بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم
اذا ما أراد السالك الوصول لله والتقرب إليه سبحانه وتعالى ، فلا بد أن تكون نيته وجميع أعماله خالصة لله تعالى ،فافعال البشر وانفعالاتهم لا يكون لها معنى إلاّ في ضوء النية، فبالنية يصبح لفعل الإنسان وأعماله قيمة ومعنى، وعلى أساس نيته يجازى الانسان من قبل الله تعالى. فالمصلي والعابد يقوموا بنفس الصلاة والعبادة ولكن قد يقوم احدهما بها قربة لله ، والثاني حب الظهور والسمعة بين الناس . مما يؤثر بلا شك في قيمة العمل ، وفي التأثير الروحي و القلبي والنفسي وحتى العقائدي لها على الشخص نفسه، وكذلك المناط من قبولها من الله من عدمه* ففي الصورة الاولى مقبولة ، وفي الأخرى هباءاً منثورا.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال الله تعالى: « أنا خيرُ شريك، مَن أشرك بي في عمله لن أقبَلَه، إلاّ ما كان لي خالصاً » ( مستدرك الوسائل 100:1 / ح 87 ).
ـ وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام: « العملُ كلُّه هباء إلاّ ما أُخلِص فيه »، « ضاعَ مَن كان له مقصدٌ غيرُ الله » ( غرر الحكم / ح 1400، 5907 ).
اذن نستنج من الحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، إن أيما عمل يقوم به الإنسان ـ خاصة العمل العبادي ـ لا يشترط فيه نيّة وجه الله وقصد الخير فحسب، بل يجب أن تكون النية خالصة أيضاً.
ومن هنا قد يتساءل سائل ما هو الاخلاص في النية ؟ ومن هو المخلص؟
الاخلاص : الصافي ، ما زاله عنه شوائبه ومفاسدة ، أي الصافي الذي لا شائبه فيه.
حقيقة الاخلاص: هو التبري عن كل ما دون الله
أهل السلوك والعرفان: تصفية العمل من كل شائبة (( شوب)) حتى رضا نفسه والمخلوقين.
للتوضيح أكثر:* شخص أراد أن يتصدق ولكن ما هي غايته وما أهدافه من دفع هذه الصدقة؟ هل لاجل أن يتمدحوه الناس* أم من أجل العوض عنها في الدارين؟
قبل الاجابة لابد من التأمل في القول المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام
لقد* روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام انه قال:اللهم اني ما عبدتك خوفًا من نارك ولا طمعًا في جنتك ولكني عبدتك لأنك أهلاً لذلك وابتغاء مغفرتك ورحمتك ورضوانك) .
ومن خلال القول المروي نعرف إن أعلى مراتب الاخلاص تكون لا في طلب رضا النفس ولا رضا المخلوقين وانما تكون في طلب رضا الله والقرب إليه .
يقول الشيخ حبيب الكاظمي في إحدى وصاياه بخصوص اخلاص النية:
إنّ إخلاص النية في كل قول وفعل ، أساسٌ لمرضاة الرب المتعال .. وينبغي البحث عن كل دواعي الشرك الخفي في العبادة .. فمن تلك الدواعي الخفية :*
- تحقيق الذات .*
- الإحساس باللذة بما لا يستند إلى رضى المولى .*
- التخلص من المشاكل الخاصة في الحياة ، لا رغبة للتفرغ للعبودية بل لمجرد الدعة والراحة .*
ومن المعلوم أنّ التخلص من الشوائب بجميع أقسامها ، يحتاج إلى البصيرة بالنفس أولاً ، وبتلك الشوائب ثانياً .. وذلك مما لا يوفق له إلا الذين دخلوا دائرة الرعاية الإلهية المباشرة .
تنبيه مهم:
لابد للانسان أن يكون في حألة مراقبة دائمة للعمل ، فالشيطان يسعى لاغواء الانسان ، فقد يكون العمل خالص لوجه الله، ولكن في النهاية يفسد بإدخال النية الفاسدة على النية الصالحة.