اللهم صلى و سلم و بارك على محمد و آل محمد الطيبين والطاهرين المعصومين و عجل الله تعالى فرجهم الشريف يا الله

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .... أختي في الله بارك الله فيكِ و لكِ من كل شكــــــــــــر و تقديـــــــــــــــر على الموضوع و مداخلة ....

فسلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...

أختكم في الله







التوقيع

اللهم صلى و سلم و بارك على محمد و آل محمد و عجل الله تعالى فرجهم الشريف ..

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى ابائه في هذه الساعه وفي كل ساعه وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين

(يا مهدي ادركنا )

  رد مع اقتباس
قديم 04-18-2012, 12:19 AM   رقم المشاركة : 13
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختي الفاضلة بارك الله بكم وفيكم ورزقكم العبور بحق العترة الطاهرة عليهم السلام

شاكرة لكم المرور والتعقيب

والله أعلم
ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 04-18-2012, 12:59 AM   رقم المشاركة : 14
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة والأخوات الأفاضل حفظكم الله تعالى ورعاكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

قارئي العزيز تأن في القراءة وتفكّر جيداً واترك لنفسك بعض الوقت في التأمل والتفكر واهتم بالهواش فهي مهمه ايضاً

اسأل الله تعالى لكم الوصول إليه سبحانه وتعالى بقلب سليم

كنا قد توقفنا في الجزء الرابع ( وقد رأينا أنّه كُتب على مدخل هذه المدينة وبخط جلي: « حبّ عليّ حسنة، لا تضرّ معه سيئة ».)

في الصباح تحرّكنا على الطريق الرئيس الذي كانت تحفّه من الجانبين الخضرة والزهور والرياحين والمياه الجارية، وكان الجوّ مشبعاً بالروائح العطرة إلى درجة لا توصف. كان الطريق كلّه على هذه الشاكلة حتّى خرجنا من حدود المدينة.
بعد ذلك بدأ الطريق يضيق وتزداد فيه العثرات، وهو يمرّ بوادٍ يتلوّى يميناً ويساراً، ولولا وجود المسافرين أمامنا لضللنا الطريق، فقد كانت هناك طرق فرعية على جهة اليسار. وفي أحد التواءات الطريق نحو اليسار التحق بنا غبُر الوجوه.
ما إن وقع نظري على الأغبر حتّى أحسست بشؤمه، واصطدمت قدمي بحجر فجُرحت، فرحت أعرج وأنا أسير بصعوبة بالغة، فتقدّمني المسافرون الآخرون وابتعدوا عنّي، وبقيت متخلّفاً عنهم.
كان الأغبر يمشي على يسار الطريق، حتّى وصلت إلى مفترق طريقين يتّجه أحدهما يساراً، فتحيّرت في أمري أيّ طريق أختار، عندئذ أسرع الأغبر إليّ وقال: « لماذا تقف متحيراً ؟ » وأشار إلى طريق اليسار، وقال: « هذا هو الطريق »، وتقدّم هو بضع خطوات فيه، ودعاني لكي أتبعه، ولكنّي خالفت وانطلقت في الطريق الآخر، وتَلَوتُ: « فإنّ الرشد في خلافهم »(1).
وراح الأغبر يصرّ علي متابعته، ولكنّي لم ألتفت إليه؛ لأني كنت قد جرّبته، ومن جرّب المجرَّب حلّت به الندامة.

لم أمش طويلاً حتّى انتهى ذلك الوادي بأرض مستوية خضراء، ولاح على البعد سواد البساتين وبيوت المنزل الثالث.
لقد وعدني الهادي أن نلتقي في هذا المنزل. ولمّا كنت قد أسرعت في سيري، فإنّ جهلاً قد تخلّف عنّي يائساً من اللحاق بي. وبعد برهة بلغت باب المدينة، وهناك التقيت الهادي، الذي كان في الحقيقة روحي، فتبادلنا السّلام والمصافحة والعناق، فأحسست بحياة جديدة في نفسي.
دخلنا القصر الذي كان قد أُعدّ لي، حيث كان قد جُمع فيه كلّ وسائل الراحة والرفاه. وبعد الاستراحة والأكل والشرب، سألني الهادي: « كيف مرّت عليك المنازل السابقة ؟ ».
فقلت: « الحمد لله على كلّ حال. كلّ المخاطر التي مرّت بي كانت بسبب جهل، وهو في الواقع من صنع يدي ولأنّك لم تكن معي، إذ لو كنت معي لما استطاع الأغبر أن يقوى عليّ. على كلّ حال، انتهت الرحلة بسلام، وقد أزالت عنّي رؤيتُك كلّ الهموم والآلام ».
قال: « إنّ عدم وجودي معك مكّنه من أن يمكر بك ويخدعك لإخراجك عن الطريق. ولكنّي إذا دللتك بعد الآن على طُرق مكرِه وخداعه، فإنّه سوف يلجأ إلى طرق ووسائل قوية أُخرى لإخراجك عن الطريق. وسوف يكون الطريق بعد هذا مليئاً بالمخاطر والآلام الشديدة التي قد تؤدي إلى الهلاك، إذ إنّ وجودي معك سوف يتمّ الحجّة عليك ولن تكون معذوراً. وكلّ وسائل دفاعك في هذه المرحلة سيكون عصاً وترساً، وهما قليلان. ولكن بما أنّ الليلة ليلة جمعة فيمكنك أن تذهب إلى أهل بيتك، فلعلّهم يتذكرونك بصنع الخيرات لك، فتزداد وسائل دفاعك في هذه المرحلة من الطريق ».
قلت: « إنّني يائس منهم، لأنّ أفكارهم لا تتجاوز حدود ذواتهم، خاصّة أنّ الأحياء سرعان ما ينسون أمواتهم ولا يعودون يذكرونهم. ففي الأُسبوع الأول الذي لم يكونوا قد نسوني فيه بعد، صنعوا ما صنعوا باسمي، مع أنّه كان لمنفعتهم، فكيف بهم الآن بعد أن نسوني كلّيّاً ؟! كلاّ، لا أمل لي فيهم ».
فقال:على أيّ حال، قُم إليهم، فلعلّهم يتذكرون قول النبيّ صلّى الله عليه وآله:«اذكروا أمواتكم بالخير»(2).
فلعلّه بذهابك إليهم يذكرونك بإذن الله، وإذا كنت يائساً منهم فلا تيأس من الله، فمن لجّ ولج.
ولا تقنطوا من رحمة الله (3)، إنّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين (4).
فذهبت فرأيت أنّهم لم تعد لهم تلك العزة التي كانوا يعيشون فيها في حياتي، فالباب مغلوق، وليس ثمّة من يتذكّرهم، وقد اختلّ أمر معيشتهم، ورأيت الأطفال شُعثاً قد ذبلت وجناتهم، فاحترق قلبي عليهم ودعوت الله أن يرحمهم ويرحمني. وتذكّرتْ زوجتي أيّام رفاهها، فأرسلت عليّ رحمة من الله.
عدت إلى الهادي فرأيت فرساً بسرج مرصّع ولجام من ذهب مربوطاً عند باب القصر، فسألت الهادي عمّن يكون صاحب الفرس، فتبسّم وقال:
« لقد أرسلتْه زوجتك، وهو رحمة الله التي طلبتْها لك، فجاءت بصورة جواد، وليس أفضل من ركوب الجياد لطيّ مراحل السفر هنا، فالراجل يجد كثيراً من المتاعب، على الأخصّ المنزل الأوّل من المسير. ثمّ إنّ دعاءك لهم قد أُجيب أيضاً، ولسوف يعيشون بعد اليوم في خير ورفاه. فانظر كم من الخير جاء من زيارتك لأهل بيتك، إنّهم في عالم الغفلة غالباً ما يغفلون عن مزايا التزاور، على الرغم من تأكيدات رسول الله صلّى الله عليه وآله الذي يقول: بأنّ الناس إذا مضت عليهم ثلاثة أيّام، ولم يسأل بعض عن حال بعض، فإنّ حبل الإخاء في الإيمان سوف ينقطع بينهم ».

دخلنا الحجرة.. فإذا بحوريّة جالسة على السرير، وقد أضاءت الحجرة بنور وجهها، فأعشّتْ عيني. قال الهادي: « هذه زوجتك، جاءتك الليلة من وادي السلام »، ثمّ خرج من الحجرة.
فاتّجهتُ نحوها، فقامت واقفة احتراماً، وقبّلتْ يدي، وجلسنا جنباً لجنب.
قلت لها: « أخبريني عن حسبك ونسبك، وكيف أصبحت لي ؟ ».
قالت: « أتذكر المدرسة الفلانية التي كنت تَدرس فيها وأنت في عزّ شبابك، حيث أحييتَ سُنّةً في إحدى ليالي الجمعة هناك ؟ ».
قلت: « نعم ».
قالت: « لقد خلقني الله من ذلك العمل الصالح ».
فقلت: « زيديني من كلامك العذب، لأنّي أتلذّذ بكلامك الحلو إذ أسمعك تتحدّثين ».
فأرخَتْ أجفانها حياءً وخَفَراً، وابتسمت ابتسامةً أضاءت بالتماعها جنبات القصر، وقالت: « أنا لست وحدي مخلوقة من ثواب ذلك العمل الصالح، ففي جنّة الخُلد عدد كثير من الحور خُلِقن من أثره، وهنّ على قدر من الجمال الباهر بحيث إنّك في الوقت الحاضر غير قادر على تحمّل النظر إليهنّ إلاّ بعد وصولك إلى هناك، إلاّ أنّ أشعتهنّ تنعكس في وادي السلام، وهو فيض من أنوار جنّة الخلد. فتلك الحوريّات لا تستطيع تحمّل رؤيتهن الآن، أمّا أنا التي جئت لخدمتك فلست أكثر من انعكاس باهت لجمالهنّ وفي مرتبة دانية ».
فسألتها: « أتعلمين لماذا كان للمتعة كلّ هذه الخصائص وكانت محبوبة عند الله ؟».
قالت: « بالإضافة إلى ما فيها من المتعة الذاتية، فإنّها لولا تشريعها لارتكب الكثير من الناس جريمة الزنا، لعدم استطاعتهم الارتباط بالزواج الدائم، وكان لإلغائها مفاسد كثيرة، كما قال الإمام عليّ عليه السّلام:
« لولا منعها عمر لما زنى إلا شقي »(5). ومع ذلك فإنّ في هذا العمل يندرج ركنان من أركان الإيمان: الأوّل هو التولّي، والآخر هو التبرّي. فبغير ولاية عليّ بن أبي طالب وأولاده عليهم السّلام، والتبري من أعدائهم، لا يمكن أن يرى أحد وجه النجاة حتّى لو عبد عبادة الثقلين، وظلّ طول عمره قائم الليل صائم النهار، وقد وردت في هذا المضمون أحاديث قدسيّة كثيرة، كما تعلم أنت خيراً منّي ».
قلت: « تُرى في أيّة مدرسة تعلّمتِ كلّ هذا الكلام الذي يقطر حلاوة ؟ ».
قالت: « إنّ مصطلحاتكم التي تتعاطونها في الدنيا وتمسّككم بالألفاظ والأسماء لا وجود له هنا، فنحن جميعاً مواليد عوالم أُخرى لا مدرسة فيها ولا تعليم، لكنّنا بالولادة عارفون عالمون ».

عاد الهادي وأشار بضرورة الحركة، فنهضتُ وركبت الفرس وأمسكت العصا بيدي، وعلّقت الترس على ظهري، وناولني الهادي البطاقة وجواز المرور، وتحرّكنا حتّى خرجنا من المدينة، ودخلنا أرضاً كلّها أوحال ومستنقعات. وعلى امتداد الطريق من الجانبين كانت تطالعنا حيوانات أشبه بالقرود، ولكن كانت تبدو كالبشر، فأجسامها لم تكن مغطّاة بالشعر، ولم يكن لها أذناب، وهي تسير بقامات مستقيمة، إنّما كانت تشبه القرود، وكان يخرج من فروجها القيح والدم والفائر.
سألت الهادي عمّا تكون هذه الأرض، وعمّن تكون هذه الحيوانات التي تثير روائحها وعفونتها التقزّز والاشمئزاز في النفس.
فقال: « هذه الأرض أرض الشهوات، وهؤلاء هم الزُّناة، واحذر أن تخرج عن الطريق، وإلاّ أصابك بعض ما بهم ».
فاستولى عليّ الرعب، وأمسكت بزمام الفرس لئلاّ يخرج عن الطريق الذي كان مليئاً بالطين والوحل، بحيث كان الفرس يغوص فيه حتّى بطنه.
كنت أقول في نفسي: ما أحسن وصول هذا الفرس لي لأسير عليه في مثل هذا الطريق! رحم الله زوجتي التي أرسلَتْه إليّ. وما أصدق الحديث: « مَن تزوّج فقد أحرز نصف دينه »(6)، وقد قال الله تعالى:«هُنّ لِباسٌ لَكُمْ وَأنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ»(7).
كنت أرى بعض أولئك معلّقين بالمشانق، وقد ثبتت مذاكيرهم بمسامير الحديد على المشانق، ومنهم من كانوا يُجلدون بالسياط المصنوعة من الأسلاك، فينبحون كالكلاب، فيقال لهم: اخْسَأوا فيها ولا تُكلّمون .
وَلَوْ تَرى إذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُو رُؤوسِهِم عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أبْصَرْنَا وسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صَالِحاً إنَّا مُوقِنُون
(8).
ورأيت غبُر الوجوه قد وصلوا، وبعضهم هجم محاولاً الخروج عن الطريق، وبعضهم حاول إثارة الخيل، وبعضهم كان يشير إلى جفاف جانب الطريق. وكنت أرى أنّ الراكبين من غبُر الوجوه الذين كانوا يسيرون على الأرض الجافّة لم تكن تظهر آثار حوافر خيلهم على الأرض، حتّى أنّ المرء كان يحلو له أن يترك الطريق الموحل ليسير على حافّته الجافّة، ولكنّي مع ذلك التزمت كلام الهادي، فأمسكت بلجام الفرس بشدّة لئلاّ ينحرف عن الطريق.
كنت أرى المسافرين الذين أقنعهم سُودُهم بالخروج عن الطريق وقد غاصوا في الأوحال والمستنقعات حتّى أذقانهم، بحيث كان من الصعب إخراجهم، والذين تمكّنوا بكلّ مشقّة من الخروج خرجوا وأجسامهم ملوّثة بالقذر الأغبر، وبعد فترة كان ذلك القذر يذيب لحم أجسامهم، فتتساقط على الأرض من شدّة الحرارة.
والظاهر أنّها لم تكن من الأوحال، بل كانت من موادّ قُلَوية أو من القَطِران. وكنت من شدّة خوفي أشُدّ على زمام الفرس وأقول: الحمد لله الذي لم يجعلني من السَّواد المُخترَم. وكنت أسمع المسافرين يشكرون الله بصوت مرتفع. فقلت للهادي: « إنّ من أحاديث الرسول صلّى الله عليه وآله أنّك إذا رأيت مبتلىً، فاشكر الله على سلامتك بصوت منخفض، لئلاّ يسمع فيحترق قلبه ».
فقال الهادي: « ذلك حكم الدنيا، حيث أهل لا إله إلاّ الله محترمون. ولكن هنا وفي يوم الجزاء، يجب الشكر بصوت مرتفع، لكي يزداد ندم المبتلى وأسفه، وليتّضح كلّ ما كان مستوراً مختفياً، لأنّنا نتّجه من الظلام إلى النور، ومن العمى إلى الإبصار، ومن النوم إلى اليقظة، فالدنيا دار الظلام والحزن والأسى: وإنّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الَحَيوَانُ (9)، وإنّ الله جاعل الظلمات والنور ».

رأيت أنّ الشدائد قد ازدادت، وأخذت الأرض تهتزّ اهتزازاً منكراً، وعصفت عاصفة هوجاء، واظلمّ الفضاء، وراحت تمطر صخوراً على جانبي الطريق وكأنّ يوم الحشر قد قام على من كان هناك، وقد تحوّل المبتلون بذلك إلى هياكل مخيفة تصارع الغرق في ذلك الوحل المغليّ، فإذا نجح أحدهم في الخروج من مستنقع الوحل أتته صخرة من السماء على أُمّ رأسه، ودقّته كالمسمار في الأرض. وكنت أنا أشهد تلك الصور وقد استولى عليّ رعب شديد وأخذ جسمي يرتعش.
سألت الهادي: «ما هذه الأرض ؟ ومن هؤلاء الذين ابتُلوا بهذه البلايا والعذاب الأليم ؟».
في تلك اللحظة كان الصخر المنهمر من السماء قد اشتدَّ بحيث اضطُرّ الهادي أن يطير فوق رأسي، وهو مصفرّ الوجه خوفاً، وقد ضعفت قواه، فقال: « ما زلنا في أرض الشهوات، أمّا هؤلاء المعذّبون فهم اللوّاطون، فأسرعْ حتّى نخرج من بينهم، فإنّ الراضي بفعل قوم أو الداخل فيهم ولم يخرج منهم، فهو منهم ».
فقلت: « إنّ الأوحال التي على الطريق، وهي أوحال الشهوات البشرية التي تظهر بهذه الصورة، تحول دون انطلاق الفرس بسرعة، لما فيها من لزوجة غليظة ».
فقال الهادي: « لابدَّ من الإسراع. احمِ رأسك بالترس عن الصخور، وحثّ الفرس ببضع ضربات، لعلّنا ننجو بعون الله من هذا البلاء الَمْ تَكُنْ أرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيْهَا ؟! (10)، لم يبق أمامنا سوى فرسخين للخلاص من هؤلاء ».
فجمعت أطراف شجاعتي، وألهبت الجواد ببضع ضربات، ونخسته بالركاب في خاصرته، فحرّك ذيله وجمع نفسه ونفخ خياشيمه وانطلق كالريح الصرصر العاتية، بحيث إنّ الهادي الذي كان دائم التحليق فوق رأسي، تخلّف عنّا: سابِقُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ والأرضِ (11).
وفجأة رأيت الأغبر الملعون قد أوصل نفسه إليّ كالمارد الأصفر، فجفل الجواد من رؤية هيكله وألقاني إلى الأرض فتحطَّمت عظامي، وخرج الجواد عن الطريق وغاصت يداه في المستنقع، إلاّ أنّه استطاع أن يخرجهما بصعوبة بالغة.
أدركني الهادي وضمّد رأسي ويدي ورجلي المكسّرة، وشدّني على الفرس شدّاً محكماً، وأمسك هو باللجام ومشى أمامنا، حتّى خرجنا من تلك الأرض ذات المصائب والبلايا.
قلت للهادي: « إنّك كلّما ابتعدت عنّي اقترب منّي هذا الأغبر، وأصابني بضرر بليغ ».
قال: « كلّما اقترب هذا منك ابتعدت أنا. إنّ اقترابه منك منوط بك أنت ».

دخلنا أرضاً أُخرى من أراضي الشهوة، حيث كان عبيد المعدة ومحبّو النفس يسكنون على الجهة اليمنى. كانوا بصورة الحمير والأبقار والأغنام. هؤلاء هم الذين كانوا يهتمّون بملء بطونهم ولكن من أموالهم الحلال، لذلك لم يكن عذابهم شديداً. أمّا الذين كانوا على جهة اليسار، فقد كانوا على هيئة الخنازير والدببة، لأنّهم كان همّهم علفهم بصرف النظر عن منشئه: كان من الحلال أم من الحرام، من مالهم أم من مال غيرهم. وكانت معدهم ضخمة جدّاً(12)، وأعضاؤهم الأُخرى هزيلة نحيفة، وكانوا في عذاب أشدّ: أُولئِكَ كالأنْعامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ سَبِيلاً (13).
وصلنا إلى منزل للمسافرين في صحراء قاحلة، ولم يكن فيه شيء سوى ما جلبه المسافرون معهم من زاد، فأخذوا يأكلون، أمّا أنا فقد كانت أعضائي تؤلمني جرّاء سقوطي من الفرس. فأخرج الهادي من الخرج بعض العُلب، وأخرج دواء، وراح يضعه على بدني، فزال الألم وأحسست بجسمي سليماً فسألته ممّ كان الدواء، فقال: « إنّه الحمد الباطن الذي أدّيته لله في الدنيا على نعمه، كما أنّ تلاوة سورة الفاتحة في الدنيا يعتبر دواءً لكلّ داء إلاّ الموت. وهذا الحمد في الآخرة الذي يعني معرفة المنعم الحقيقي، والامتنان منه يكون دواءً للأدواء الأُخروية ».
قال الله تعالى [ في حديث قدسيّ شريف ]: « حَمِدَني عبدي، وعلم أنّ النعم التي له من عندي، وأنّ البلايا التي اندفعت عنه فبتطوّلي، أُشهدكم فإنّي أُضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا »(14).
تحرّكنا في الصباح. قال الهادي: « بانتهاء النهار سوف نترك أرض الشهوات، ومسيرنا اليوم سيكون في أرض الشهوات التي تخصّ اللسان، ولكنّ البلايا والمصائب اليوم ليست أخفّ ممّا رأيناه في اليوم الأوّل في أرض شهوات الفروج. هذه أرض جافّة لا ماء فيها، فلابدّ من حمل الماء معنا على الفرس، بينما تسير أنت راجلاً قدر الإمكان، احمل معك الترس فله أهمّيته اليوم ».
فسألته: « ما هذا الترس ؟ ».
فقال: « إنّه مصنوع من الصوم ومن تحمّل الجوع والعطش، وهو الذي حفظك من شهوات الفروج: فإنّ الصوم جُنّة من النار، كما أنّه وِجاء من الشهوة ».

واصَلْنا سيرنا، وإذا بجهل يظهر مرّة أُخرى، فصرخت فيه: «ابتعد عنّي أيّها الملعون».
فقال: « ابتعد أنت عنّي ».
فابتعدتُ عنه بضع خطوات سائراً برفقة الهادي، وكان جهل يسير على جهة اليسار، وعلى جانبَي الطريق كانت هناك حيوانات مختلفة، كالكلاب والذئاب والثعالب والقرود، وبألون مختلفة، كالأصفر والأزرق، وكانت هناك أيضاً عقارب وزنابير وحيّات وفئران، وكان معظمها في حالة عراك فيما بينها، يفترس بعضها بعضاً، وينهش بعضها بعضاً، وكانت النار تخرج من أفواه بعضهم وآذانهم، وكان يظهر أحيانا سراب فيركض الجميع نحوه ظنّاً منهم أنّه ماء، ثمّ يعودون خائبين. كان بعضهم منهمكاً في التهام الجِيَف، بينما كان بعض في أعماق آبار يخرج منها دخان الكبريت ولهيب النار.
سألت الهادي: « من هؤلاء الذين يسكنون في هذه الآبار ؟ ».
فقال: « هؤلاء هم الذين كانوا يسخرون من المؤمنين ، ويستهزئون بهم ويترفّعون عليهم: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (15). أمّا الذين يأكلون الجيف فهم الذين كانوا يغتابون، والذين تخرج النار من آذانهم فهم الذين كانوا يستمعون إلى الغيبة، والذين يتقاتلون من الكلاب والهررة والذئاب هم السبّابون والشتّامون، أمّا الذين تراهم اصفرّت وجوههم فهم المتلوّنون النمّامون الكذّابون ».
كان الجوّ في تلك الأرض حارّاً جدّاً يسبّب العطش، فكنت أطلب الماء من الهادي كلّ ساعة، فكان يسقيني أحياناً بقليل من الماء، وأحياناً لا يسقيني إطلاقاً، وكان يقول: « إنّ الطريق خالٍ من الماء، وما نحمله منه قليل ».
فسألته: « لماذا حملت قليلاً من الماء ؟ ».
فقال: « لأنّ سعتك لم تزد على ذلك ».
فقلت: « ولماذا سعتي قليلة هكذا ؟ ».
فقال: « لأنّك أنت الذي جعلتها صغيرة بقلّة إيصالك ماءَ التقوى إليها، فجفّت ولم تُفلح الفلاحَ كلّه.
قال الله سبحانه وتعالى: قَدْ أفْلَحَ المُؤمِنُونَ * الّذينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُون * وَالّذينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (16). ولكنّك لم تكن مطلق الإعراض عن اللغو، ولا كنت خاشعاً في صلاتك: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيَراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمًلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شرّاً يَرَهُ (17).
ثمّ قال: « انظر أمامك، ماذا ترى ؟ ».


إنتظروا الجزء السادس
.............................................

1 ـ هذه العبارة مقتبسة من أحد الأحاديث.
2 ـ الحديث المشهور هو: « واذكروا موتاكم بالخير ». وينقل المحدّث القمّي في (مفاتيح الجنان) حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: « أرسلوا بهداياكم إلى موتاكم » فسئل عمّا تكون هديّة الموتى، فقال: « الصدقة والدعاء »، ثمّ قال: « إنّ أرواح المؤمنين تأتي في كلّ ليلة جمعة إلى السماء المقابلة لبيوتها، وتبكي بلوعة، وتنادي: يا أهلي وأبنائي، يا أبي وأُمّي، أيّها الأقرباء، تصدّقوا علينا بأيّ شيء ممّا كان عندنا وكان حسابه وعذابه علينا. وينادون على أقربائهم: ارحمونا بدرهم أو رغيف خبز أو ثوب، ألبسكم الله من ثياب الجنّة ». ثمّ بكى رسول الله صلّى الله عليه وآله وبكى [ أصحابه ]، وكان من شدّة بكائه غير قادر على مواصلة الكلام. وأخيراً قال: «هؤلاء هم إخوتكم في الدين، وقعوا في هذه الحال بعد السرور والنعمة، ويدْعون على أنفسهم بالهلاك والعذاب ندماً ويقولون: الويل لنا! لو أنّنا أنفقنا ممّا كان في أيدينا في سبيل الله وطاعته ورضاه، لما احتجنا إليكم. ثمّ يعودون بالحسرة والندم، ويصرخون على الأحياء أن أرسلوا صدقات الأموات».
3ـ الزمر / 53.
4ـ الاعراف / 56.
5 ـ لمعرفة المزيد حول هذا الموضوع ارجع إلى كتاب (الغدير) للباحث الشيخ عبدالحسين الأمينيّ رضي الله عنه وغيره.
6ـ هذا الحديث مرويّ في (الكافي) و (من لا يحضره الفقيه) عن كليب الأسدي عن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام.
7ـ البقرة / 187. المقصود هو أنّه مثلما أنّ الملابس تقي الإنسان من الأوضار والحرّ والبرد وغير ذلك، فإنّ المرأة والرجل يحفظ كلّ منهما الآخر ويقيه.
8ـ السجدة / 12.
9 العنكبوت / 64.
10ـ النساء / 97.
11ـ الحديد / 21.
12 ـ في حديث حول آكلي الربا: أنّ معدهم كبيرة وممتلئة ناراً. وقد قال الله تعالى: «يَمحق اللهُ الرّبا ويُربي الصدقات والله لا يحبّ كلّ كفّار أثيم».
13 ـ الأعراف / 179.
14 ـ من حديث قدسي.
15 ـ الهُمزة / 1.
16 ـ المؤمنون / 1 ـ 3.
17 ـ الزلزلة / 7 و 8.

ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 04-18-2012, 11:01 AM   رقم المشاركة : 15
أميري علي أمير المؤمنين
متخرجو المدرسة الروحية
 
الصورة الرمزية أميري علي أمير المؤمنين







أميري علي أمير المؤمنين غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين

اللهم صلى و سلم و بارك على محمد و آل محمد الطيبين والطاهرين المعصومين و عجل الله تعالى فرجهم الشريف يا الله ياااكريم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يعطيك العافيه.. لا أقدر على التعبير..ولاكن أشكرك من أعماق قلبي..







التوقيع

الحمد لله...الحمد لله...الحمد لله...قال إمامنا أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة و السلام ( ما عبدتك طمعا في جنتك ، ولا خوفا من نارك ، بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك ).
أنا خادمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.
وإن شاء الله أستطيع أن أخدم المؤمنين والمؤمنات أعني يالله ياكريم ياكبير ياعظيم.

  رد مع اقتباس
قديم 04-18-2012, 04:53 PM   رقم المشاركة : 16
كَف الكَفيلْ (ع)
متخرجو المدرسة الروحية
 
الصورة الرمزية كَف الكَفيلْ (ع)







كَف الكَفيلْ (ع) غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ، الذين تممّ الله تعالى بهم مكارم الأخلاق ، واللعنة على أعدائهم ومنكري فضائلهم من أول الدنيا إلى أبد الآبدين ·
................................

قرأت الجزء الاول ومتحمسة للباقي لكن وجدت هذا

اقتباس:
نرجو منكم أحبتي عدم قراءة الأجزاء في ذات الوقت وليكن بينها يوم أو يومين
سأكمل لاحقا وشكرا شكرا لما طرحتي عزيزتي
اللهم احسن خاتمتي واطلق لساني عند السؤال

وفقك الله حبيبتي






التوقيع


برنامج السير والسلوك الأول 10/6/2015
نهاية البرنامج 19/7/2015

برنامج السير والسلوك الثاني 20/7/2015
نهاية البرنامج 28/8/2015

برنامج السير والسلوك الثالث 29/8/2015
نهاية البرنامج 7/10/2015

بسم الله الرحمن الرحيم
1 ـ إلهِي أَتَراكَ بَعْدَ اﻹ‌ِيْمانِ بِكَ تُعَذِّبُنِي، أَمْ بَعْدَ حُبِّي إيَّاكَ تُبَعِّدُنِي، أَمْ مَعَ رَجآئِي برحمَتِكَ وَصَفْحِكَ تَحْرِمُنِي، أَمْ مَعَ اسْتِجارَتِي بِعَفْوِكَ تُسْلِمُنِي؟ حاشا لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تُخَيِّبَنِي، لَيْتَ شِعْرِي، أَلِلشَّقآءِ وَلَدَتْنِي أُمِّي، أَمْ لِلْعَنآءِ رَبَّتْنِي؟ فَلَيْتَهَا لَمْ تَلِدْنِي وَلَمْ تُرَبِّنِي، وَلَيْتَنِي عَلِمْتُ أَمِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ جَعَلْتَنِي؟ وَبِقُرْبِكَ وَجَوارِكَ خَصَصْتَنِي؟ فَتَقَرَّ بِذلِكَ عَيْنِي، وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسِي.
2 ـ إلهِي هَلْ تُسَوِّدُ وُجُوهً خَرَّتْ ساجِدَةً لِعَظَمَتِكَ؟ أَوْ تُخْرِسُ أَلْسِنَةً نَطَقَتْ بِالثَّنآءِ عَلَى مَجْدِكَ وَجَﻼ‌لَتِكَ؟ أَوْ تَطْبَعُ عَلَى قُلُوب انْطَوَتْ عَلى مَحَبَّتِكَ؟ أَوْ تُصِمُّ أَسْماعَاً تَلَذَّذَتْ بِسَماعِ ذِكْرِكَ فِي إرادَتِكَ؟ أَوْ تَغُلُّ أَكُفَّاً رَفَعَتْهَا اﻵ‌مالُ إلَيْكَ رَجآءَ رَأْفَتِكَ؟ أَوْ تُعاقِبُ أَبْداناً عَمِلَتْ بِطاعَتِكَ حَتَّى نَحِلَتْ فِي مُجاهَدَتِكَ، أَوْ تُعَذِّبُ أَرْجُﻼ‌ً سَعَتْ فِي عِبادَتِكَ.
3 ـ إلهِي ﻻ‌ تُغْلِقْ عَلى مُوَحِّدِيكَ أَبْوابَ رَحْمَتِكَ، وَﻻ‌ تَحْجُبْ مُشْتاقِيكَ عَنِ النَّظَرِ إلَى جَمِيلِ رُؤْيَتِكَ.
4 ـ إلهِي نَفْسٌ أَعْزَزْتَها بِتَوْحِيدِكَ، كَيْفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ هِجْرانِكَ؟ وَضَمِيرٌ انْعَقَدَ عَلى مَوَدَّتِكَ كَيْفَ تُحْرِقُهُ بِحَرَارَةِ نِيرانِكَ؟
5 ـ إلهِي أَجِرْنِي مِنْ أَلِيمِ غَضَبِكَ وَعَظِيمِ سَخَطِكَ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا رَحِيمُ يا رَحْمنُ، يا جَبَّارُ يا قَهَّارُ، يا غَفَّارُ يا سَتَّارُ، نَجِّنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ، وَفَضِيحَةِ الْعارِ، إذَا امْتازَ اﻷ‌َخْيارُ مِنَ اﻷ‌َشْرارِ، وَحالَتِ اﻷ‌َحْوالُ، وَهالَتِ اﻷ‌َهْوالُ وَقَرُبَ الْمُحْسِنُونَ، وَبَعُدَ الْمُسِيؤُنَ، وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْس ما كَسَبَتْ وَهُمْ ﻻ‌ يُظْلَمُونَ.
  رد مع اقتباس
قديم 04-23-2012, 03:55 AM   رقم المشاركة : 17
منار علي (ع)
موالي فعال








منار علي (ع) غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على المبعوث رحمة للعالمين

السلام على الأرواح السائره في طريق الجنان.

طرح يستحق المكوث فيه .
والعودة له بين حين وآخر !!!


بارك الله بكم أستاذتي الفاضله وجعله مثقل لعملك الصالح.

نسألكم الدعاء.







التوقيع

الطريق طويل .. ولا يسلكه الا الصادقون المخلصون... فيارب توفيقك فقد ضقنا ذرعاً.

  رد مع اقتباس
قديم 04-27-2012, 01:50 PM   رقم المشاركة : 18
مودة القربى
متخرجة ( المدرسة الروحية )








مودة القربى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
ماشاء الله
سلمتي وسلمت اناملك على ماخطت
موضوع منذ ان بدأت بمتابعته وانا دائمة التفكير فيه
وفي محطاته المرعبه
نسأل الله المغفره واللطف بنا بحق محمد واله الاطهار
في ميزان حسناتك ان شاء الله.








0







  رد مع اقتباس
قديم 04-28-2012, 04:46 PM   رقم المشاركة : 19
كَف الكَفيلْ (ع)
متخرجو المدرسة الروحية
 
الصورة الرمزية كَف الكَفيلْ (ع)







كَف الكَفيلْ (ع) غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ، الذين تممّ الله تعالى بهم مكارم الأخلاق ، واللعنة على أعدائهم ومنكري فضائلهم من أول الدنيا إلى أبد الآبدين ·
................................

عزيزتي انا بانتظار التكملة وجزاك الله خير الجزاء






التوقيع


برنامج السير والسلوك الأول 10/6/2015
نهاية البرنامج 19/7/2015

برنامج السير والسلوك الثاني 20/7/2015
نهاية البرنامج 28/8/2015

برنامج السير والسلوك الثالث 29/8/2015
نهاية البرنامج 7/10/2015

بسم الله الرحمن الرحيم
1 ـ إلهِي أَتَراكَ بَعْدَ اﻹ‌ِيْمانِ بِكَ تُعَذِّبُنِي، أَمْ بَعْدَ حُبِّي إيَّاكَ تُبَعِّدُنِي، أَمْ مَعَ رَجآئِي برحمَتِكَ وَصَفْحِكَ تَحْرِمُنِي، أَمْ مَعَ اسْتِجارَتِي بِعَفْوِكَ تُسْلِمُنِي؟ حاشا لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تُخَيِّبَنِي، لَيْتَ شِعْرِي، أَلِلشَّقآءِ وَلَدَتْنِي أُمِّي، أَمْ لِلْعَنآءِ رَبَّتْنِي؟ فَلَيْتَهَا لَمْ تَلِدْنِي وَلَمْ تُرَبِّنِي، وَلَيْتَنِي عَلِمْتُ أَمِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ جَعَلْتَنِي؟ وَبِقُرْبِكَ وَجَوارِكَ خَصَصْتَنِي؟ فَتَقَرَّ بِذلِكَ عَيْنِي، وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسِي.
2 ـ إلهِي هَلْ تُسَوِّدُ وُجُوهً خَرَّتْ ساجِدَةً لِعَظَمَتِكَ؟ أَوْ تُخْرِسُ أَلْسِنَةً نَطَقَتْ بِالثَّنآءِ عَلَى مَجْدِكَ وَجَﻼ‌لَتِكَ؟ أَوْ تَطْبَعُ عَلَى قُلُوب انْطَوَتْ عَلى مَحَبَّتِكَ؟ أَوْ تُصِمُّ أَسْماعَاً تَلَذَّذَتْ بِسَماعِ ذِكْرِكَ فِي إرادَتِكَ؟ أَوْ تَغُلُّ أَكُفَّاً رَفَعَتْهَا اﻵ‌مالُ إلَيْكَ رَجآءَ رَأْفَتِكَ؟ أَوْ تُعاقِبُ أَبْداناً عَمِلَتْ بِطاعَتِكَ حَتَّى نَحِلَتْ فِي مُجاهَدَتِكَ، أَوْ تُعَذِّبُ أَرْجُﻼ‌ً سَعَتْ فِي عِبادَتِكَ.
3 ـ إلهِي ﻻ‌ تُغْلِقْ عَلى مُوَحِّدِيكَ أَبْوابَ رَحْمَتِكَ، وَﻻ‌ تَحْجُبْ مُشْتاقِيكَ عَنِ النَّظَرِ إلَى جَمِيلِ رُؤْيَتِكَ.
4 ـ إلهِي نَفْسٌ أَعْزَزْتَها بِتَوْحِيدِكَ، كَيْفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ هِجْرانِكَ؟ وَضَمِيرٌ انْعَقَدَ عَلى مَوَدَّتِكَ كَيْفَ تُحْرِقُهُ بِحَرَارَةِ نِيرانِكَ؟
5 ـ إلهِي أَجِرْنِي مِنْ أَلِيمِ غَضَبِكَ وَعَظِيمِ سَخَطِكَ، يا حَنَّانُ يا مَنَّانُ، يا رَحِيمُ يا رَحْمنُ، يا جَبَّارُ يا قَهَّارُ، يا غَفَّارُ يا سَتَّارُ، نَجِّنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ، وَفَضِيحَةِ الْعارِ، إذَا امْتازَ اﻷ‌َخْيارُ مِنَ اﻷ‌َشْرارِ، وَحالَتِ اﻷ‌َحْوالُ، وَهالَتِ اﻷ‌َهْوالُ وَقَرُبَ الْمُحْسِنُونَ، وَبَعُدَ الْمُسِيؤُنَ، وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْس ما كَسَبَتْ وَهُمْ ﻻ‌ يُظْلَمُونَ.
  رد مع اقتباس
قديم 05-03-2012, 01:45 AM   رقم المشاركة : 20
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواتي الفاضلات حفظكم الله وسددكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف


اشكركم على المرور والقراءة اسأل العلي القدير ان تكون قراءة مثمرة ومفيدة لكم



اقتباس:
عزيزتي انا بانتظار التكملة وجزاك الله خير الجزاء
في القريب إن شاء الله تعالى أختي العزيزة


والله أعلم
ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن






التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 05-04-2012, 12:44 AM   رقم المشاركة : 21
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة والأخوات الأفاضل حفظكم الله تعالى ورعاكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

قارئي العزيز تأن في القراءة وتفكّر جيداً واترك لنفسك بعض الوقت في التأمل والتفكر واهتم بالهواش فهي مهمه ايضاً

اسأل الله تعالى لكم الوصول إليه سبحانه وتعالى بقلب سليم

كان آخر توقفنا عند ( قال الله سبحانه وتعالى: قَدْ أفْلَحَ المُؤمِنُونَ * الّذينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُون * وَالّذينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ . ولكنّك لم تكن مطلق الإعراض عن اللغو، ولا كنت خاشعاً في صلاتك: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيَراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمًلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شرّاً يَرَهُ .
ثمّ قال: « انظر أمامك، ماذا ترى ؟ ».)

نظرت فرأيت في الاُفق دخاناً أسود مخلوطاً باللهب، صاعداً إلى عنان السماء. لقد كانت بساتين من الأشجار المثمرة قد اشتعلت ناراً، فسألت الهادي عنها.
فقال: « تلك البساتين من صنيع التسبيحات والتهليلات والأذكار التي قام بها أحد المؤمنين، ولكن في هذه اللحظة ورد على لسان هذا المؤمن كذب ولغو وتهمة، فاستحالت هذه إلى نار أخذت تأكل حسناته وبساتينه
(1). فلو كان لصاحبها إيمان ثابت لأولاها اهتمامه، ولَما أُرسل مثل تلك النار لتحرقها. ولكنّه عندما يصل ويدرك ما فعل، سيعضّ على بَنان الندم حسرةً ولكن بغير جدوى. إنّ الله أشار إلى الإيمان بالنتائج وملكوت الأعمال الذي ذكره لنا الأنبياء، وهو غائب عن الأنظار في العالم المادي. وقد جاء في بداية القرآن الكريم: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ (2).
وعندما وصلنا كانت النار قد أتت على البساتين كلّها وأحالتْها رماداً، ثمّ هبّت ريح ذرّت الرماد في الجوّ حتّى لم يبق منه أثر: أعْمَالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّدت بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ (3).

بعد أن اجتزنا البساتين المحترقة، وصلنا إلى بساتين مخضرّة، نضرةً كثيرة الثمر والورد والرياحين والمياه الجارية والطيور المغرّدة. قلت في نفسي: لابدّ أنّ تلك البساتين التي احترقت كانت مثل هذه، ولو أنّ صاحبها عرف هذا لمات حسرة وكمداً.
التفت إليَّ الهادي وقال: « هنا أرض وادي السلام، حيث يستتبّ في ربوعها الأمن والسلام، فعلِّق عصاك وترسك على الفرس، واتركه يرعى هنا حتّى موعد التحرّك ».
بعد ذلك انتهينا إلى باب قصر رأينا عنده حوض ماء من قطعة واحدة من البلّور، ولقد كان الماء زلالاً، والبلور رائقاً، بحيث تخاله ماءً قائماً بغير إناء، أو إناءً قائماً بغير ماء:
رقّ الزجاج ورقّت الخمرُ
فتشابها فتشاكـل الأمـرُ فكأنّما خمـر ولا قـدحٌ
وكأنّما قـدح ولا خمـرُ وقد تناثرت حول الحوض مقاعد مريحة ومناشف من حرير، فخلعنا ملابسنا واغتسلنا في ذلك الماء، وطهّرنا ظاهرنا وباطننا من الكدر والغل والغش، فزال عنّا كلّ شعر ظاهر على البشرة حتّى اللحية والشوارب، وجميع العيوب والنواقص الأُخرى، ولم يبق سوى شعر الرأس والرموش والحاجبين، وهي التي تضفي على الإنسان جمالاً، كما أنّ جميع الرذائل الباطنية قد زالت: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إخْوَانَاً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (4).
سألت الهادي عن اسم هذه العين، فقال: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (5).
وبعد أن تطهّرت أبداننا، ارتدينا الملابس الفاخرة التي كانت هناك. كانت ملابسي من الحرير الأخضر، وملابس الهادي من الحرير الأبيض، نظرت إلى المرآة فوجدت أنّي على درجة من البهاء والجلال والكمال، بحيث إنّي عشقت نفسي، ومع ذلك فإنّي عندما نظرت إلى الهادي تحيّرت في حسنه وجماله وبهائه غبطتُه على ذلك.

ثمّ قمنا، وتقدّم الهادي فطرق الباب، ففتح البابَ لنا شاب جميل الصورة، وطلب منا بطاقات الدخول، فأعطيته البطاقة، فقبّل التوقيع، وقال مبتسماً: وَنُودُوا أنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُوْرِثْتُموهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (6).
فدخلنا ونحن نقول: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاَ أنْ هَدَانَا اللهُ لَقَدَ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالحَقِّ .

وتقدّمني الهادي إلى غرفة مصنوعة من قطعة واحدة من البلّور، فيها سرر من الذهب، عليها فرش من المخمل الأحمر رُتّبت عليها وسائد لطيفة، وكان السقف والجدران تعكس صورنا، فكنّا نشعر باللذة لمطالعتنا ذلك الحسن والجمال في أنفسنا. كانت مائدة الطعام قد مُدّت في وسط الغرفة وصُفّ فوقها أنواع الأطعمة والأشربة، واصطفّ فتيان وفتيات للخدمة، فجلسنا فوق تلك السرر: عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئينَ عَلَيْها مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأكْوابٍ وَأبارِيقَ وَكَأسٍ مِنْ مَعِين * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا ولا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كأمْثالِ اللُؤْلُؤِ المَكْنُونِ * جَزاءُ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ * لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تأثِيماً * إلاّ قِيلاً سَلاَمَاً سَلاَمَاً (7).
وبعد أن تناولنا الأطعمة والأشربة الطاهرة والفواكه، اضطجعنا على السُّرُر نستريح.

لم تمض ساعة حتّى ارتفعت أنغام الآلات الموسيقية مصحوبة بالأصوات الرخيمة والألحان والأطوار الغنائية التي تسلب اللبّ، وتسحر القلب. وفجأة ارتفع صوت عذب يتلو بمقام حجازيّ سورة الإنسان، وكان الصوت يأخذ بمجامع القلوب. سكنت كلّ الأصوات الأُخرى احتراماً، وبقيت أنا كما كنت مضطجعاً مغمض العينين، لكي يظنّني الهادي نائماً فلا يُحدِث صوتاً، وكذلك كي لا أرى المرئيات فتصرفني عن الإنصات. لقد كانت لي أُذنان، واستعرت أربعاً أُخرى، رحتُ أنصت بها إلى تلك التلاوة المباركة حتّى انتهت السورة وسكت الصوت، فانتصبت جالساً، وجلس الهادي أيضاً، فسألته عن اسم المدينة.
فقال: « إنّها من قرى دار السرور ».
قلت: « ما أعظم بلداً تكون هذه إحدى قُراه! كيف إذن تكون عاصمته ؟! ».
وسألته عن صاحب الصوت الذي تلا تلك السورة، فقد أخذ قلبي معه، لأنّي كنت في دار الدنيا أحبّ هذه السورة كثيراً، فعاد هذا اللحن الرائع في هذا العالم الروحاني يصبّ حياة جديدة في نفسي، وثورة في رأسي، فكان لابدّ لي أن أعرف صاحب ذلك الصوت.
ولكنَّ الهادي قال: « لا أعلم من هو صاحب الصوت، إلاّ أنّ كبير هذا البلد يزور المسافرين أحياناً، وأنا لابدّ أن أراه لآخذ توقيعه على بطاقة المرور، فلعلّ صاحب الصوت يرافقه فنراه ».
قلت: « ماذا سيكون مصيرنا لو أنّه امتنع عن التوقيع ؟».
قال: « هذا ممكن عقلياً، وبديهي أن تسوء الأُمور جدّاً إذا لم يوقّع على الجواز، ولكن ذلك مستبعد. إسأل نفسك وباطنك: بَلِ الإنسَانُ عَلى نَفْسِهِ بَصيرَةٌ (8).
ارتجفتُ خوفاً من كلام الهادي، ووجدت نفسي متردّدة بين الخوف والرجاء، فأخذت أُردِّد: « لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ».
قلت للهادي: « تقول إنّ هذه دار السرور، ولكنّك جعلتها دار الأحزان. هيّا بنا نذهب إليه، فقلقي يتزايد لحظة بعد أُخرى، وإذا هِبْتَ أمراً فقَعْ فيه.
إنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إمّا شاكراً وإمّا كَفوراً (9).

وخرجنا حتّى وصلنا إلى ميدان قريب من موقع قصر السلطنة، فرأينا على جانبَي الطريق فتياناً حسان الوجوه، وفي سنّ واحدة، في صَفّين متقابلين، وسيوفهم مُصلّتة على أكتافهم، وقفوا صامتين بغير حراك.
استأذن الهادي من كبيرهم، ومررنا بينهم، ونحن في قلق وشكّ من احتمال قيام السلطان بتوقيع الجواز عابسي الوجوه، وسمعنا من داخل القصر أصواتاً تنادي: العجل العجل! وانطلق الفرسان مندفعين وأبدانهم ترتعد خوفاً من تلك الأصوات.
سألنا أحد الخارجين من القصر عن الخبر، فقال: إنّ أبا الفضل العباس عليه السّلام غاضب على أحد علماء السوء الذين كان ينبغي أن يظلّ محبوساً في أرض الشهوات، ولكنّه دخل إلى وادي السلام خطأً، فأرسل الفرسان لكي يعيدوه.
ودخلنا القصر خائفين نترقّب، وإذا بأبي الفضل العبّاس محمرّ الوجه منتفخ الأوداج، غاضب النظرات، وهو يقول على الرغم من أن هؤلاء يجب أن ينالوا عذاباً مضاعفاً، فقد استطاعوا بكلّ حرية أن يدخلوا هذه الأرض الطيّبة الطاهرة دون أن يمنعهم أحد. ما الفرق بين هؤلاء وشريح قاضي الكوفة الذي أفتى بقتل أخي ؟!
وانعقدت الأنفاس في الصدور هيبة ورهبة، وجمد الجميع واقفين كالخُشُب المسنّدة، ووقفنا نحن أيضاً في زاوية نرتعد.. إلى أن عاد الفرسان وقالوا إنّهم حبسوا ذلك العالِم في بئر الويل وعاقبوا الحرّاس.

... ثمّ تقدّم الهادي وأنا أتبعه، فوجدنا أبا الفضل العبّاس عليه السّلام فسلّمنا عليه تعظيماً، وقدّم الهادي الجواز ونال الإمضاء عليه.
قال عليه السّلام: « كيف جرت الحال عليكم ؟».
قلت: « الحمد لله على كلّ حال، لقد كنتم أنتم رجاءنا وأملنا في كلّ العوالم وما زلتم، فأنتم السبيل الأعظم، والصراط الأقوم، والوسيلة الكبرى ». وألقيت بنفسي مرّة أُخرى عليه وقبّلته ونهضت واقفاً.
قال: على الرغم من أنّه لم تصدر أوامر بالتشفّع لك في كلّ عوالم البرزخ، بل عليك أن تجتاز هذه المراحل بما لديك من الزاد، إلاّ أنّ إمدادنا الباطني كان معك دائماً، وإنّ فتوّتي تقتضي أن أمدّ يد المعونة والحماية إلى أمثالكم أنتم المساكين الذين طالما مشيتم عطاشى لزيارة أخي وأقمتم له العزاء ».

كنت أرى فتىً صغير السن يجلس إلى جانب أبي الفضل، يسطع نوراً كالشمس، بحيث لم نكن نتحمّل نورانيّته، وكانت العظمة والجلالة تقطر منه، وكان أبو الفضل يتحدّث إليه أحياناً بتواضع، فكان واضحاً أنّه يجلّه ويحترمه.
سألت الهادي عنه فقال: « لا أعلم، ولكن يُحتمل أن يكون هو صاحب الصوت الذي كان يتلو القرآن ».
سألت شخصاً كان يتقدّمنا، فقال: « لعله عليّ الأصغر، الحجّة الحسينيّة الكبرى. والدليل على ذلك هو هذا الخط الأحمر الذي يمرّ على رقبته النيّرة فيزيدها جمالاً ».
قلت: « ما أجدرنا أن نعود من أجل أخذ الثأر، ليتهم يرجعوننا!».
هنا توجّه أبو الفضل العبّاس عليه السّلام إلى حديثنا، وقال « سيحدث هذا قريباً إن شاء الله: وَأُخْرى تُحبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ (10).
إلاّ أنّني أيقنت أنّ ذلك الشابّ هو عليّ بن الحسين، وقد بقيت مبهوتاً بجماله وجلاله، بحيث إنّي لم أستطع أن أرفع عينيّ عنه، على الرغم من أنّ هذا يعتبر بعيداً عن التأدّب. كان جلاله يُبعد، وجماله يجذب، فكنت واقعاً بين هذين المحظورين المتضادين، وجسمي يرتجف.
ويبدو أنّه تنبّه إلى حالي فأرسل إليّ خِلعة خلعوها علَيّ، فعلمت من هذه الالتفاتة الكريمة أنّه أدرك ما بي من شغف وتعلّق به، فسجدتُ شكراً لله، وهدأ اضطراب قلبي بعد معرفتي بالمحبّة المتبادلة بيننا.

طلب الهادي أن نرجع إلى البيت لأخذ قسطٍ من الراحة، أو أن نتمشّى للسياحة في هذه البساتين النضرة، خاصّة بعد أن نِلْنا التوقيع وفُزنا بالخلعة.
فقلت في نفسي: إنّ هذا المسكين لا يعرف شيئاً عن الأسباب والدوافع التي تكون خارج نطاق العقل والمنطق، لذلك فهو لا يدري بمدى تعلّقي بهذا المجلس وبأهله، وبأنّي لا طاقة لي على مفارقته.
قلت للهادي: « إنّني في هذا المجلس لا يساعدني لساني على النطق، فاسأله لماذا خلع عليّ هذه الخلعة، مع أنّي لا أراني جديراً بنظرة منه، بَلهَ خلعة عظيمة كهذه ». فتقدم الهادي بالسؤال نيابة عنّي.
فقال عليّ بن الحسين عليه السّلام: « عندما قرأ على المنبر آية: يَا أيُّهَا الْمُدَّثِّر * قُمْ فَأنْذر (11) وذكر شأن نزولها، وطبّقها عليّ في الوقت الذي كان أبي ينادي: « هل من ناصر ينصرني ؟! » وبكيت أنا في الخيمة، سررت بذلك التطبيق، بل إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد سُرّ أيضاً، ولهذا وهبته الخلعة وإن لم تكن تليق بشأنه، إلاّ أنّها تناسب هذا العالم، فما في هذا العالم ليس سوى ظلّ للأصل، ولكنّه عندما يصل إلى الموطن الأصلي سوف يصل إلى الحقائق الصرفة حيث: ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ».

وفجأة قاموا وركبوا خيولهم فطارت خارجة من المدينة إلى حيث مقامهم الشامخ. فأمسكت بيد الهادي وعدنا إلى البيت وأنا حزين على فراقهم.
في البيت لم يكن للأشياء مظهرها السابق، فقد تقطّعت خيوط تعلّق القلب بها.
قلت: « فلنرحل غداً ».
فقال: « لنا أن نستريح هنا مدّة عشرة أيّام ».
قلت: « تصعب عليّ حتّى عشر دقائق. فلن يقرّ لي قرار حتّى ألحق به، وأكون إلى جواره ».
قال: « ما أشدّ طمعك! لا يمكن تجاوز الحدود في هذا العالم. إنّنا هنا لسنا في دنيا الجهل حتّى ينتابنا الأسف أو الرغبة، أو يمكن تخطّي العدالة قيد شعرة. اللهمّ إلاّ شاؤوا هم التعطّف على بعض الأحبّة، أما جريان الأهواء والرغبات فلا. إنّهم في أوج العزّة وأنت في حضيض تراب المذلّة، فما للتراب وربّ الأرباب، حتّى لو لم تهدأ لوعتك ».
ما كان في اليد حيلة سوى الصمت والسكوت، إذ إنّ حالي كان من المتعذّر شرحه بالمقاييس المنطقيّة، ولم يكن الهادي يعرف منطقاً سواه، لذلك أطبقتُ فمي وفوّضت أمري إلى الله.
قال الهادي: « تعالَ نتفرّج فيما بين هذه البساتين والحدائق الغنّاء ».
فذهبنا، ولكن لم يكن شيء ليزيل غمّي، فكلام الحبيب أطيب الكلام.

قلت: « لماذا اختارَ سورة الإنسان ليتلوها ؟ ».
قال الهادي: « لسنا ندري الحكمة في ذلك، ولا حاجة لنا بأن ندري. كلّ الذي يلزم أن ندريه هو أنّ كلّ ما يفعلونه ويقولونه قائم على الحكمة والصواب والصلاح. أمّا القول بأن حكمة ذلك هو هذا وليس ذاك، فإنّه فضلاً عن كونه نوعاً من الفضول، فهو ينطوي على الخطر أيضاً، لأنّه قد يحتمل الكذب والتكذيب. وكلّ الذي نستطيع أن نقوله هو ما يتوصّل إليه إدراكنا، فهذه السورة تدور حول فضائل الإمام عليّ عليه السّلام وأهل بيته، وهؤلاء يحبّون عليّاً سلام الله عليه، ولذلك فإنّهم يحبّون هذه السورة أيضاً، لما فيها من ذكر فضائل أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام. وكنتَ أنت نفسك قد قلت: أنّك تحبّها أيضاً: ويُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأسِيراً (12).
ففي ذلك إشارة إلى مصيبته ومصيبة أبيه عندما طلب الماء فلم يسقوه، مع أن الماء بلا ثمن، وهذا اليتيم والمسكين والأسير أفضل بكثير من أيّ يتيم ومسكين وأسير. مع ذلك، فمن الحكمة أن لا نتحدّث عن الحكمة في أعمالهم ».
قلت: « إذا كان غرضه هو هذا الذي قلته أخيراً، فإنّه يدلّ على أنّ دماءهم ما زالت فائرة ».
قال: « هي كذلك بالطبع، وما ذاك الأثر الأحمر تحت رقبته إلاّ توكيد لما أقول، بل هو أقوى دليل، وإنّهم لأشدّ منّا انتظاراً للفرج حتّى ينتقموا، وإلاّ فإنّ دماءهم لن تهدأ عن الفوران، مثلما أنّ فوران دم يحيى النبيّ عليه السّلام لم يسكن إلاّ بعد أن قُتل من بني إسرائيل سبعون الفاً أو سبعمائة ألف »(13).
قلت: « لقد قال: إنّ هذه الخلعة تناسب هذا العالم، وكلّ حسنات هذا العالم ظلّ لذاك العالم ».
قال: « هو كذلك، مثلما إنّ الدنيا ظلّ لهذا العالم، فكلّ ما هو فوق تجد صورة له تحت. إنّ كلّ المحاسن والكمالات تعود للوجود، ويمكن أن تنزل إلى أيّة درجة من درجات الوجود وتضعف، فيضعف أيضاً وجود الكمالات وآثارها »(14).

وإذ رأى الهادي أنّني لا أكفّ عن ذكره والتفكّر فيه، وأنّ تلك الجولة في الحدائق لا فائدة فيها، عُدنا إلى البيت، وهناك قال: « إنّ لنا أن نبقى هنا عشرة أيّام لإعداد أنفسنا وتهيئتها، واستعادة قوانا قدر ما نستطيع، لأنّ الطريق يكثر فيه قُطّاع الطرق الأشدّاء، وأنت ضعيف في قواك، لذلك عليك أن تزور دارك الدنيوية ليلة الجمعة، فلعلّهم يذكرونك بمقتضى: اذكروا أمواتكم بالخير، فيكون ذلك سبباً في اشتداد قوّتك ».

قلت: « ألم تَقُل: إنّنا في أرض وادي السلام، حيث نكون في مأمن من كلّ خطر ؟! فكيف يكون في وادي السلام قطاع طرق ؟! أنا لا أُصدِّق ذلك، وإنّما هدفك تأخيرنا عن السفر. فيا رفيقي الوفيّ، هل ضعف وفاؤك ؟ لقد أصبح وادي السلام بداية لتعاستي! ». وخنقتني العبرة.
قال: « يا عزيزي، إنّ وفائي لك يدعوني للتفكير في مستقبلك، فأنت لا تعرف الطريق، إنّه طريق ضيّق يمرّ بمحاذاة أراضي بَرَهُوت المملوءة بالنار والعذاب، وخلال هذه المراحل من الطريق سوف يحاول أغبرك أن يُزلّك عن الطريق، فبانزلاقك أدنى انزلاق سيكون مصيرك أن تهوي إلى أرض بَرَهُوت، حيث لا يمكنني الدخول، وأخشى أنك ـ بعدم قبولك البقاء هنا عشرة أيّام ـ سوف تجد نفسك محبوساً في تلك الأرض المليئة بالعذاب عشرة أشهر ».
لت: « أتريد أن تقول: إنّ أمامنا صراطَ يوم القيامة لنجتازه ؟ هذا غير ممكن! ».
قال: « نعم، وهذا ما سبق لي أن قلته، ولكنّك مضطرب الحواسّ.
إنّ الطريق خلال هذه المنازل ضيّق، وهو ظلّ لذاك الصراط، ولا مندوحة لنا عن الذي قلته. علينا أن نعالج الواقعة قبل الوقوع ».
فلم أجد بدّاً من أن أتوجّه ليلة الجمعة إلى أهل بيتي في الدنيا فرأيت أنّ التي كانت زوجتي قد تزوّجت
(15)، وهي منهمكة بالعناية بزوجها، وأبنائي قد تفرّقوا هنا وهناك.
جلستُ برهة على غصن شجرة، ثمّ يئست فقمت، وجلست على جدار الزقاق أنظر إلى أحوال المارّة. كانوا يتبادلون الأحاديث عن شؤونهم ومعاملاتهم، فتألّمت وقلت: ما أجدر بالإنسان أن يستغلّ حياته للتفكير في عاقبته والإعداد لمثل هذا اليوم، فلا يصرف وقته في اتّباع أهوائه وإشباع شهواته ورغبات زوجته وأطفاله. فما أعجب الدنيا من دار الغفلة والجهل! وما أكبره من عار أن يكون الرجل بحاجة إلى زوجته وأطفاله الذين انصرفوا عنه! وما أبعده عن الوفاء أن لا يتذكّرني أحد منهم في مثل هذا اليوم الذي قصرت فيه يدي! لقد صدق رسول الله صلّى الله عليه وآله الذي أيقظ الناس حين قال: « هلاك الرجل في آخر الزمان بيد زوجته، وإن لم تكن له زوجة فبيد أقربائه وأولاده ».
ولكن، واأسفاه! لم نستيقظ ولم نفكر في خواتيم أعمالنا.

ولفت نظري فجأة الشبّاك المقابل حيث رأيت فيه زوجَين حديثَي الزواج، من أحفادي، يتناولان الفاكهة ويتحادثان ويقولان: إنّ هذه الفواكه قد زرعها الحاجّ بنفسه، وهو الآن تحت التراب ونحن نأكل فاكهته.
وقالت المرأة: « إنّه الآن في الجنّة يتناول من فاكهتها وأعنابها. فيرحمه الله. لكَم كان يحبّ أن يمازحنا ونحن صغار! لقد كان يحبّنا حقّاً، فكان يمنحنا النقود ليدخل السرور إلى قلوبنا. أسأل الله أن يدخل السرور إلى قلبه ».
وقال الرجل: « هو الذي جعلني من رجال الدين، فقد كان هو نفسه كذلك، لقد كان يحبّ هذا المسلك. الليلة ليلة الجمعة، وجدير بنا أن يتلو كلّ منا سورة من القرآن ويهدي إليه ثوابها. سأتلو أنا سورة الإنسان، واقرئي أنت سورة الدخان ».
فمكثتُ هناك حتّى انتهيا من تلاوة السورتين، فسُررتُ جدّاً ودعوت لهما بالخير، وعُدت طائراً إلى الهادي، فرأيته قد جلب الفرس وشدّ عليه خرجاً، وهو متهيّئ للرحيل.
فقلت: « مِن أين لك هذا الخرج ؟ ».
قال: « جاء به ملَك وقال: إنّ في أحد جيبيه هدية من فاطمة الزهراء عليها السّلام أرسلتْها بمناسبة تلاوة سورة الدخان التي تخصّها، وفي الجيب الآخر هدية من الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بمناسبة تلاوة سورة الإنسان التي تخصّه، وقد أوصاني أن نتحرّك على مبعدة من بَرَهوت لكي لا تصيبنا سمومه ».
فقلت: « ألا نفتح الخرج لنرى ما فيه ؟ ».
قال: «لا شكّ أنّه يحتوي على ما نحتاجه في هذه الرحلة، وسوف نفتحه عند الحاجة. أتحبّ أن نتحرّك ؟».
فقلت: « ما أسعدني بذلك ! ». وقفزت إلى ظهر الجواد وتحرّكنا.

وصلنا إلى أرض الحرص، فرأيت قوماً على صورة كلاب عفنة قبيحة، بعضها هزيل وبعضها سمين. وكانت الصحراء مليئة بالجثث المتناثرة النتنة، وعلى كلّ جثّة عدد من الكلاب تتصارع فيما بينها على التهامها وينهش بعضها بعضاً، بحيث لم يتمكن أيّ منها من الأكل، كانت تسقط منهوكة القوى تعَباً، وتظلّ الجيفة كما كانت، فتأتي كلاب أقوى تطرد الأضعف، وتتقدّم تنهش الجثّة.. وإذا بعدد آخر من الكلاب يهجم عليها للاستحواذ على تلك الجثّة، فكان أحدها يفترس الآخر، لأنّ كلاًّ منها لم يتجاوز التفكير في نفسه، ولم يكن بينها اثنان متّفقان فيما بينهما. كانت الصحراء مليئة بالكلاب وبالصراع المتكالب.
« إنّما الدنيا جيفة يطلبها الكلاب ».
كان بعض الذين أكلوا من تلك الجيف يخرج الدخان من خياشيمهم والنار من أدبارهم، وكانت الكلاب الأُخرى لا تقترب منهم لأنّهم كانوا في حالة غريبة.
قال الهادي: « هؤلاء كانوا يأكلون أموال اليتامى وكانوا يرتشون ».
إنّ الذين يأكلون أموال اليتامى إنّما يأكلون في بطونهم ناراً (16).
قلت: « كنا قد أُوصينا أن نبتعد عن صحراء بَرَهوت، ويبدو أنّنا قد أخطأنا الطريق ».
قال: « كلاّ، لم نخطئ. إنّ ما تراه هو الماء الذي يجري تحت بَرَهوت، فلا تصل إلينا سمومه. إنّنا قد مررنا بجوار أرض الحرص، ووصلنا إلى جوار أرض الحسد ».

لاحظنا في تلك الأرض معامل كثيرة بعيدة عن الطريق، وكانت كلّها تعمل؛ لأنّ دخانها كان قد ملأ الفضاء وأظلمه، وكانت حركة آلاتها الضخمة ودورانها السريع يهزّ أرض الصحراء هزّاً عنيفاً، وضجيجها المرتفع يصمّ الآذان. كان العمال كلّهم من غبُر الوجوه، وكانت تلك المكائن المصنوعة من الحديد الثقيل ذات المحركات القويّة تتحرّك في هذه الصحراء الواسعة، وكانت واحدة منها قد اقتربت كثيراً من الطريق. نظرت وإذا بجهل قد ظهر مثل دخان أسود. التفتُّ إلى الوراء فرأيت الهادي متخلّفاً كثيراً، فاستولى عليّ الخوف من تخلّف الهادي واقتراب الأغبر.
قال لي الأغبر: « انظر إلى هذه الماكنة القريبة، فليس في الدنيا مثلها ». وعلى الرغم من أنّي وددت كثيراً أن أقف لأتفرّج، ولكن بالنظر لأنّي لم أتلقّ من هذا الأغبر غير الشرّ والأذى، فلم أُعِر كلامه اهتماماً، ووكزت الفرس مبتعداً وأنا أقرأ: قُلْ أعُوذُ بِربِّ الْفَلَقِ* مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (17).
فقال الأغبر: « أيّها المسكين، إنّك في الدنيا كنت تريد أن تقرأ قُلْ أعوذُ وتعمل بها، ولكنك لم تفعل، فما فائدة ذلك الآن ؟! ».
فازداد خوفي. وتقدّم الأغبر واختفى خلف رابية، فحسبت أنّي قد كُفيت شرّه، وفيما كنت أفكر في الهادي ولماذا لم يصل إليّ، برز الأغبر مرّة أُخرى بهيئة حيوان مخيف جَفَل منه الجواد وخرج عن الطريق، ووقع على الأرض بالقرب من تلك الماكنة، فوقعت عن ظهره بقوّة فتألمت أعضائي بحيث لم أستطع التحرّك. وأخذت المكائن الأُخرى تقترب منّي وكأنّها أفاعٍ تريد ابتلاعي، وقد اندفع من فتحاتها ألسنة اللهب نحوي مثل قاذفات اللهب المعروفة في الحروب، بينما كان الأغبر الخبيث يضحك ويستهزئ بي قائلاً: وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إذَا حَسَدَ (18).
ويخاطبني بقوله: « أيّها التعس الحاسد! مَن مِنَ العلماء نجا من الحسد ؟! إنّك قد أدميت قلبي خلال المنازل السابقة التي نجوتَ فيها منّي. أتظنّ أنّ جعبتي قد خَلَت من السهام ؟! فذُق الآن. ولن تجد مني ـ إن شاء الله ـ مَخلصاً ».
على الرغم من الضعف الشديد الذي كنت أحسه في بدني، فإنّ سخريته تلك أثارت الدماء وجعلتها تغلي في عروقي، فرفعت صوتي وناديت: يا عليّ. وإذا بالمكائن قاذفات اللهب ـ التي كانت قد أحاطت بي وكادت تلتهمني بنيرانها ـ قد لاذت بالفرار في تسابق شديد أدّى إلى أن يصطدم بعضها ببعض فيتهاوى حطاماً، واندفع الأغبر يطلب الفرار، فصار تحت عجلات إحدى المكائن فتحطّمت عظامه واختلطت بلحمه ودمه: وَلاَ يَحيقُ المَكْرُ السَّيّئ إلاَّ بِأهْلِهِ (19).
فقلت: ما أعجب هذا‍! ولقد كان يسخر منّي.
فإنّا نسخرُ منكم كما تسخرون .
وشعرت بعطش شديد من أثر حرارة الجوّ، وتعفّن الهواء، ورائحة الكبريت المنتشرة. عندئذ رأيت الهادي يركض نحوي، وما أن وصل حتّى فتح الخرج الذي كان هدية من الإمام عليّ عليه السّلام وأخرج كوزاً من البلّور أشرق الفضاء من التماعه، وسقاني منه ماءً عذباً بارداً، فزال عطشي وما كنت أحسّ به من أوجاع في أعضاء بدني، وعاد الدم إلى وجهي وصفا باطني: إنّ الأبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأسٍ كَانَ مِزاجُهَا كَافُورَاً (20).
وأتينا فرأينا الجواد المسكين قد نَفَق، فحملتُ كيسي على ظهري، وحمل الهادي متاعنا، ومشينا في تلك الصحراء الواسعة الملتهبة. لقد كان الجوّ خانقاً من كثرة دخان المكائن والتعفّن، ورأيت فتحات تلك المكائن يخرج منها بشَرٌ من نار بهيئة مخيفة.
قال الهادي: « إنّ الحسّاد الذين أظهروا حسدهم للمؤمنين باليد واللسان يلقون في هذه المكائن حيث يُضغطون ضغطاً شديداً، بحيث كانت نيرانهم الباطنية تطغى على بشرتهم وكلّ أجسامهم، لأنّ الحسد كالنار المحرقة: « الحسد يأكل الإيمان، كما تأكل النار الحطب ».
وبالنظر لظلام الطريق، تقدّمني الهادي ومشيت وراءه.
قلت: « ربما نكون قد أخطأنا الطريق، إذ إنّنا باتّباعنا تلك الوصايا ما كان ينبغي أن يصيبنا مكروه ».
قال: « لم نخطئ الطريق، ولكنْ قليل من الناس لم يحسّ بالحسد قليلاً أو كثيراً في داخله، ولولا ما تفضّل به عليك أولياء الأُمور وسرور فاطمة الزهراء عليهم السّلام منك، فربّما لم يكن ما يصيبك من مكروه بأقلّ ممّا تراه يصيب هؤلاء أمامك. فكثير من هؤلاء المُبتلَون سوف ينجى عاجلاً أو آجلاً، ويكون من أهل الرحمة ».
ولمّا كان الجوّ حارّاً ونتناً، والكيس الذي حملته على ظهري ثقيلاً عليّ، ونظراً لسرعة سيرنا بهدف سرعة الخلاص من هذه الأرض الكثيرة البلاء، وهلعي من احتمال عدم موت الأغبر ولحاقه بي، فقد أخذ العرق مني كلّ مأخذ، وبدأت رائحته المنفّرة تنبعث من ملابسي، وعضلات ساقي كانت تؤلمني من شدّة التعب، ولكنّنا أخيراً اجتزنا تلك الأرض بكلّ عناء.
بدأ النسيم البارد يهبّ علينا، ولطف الجوّ، وظهرت الأراضي الخضراء وعيون المياه الجارية والأشجار السامقة في الوديان وعلى قمم الجبال، فاتخذنا مجلساً على حافة عين ماء لنستريح بعض الوقت.
قلت للهادي: « أحسبُ أنّ الأغبر قد هلك تحت عجلات المكائن ».
قال: « إنّه لا يموت، ولكنّه لن يصل إليك في هذه الأرض، لأننّا قد ابتعدنا كثيراً عن وادي برَهوت ، ولمّا لم يكن فيك شيء من التكبر والترفع، فإنّك لن ترى تلك الصحراء وتلك الابتلاءات. ولم يبق من الطريق إلاَّ القليل لنصل إلى عاصمة وادي السلام ».

وكلّما أوغلنا في السير كانت تكثر المزارع والزهور والرياحين والأشجار المثمرة، إلى أن كثرت الجبال المخضرّة والبساتين اليانعة والشلالات الصافية الرائقة، ورأيت على قمم تلك الجبال وسفوحها خياماً كثيرة من الحرير الأبيض.
قال الهادي: ها قد وصلنا إلى ضواحي المدينة. والناس يسكنون في هذه الخيام ».
كانت أعمدة الخيام ومساميرها من الذهب والحبال من الفضّة، وبعد أن اجتزنا الخيام قليلاً، قال الهادي: «انتظر حتّى أذهب لأرى خيمتك».
فقلت: « ما اسم هذه الأرض الطيّبة ذات المناخ الجميل ؟! فبودّي أن أمكث هنا بضعة أيّام ».
فقال: « هذه أرض يُمن مقدّسة. ولا بدّ لك أن تبقى هنا بضعة أيّام ».
ثمّ أخرج ظرفاً من الكيس الذي أهدته فاطمة الزهراء عليها السّلام واتّجه نحو خيمة كانت على قمّة جبل، وكنت أُتابعه بنظري. وعندما وصل إلى الخيمة، وقرئ الكتاب، خرج من الفِتيان والفَتيات من الخيمة يركضون نحوي وتبعهم الهادي، وعند وصوله أخرج ظرفاً آخر من الخرج. وقال: « إذهب أنت مع هؤلاء إلى خيمتك لتستريح ريثما أذهب أنا إلى العاصمة لأُهيئ لك منزلاً وأعود ».
قلت: « كيف تتركني غريباً هنا ولا مؤنس لي ؟ ».
فقال: « إنّني أُتابع أُمورك. إنّك هنا في وطنك، ولسوف يكون لك في تلك الخيمة من يؤنسك: حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ ولاَ جانٌ (21).
قال الهادي ذلك، وذهب.. فسرتُ مع أُولئك الخدم والحشم إلى الخيمة، فرأيت حورية جالسة على السرير، فنهضتْ تستقبلني. ودخل غلام مثل الشمس سطوعاً يحمل إبريقاً وطَسْتاً من الفضّة، وغسل رأسي ووجهي بماء كان فيه المسك وماء الورد. بعد ذلك نظرت إلى وجهي في المرآة، وإذا بي أفوق في الجمال والجلال تلك الحورية المعقودة لي في السجلّ الإلهي.

جلسنا على السرير في تلك الخيمة ذات الأعمدة الخمسة، وكان العمود الأوسط من الذهب الخالص مرصّعاً بالأحجار الكريمة وأطول من الأعمدة الأُخرى. ولكي اختبر ذكاء الحوريّة سألتها: « لِمَ كان لهذه الخيمة خمسة أعمدة ؟ ».
فقالت: « جميع الخيم هنا فيها خمسة أعمدة، فقد بني الأسلام على خمس: ( الصلاة، والصوم، والزكاة، والحجّ، والولاية، ولم ينادَ بشيءٍ كما نودي بالولاية )(22).
وهذا العمود الأوسط هو عمود الولاية، فهو الأكبر، وعليه يعتمد ثقل الخيمة.
قلت: « ظننت أنّ كلاًّ منها باسم واحد من آل الرسول صلّى الله عليه وآله ».
قالت: « أُولئك هم الأُصول، وما يوجد هنا هو الظلّ لتلك الأنوار. إنّ كلّ عوالم الوجود وكلّ ما فيها، متشابه وعلى هيئة واحدة، وإنّما الاختلاف يكون من حيث الشدّة والضعف، الأصل والفرع، والنور والشعاع. وإنّ للإنسان طريقه إلى كلّ العوالم، وهو قادر على أن يصل إلى جميع المراتب، وأن يكون الرأس في سلسلة العوالم كلّها، وأن يصبح مظهر اسم الله وجامع وجوده وخليفته. ولكن الإنسان الذي وُجدت فيه كلّ هذه القوّة والقدرة بالفطرة لم يستطع أن يعرف نفسه إنّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (23).
قلت: « أين تعلّمتِ كلّ هذه المعارف التي تتحدّثين بها ؟ ».
قالت: « لقد تعلّمت في مدينة العلم، وهذه الجبال الخضر ذوات الرَّوح والريحان هي من أدنى مصاديقها. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله أبو فاطمة: أنا مدينة العلم وعليّ بابها. لقد تربيّت على يد فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله، فهي كأبيها مدينة الحكمة والعصمة، وعليّ بابها، وهي الليلة المباركة، وهي ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، وهي التي نزلت عليها علوم القرآن، وهي التي « فِيهَا يُفرَقُ كُلُّ أمْرٍ حَكيم »(24) وهي الشجرة الزيتونة ... لاَ شَرْقِيَّةٍ ولاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلى نُور... .
وهي التي: تَنَزّل الملائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإذْنِ رَبِّهِم مِنْ كُلِّ أمْرٍ (25).
وهذه رسالة فاطمة الزهراء عليها السّلام التي أوصلها إليّ الهادي، وقد جاء فيها: انّ أحد أولادي سيرد عليك، فأكرميه فهو صاحبك. فالظاهر أنّي مزرعتك. وأنت كنت قد اُنضجت إلى حدِّ الكمال.
أفرأيْتُمْ ما تَحْرثُونَ * أأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أْم نَحْنُ الزّارِعُونَ (26).
وإنّي لأحمد الله الذي لا حمد لسواه، ولا يرجع إلاّ إليه. وآخر دعواهم أن الحمد لله ربِّ العالمين ».
ثمّ حضر الطعام والشراب أنواعاً، فأكلنا، وشربنا، واتكأنا على الوسائد، وقلت: «يبدو أنّك لست ساكنة هنا».
قالت: « نعم، لقد جئت لاستقبالك لتستريح هنا قليلاً، وهذه الخيمة والأثاث الذي تراه أتيت به أنا، كما أنّ جميع هذه الخيام هي للمستقبلين الذين جاؤوا لاستقبال الوافدين عليهم، وكلّ هذا المكان بما فيه من بساتين ورياحين وأشجار وأثمار هي وقف على الوافدين. وعند رحيلك أعود أنا إلى موطني ».
قلت: « أحبّ أن أتمشّى في هذه البساتين وبين الخيام، لأتمتّع بهذه المناظر الخلاّبة ولأعرف شيئاً عن هذا المكان، ولعلّي ألتقي أحد المعارف ».
قالت: « إنّك حرّ هنا، وكلّ ما تريده حاضر. ولكن لابدّ عند دخول خيمة من الاستئذان والسلام. وأنا عند مجيئي إلى هنا رأيت خيمة ابنتك الكبرى، وبالنظر لمعرفتي السابقة بك دخلت عليها واتّخذتها صديقة لي. فإذا شئت أن تذهب إلى هناك فسوف أُرافقك ».
قلت: « طبعاً ».. وقمنا معا.

عند باب الخيمة سلّمت، فعرفتْ ابنتي صوتي، فخرجتْ مع خدمها هارعة. وبعد تبادل الأسئلة وتقديم الحمد لله تعالى على نعمه، دخلنا الخيمة وجلسنا على سُرُر مرصّعة بالمجوهرات، هي وخدمها في صفّ، وأنا ومن معي في صفّ. مُتَّكِئينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ .
فالتقابل خير من التجانب.
سألتها: « كيف جَرَت عليكِ الأُمور في هذه الرحلة ؟ ».
فقالت: « لقد رأيتُ بعض المصاعب في المنزل الأوّل، وفي أرض الحسد عانيت من بعض الضغوط. ولعلّ معظم المسافرين يعانون من ذلك، بل أشدّ منه. وفي بعض المنازل فهمتُ أنّ نجاتي كانت بسببك، فدعوت لك واستنزلت عليك الرحمة من الله، حتّى أنّه عندما حان وقت سفر أُختي إلى هذا العالم، كما قرب موعد سفرك، دعوت الله أن يشفيك من مرضك لكي لا تُحرَم والدتي وأخواتي الأُخريات من الاستظلال بظلّك، ولئلاّ ينالهم شيء من الذلّ ».
سألتها: « ما أخباركِ عن أُختك التي رحلت إلى هذا العالم ؟ ».
قالت: « رأيت أُختي هنا، وكانت أرفع منّي درجة في الجلال والعظمة، وعندما سألتها عن المشاقّ قالت بأنّها لم تر شيئاً من ذلك، وأنّها لم تأت راجلة، ولكنّها شاهدت أرض المسامحة أو بعضاً منها، وطوت الباقي بطيّ الأرض ».
قلت: « سبب ذلك هو أنّها رحلت إلى هذا العالم وعمرها ثماني عشرة سنة، فلم تجد متّسعاً من الوقت لتثقل نفسها بالأحمال والصعاب ».
واستغرقت في التفكير، تُرى ما النواقص التي كانت في وجودي وفي أحوالي وأعمالي بحيث إنّي تعرضت لتلك المصاعب التي نجوت منها الآن، مع أنّ أبنائي المسافرين في هذه المرحلة مرفّهون وفي خير حال!
بعد التمعّن والتفحّص الكامل في زوايا قلبي عثرت على بذرة هذه النبتة، وعرفت من أين تنبع، وإلى أين تصل.
كانت ابنتي صفيّة تتلوّى ألماً لكونها لا تعرف كيف تحلّ عقدة قلبي، وكانت تعجب كيف يكون في دار السرور موضع للحزن والتألّم.

قلت لها: « هوّني عليكِ، فحلّ هذه العقدة ليس في يدك ».
ولم أكشف لها عن سرّ قلبي الخفي، لأنّها ما كانت لتفهمني، ولا كان في ذلك أيّ نفع، فأهل العالم الأعلى يدركون كلّ شيء. أمّا الحبّ الذي تختفي بذرته في التراب، فلا يطلبه سوى ذلك الإنسان الترابي الذي يعشق ويطلب العشق.
قلت لصفيّة: «أُريدُ أن أتمشّى بمفردي بين تلك البساتين البعيدة، لأختلي بنفسي، فلعلّ في ذلك حلاًّ لعقدتي».
قالت: « حيثما ذهبت فلن تكون وحدك. هناك الجبل والوادي، والسهل والبستان والمرج، وكلّ ذرّة فيها ذرّة من شاعر حسّاس ».
قلت: « إنّها ليست في أُفقي ».
قالت: « إذا لم نكن من المحارم فالخير أن تأذن لنا بالذهاب ».
قلت: « لولا هديّة الزهراء عليها السّلام لأذنت لك ».
وقمت أمشي. وكلّما وصلت إلى غصن شجرة انحنى نحوي قائلاً: أيّها المؤمن، كُلْ من ثماري. وعلى الرغم من جمال تلك الأصوات، إلاّ أنّها كانت في أُذني كنعيب الغربان.
ورفعتْ شجرة أطراف أغصانها وقالت في نفسها: «إذا لم تكن تحبّ هذا فلِمَ أتيت ؟».
وقالت أُخرى: « لعلّه ملَك لا يأكل! ».
وقالت ثالثة: « بل لعلّه حيوان لا يطعم النبات! ».
وقالت رابعة: « لعلّه مجنون، ولكن ليس هنا مكان للمجانين! أو لعلّه يتدلّل ».
وقالت أُخرى: « اسكتوا، لقد جاء من أرض القحط إلى أرض الوفرة، فانبهر وسُدّت شهيّته ».
وتوالت الأقوال من كلّ شجرة، والملاحظات من كلّ غصن.. فقلت: العَود إلى الخيمة أفضل وأحمد. ورجعت، فرأيت الهادي واقفاً بباب الخيمة ينتظرني. وإذ أبصرني تقدّم نحوي، فقلت: لعلّ كاتم أسراري هذا يستطيع أن يحلّ عقدتي.
وتلاقينا، وبعد السلام قال: « أين أنت ؟ تهيّأْ للرحيل إلى المدينة، فالعلماء والمؤمنون بانتظارك ».
قلت: « لماذا نذهب إلى المدينة ؟ ».
فقال: « يا إلهي! إذن لماذا قطعت كلّ هذا الطريق ؟! ».
قلت: « لا أدري لماذا جيء بي إلى هنا ».
قال: « لا تكفر بنعمة الإتيان بك من تلك الظلمة إلى هذا العالم النيّر؛ لكي تتمتّع بنعم الله وتكون في سرور دائم ».
قلت: « أيّة نعمة هذه ؟ وأين أجد لذّتها ؟ وأين سرور القلب مع تذكّر مصائب فراق الأحبّة ؟! ألم تر أبا الفضل وعليَّاً الأكبر يرتديان لأْمة الحرب في تلك الليلة، أم إنّك لم تفهم معنى ذلك ؟ ألم تر الخطّ الأحمر تحت رقبة عليّ الأصغر، أم إنّك لم تفهم معنى ذلك ؟
إنّ من يعرف هؤلاء ويحبّهم حقيق به أن يموت من ألم الفراق وينصرف عن الأكل والشرب والمسرّة والانشغال بالحور العين وبالقصور! إنّني لست مبطاناً ولا أنانياً بالقدْر الذي تظنّ ».
فقال: « أتحسب أنّ كلّ أُولئك العلماء والمؤمنين المسرورين الموجودين هناك مع الحور والقصور ليسوا من محبّي أهل البيت، أو أنّ دماءهم لا تفور من أجل الانتقام ؟ ثمّ إنّ الظالمين مبتلون بالانتقام الإلهيّ الآن ».
قلت: « المرء أبصر بحاله. إنّني ما لم أنتقم فدار السرور عندي بيت الأحزان، والنعم عليّ نقم. أمّا لماذا يحسّ الآخرون بالفرح والسرور وغير ذلك، فالسؤال يجب أن يوجّه إليهم هم لا إليّ أنا. وأمّا ابتلاء الظالمين بالانتقام الإلهي الذي هو أشدّ من انتقامنا، فلست أشكّ فيه، ولكنّك لابدّ أن تعترف بأنّ المظلوم إذا لم ينزل القصاص بيده ولم ينتقم بنفسه فلن يبرد قلبه، ولهذا ثبت للورثة حقّ القصاص، وإن قام شخص آخر بإنزال عقاب أشدّ بالظالم.
لقد قال تعالى: وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنْ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ (27).
إنَّ الانتقام حبيبنا، وما لم نصل إلى هذا الحبيب، فلن يكون لنا دار سرور، لا أنّها موجودة وأنا لا أُريدها.
والخلاصة أنّ الجنّة ودار السرور وغير ذلك من الأسماء إنّما تعني انبساط النفس وبلوغ المراد، وكلّ ما عدا ذلك فضول ».
أطرق الهادي برأسه برهة من الزمن صامتاً، ثم رفع رأسه وسأل: « أتبقى هنا ؟ ».
قلت: « كلاّ ».
قال: « أين تذهب إذن ؟ ».
قلت: « لا أدري، فلا أعرف لي مستقرّاً. كلّ الذي أدريه هو أنّني حيثما أكون فإنّي في عذاب. سوف أهيم في الصحراء وأفترش التراب ».
لم يجد الهادي بُدّاً من الرضوخ، فعاد إلى المدينة، وقلت لابنتي صفيّة: « إذا شئت فارجعي إلى موطنك، فلا شأن لي بك. وإذا وصلت إلى الصدّيقة الزهراء عليها السّلام فأبلغيها سلامي وأعلميها بأحوالي ».
فذهبتْ بمن كان معها، وانتحيتُ أنا ناحية خالية ورحت أبكي وأنوح وأدعو.

وفيما أنا في هذا، وإذا بشخص يركض نحوي قائلاً: « حبيب بن مظاهر يطلبك على الهاتف ».
قلت: « أين هو ؟ ».
قال: « في المدينة ».
قلت: « لا شكّ أنّ الهادي قد استنجد به ليحملني على الذهاب إلى المدينة ».
فأتيت إلى الهاتف، وبعد السلام والسؤال عن الأحوال، بدا لي أنّه كان قد سمع دعواتي وتوسّلاتي، إذ قال: « لماذا أنت حزين منكسر القلب كثير التفكير ؟ تعالَ واهنأ واشكر الله على أنك نلت ما تشاء ».
فقلت: « إنّ الجنان كالسجن في عيني أو كنيران مستعرة. وبغير أن أنال مقصودي فلا قيمة عندي لشيء ».
فقال: « تعال نجتمع مثل ذوي القلوب الحزينة، ونتشاكى ونزن همومنا، فمن كان قلبه أشدّ حزناً كان أثقل وزناً ».
فقلت: « إنّ همومي لا نهاية لها، والله هو العالم بعذابي. فيا حبيب، لا تحمل همّاً بسببي.
أمّا هو فإنّه الكتاب الإلهي الناطق. وقد ورد عن الإمام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه أنّه قال، بما أنّي لم أكن في هذا العالم عند استنصار ذلك المعشوق واستغاثته لكي أُعينه وأضحي بنفسي في سبيله ـ كما هو منتهى آمال العاشقين ـ فإنّني في عذاب وألم دائمين.

« لأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً »
(28).

ومن الثابت في الحبّ أنّ العشاق الذين يضحّون بأنفسهم في سبيل المعشوق وبحضوره، يكونون قد بلغوا أقصى ما يتمنّون، ولا ينتابهم بعد ذلك أسف أو حسرة أو غصّة. وهكذا أنت يا حبيب!
أمّا الذين سرورهم الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه، ولكنّهم خافوا أن يعرضوا خدماتهم وعونهم، أو أن ينقذوا المعشوق من براثن الظالم، أو أن يضحّوا بأنفسهم، فهؤلاء المساكين يظلّون دائماً محترقين في نار الحسرة الملتهبة في أعماقهم، ولن يهنأوا بشربة ماء أبداً، وكلّ طعامهم وشرابهم يتحوّل إلى همّ وحسرة. ومن هذا القبيل نحن.

فكيف يمكن أن أكون عديلك في كفّة الميزان، يا حبيب بن مظاهر ؟! وأنّى لي أن أعرف أن حالَينا في المسرّة متشابهان ؟
إنّ ما فعلتموه أنتم في كربلاء، حتّى إنّكم من شدّة لهفتكم وشوقكم قيل عنكم:
لبسوا القلوبَ على الدروع وإنّما
يتهافتون على ذَهـاب الأنفـسِ هو الذي أهنأ عيشَكم، وأعذب شرابكم. لكن أنّى لنا أن نكون مثلكم وقد قُبر معنا تحسرنا على ذلك ؟!
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أْموَاتَاً بَلْ أحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (29).
وهذا يشملك أنت ـ يا حبيب ـ ولا يشملني. إنّك تحيا حياة جديدة، وأنا من الأموات. لقد كنت أنت من السعداء ـ يا حبيب ـ وأنا من التعساء.
ألم تصلك أخبار عذاب الإمام الثاني عشر وآلامه في زوايا الدنيا وخرائبها والليالي الشاقة التي تمضي عليه ؟ فلو كنت أنت أيضاً متّ حتف أنفك مثلنا، ولم تبلغ أعلى المراتب التي بلغتها، لبكيتَ عليه دماً بدل الدموع، فما يعرف الحزن إلاّ الحزين ».
ولما كان الهاتف من النوع المتلفز، فقد رأيت حبيباً قد تغيّرت حاله وطأطأ رأسه وانهمرت دموعه، ثمّ ترك التلفون وانصرف، فوضعت السماعة في مكانها وذهبت.
ولكنّ الناس الساكنين هناك، والذين حسبوني مجنوناً، وكانوا ينظرون إليّ متعجّبين، عندما سمعوا مكالمتي مع حبيب تيقّظوا ووعوا الأمر، فتحلّقوا حولي، وقالوا: « يظهر لنا الآن أنّك لست مجنوناً، فماذا بك ؟ ».
قلت: «لا شكّ أنّكم من محبّي آل بيت الرسول عليهم السّلام، وإلاّ لما كان لكم مقام هنا. ولا شكّ أنّكم كنتم في الدنيا تعرفون الإمام الثاني عشر، صاحب الزمان، وقرّة عيون النبيّ وأهل بيته والمؤمنين جميعاً».
قالوا: « نحن من عشاقه وتراب أعتابه ».

قلت: « ألم تسمعوا أنّه يهيم على وجهه في البراري والصحارى، دائم البكاء والنواح والألم والعذاب، لا لسنة واحدة ولا لعشر من السنين، بل لأكثر من ألف سنة ؟ ».
قالوا: « بلى، ولكن لا نستطيع أن نفعل شيئاً ».
قلت: « ألا تستطيعون أن تهجروا هذا العيش والتمتّع والسرور ؟ الموت لعاشق لا يتأسّى بحبيبه! أيكون حبيبكم في ذلك العذاب وتحت ضغط ذاك الانتظار الأليم، وتتكئون أنتم هنا على الوسائد وتنعمون بالرفاه والأفراح والمسرّات، ثمّ تدّعون أنّكم من عشّاقه وتراب أعتابه! أحسن المقال ما صدقته الفعال! ».
فانقلب حال تلك الآلاف المحتشدة، وانصرفوا. ثمّ رأيت الخيام قد قُلعت والأثاث قد تبعثر، وخرج الناس في ملابس قديمة، حاسري الرؤوس، حفاة الأقدام، متّجهين نحوي.
قلت: « ما أعظم غيرتكم! فلنتوّجه نحو البيت المعمور وندعو: أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوْءَ (30) بصوت عال يرفع حرارة الأبدان والنفوس، فالمقصود بالمضطرّ هو نفسه صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه ».
وانتشر الخبر شيئاً فشيئاً على لسان الهادي وحبيب بن مظاهر في وادي السلام، وظهرت بوادر الهياج والثورة، وأخذ الناس يُلقون كلمات حماسية حول غربة إمام الزمان وقلّة أنصاره وشدّة اضطراره وطول انتظاره، وبرزت فيهم مشاعر حبّ الانتقام والأخذ بالثأر. وفي وادي السلام نفسه تجمّعت الجماعات وصعد الخطباء المنابر يلقون الخطب البليغة بهذا الشأن.
وعلى أثر انتقال الأخبار بوساطة الوصائف التي ذهبت من هنا عن انفعالات الأهالي وانقلاب أحوالها، والتي كانت في نظر المبادئ العالية والأرواح المكرمة مشهودة كالاستعراض السينمائي. جاءتنا الأخبار أنّ الإمام عليّ بن أبي طالب والزهراء أُمّ الأئمّة مع عشرة من أولادها المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، قد اجتمعوا وعرضوا شفاعتهم، إلاّ أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله اعتذر عن ذلك قائلاً: إنّ التمييز بين الخبيث والطيب والكافر والمؤمن ما يزال صعباً:
... لَوْ تَزيّلُوا لَعَذَّبْنا الَّذينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً ألِيمَاً (31)، هذه الآية هي نفسها سبب الانتظار.
فترتفع الصوات بالدعاء:
ففرّج فرجاً عاجلاً كلمح البصر، أو هو أقرب من ذلك، يا محمد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، انصراني فإنّكما ناصراي، واكفياني فإنّكما كافياي ». لقد كررنا ذلك وكررناه حتّى حرّكنا هذين القائدين، وكانت الزهراء عليها السّلام تنفخ في نار ذلك، كذلك كانت المقامات العليا ترفع أيديها بالدعاء:
« اللهمّ عجّل فرجنا بظهور قائمنا، وانتقم من أعدائنا بنصرة قائمنا، وأظهر فيك الخالص حتّى يعبدوك في البلاد ولا يشركوا بك شيئاً ».

كان لدينا لوح يظهر عليه كل ما يُقال في الملأ الأعلى، فكنّا نطّلع على ما يجري هناك. وجاء النداء من الله تعالى: « يا محمّد، قد أجبت دعوتك، وسأفي بذاك من قريب ».
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « لقد كنّا راضين برضاك. إلاّ أن أحد عبيدك قد ورد ضيفاً على مائدتك، ولكنّه لا يمدّ يده إلى طعام مثل سائر ضيوفك ما لم تقض لهم حاجتهم، وما حاجتهم سوى ظهور المهديّ المنتظر. يقولون: إنّ محبوبنا صاحب الزمان يحيا في هموم آلام لطول الانتظار وكثرة المصائب، فكيف يهنأ لنا طعام وشراب، ونحن نعلم أنّه لا يكفّ عن البكاء والنواح ؟ كيف يجوز لنا أن نلهو في ضحك وسرور ؟ الموت أخلق بمحبّ لا يتأسّى بحبيبه! لقد كان اعتقاد هؤلاء في الدنيا، أنّهم إذا أرادوا قضاء حاجة كبيرة من الكرماء، أن يجلسوا على مائدة ذلك الكريم ولا يمدّوا أيديهم إلى الطعام حتّى يجاب طلبهم بقضاء حاجتهم مهما صعب ذلك على المضيف، فكيف بك وأنت أكرم الأكرمين، وإنّك على كلّ شيء قدير، وموضع حاجات الطالبين، وغياث المضطرين، لا رادّ لحكمك، ولا مانع من أمرك! ».
كنا مثل الإبل الصوادي التي تتزاحم على مورد الماء، نحوم حول اللوح لنرى ما يستجدّ من حدث، فلاحظنا أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله يميل إلى ما نميل إليه، وأنّه يمسك بوسط الحبل، فقويَ رجاؤنا بأنّنا سرعان ما نجد الشاهد المقصود بين أحضاننا، فبقينا حول اللوح في أمواج متلاطمة وتزاحم وجذب ودفع بأعصاب متوتّرة ووجوه محمرّة ننتظر جواب الله سبحانه وتعالى لنبيّه، وكنّا واثقين من أنّ الجواب سيكون بالإيجاب، لأنّ اتجاه رغبة النبيّ صلّى الله عليه وآله كان معلوماً عند الله طبعاً، كما أنّ دعاء النبيّ كان لابدّ أن يثير قدرة الله وكرمه، وما كان يمكن أن يكون الجواب سوى قضاء الحاجة. ولكن الجواب تأخّر قليلاً، وكأن هناك تردّداً في الأمر كتردّده في قبض روح عبده المؤمن(32)، فإذا أجاب بـ « لا » فهو يكره مساءته، وإذا أجاب بـ « نعم » فقد لا تقتضي سلسلة التقادير ذلك بهذه السرعة.

وعلى حين غرّة جاء جواب الله تعالى أن يكون الانتقام من الأعداء في برهوت، وهذا التصوّر معلوم عند وليّ العصر الحّجة بن الحسن عجّل الله تعالى فرجه الذي لا يهمّه كثيراً تأخير الانتقام الدنيوي. أمّا الأُمور الأُخرى المتأخّرة فرضاه منوط برضانا: وَما تَشَاؤونَ إلاَّ أنْ يَشَاءَ اللهُ (33).
أمّا هذا الجمع الضعيف الإدراك والقليل الصبر الذي راح يعقد المجالس ويقيم حلقات الذكر، فإنّه ـ وإن يكن له بعض الحقّ في استثارة بحر رحمتي وغيرتي ـ فإنّي لابدّ أن أجبر خاطره، لأنّه في ضيافتي.
لذلك فقد أرسلت فوجاً من الملائكة إلى حدود برهوت؛ لكي يروا العذاب الأليم الذي يحيق بالأعداء، حتّى تهدأ النفوس.

بعد تلك الأقوال، حدث بينهم جدل وقيل وقال، بسبب اختلاف مشاربهم وأذواقهم ومداركهم. قال أحدهم: « إنّنا لا نذهب إلى حدود برهوت، فنحن نعلم أنّهم يتعذّبون على وجه العموم، ومع ذلك فقد أعطانا الله الحقّ في أن نقتصّ لأنفسنا بأيدينا ».
وقال آخر: «بل يجب أن نذهب إلى حدود بَرَهوت لنتفرج ونشفي غليل قلوبنا، فإذا لم يحصل ذلك فليس لنا أن نلحّ أكثر من هذا، وإلاّ فقد ينقلب الأمر علينا، كما حصل في الدنيا بسبب ضعف الشيعة، فتأخّر الظهور».
وكان الثالث يقول: « كلاّ، علينا بعد رؤية برهوت أن نتابع مطاليبنا، وليحدث ما يحدث، فقد نفد صبرنا ».
كان القال والقيل والهرج والمرج من الشدّة بحيث كان الكلام مختلطاً وغير مفهوم، ولم يكن أحد يستمع إلى نداءاتنا بالسكوت والهدوء.
وأخيراً عاد فوج الملائكة بكلّ عظمة وجلال فأعشى نوره أبصارنا، ووقف الملائكة يتفرجون ونحن بملابسنا الرثّة وشعورنا الشعث المغبرة وهيئاتنا الذليلة، فراحوا ينظرون إلينا نظرات الاحتقار، وعلى الأخصّ إليّ أنا الذي كنت السبب في كلّ ذلك، نظرات أشبه بنظرتهم إلينا عند أوّل خلقنا، إلاّ أنّ ثورة الحاضرين هدأت بمجيء الملائكة.
في هذا الموقف، رأيت من المناسب أن أخطب في هذا المجمع الحاشد، فارتقيت منبراً كان هناك وشرعت في الكلام:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي لا إله إلاّ هو عالمُ الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر، ربّ العالمين، مجيب دعوة المضطرين، كاشف كرب المكروبين، راحم المساكين، أمان الخائفين، غِياث المستغيثين، واضع المستكبرين. والسلام والصلاة على أوّل الوِرْد، وظِلّ الواحد الأحد، فاتحة كتاب الموجود، بسملة نور الوجود، البيت المعمور، والكتاب المسطور، وعلى آله الغُرّ الميامين، وسلالة النبيّين، وصفوة المرسلين، وخيَرة ربّ العالمين، لا سيّما ابن عمّه وصهره ووزيره وخليفته، صاحب العجائب، ومُظهر الغرائب، ومفرّق الكتائب، والليث الغالب، عليّ بن أبي طالب.
وبعد: فقد قال عزّ مِن قائل، وجلَّ مِن متكلّم:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * وَنُريدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنْجَعلَهُمْ أئمّةً وَنجْعَلَهُم الوَارِثينَ (34).
يا إخوان الصفا، وفُرسان الهَيجا، ومُحبّي الأئمّة وهداة الأمة. إنّ أهل بيت نبيّنا وإن لم يكونوا ضعفاء، إلاّ أنّهم استُضعِفوا وفي دنيا الجهل ظُلموا على أيدي الجهّال الظلمة، فتوالَت عليهم المظالم والمحن، وتتابعت منهم صرخات الاستغاثة: هل من ناصر ينصرنا ؟! وقد وصل نداؤهم إلينا الآن، فعلينا أن نلبّي هذا النداء، وأن لا نبخل بشيء نقدر عليه.
إنّ هذه الدعوة التي وصلت إلينا لا نتطلّع فيها إلى دنيا ولا إلى آخرة، ففي الدنيا بقينا ننتظر ونأمل حتّى أخذنا أملنا في اليوم الموعود معنا إلى القبر. واليوم لا هدف لنا غير ذاك الهدف، ولا نسلك غير ذاك السلوك. إنّ قصار النظر الذين يريدون أن لا نلحّ ولا نلحف لئلاّ تنقلب الآية، يحسبون أنّ طلبنا وإلحاحنا موجّه إلى فرد مخلوق فقير الإمكانية، لا إلى ربّ كريم.
على أُولئك أن يعرفوا أنّ الصلحاء لا يُقرَنون بالطلحاء، فإنّه أرحم الراحمين، ولا يبرّهم بإلحاح الملحين.
كذلك مقولة أُولئك الذين يقولون: إنّنا يجب أن لا نذهب للتفرّج على ما يعانونه من عذاب، لأن التفرّج لا يشفي غليلاً، إنّ في مقولتهم تمرّداً على البارئ تعالى ولجاجة معه عزّ اسمه. فيجب أن نذهب وأن نكون على استعداد حربي كافٍ، حتّى إذا ما سُمح لنا بالحرب، نكون قد أعددنا العدّة لها، إذ إنّنا ننوي أن نقيم هناك ولا نكفّ عن طلب المقصود إلى أن نعود في أيدينا شاهد القصد وإن طال ذلك آلاف السنين. فمن يجد في نفسه هذا العزم الثابت والإرادة الحديدية والهمّة العالية فليتهيّأ للحركة، وإلاَّ فعليه أن يظلّ هنا، لأنّ مجيئه سيضرّنا ولا ينفعنا.
فانبرى اثنا عشر ألف بطل قائلين: إنّهم حاضرون جميعاً، ولن يعودوا حتّى بلوغ الهدف. فنزلت عن المنبر، وانفتح الباب الصغير في البوابة الكبيرة، وخرج ألف فارس مدجج بالسلاح، وأُعطي زعيمهم راية، وقيل لهم: عليكم عند كلّ مرتفع ومنخفض أن ترفعوا أصواتكم بنداء لبّيك وسعديك، وكأنّكم تسمعون نداء (هل من ناصر) الذي صدر عن الإمامين الغريبين الوحيدين، لكي تبقى الدماء في فورانها.
وطلبتُ من رئيس الملائكة أن يرسل مائة ملك لمرافقة هذا الفوج، فلم يجد بدّاً من الموافقة على ذلك.
وهكذا راحت الأفواج تترى يصاحب كلاًّ منها مائةٌ من الملائكة، حتّى اكتملنا ستّة أفواج فتحرّكنا، على أن يلحق بنا فوج سابع مع باقي الملائكة. وحملت بيدي علماً كتب عليه: ( نصرٌ مِنَ اللهِ وَفتْحٌ قَرِيبٌ ) وقد شهرنا سيوفنا بأيدينا، ونحن ننادي على كلّ مرتفع ومنخفض بأعلى أصواتنا: لبيك! فتختلط بصهيل الخيل ووقع أرجل الفرسان، فكانت جنبات الوادي وسفوح الجبال تهتزّ من ذلك.

تبقى لنا جزء أخير
...........................................

1ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَن قال: « سبحان الله » غرس الله له بها شجرة في الجنّة، ومَن قال: « الحمد لله » غرس الله له بها شجرة في الجنّة، ومَن قال: « لا إله إلاّ الله » غرس الله له بها شجرة في الجنّة.
فقال رجل من قريش: يا رسول الله! إنّ شجرنا في الجنّة لكثير! قال: نعم، ولكن إيّاكم أن تُرسلوا عليها نيراناً فتحرقوها! وذلك أنّ الله عزّ وجلّ يقول: « يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ ولا تُبطلوا أعمالكَم ». ( بحار الأنوار، للعلاّمة المجلسيّ 187:8 عن أمالي الطوسيّ.
وقد جاء في الحديث: « الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ».
2ـ البقرة / 1.
3ـ إبراهيم / 18.
4ـ الحجر / 47.
5ـ ص / 1.
6ـ الأعراف / 43.
7ـ الواقعة / 15 ـ 26.
8ـ القيامة / 14.
9ـ الإنسان / 3.
10ـ الصفّ / 13. وجاء في تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي أنّ المقصود من هذا الفتح القريب الذي يشترك فيه أهل الجنّة هو ظهور القائم عليه السّلام وانتصاره وانتقامه من أعداء شيعة آل محمّد صلّى الله عليه وآله.
11ـ المدّثّر / 1 و 2.
12ـ الإنسان / 8.
13ـ في هذا إشارة إلى حكاية ذبح نبي الله يحيى بن زكريا عليه السّلام بسبب تلك المرأة الفاجرة ووضع رأسه في الطست، ووقوع قطرة من دمه على الأرض، فأخذت تفور كينبوع من الدم، وكان من نتيجة ذلك أن نزل البلاء وتسلّط نبوخذ نصّر على بني إسرائيل وقتل الكثير منهم، حتّى توقّف فوران الدم على أثر قتل امرأة عجوز كانت هي سبب قتله. ولقد وردت هذه الحكاية بالتفصيل في بعض التفاسير وكتب التاريخ وقصص الأنبياء عليهم السّلام.
14ـ فيما يختصّ بتنزل الوجود وترقّيه في العوالم ونشآته المختلفة لا نجد سنداً في الكتاب ولا في السنّة ولا في روايات أهل البيت عليهم السّلام. بل هو موضوع تتناوله الفلسفة في افتراضات تطبق عليها أحوال البرزخ ويوم القيامة والأرواح.
والحقيقة أنّ الآيات والروايات لا تتطابق مع الفلسفة اليونانية التي دخلت المعارف الإسلاميّة بعد نزول القرآن وفي عهد المأمون لتأييد سياسة الحكّام العباسيين، بل هي تخالفها وتناقضها. (راجع: موضوع السماء والعالم في المجلد 14 من بحار الأنوار، للعلاّمة المجلسيّ في مبحث الروح).
15ـ لابدّ أن مدة غير قصيرة قد انقضت منذ وفاته، حتّى ساغ أن تتزوج زوجته من بعده عقب انقضاء عدّتها. ومن البيّن أن الزمن في عالم الدنيا غير الزمن في عالم البرزخ، فما كان هنا طويلاً مديداً، قد يكون هناك قليلاً وجيزاً.
16ـ النساء / 10.
17ـ الفلق / 1 و 2.
18ـ الفلق / 5.
19ـ فاطر / 43.
20ـ الإنسان / 5.
21ـ الرحمن / 73 و 74.
22ـ ورد هذا الحديث في كتاب سفينة البحار، للشيخ عبّاس القمّي، ينقله عن المرحوم المجلسي: عن زرارة بن أعين، عن الإمام الباقر عليه السّلام أنّه قال: « إنّ الإيمان قائم على أعمدة خمسة: الصلاة، والصوم، والحجّ، والزكاة، والولاية ».
فسأله زرارة: أيّها أفضل ؟ فقال الإمام: « الولاية أفضلها، لأنّ روح تلك الأعمال هي الولاية ». وفي نهاية الحديث يقول الإمام عليه السّلام: « إذا قام رجل الليل كلّه، وصام النهار كلّه، وتصدّق بكلّ ما يملك، وحجّ بيت الله الحرام كلّ سنة طول عمره، ولكن لا يكون له إمام معصوم يتّبع أقواله، لا يكون له أيّ ثواب ولا يستحقّ من الله شيئاً، ولا يُحسب من أهل الإيمان ».
23ـ العصر / 2.
24ـ الدخان / 3. تفسير ليلة القدر بفاطمة الزهراء عليها السّلام.
25ـ القدر / 4.
26ـ الواقعة / 63 و 64.
27ـ الصف: 13. سبق أن قلنا أنّ من البشائر لأهل الجنّة هو عودتهم إلى دار الدنيا مع إمام العصر والزمان عليه السّلام والانتقام من الظالمين. وقد فُسّرت هذه الآية بظهور الإمام عجّل الله تعالى فرجه.
28ـ يُروى أن صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه في زيارته لجدّه الحسين عليه السّلام يخاطبه بهذا القول.
29ـ آل عمران / 169.
30ـ النمل / 62.
31ـ الفتح / 25. يروي ابن بابويه في كتاب (كمال الدين) في تفسير هذه الآية: أنّ إبراهيم الكرخي سأل الإمام الصادق عليه السّلام : لماذا لم يَقتل الإمام عليّ عليه السّلام ـ وهو القوي الشجاع ـ جميعَ ظالميه وغاصبيه لينتزع منهم حقوقه ؟
فأجابه الإمام عليه السّلام: « بسبب مفاد هذه الآية » أي من أجل المؤمنين الذين كانوا سيُولدون من أصلاب أُولئك الكفار، فهو لم يقتلهم لكي تولد ذرياتهم ويتميزون. وإن قائمنا أيضاً لا يظهر حتّى يولد أبناء صالحون ومؤمنون من أصلاب الكفّار والأشرار. فبعد ظهور الإمام لا يبقى غير الدين الحقّ والكفّار: إمّا أن يسلموا، وإمّا أن يُقتَلوا حتّى يتوحّد صلاح الدنيا.
32ـ بديهي أنّ تردّد الله في قبض روح المؤمن ليس مثل تردّد عبيده عندما يقولون: كلاّ، نعم، لا ندري. بل هو كناية عن محبّة الله وشفقته تجاه عبيده المؤمنين الصالحين.
33ـ الانسان / 30، والتكوير / 29.
34ـ القصص / 5.


ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 05-04-2012, 01:14 AM   رقم المشاركة : 22
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة والأخوات الأفاضل حفظكم الله تعالى ورعاكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

قارئي العزيز تأن في القراءة وتفكّر جيداً واترك لنفسك بعض الوقت في التأمل والتفكر واهتم بالهواش فهي مهمه ايضاً

اسأل الله تعالى لكم الوصول إليه سبحانه وتعالى بقلب سليم

الجزء السابع والأخير

كنت أنا ورئيس الملائكة نتحرّك جنباً إلى جنب على رأس الجيش الكثير الجلبة والضجيج، ولاحظت أنّ حضرة الرئيس مقطّب الجبين عابس ومطأطئ الرأس وغارق في التفكير، ويهمّ أحياناً أن يقول شيئاً، ولكنّه يبتلعه ويلزم السكوت. وعلى الرغم من أنّي كنت أعرف ما يجول بخاطره، فقد سألته:«ماذا بك ؟».
قال: «إنّني خائف من سلوككم الثائر هذا، الذي لم يحدث مثله في هذا العالم الذي يسوده الأمان دائماً، وأخشى أن ينزل غضب الربّ عليكم فتصيبنا النار التي ستصيبكم».
فقلت: « ولماذا تصيبكم نارنا ؟ ».
قال: « لأنّنا لم نَنْهَكم عن أعمالكم القبيحة هذه ».
قلت: « إذا كانت أعمالنا قبيحة فلماذا لم تَنهونا عنها ؟ ».
قال: « لأنّنا أُمرنا أن نوصلكم إلى حدود برهوت ».
قلت: « ونحن أيضاً ذاهبون معكم، فما وجه القبح في أعمالنا ؟ ».
قال: « تجييشكم هذه الجيوش، وإثارتكم الفتنة ».
قلت: « هل أمركم الله أن تأخذونا بصورة أُخرى ؟ ».
قال: « لا، بل قال خذوهم ».
قلت: « الأخذ إذن مطلق، ولا يقتصر على صورة معينة، راجلين أو راكبين، مسلّحين أو غير مسلّحين... فمهما تكن هيئتنا، فعليكم أن تأخذونا بأمر من الله، وما في هذا من قبيح، لأنّ الله لا يأمر بالقبيح. وعليه فلو أنّكم نهيتمونا عن أمر الله لكنتم قد خالفتم ما أنزل الله، ولغضب الله عليكم، ولهذا فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على من يعرف المعروف والمنكر ويميّز بينهما، ولكنّك ما تزال لا تعرف الحسن والسيّئ ولا تميّز بينهما، فكيف كنت تستطيع أن تنهانا عن أمر وتأمرنا بأمر آخر ؟ ».
ورأيت أنّه نزل كثيراً عن عظمته السابقة وصغر، وقال: « الحمد لله على أنّي لم أفتح فمي بنهي ».
قلت: « إنّ غيرتي تحدوني إلى أن أحملك على التصاغر أكثر من هذا. إنّ قولك: بأنّ حادثة كهذه لم تحدث من قبل في هذا العالم، يعني أنّك تقيس المستقبل على الماضي، وأنّه يجب أن لا يحدث أيّ جديد. إنّ أوّل من قاس هو إبليس الذي قال: إنّ ما صُنع من نار يكون منيراً، وإن ما صنع من تراب يكون مظلماً لا نور فيه. وأنت تعلم أنّ قياس إبليس هذا كان باطلاً، ولتعنّته هذا طُرد من حضرة الله. وقياسك هذا باطل أيضاً لأنّ الله: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأنٍ (1).

فرأيت رئيس الملائكة قد صغر أكثر، وقال: « إنّ خوفي نابع من أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لعليّ صريحاً: إنّ الطيّب لم يزل غير متميّز عن الخبيث، ولا يكون الظهور إلاّ بعد تمايز الطيّب عن الخبيث وانفصالهما عن بعض، كما في قصّة نوح، ولكنّكم تسعون ـ بخلاف التقديرات الإلهية ـ أن تستعجلوا حدثاً يقدّر الله أن يتأخّر وقوعه. وبعبارة أُخرى، إنّ ما قُدّر له أن يحدث غداً أتريد أنت أن تجعله يحدث اليوم ؟! وهذا في الواقع ادّعاء الربوبيّة »(2).
فسالته: « هل يُقدَّر كلّ حدث في هذا العالم ضمن سلسلة أسبابه أم لا ؟ ».
قال: « لا شكّ أنّها تقدّر ضمن سلسلة عِللها، لأنّ الطفرة في هذه الأحوال مستحيلة ».
قلت: « أحسنت، إنّ سلوكنا هذا ودعاءنا وإلحاحنا في الطلب، مهما كان عجيباً في نظرك، قد يكون من جملة الأسباب والمقدّرات الإلهية، لأنّ خطرات النفس وميولها كثيراً ما لا تكون مسيطَراً عليها(3).
وعليه فإنّ الإلحاح في الدعاء والطلب من الله من جملة المقدّمات التي تقرّب ظهور البعيد، وتبعد ظهور القريب، وترفع الموانع، وتوجد شروط الحدوث، وإنّ الإلحاح في الدعاء من المستحبّات، إذ إنّه إذا لم يكن له تأثير فإنّ له في الأقلّ ثوابه ».
فخفّ عبوس رئيس الملائكة، وانتقل من الانغلاق إلى الانفتاح، ولان طبعه، وقال: «لكنّ النبوءات والإلهامات والخطرات الرحمانية لعبيده، تأتي عن طريق الملائكة ، ولا يكون غير ذلك، لأنّ الطفرة مستحيلة(4)، ونحن لا علم لنا بهذه الخطرات والحوادث».
قلت: « لقد نزلت الآيات الأخيرة من سورة البقرة بغير وساطة جبرائيلكم، أليس لكم رؤساء ؟ ».
قال: « بلى كثيرون، ولا نعلم درجاتهم ».
قلت: « فلعلّ هذه الخطرات والحوادث قد وقعت عن طريق رؤسائكم. ثمّ إنّنا من محبّي أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله، وإلاّ لما كنّا في هذا الجاه والمقام. وإنّ من لوازم المحبّة إعانة العاشق معشوقه للوصول بكلّ ما يمكن، ولو بلسان الدعاء، فما وجه اعتراضكم ؟ تقولون: لماذا تحبّونهم، أو لماذا تعملون وفق لوازم المحبّة ؟ وماذا إذا لم يحر جواباً »(5).
قلت: « إنّ ما يوجب تعاليكم هو تجرّدكم. ولو أنّنا ظللنا على تجرّدنا الأوّل أيضاً، ولم نتعلّق بالتراب، لكنّا مثلكم، بل لعلّنا كنّا ندّعي الإلوهية، كما يقول الإمام الصادق عليه السّلام. ولكنّكم تؤيّدون حتماً أن ليس كلّ متجرّد أعلم من المادّي غير المتجرّد وأرفع منه »(6).

وهكذا كنّا نسير بكلّ أُبّهة وجلال على رأس هذا الفوج من الملائكة، ونحن نهتف: لبّيكَ لبيك! حتّى وصلنا إلى سفح جبل شاهق اسمه جبل الرحمة، وكان فيه باب وسور: فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَهُ بَابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (7).
كانت أفواج طلائعنا قد ضربت الخيام عند سفح الجبل، وجلست في انتظارنا. وعند وصولنا انطلقت هتافات لبيك، لبيك! من الجميع، فارتجّت أركان الجبل وجنباته. وكانت خيمتنا قد نصبت فدخلت فيها مع رئيس الملائكة ورؤساء أفواج الملائكة السابقين الاثني عشر، وسألنا: «لِمَ وقفتم عند سفح الجبل ولم تصعدوا ؟».

فقالوا: « ظهر لنا أشخاص منعونا من ارتقاء الجبل، إذ إنّ ذلك ممنوع إلاّ لنفر معدودين: وَعَلى الأعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ .(8).
فالتفت إليّ رئيس الملائكة وقال: « صحيح أنّك اسكتّني بأدلّتك المقنعة، لأنّنا لسنا من أهل المنطق والاستدلال، ولكنّني لم اكتشف في تصرّفاتكم هذه رضى الله تعالى، ولا يُستبعد أن يكون توقيفكم هنا مقدّمة لنزول العذاب الذي قد يحيق بنا أيضاً ».
قال هذا وهو يرتعد خوفاً، الأمر الذي أوقع سائر الحاضرين في القلق والاضطراب، فخشيت إذا انكشف هذا للآخرين أن ينفرط عقد الجيش، فطلبت من رؤساء أفواج الملائكة أن يكتموا ما دار بيننا من حديث ولا يذيعوه في الخارج.
ثمّ التفت إليّ رئيس الملائكة، فابتسمت في وجهه، وقلت: « قم نتمشّى في أطراف المعسكر نتفقّد شؤونه، ونتعرف أحواله، ونستكشف سفح الجبل، فلعلّنا نطّلع على سبب تأخيرنا هنا، فتزول المخاوف، فلا تكون باعثاً على اضطراب الآخرين ».
فخرجنا نتمشّى حتّى وصلنا إلى خيمة كان صاحبها منهمكاً في إصلاح سلاحه ، وهو يدمدم بأبيات من الشعر تحكي عن طول انتظاره، وكذلك الأمر مع بعض الخيام الأُخرى، فاحسست بالانبساط ورحت أختلس النظر إلى رئيس الملائكة مزهوّاً، إلى أن وصلنا في تجوالنا إلى تلّ على بُعد مائة قدم من المعسكر، فنظرنا من فوق التلّ إلى جهة المشرق فرأينا سحابة سوداء تغطي الأُفق كلّه، وترسل البرق والرعد والشهب بأشكال مختلفة وحركات مشتّتة، بحيث غدا الأُفق شعلة من نار. وما إن وقع نظر رئيس الملائكة على ذلك حتّى قال: « لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ».
فسألته: « ما الذي يحدث هناك ؟! ».

فقال: « تلك ريح برهوت، وتلك الشهب التي تراها بصورة رماح وسيوف وخناجر وأعمدة، تنهمر على أعداء آل محمد صلّى الله عليه وآله، وهي اللعنات التي يرسلها المؤمنون عليهم، أمّا أصل العذاب والانتقام الإلهي فعلى الأرض، حيث تستعر مثل كورة الحدّاد، وتموج بالحيوانات المفترسة النارية وأنهار النحاس المنصهر التي تجري فيها ».
كنا نرى تلك السهام الشهابية عندما تنفذ في أبدان الأعداء، تخرج منها لتصيب آخرين، وإذا ما أصابت الأرض ارتفعت مرّة أخرى، لتصيب عدداً آخر منهم، فإذا فرّ أحد من أمامها، تبعته وكأنّها تعرف هدفها، ولا بد أن تصيبه.
وكنا نرى أُولئك الأعداء يرتفعون دون اختيار في الهواء، ثم يرتطمون بالأرض، مثل حبّات الحرمل في الإناء الساخن، لم يكن يقرّ لهم قرار، وكنّا نسمع أصوات صراخهم وعوائهم كالكلاب. كان هذا المنظر قد أفرحني بحيث إنّي طلبت أن تقام خيمتي فوق هذا التلّ، وأن تُضرب الخيام الأُخرى حوله؛ لكي لا يفوتهم التمتّع بذاك المنظر الفريد المفرج. فهرع الجميع لرؤية تلك المشاهد. وهم يظهرون الابتهاج ويصفّقون ويهللون: فَرِحِينَ بِما آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ (9).
ولما كانت تلك الشهب التي تصيب الأعداء هي نتيجة للعن المؤمنين، كما قال رئيس الملائكة، فقد طلبنا من الجيش أن يلعنوا أعداء أهل البيت، وبدأت أنا أقرأ بصوت مرتفع حتّى يسمعني الجميع:
« اللهمّ العن أوّل ظالم ظلم حقّ محمّد وآل محمّد صلّى الله عليه وآله، وآخِرَ تابع له على ذلك. اللهمّ العن العصابة التي جاهدت الحسين عليه السّلام، وشايعت وبايعت وتابعت على قتله، اللهم العنهم جميعاً ».
وقرأت أيضاً:
« اللهمّ خُصّ أوّلَ ظالم باللعن منّي. اللهمّ العَن يزيد بن معاوية، وعُبيد الله بن زياد، وعمر بن سعد، وشمراً، وآل أبي سفيان، وآل زياد وآل مروان، إلى يوم القيامة ».
كان الجيش قد اصطفّ يتابعني في اللعن بأصوات مرتفعة، ولاحظنا أنّ عدد الشهب قد ازداد بالملايين على أثر لعناتنا، واظلمّت الدنيا هناك من الدخان والغبار. كانت الحالة من الشدّة بحيث إنّه إذا أصاب شهاب أحدهم كان يرتفع من الأرض إلى الفضاء بين الشهب، فكانت تصيبه من كلّ جهة: من الشرق ومن الغرب، ومن الشمال ومن الجنوب، وأحياناً من فوق ومن تحت، وهو يدور متقلباً في الهواء حتّى يسقط على الأرض مرّة أُخرى.
كان أفراد العسكر يستبدّ بهم الطرب، فيزدادون في اللعن والدعاء، حتّى جفت أفواههم وتلعثمت ألسنتهم، وهم يرون الظالمين قد شُويت أجسامهم، وغدت كالغرابيل من كثرة الثقوب.

ولكن على الرغم من كلّ ذلك لم تقرّ عيون الجيش، لأنّ منتهى درجة التشفّي بالانتقام وتبرّد قلب المظلوم لا يتمّ إلاّ بموت الظالم، وخروجه من عالم الوجود، كما أنّ تبرد قلب المظلوم في دار الدنيا لا يكون إلاّ بمحو الظالم من صفحة الوجود. إنّ الموت والفناء والخروج من الدار الآخرة أمر غير ممكن، إذ أنّ الحياة هناك ذاتيّة، وإنْ شويت ابدانهم وامتلأت ثقوباً، فقد قال سبحانه:
وإنَّ الَّدارَ الآخرةَ لَهِيَ الحَيَوَانُ (10) و كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا . (11)
اجتمعنا نحن السبعة رؤساء الأفواج، والسبعة رؤساء الملائكة في خيمتي، للتشاور فيما ينبغي أن نفعله لبلوغ الانتقام التامّ، لتهدأ القلوب من ثورتها وفورانها، وتبرد بهذه الحرب التي نحن عازمون عليها.
ثمّ إنّ قلب إمام العصر والزمان، الذي هو قلب عالم الإمكان، يفور ويغلي وهو ممتلئ بالحزن، فيكون على الشيعة، الذين هم الفراشات حول تلك الشمعة، وأغصان تلك الشجرة، أن يظلّوا في همّ وحزن أيضاً لأنّهم ـ كما قالوا عليهم السّلام:
« شيعتُنا خُلقوا من فاضل طينتنا، وعُجنوا بماء ولايتنا، يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ».
قال بعض: « يحسن بنا أن ندخل بَرَهوت، ونقطّعهم بأسلحتنا إرْباً إرْباً، وإن لم يموتوا؛ فإنّ الضرب بأيدينا قد يطفئ سعير قلوبنا ».
قال رئيس الملائكة: « لا شكّ أن العذاب الذي يحيق بهم الآن أشدّ كثيراً من قيامكم بقتلهم. ثمّ إنكم غير مسموح لكم بدخول برهوت ».
وقال آخر: « إنّ دخولنا إلى برهوت يرفع عنهم العذاب، فكما أنّ المؤمن يخاف نار جهنم، فإنّ نار جهنّم أشدّ خوفاً من المؤمن. إذن فدخولنا برهوت يرفع عنهم العذاب، وهذا نقيض ما نقصد إليه ».
قلت: « إنّ سبب حزننا وفوران دمائنا هو الآلام التي يتحمّلهما إمام الزمان عليه السّلام، فما لم تنطفئ نيران قلب إمامنا فلن يهدأ لنا بال، ولن تبرد قلوبنا، لأنَّ شيعته يحزنون لحزنه. فعلينا أن نفكّر للعثور على طريقة تجعله يخرج من حالة الانتظار التي يعيش فيها، وهذه لا تكون إلاّ بالدعاء لله والالتماس منه كي يأذن له بالظهور، ولا سبيل غير ذلك. إنّ علينا أن نتوسّل بكلّ جوارحنا بمُغيث المساكين حتّى يحلّ مشكلتنا هذه ».

استحسن الجميع هذا الرأي إلاّ الملائكة فقد لزموا الصمت، وفي هذه اللحظة دخل جمع من أفراد العسكر قائلين: إنّ نيران قلوبهم لا تنطفئ إلاّ باستعمال السيف والسنان. فطلبوا أن يُخبَر الجميع بالاستعداد للتوجّه إلى البيت المعمور، حيث نطلب من الله أن يعجّل ظهور وليّه حتّى يمكن علاج جميع أدوائنا. وهذا هو ما عُقد عليه عزم أهل الحلّ والعقد، فدعاء الفرج في آخر الزمان من أفضل الأدعية. وقمنا نحن أيضاً، والتحقنا بصفوف الجيش، ورفعنا أيديَنا الدعاء:
« اللهمّ عظم البلاء، وبرح الخفاء، وانكشف الغطاء، وضاقت الأرض ومنعت السماء، وإليك يا ربّ المشتكى، وعليك المعوَّل في الشدّة والرخاء. صلّ على محمّد وآل محمّد اُولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم، فعرّفتنا بذلك منزلتهم، فرّج عنّا بحقّهم فرجاً عاجلاً كلمح البصر، أو هو اقرب من ذلك، يا محمّدُ يا عليّ، يا عليّ يا محمّد، انصراني فإنّكما ناصراي، واكفياني فإنّكما كافياي. يا مولاي يا صاحب الزمان، الغوث، الغوث، الغوث! أدركْني، أدركْني، أدركْني! العجل، العجل، العجل!(12).
ثمّ أضفت قائلاً:
« اللهمّ... فأخرِجْني من قبري مؤتزراً كفَني، شاهراً سيفي، مجرِّداً قناتي، ملبّياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي »(13).
تركنا الصفوف في حالة الدعاء، وذهبنا في بضعة نفر إلى دائرة الهاتف التي كانت في اللوح هناك، لكي نرى ونسمع الحوار في الملأ الأعلى، ونتعرف على رسول الله صلّى الله عليه وآله وعلى عليّ وأولاده عليهم السّلام. فرأينا النبيّ صلّى الله عليه وآله وعلياً وأهل بيته عليهم السّلام يقفون صفّاً رافعين أيديهم بدعاء الفرج، ومن ورائهم وقفت صفوف الأنبياء والمرسلين والملائكة المقرّبين يدعون معهم، فأدركنا أنّ اجتماعنا الاستشاري، واتحاد آلامنا، واتجاهنا إلى دعاء الفرج، إنّما كان بإملاء باطني من الملأ الأعلى، إذ إنّ حركة هذا الظلّ ناشئة من حركة تلك الباقة من الورد.
قلت: « لا شكّ أنّ ذلك قد اثّر في الدنيا أيضاً، لأنّنا نظرنا فرأينا الإمام صاحب الزمان قد اجتمع مع جمع من أصحابه على رأس جبل، رافعين أيديهم بالدعاء أيضاً. ورأينا في مختلف بلاد الإسلام ومدنها جموع المسلمين قد تجمّعت في مجموعات كبيرة وصغيرة في المساجد مشغولين بالدعاء وقراءة: أمّنْ يُجيبُ المُضطَرَّ إذا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء .
وفي الصحارى رأينا قطعان الحيوانات: من مفترسة ومجترّة وجارحة، قد عقدت الاجتماعات، وكلّ جمع يعرب بلسانه عمّا يعانيه من طول انتظار الفرج.
بعد رؤية هذه المناظر قوي أملنا بقرب بلوغنا المقصود. وطلبنا من عامل الهاتف أن يخبرنا فوراً إن جدّ خبر مفرح.

عدنا إلى حيث صفوف أصحابنا المنتظمة للدعاء، فرأينا أنّهم في حال غريبة، فبعض في حال من البكاء وبشفاه يابسة، رافعين أيديهم بالدعاء، وقد وقفوا حيارى. وبعض قد شقّوا جيوبهم ووقعوا على الأرض. فقلنا لهم: انهضوا وافتحوا أعينكم، فالأمل بنيل المقصود قريب. ثمّ جاء من يطلبنا إلى الهاتف، فذهبنا ورفعنا السماعة، وإذا بالصوت يأتينا من الكعبة في دار الدنيا، عرفنا فيه صوت إمام الزمان الذي ينعش القلب وهو ينادي:
« ألا يا أهل العالم، أنا الإمام المنتظر، ألا وإنّ جدّي الحسين قُتل عطشاناً »(14).
عدت إلى المعسكر لأرى الذين يحبّون أن يكونوا في ركاب الإمام للانتقام من الأعداء، يمتشقون سيوفهم بأيديهم ويخرجون من القبور:
فقد جَاءَ الَحقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقَاً (15).
وقد مضت جولة الباطل، وطلعت دولة الحقّ.

............................
(عن كتاب: سياحة في الغرب، أو مسير الأرواح بعد الموت تأليف: السيّد حسن النجفي القوجاني)


1ـ الرحمن / 29. أي إنّ ضجيجنا هذا الذي كان من أجل تسكين رغبة التشفّي في قلوبنا لا يجوز لك أن تقيسه بإثاره الفتنة والشغب، مثل إبليس الذي قاس نفسه بآدم عليه السّلام وأبى أن يسجد له لاعتباره النار خيراً من التراب.
2ـ أي إنّ سبب اعتراضنا نحن الملائكة هو أنّ الانتقام أشبه بقضية صبر الإمام عليّ عليه السّلام على غاصبي خلافته، وصبر الله الذي استغرق بضع مئات من السنين قبل أن يُغرق قوم نوح، والسبب في كلا الحالين هو الانتظار حتّى يخرج من صلب هؤلاء الكفّار ذريّة طيّبة صالحة. الواقع أنّ الله قد قرّر لكلّ حدث موعداً، ولربما لم يحن بعد موعد الانتقام من المخالفين.
3ـ بما أنّ الله حاكم على كلّ ظروف الأحداث وعللها ومقدّماتها، وإنّ إرادته ومشيئته غالبة، فهو قادر على إلغاء علل الأحداث وظروفها، وإحداث تلك الحوادث بدون قيد ولا شرط، وما أدعيتُنا هذه أو الصدقات التي نتصدّق بها بأمر الله إلاّ دليل على أن الله قادر، بأدعيتنا وصدقاتنا، على الحيلولة دون وقوع ما كان مقدّراً، أو أن يستعجل حدوث ما لم يحن وقته بعد، أن يزيد أو ينقص في الأعمار، وفي مثل هذه الأُمور يساعد الله على تحقيقها، كأن يُوقع في قلب الإنسان أن يدعوه ليستجيب له.
4ـ أي إنّ تحقيق الاُمور مستحيل بغير سبب أو علّة.
5ـ القصد هو أنّه لا ضرورة لوجود وساطة دائماً بين الله والأنبياء وعبيده المقرّبين، بل قد يلقي الله ما يريد في القلوب. ثمّ إنّ الحبّ لا يعرف الظروف والعلل والمقامات.
6ـ مفاد حديث الإمام الصادق عليه السّلام في جواب الذي سأل: لماذا سجن الله تعالى الأرواح الحرّة اللطيفة المجرّدة من عالم الملكوت الأعلى في الأجساد القذرة في الدنيا، أنّه قال: « إنّ ذلك التجرّد وتلك الحرية هما اللذان أدّيا إلى غرورها إلى الحدّ الذي كادت فيه أن تدّعي الاُلوهية. فلكي يثبت الله سبحانه وتعالى ذلّتها وفقرها ومخلوقيتها وجهلها، هبط بها وأذلّها وجعلها أسيرة هذه الأبدان الترابية. ثمّ أمرها بعد إحساسها بالفقر والذلّة أن تستغيث به وتطلب منه أن يجعلها غنية وكاملة وعالمة، وأن تقوم بالتسبيح لله وهي فقيرة وجاهلة.
7ـ الحديد / 13.
8 ـ الأعراف / 46. هؤلاء الرجال بحسب تفاسير الشيعة وروايات أهل البيت عليهم السّلام، هم الأئمّة المعصومون الذين يقفون على مرتفعات يوم الحشر، ويلتقطون شيعتهم، ويدخلونهم الجنّة.
9 ـ آل عمران / 107.
10 ـ العنكبوت / 64.
11 ـ النساء / 56.
12 ـ وهذا الدعاء يعرف بدعاء الفرج، وقد أورده المحدّث القمّي في الصفحة (531) من كتابه مفاتيح الجنان، ويذكر له آثاراً مهمة، ويقول: إنّه مجرّب في قضاء الحاجات.
وهناك روايات كثيرة ومعتبرة في بحار الأنوار، المجلد 12، وفي النجم الثاقب، للمرحوم النوري، وفي كتاب الغَيبة، للنعماني، تقول: إنّ على شيعة إمام العصر والزمان في الابتلاءات والمشكلات والمصائب المادية والمعنوية الدنيوية والأخروية أن يستغيثوا.
13 ـ هذه الجمل جانب من (دعاء العهد) الخاص بالإمام الحجّة كما أورده الشيخ عباس القمّي في الصفحة 539 من مفاتيح الجنان نقلاً عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّه قال: «مَن دعا إلى الله تعالى أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وأعطاه بكلّ كلمة ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة».
إنّ من الجدير بعشاق الإمام أن لا يغفلوا عن هذه الفيوضات، فيقرأوا كلّ صباح هذا الدعاء في ذكره. بل إنّ مجرد تذكر صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه يومياً وتجديد العهد معه ـ بصرف النظر عمّا في ذلك من ثواب كبير ـ يوجب النشاط الروحي والمزيد من التوفيقات المعنوية.
14 ـ بالرجوع إلى المظان من الكتب لم نعثر على هذه العبارت على أنّها ما ينطق به الإمام الحّجة عند ظهوره بصوت منعش. إلاّ أنّ هناك أُموراً وأحاديث أُخرى بهذا الخصوص، من ذلك كتاب المهدي، تأليف السيّد صدر الدين الصدر رضي الله عنه، وقد جاء فيه ما خلاصته:
جاء في كتاب عقد الدرر في الباب السابع من كتاب الفتن، عن نعيم بن حماد عن الإمام الباقر عليه السّلام أنّه قال: « يظهر المهدي في مكّة عند انتشار الفساد، ويحمل معه سيف رسول الله صلّى الله عليه وآله وعلمه ورداءه. وبعد أداء صلاة العشاء ينادي بأعلى صوته: أيّها الناس، اُذكّركم بوقوفكم أمام الله، بعد أن أتمّ الله الرؤوف عليكم حجّته بإرساله الأنبياء وإنزاله الكتب، وأمركم بألاّ تكونوا من المشركين، وأن تطيعوا الله ورسوله. عليكم إحياء ما أحياه القرآن، وإماتة ما أماته، وكونوا في التقوى من أعوان المهدي ووزرائه، ففناء الدنيا قريب، وقد نادى المنادي بنداء الوداع. إنّي أدعوكم إلى الله ورسوله، لتعملوا بما جاء في القرآن، وتتركوا الباطل، وتحيوا سنّة رسول الله ».
وقد ورد في الروايات أنّه: « يظهر المهدي ومعه 313 رجلاً من أصحابه بعدد أصحاب بدر، يقضون الليل في العبادة، وفي النهار هم أُسد الوغى، ويفتح الله لهم أرض الحجاز، فيطلق من السجون بني هاشم، ويرسل الجيوش إلى الأطراف لأخذ البيعة، ويقضي على أهل الجور والظلم، ويسلم له أهل المدن » إلى آخر الحديث.
إنّ موضوع قيام الإمام بالانتقام لا شكّ فيه، كما جاء في دعاء الندبة: « أين الطالب بدم المقتول بكربلاء ».
15 ـ الإسراء / 8. فلمّا كان الله سبحانه قد اقام أساس الخلْق على الحقّ والاعتدال، فإن أيّ أمر في العالم يكون على خلاف هذا المبدأ يزول ذاتياً ويتلاشى، لعدم انسجامه مع الطبيعة الأساسيّة في بنية الخلق القائمة على الاعتدال، وإن بقي فترة من الزمن، كالشوكة التي تدخل في لحم الإنسان، فهي لكونها ليست من طبيعة البدن قد تبقى في الجسم أياماً تسبب له الألم والعذاب، ولكنّ الجسم الإنساني يلفظها في النهاية ويطردها شرّ طردة. كذلك هي الأعمال القبيحة الباطلة، فهي قد تظهر في مجتمع فترة من الزمن، ولكنَّها لكونها لا تنسجم مع أُسس الخليقة القائمة على الاعتدال، تكون محكومة بالفناء والزهوق، كما تؤكّد الآية المذكورة.
ويُستنتج من هذه الآية الشريفة أنّ هدف الأنبياء والكتب السماوية هو حمل الناس على الانسجام مع الخلقة والفطرة، وأنّ جميع التعاليم الربانية تنطبق على مزاج الخلق المعتدل.
إنّ أعمال الناس سلوكهم قبل الإسلام لم تكن بالطبع تتلاءم وميزان الحقّ والعدالة، لذلك فهي لم تكن قابلة للاستمرار مطلقاً، فكان أن جاء رسول الله (جاء الحقّ) وقضى على أعمال الناس الباطلة (زهق الباطل). وفي غيبة إمام الزمان عليه السّلام.. عندما يشيع الفساد ويسود الباطل ويصل ذلك إلى أعلى مستواه، كما كانت الحال في الجاهلية، فيعمّ الأرض الظلم والفساد؛ عندئذ يلطف الله بعباده بظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، فينتصر الحقّ على الباطل، كما جاء في تفسير هذه الآية في روضة الكافي:
عن عاصم بن حميد وأبي حمزة أنّ الإمام الباقر عليه السّلام قال: إنّ هذه الآية نزلت في قائم آل محمّد، فالله سيمحو الباطل بظهوره.
وفي رواية تفسير اللاهيجي عن كتاب الخرائج والجرائح عن حكيمة أنّه: عندما ولد صاحب الأمر رأينا على عضده الأيمن « جاء الحقّ وزهق الباطل، إنّ الباطل كان زهوقاً ».


حفظكم الله ورعاكم بحق العترة الطاهرة عليهم السلام







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 05-06-2012, 07:04 PM   رقم المشاركة : 23
Mr.Z
موالي جديد







Mr.Z غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارككِ الله على الطرح , انهيت الجزء الخامس للتو .

هناك سبعة عوالم او نستطيع ان نصفها بالأبعاد وفي كل بعد 7 اقسام بداخله
نحن في البعد المادي يليه البعد الأثيري او النجمي وهو عالم الأرواح
نحن نذهب كل يوم هناك اثناء النوم ونعود لأجسادنا عندما نستيقظ قد تكون هذه الأمور مدروكة لدى اكثر من يهتم او يعرف بشأن الأمور الروحية فلا اعتقد ان عليّ التفصيل فيها انا فقط اود ان اطرح شيئاً بخصوصها .
ببعض التمارين والتأملات استطعت ان اخرج من جسدي او بمعنى أصح النوم بوعي .
بعد مرحلة عالية من الأسترخاء وبعد ان شعرت بالتنمل وعدم المقدرة على تحريك اعضاء جسدي احسست بالنفس او الجسم الأثير ركزت جسمي الأثيري في نقطة عند الجبهة فسمعت اصوات ثم صوت اهتزاز قوي جداً اشبه بالطنين او زنين النحلة ورأيت نور ابيض مع ان عيني مغمضتين وازداد ذلك الا انني كنت محافظا على وضعي فخرجت والدنيا تتماوج من حولي رؤيتي اشبه بما نقول ثلاثي الأبعاد في الوقت الحالي او بانوراما الأمر اشبه بأنني ارى من جميع الجهات
وما ان تخيلت وحشا امامي الا ان ظهر لم اكترث للأمر لأنني اعلم انه من الخيال فأنا قرأت بتجارب سابقة لأُناس حول هذا الموضوع , انت لا محدود هناك تستطيع ان تخترق الجدران فلا حواجز مادية والطيران والتنقل بمجرد التفكير استطيع ان اذهب إلى اي شخص بمجرد التفكير فيه وقصده بالنية وسيكون ذلك في لحظات .
الأمر هنا هو كيف لي ان اربط مارأيت بما قرأت , يمكنني رؤية الموتى هناك والأرواح والكيانات الفكرية والمخلوقات الأثيرية وحتى انفسْ النائمون وما ان ادرت نفسي الا ان رأيت جسدي ملقى على السرير
قد اكون معتادا على اعضائي المادية الا انني مجرد جسم واعي اشبه بالكرة لا اعضاء ولا اطراف ولست بحاجة للتنفس ايضا. فكرت في جسدي الا وانني مستيقظ كان الأمر عجيبا وغريبا .
خفت ان اخوض تجربةً اخرى لكن النفس تحاول الخروج بشكل لا ارادي لم استطع النوم تلك الليلة فعندما احاول النوم يصطحبني الوعي . 3 ساعات وانا على الفراش اتقلّب كلما شعرت بتلك الآثار فتحت عيني وقلبت نفسي الى الجهة الأخرى الى ان نمت بالشكل الطبيعي كما ان الأحلام بدأت تزداد عندي .
راودني هذا الشعور يومان الأمر اشبه بالتمارين الرياضة عند ممارستك لتمرين ما لأول مره لعضلة اليد مثلا ستشعر بألم في نفس المنطقة لمدة معينة بعد ان تنام وتستيقظ.
الأمر ذاته حول هذا الأمر .
وخلال فترتين متباعدتين كررت التجربة ولكنني لم افعل شيئا سوى الرجوع لجسدي للإستيقاظ مرة اخرى بسبب مخاوفي لم اتعمق في الأستكشاف والبحث كثيرا.
وبعد ذلك قل اهتمامي وبدأت غرائزي المادية بالظهور والأهتمام بطوري الحالي على العالم المادي فقط مثل الأُناس الطبيعيين وطورت من عقليتي في العلوم المختلفة التكنلوجيا ورياضات الدفاع عن النفس والبرمجة اللغوية العصبية والطاقة الحيوية ... إلخ والى اليوم هذا لم اجري تجربة اخرى وانا عدت من فترة بسيطة للمحاولة لكني لم انجح فأنا اعاود التأمل والتمارين الروحية من جديد الآن في الفترة الحالية .

استفساري : قرأت بعض التجارب لأناس في مواقع اجنبية كذلك منهم من رأى اقربائه من الموتى فكيف ذلك كان , هل الحساب والجزاء لم يفرض على ارواحهم بعد ؟ فهم ليسو مؤمنون الا يفترض انهم حوسِبوا ونالو العقاب؟.
ولكن ذلك منطقي بأنهم يرونا ونراهم في ذلك العالم ولا شك في ذلك والا كيف تأتي الرؤيا والأحلام عن الموتى
في المنام .
وكذلك قرأت لتجربة احدى العرب ممن مارست هذه التجربة انها رأت والدتها المتوفية وهي والدتها نفسها لم تعلم حتى انها متوفيه في الواقع , ابنتها قالت بلا انت ميتة ولقد دفنّاكِ .
مع العلم اننا هناك لا نحتاج للغة لنتحدث بها او لنتواصل مع الكائنات او الأرواح الأخرى ماتتحدث به هو لغة الفكر اي ستصل رسالتك بشكل فكرة مملوءه بالمفاهيم والمقصد مما تعنيه فيها وسيفهمها الطرف الآخر على الفور.
تجربة ذلك العالم تعطيك فكرة مبسطة عن الحياة بعد الموت ولكن تلك الأسئلة تحيرني كثيرا ولم اجد تفسيرا لذلك
واقل ما اقدّره هو قد يكون ذلك حدث في يوم الجمعه ؟ حيث جميع الأرواح تصبح طليقة ؟ لكن لا ارى ان هذا هو الجواب الصحيح او التفسير الصحيح لابد من ان يكون هناك تعليلٌ اخر .

ولو ممكن سؤال آخر : القصة هذه تُروى عن من اي من الذي مات وحدث له كل هذا وكيف اتت القصة لنا ؟ و ان كانت مؤلفة فهل هي مبنية على اسس صحيحة ؟
رأيت فيديو يقص قصة لشخص بعد الموت ومطابقه لبعض الأشياء المذكورة في هذه القصة لكن فقط في المرحلة المباشرة بعد الموت والجنازة... رغم ان الكثير من ما كتبه يطابق صفات العالم الروحي الا ان السؤال هو كيف استطاع ان يوصل تلك الرسالة وكيف كانت تجربته لمن هم العالم المادي ؟ " الفيديو موجود على اليوتيوب والبعض حتى وضع تعليق هل كان لديه جهاز لابتوب في القبر ؟ " نفس مقصد السؤال اعنيه حول القصة .

المكتوب كذلك هنا مطابق لتجربتي فتلك التذبذبات في العالم النجمي او الأثيري لايمكن للبشر بجسمهم المادي ان يسمعوها ولكنني انا استطيع ان اسمع الناس وهم يتحاورون ويتحدثون وان اتنقل لهم بمجرد التفكير .

يقال حتى انه ممكن ان تعود للزمن الماضي هناك ورؤية ماجرى اي ان تنظر لما مضى من حياتك على شكل صور حية .
والبعض قال يمكن حتى ان ترى ما قصّه القرآن المجيد من قصص على شكل صور حية تراها فتستطيع ان ترى قصة النبي موسى عليه السلام .
لكنني لم اجرب تلك التقنيات فأنا بعيد كل البعد عنها .
يوجد مكتبة هناك وهي اضخم مكتبة كونية اُطلق عليها اسم اكاشينا على ما اتذكر .
تستطيع ان تبحث فيها عن اي شي في الكون بهدف الحصول على المعلومات وعن اي زمن وعن جميع الأفكار المتكونة من اي مخلوق حي وعن اي شيء من اي تصنيف و في جميع النواحي .
حتى يمكنك البحث عن كلمة معينة وترى تفاصيلها من اول مانُطقت على الألسنة الى اليوم الحالي .

لهذا اود ان اخوض تجربة اخرى هناك
تسمى هذه التقنية بالإسقاط النجمي كما هو متعارف عليه او الخروج من الجسد .
ارى الكثير ممن يربطون هذه الأمر بالجن والشياطين والسحر واعوذ بالله من شرّهم .
ولكن ذلك لا يتطلب اي عوامل خارجية اساساً فأنت تخرج بنفسك وبطاقتك وبتركيزك انت هذا ليس استدعاء والأمر ليس كذلك بتاتاً.
كل مافي الأمر هو النوم مع اصطحاب الوعي , لا أعلم لمَ كل هذه الأقاويل .

--
هل تسمحون لي بطباعة الموضوع ؟ اريد ان اريه احد معارفي .







آخر تعديل Mr.Z يوم 05-16-2012 في 04:39 AM.
  رد مع اقتباس
قديم 05-12-2012, 12:46 AM   رقم المشاركة : 24
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل حفظكم الله وحماكم من كل شر وسوء بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

خفت ان اخوض تجربةً اخرى لكن النفس تحاول الخروج بشكل لا ارادي لم استطع النوم تلك الليلة فعندما احاول النوم يصطحبني الوعي
أخي الكريم ننصحكم بعدم تكرار التجربة والخروج من الجسد لما لها من المخاطر والضرر الذي قد يلحق بكم وقد لا تتمكنون من العودة للجسد

يمكنكم قراءة دعاء القاموس ثلاث مرات لإستقرار الروح وعدم خروجها كما ننصحكم بالتحصينات اليومية

استفساري : قرأت بعض التجارب لأناس في مواقع اجنبية كذلك منهم من رأى اقربائه من الموتى فكيف ذلك كان , هل الحساب والجزاء لم يفرض على ارواحهم بعد ؟ فهم ليسو مؤمنون الا يفترض انهم حوسِبوا ونالو العقاب؟.
ولكن ذلك منطقي بأنهم يرونا ونراهم في ذلك العالم ولا شك في ذلك والا كيف تأتي الرؤيا والأحلام عن الموتى
في المنام .

اكتبوا استفساركم بارك الله بكم في قسم قسم سؤال وجواب (مختص بالجانب الروحي فقط)

أخي برايي الشخصي دع امور العقاب والحساب لخالق الخلق ولا تتعب نفسك في البحث عنها ولتقضي عمرك بما خلقك الله تبارك وتعالى له


ولو ممكن سؤال آخر : القصة هذه تُروى عن من اي من الذي مات وحدث له كل هذا وكيف اتت القصة لنا ؟ و ان كانت مؤلفة فهل هي مبنية على اسس صحيحة ؟
جواب هذا السؤال بالتحديد نجده عند المؤلف لكن بحسب ما قرأت انها جاءت بحسب ماجاء في الرؤايات الشريفة وتفسير الآيات الكريمة

ان السؤال هو كيف استطاع ان يوصل تلك الرسالة وكيف كانت تجربته لمن هم العالم المادي ؟
أخي الفاضل وصول اي شيء لنا هو ارادة الرب الكريم وهو من يحدد كيف ومتى يصل إلينا مايشاء من علم عن ذلك العالم لحمكة ما هو سبحانه وتعالى العالم بها

هل تسمحون لي بطباعة الموضوع ؟ اريد ان اريه احد معارفي .
يمكنكِ ذلك أخي الكريم مع ذكر المصدر بارك الله بكم

أخي الكريم نشكركم على المرور والمشاركة وننصحكم بإلاتحاق بالمدرسة الروحية لتطوير روحكم وإظهار طاقاتها وتسخيرها في خدمة المؤمنين والمؤمنات وسيكون معكم استاذ ومرشد روحي يعرف روحكم ويرشدكم


والله أعلم
ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام أجميعن







التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
قديم 06-16-2012, 03:23 PM   رقم المشاركة : 25
امل العارفين
موالي فعال







امل العارفين غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

جزاك الله كل خير







التوقيع

القرب الالهي رجائي

  رد مع اقتباس
قديم 10-05-2012, 12:00 AM   رقم المشاركة : 26
نور فاطمة الكبرى
مشرفة








نور فاطمة الكبرى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله محمد و عجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

فقال: « لا مندوحة لك عن الانفراد في هذه المراحل الثلاث من الطريق، لأنّي لم أكن معك أيضاً في المراحل الثلاث الاُولى من حياتك في دار الدنيا في بداية التكليف، وإنّما ولدت فيك بعد ذلك، لأن طينتي من عِليّين، وهي الهداية والرشاد، وهذا القصور قد حصل منك، فَلُمْ نفسك ولا تلمني ».
ثمّ طار مبتعداً وتركني وحيداً، فأخذت اُفكّر فيما قاله، فوجدت أنّه كان حكيماً وعلى صواب، فإنّ ما تحقّق عملياً في السنوات الثلاث الأُوَل من البلوغ كان العقل الحيواني، وإنّ العقل الإنساني لم يزد عن شعاع خافت. فهو كما يقول الفلاسفة، العقل الهيولائي أو نواة العقل(4).

وبديهي أنّني لم يكن لي هادٍ حينذاك، وكنت لا ألتزم قولاً ولا عهداً، ولا أفي بوعد، وكنت تحت سيطرة التكبّر والخُيلاء، وكنت يومئذ من طلاّب العلم، وفي الشبر الأول منه. فقد قيل إنّ العلم ثلاثة أشبارك، الشبر الأول يوجب التكبّر.
فكنت وحيداً.. لا هادي ولا أبو وقار ولا أبو تراب، فكان لابدّ من السفر وحيداً؛ سُنّةَ الله التِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (5).
إنّ العوالم نُسخ متكرّرة، فإذا عرفت واحداً منها عرفت الآخر، والجدل في هذا دليل عدم الفهم(6).

اختي العزيزة فهمنا ان العوالم نسخ متكررة و لا بد ان تتكرر في ذلك العالم..و لمن الشخص الذي التزم في سن الثلاثين_بعد أن أمضى عمره بالمعاصب و الجهل)...و قضى عمره الباقي في العلم و العبادة و الدعاء و المعرفة..حتى وصل الى اليقين و المقامات الرفيعة..

ان مثل هذا الشخص لا بد له ان يمر بهذه المراحل المتعبة؟و الشاقة...

أليس من تاب يغفر الله له؟!!أو انه غفر له و لكن لا بد أن يقطع مراحل صعبة.. و تتكرر العوالم...

اللهم صل على محمد وال محمد و عجل فرجهم يا كريم

وفقكم الله لكل خير ببركة و سداد اهل البيت عليهم السلام







التوقيع

.. زهراء يا أنس الوجود ..

فأُطالبكَ يا الهي أن ترزقني شهادةً مُطَهِّرَةً
أنا اخترتُها
لنفسي كفارةً عن ذنبي،
شهادةً قلّ نظيرُها يتفتتُ
فيها جسدي و تنال كل جارِحة
من جوارحي ما تستحقُّه من
القصاصِ و العقوبةِ و بعدها
يا ربِّ يصبحُ حتماً أن تسكنني
بجِوارِكَ و جِوارِ أولِيائكَ

( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا )


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ..
  رد مع اقتباس
قديم 10-05-2012, 12:03 AM   رقم المشاركة : 27
نور فاطمة الكبرى
مشرفة








نور فاطمة الكبرى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

قصدت اليس من الجدير أن يقطع المراحل الاولى بأمان و اطمئنان لأنه حتى لو قضاها بالمعصية فإنه قد عوض عنها فيما بقي من عمره و استيقظ و التفت







التوقيع

.. زهراء يا أنس الوجود ..

فأُطالبكَ يا الهي أن ترزقني شهادةً مُطَهِّرَةً
أنا اخترتُها
لنفسي كفارةً عن ذنبي،
شهادةً قلّ نظيرُها يتفتتُ
فيها جسدي و تنال كل جارِحة
من جوارحي ما تستحقُّه من
القصاصِ و العقوبةِ و بعدها
يا ربِّ يصبحُ حتماً أن تسكنني
بجِوارِكَ و جِوارِ أولِيائكَ

( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا )


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ..
  رد مع اقتباس
قديم 10-05-2012, 10:10 PM   رقم المشاركة : 28
ريحانة البتول الطاهره
موالي فعال







ريحانة البتول الطاهره غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي على محمد وال محمد
شكراً معلمتي على هذا الطرح الرائع

انا قرات فقط الجزء الاول
وساكمل غداً الثاني
ولكن كيف لي ان احصل على هذه الكتب كتب مازل الاخره وغيرها من الكتب







التوقيع

بداية البرنامج الاول: 27/5/2014
نهاية البرنامج الاول: 5/7/2014
بداية البرنامج الثاني: 6/7/2014
بداية البرنامج الثالث: 15/8/2014

اللَّهُمَّ وَهَذِهِ رَقَبَتِي قَدْ أَرَقَّتْهَا الذُّنُوبُ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأَعْتِقْهَا بِعَفْوِكَ، وَهَذَا ظَهْرِي قَدْ أَثْقَلَتْهُ الْخَطَايَـا، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَخَفِّفْ عَنْهُ بِمَنِّكَ. يَا إلهِي لَوْ بَكَيْتُ إلَيْكَ حَتَّى تَسْقُطَ أَشْفَارُ عَيْنَيَّ ، وَانْتَحَبْتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ صَوْتِي، وَقُمْتُ لَكَ حَتَّى تَتَنَشَّرَ قَدَمَايَ، وَرَكَعْتُ لَكَ حَتَّى يَنْخَلِعَ صُلْبِي، وَسَجَدْتُ لَكَ حَتَّى تَتَفَقَّأَ حَدَقَتَايَ، وَأكَلْتُ تُرَابَ الارْضِ طُولَ عُمْرِي، وَشَرِبْتُ مَاءَ الرَّمَادِ آخِرَ دَهْرِي وَذَكَرْتُكَ فِي خِلاَلِ ذَلِكَ حَتَّى يَكِلَّ لِسَانِي ثُمَّ لَمْ أَرْفَعْ طَرْفِي إلَى آفَاقِ السَّمَاءِ اسْتِحْيَاءً مِنْكَ مَا اسْتَوْجَبْتُ بِذَلِكَ مَحْوَ سَيِّئَة وَاحِـدَة مِنْ سَيِّئـاتِي.
  رد مع اقتباس
قديم 10-06-2012, 01:41 PM   رقم المشاركة : 29
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربي يحفظكم من كل سوء


أختي الفاضلة يا سيد البلغاء حفظكم الله تعالى من كل مكروة وسوء

اقتباس:
اختي العزيزة فهمنا ان العوالم نسخ متكررة و لا بد ان تتكرر في ذلك العالم..و لمن الشخص الذي التزم في سن الثلاثين_بعد أن أمضى عمره بالمعاصب و الجهل)...و قضى عمره الباقي في العلم و العبادة و الدعاء و المعرفة..حتى وصل الى اليقين و المقامات الرفيعة..

ان مثل هذا الشخص لا بد له ان يمر بهذه المراحل المتعبة؟و الشاقة...

أليس من تاب يغفر الله له؟!!أو انه غفر له و لكن لا بد أن يقطع مراحل صعبة.. و تتكرر العوالم...
نعم من تاب تاب الله تعالى عليه وهذا لا يمنع الحساب والعقاب فمن تاب وآمن ووصل لرفيع الدرجات ليس بالضرورة انه لم يقترف ذنباً ، نحن لا نعلم ما حاله تحديداً الله سبحانه وتعالى هو العالم به وكل في ذلك العالم يسير بحسب ما صنعته يداه في هذا العالم إن كان خير فسيره بإذن الله تعالى خير وسيطوي المسافات في ذلك العالم طي أما ان كان شر فعليه ان يتحمل العبور الشاق

أنقل كم أختي حكاية من كتاب منازل الآخرة للشيخ عباس القمي رحمه الله تعالى

نقل عن خط الشيخ الشهيد عليه الرحمة:
قال أحمد بن أبي الجواري: تمنّيت أن أرى أبا سليمان الداراني (1) في المنام فرأيته بعد سنة ، فقلت له يا معلم ! مافعل الله بك؟
فقال: يا أحمد جئت من باب الصغير فلقيت وسق شيح (2)، وأخذت منه عوداً ما أدري تخللت به، أورميت به، فأنا في حسابه مذ سنة الى هذه الغاية (3)
يقول المؤلّف: لا استبعاد في هذه الحكاية ، بل تصدقها الآية الشريفة:
(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) (4)
وكذلك قول أمير المؤمنين عليه السَّلام في احدى خطبه:
( أليست النفوس عن مثقال حبّة من خردل مسؤولة ؟!! (5)
وكتب في رسالة الى محمّد بن أبي بكر قال:
(واعلموا عباد الله انّ الله عزّوجلّ سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير)) (6).
.......................
(1 ) قال المؤلّف رحمه الله تعالى في الحاشية (أبو سليمان الداراني عبد الرحمن بن عطية الزاهد المعروف توفي في (داريا ) من قرى (دمشق) وقبره هناك معروف وأحمد أبي الجواري من أصحابه ـ كذا في معجم البلدان).
(2) والشيح بالكسر نبت سهلي يتخذ من بعضه المكانس وهو من الأحرار له رائحة طيبة وطعم مرّ وهو مرعى للخيل والنعم، ومنابته القيعان والرياض، راجع8 تاج العروس للزبيدي: ج 2، ص 174، (فصل الشين من باب الحاء).
(3) سفينة البحار للمرحوم الشيخ عباس القمّي: ج 1، ص 250.
(4) سورة لقمان : الآية 16. قال المؤلّف في الحاشية:
( قال المفسرون: يعني يابني انذها إن تك من خصلة حسنة أو سيئة يأتي بها الله ـ ولو كان وزنها وزن خردلة سواءاً كانت في صخرة أو في السماء أو في ألارض ـ في موقف الحساب ويحاسبك عليها).
(5) الأمالي للصدوق : 496، المجلس : 90، ح 7، وعنه في البحارك ج 40، ص 348، ح 29، وفي : ج 77، ص 396، ح 13.
(6) نقله ابن الحديد في ضمن كتاب كتبه أمير المؤمنين عليهِ السَّلام الى محمّد بن أبي بكر وأهل *********، شرح نثج البلاغة: ج6، ص 678، وفيه (فعلموا) بدل (واعلموا) ، وفيه (من أعمالكم) بدل (من عملكم)، ونقله السيّد الرضي في نهج البلاغة: ج 3، ص 27، شرح محمّد عبدة (من عهده عليهِ السَّلام الى محمّد بن أبي بكر حين قلده *********)، وفيه (فانّ الله تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة)، ونقل الرواية الاُولى المجلسى في البحار: ج 33ن ص 543، ح 72، عن ابن أبي الحديد، ونقل ارواية الثانية في : ج 77، ص 387، ح 11، ورواه الشيخ المفيد في الأماني: ص 269، المجلس 31، ح 3، ورواه الشيخ الطوسي في الأمالي: ج 1، ص 24، المجلس 1ـ ح 31.

اقتباس:
قصدت اليس من الجدير أن يقطع المراحل الاولى بأمان و اطمئنان لأنه حتى لو قضاها بالمعصية فإنه قد عوض عنها فيما بقي من عمره و استيقظ و التفت

قال عزّ وجلّ من قال :( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)
(46) سورة فصلت
حتماً ستمر عليه المراحل بيسير وسهوله إن كان كتابه نظيف ونورٌ على نور وهناك الكثير من الرويات الدالة على ذلك

والله أعلم
ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام اجمعين






التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
آخر تعديل صفاء نور الزهراء يوم 10-06-2012 في 03:36 PM.
  رد مع اقتباس
قديم 10-06-2012, 01:50 PM   رقم المشاركة : 30
صفاء نور الزهراء
مــراقــبة عـامـة ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية صفاء نور الزهراء








صفاء نور الزهراء غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسيرة الأرواح بعد الموت

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربي يحفظكم من كل سوء

أختي الفاضلة ريحانة البتول الطاهرة حفظكم الله تعالى من كل مكروة وسوء


اقتباس:
ولكن كيف لي ان احصل على هذه الكتب كتب مازل الاخره وغيرها من الكتب
الكتب في هذا المجال كثيرة ولكن بعضها ليس بالجيد قرائتها

ننصحكم بقراءة كتاب منازل الآخرة للشيخ عباس القمي رحمه الله تعالى


والله أعلم
ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام اجمعين






التوقيع

كن مع الله يكن الله معك ( فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي )


"
فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"

ويدخل شهر محرم الحرام بكل مافيه من تفاصيل حزينه ارشاديه هاديه
الحسين شمعة للهداية في كل حياته سلام الله عليه
من مولده ليوم استشاده صلوات ربي عليه
لنا في حركاته كلماته سكناته رحلته من المدينة لمكة لكربلاء الكثير الكثير من المواعظ والدروس
علينا في هذه الايام ان نفتح القلب ونرحل مع الحسين حيث النور حيث الصلاح

أيا حُسين الهداية خذ القلب معك سيدي وعلمه كيف يكون الكمال الانساني


ايها الإنسان تذكر دائماً ربك وعد اليه في كل امورك تجده عندك واستيقن انه جلّ جلاله معك إينما تكون هو معك
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 10:34 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.