( يَأْتِينَكَ سَعْياً ) -1-

[صفاء نور الزهراء]

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد تم اختيار شعار لهذه الدورة تحت عنوان ( يَأْتِينَكَ سَعْياً ) وسيتضح من خلال الحديث أن هناك معنى عميق لحقيقة الفتنة و الابتلاء في زمان الإمام عجل الله فرجه وربما نفاجأ بعد أن ننتهي من البحث أن ما هو موجود ومتصور في الأذهان عند أغلب الناس حول الضياع الذي سيكتنف خروج الإمام لا يعكس الواقع أبدا

الآية التي اخترتها هي في قلب هذا الموضوع وسيكون سير البحث بأن أشرح الشعار ثم أفصل الآية ثم نأخذ الرأي الأخير في فهم الآية والذي يتناسب والنتيجة التي نريد ان ننتهي لها فالآية تتضمن صفات المأموم الذي سوف يستجيب للإمام عليه السلام وسوف نركز على هذه المسألة من جهة ومن جهة أخرى على الصفات الواضحة في الإمام والتي تشخصه وتعلّمه / أي تعطيه العلامة والوضوح والبيان في كل زمان ولكل شخص .

1- مع الشعار ( يَأْتِينَكَ سَعْياً )

ترتبط الآية التي تصيدتُ منها الشعار بقصة نبي الله إبراهيم عليه السلام حيث تتحدث عن آخر المراحل والمنازل والمقامات التي كان يطمح لها نبي الله إبراهيم , ويجدر أن نشير إلى أن نبي الله إبراهيم يمتاز من بين الأنبياء - والقران يركز في هذه المسألة - بالطموح الراقي العالي الرفيع والنهم في المعرفة والإصلاح والهداية . بحيث يفكر في أبناء عصره ومن سوف يأتي بعدهم ومن سوف يدخل في بيته ( ربِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) (1) ولئن كان هذا طموحه في مسألة الهداية , فإن له طموحا خاصا على مستوى ترقيه في المقامات فهو الذي كان بنفسه أمة ( إنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً )( 2) فهو الذي أراد مقام الإمامة , وهو الذي طلب أن يجعل الله له لسان صدق في الآخرين ، وهو الذي بنى للناس بيتا لكي يفوا بعبوديتهم لله سبحانه وتعالى . هذه القصة حدثت في آخر حياة إبراهيم عليه السلام أي بعد أن أصبح خليل لله وارتفعت كل موانع العبودية بينه وبين الله سبحانه, بل بعد أن وصل إلى مقام الإمامة للناس بعد طلبه من الله أن يجعله للناس إماما ، لكن لم يتوقف طموح نبي الله إبراهيم عند هذا المستوى , بل طلب المزيد ومن طموحاته الراقية على المستوى الشخصي هو هذا الطلب الذي تحكيه الآية التي بين يدينا وسوف نلاحظ أن هذه القصة هي انطباق لزمن الغيبة وزمن الظهور ، وسنبدأ المسير مع الآية لنصل بالتدريج لهذه النتيجة .

2- مع الآية ..

﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم ﴾ (3)

النقطة الأولى التي تلفتنا في هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى هي ذكر الله لنبيه إبراهيم بالاسم وهذا ملفت خصوصا أن الآية التي قبلها كانت تتحدث عن النبي عزير لكنه لم يذكر اسمه بل اكتفى بالقول ﴿ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهَيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ َلَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَا نْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ (4) ولكن عندما تحول الكلام لإبراهيم وجدنا الله سبحانه وتعالى يبدأ بذكر اسم خليله والسبب في ذلك هو نوع العلاقة الخاصة بين الله ونبيه إبراهيم عليه السلام .

نحن نعرف أن الحب والعشق والتعلق له أحكام فالمحب يتحين أي فرصة ليذكر اسم محبوبه , لأن أصل ذكر اسم المحبوب على لسان المحب هو من شأن الوفاء للحب والخلة والعلاقة .

إبراهيم هو محبوب الله ولذلك بدأ قصته بذكر اسمه فذكر اسم المحبوب يثبت المحبة لدى الطرفين ، ويزيد من توثيق وتأكيد واشتداد المحبة من جهة ومن جهة أخرى ليبقى اسم المحبوب على اللسان ، قد يبدو هذا المعنى شعريا لكنه في الواقع فنّ ديني , ومنه قولنا ( اللهم صل على محمد وآل محمد) وعدم اكتفاءنا بـ ( وآله ) رغم أنها تفي بالمعنى , وأهل الفن يقولون أن ( محمد ) الثانية تُكرر ليبقى اسم رسول الله هو آخر ما يجري على اللسان , ويبقى الذهن واللسان مصطبغا بذكر محمد صلوات الله عليه وعلى آله.

ولا عجب في ذاك فالألوان الروحية لها أسباب لتهييجها وتحريكها وتثويرها ولذلك فنون ، ألا ترون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله يقول ( أنا من حسين وحسين مني ) كان بالإمكان أن يقول أنا وحسين كلنا من بعض ذرية بعضها من بعض ويكتفي بذلك فهو وافٍ بالمعنى ، لكنه يكرر اسم الحسين عليه السلام لأن اسمه على لسان رسول الله كالسكر وهو يريد لهذا المعنى أن ينتقل ويتحول إلى عادة و سنة فيذكَر الحسين كثيراً ، التكرار في الأمثلة التي ذكرناها لا يأتي بمعنى جديد فنيا ، لكنه يأتي بمعنى جديد في البعد الذوقي والجمالي والإيقاعي و الحديث عن إبراهيم عليه السلام في القرآن له هذا الإيقاع وقد حفظ الله تعالى هذه النغمة بينه وبين خليله عند الحديث عن إبراهيم في كل شؤونه .

ماهو طموح نبي الله إبراهيم وما الغاية من طلبه ؟

قلنا أن النبي إبراهيم صاحب طموح عالٍ في إرادته معرفة الله سبحانه وتعالى وعبودية الله وكذلك في هداية الناس وإصلاحهم وقلنا أن هذه الآية تصور أحد تلك الطموحات . لكن ماهو المقام الذي أراد إبراهيم أن يصل إليه بهذا الطلب؟ خصوصا وأن طلبه هذا في آخر حياته أي بعد وصوله لمقام الخلة والإمامة ، لأن القصة فيها جبال والمنطقة التي توجد فيها جبال تتناسب مع بلاد الشامات وهي آخر محطة عاش فيها نبي الله إبراهيم عليه السلام

وللجواب عن ذلك نقول :

إبراهيم الذي لا يقف طموحه في الاستزادة من العلم والمعرفة , وهو نموذج ومصداق للأمر الإلهي لنبيه ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (5) يطلب من الله أن يريه كيفية إحياء الموتى ﴿ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى ﴾ (6) ويجيبه الله سبحانه وتعالى ﴿ أَوَلَمْ تُؤْمِن ﴾ فيقول ﴿ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ وهذا يولد في أذهاننا فهما ينطوي على إشكالات ومنشؤه أننا نقيس حالات الأنبياء علينا فنحن نقيس أن الاطمئنان الذي يريده إبراهيم هو كالاطمئنان الذي نحتاجه نحن في الوقت الذي يجب أن نخرج عن تصورنا المحدود عن حالاتنا الروحية .

ومن هنا فلا يمكن أن نتصور أن إبراهيم يريد صِرف الإحياء الذي نعرفه نحن , وهو الذي كان يعرف أن الله الذي يحيي ويميت في مقتبل عمره ومنذ نعومة أظفاره وأعلن ذلك عندما ناقش نمرود في مسألة وحدانية الله ﴿ حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾(7 ) بل إن إبراهيم لم يدرك بعقله فقط هذه المسألة فنحن نعرف أن علوم الأنبياء ليست علوما حصولية وإنما علوما روحانية فهو عليه السلام يرى ويشهد في قلبه كل من يموت وكل من يحيا ويرى أفعال الله سارية في هذا الكون فلا يحتاج إلى أن يبرهن له الله سبحانه وتعالى على أنه يحيي الموتى أو يريه ذلك .

إذن ماذا يريد إبراهيم بهذا الطلب , وماهو الاطمئنان الذي يطلبه ؟

الاطمئنان هو في الحقيقة حالة لها درجات لا تنتهي ومراتب لا حد لها و كلما زاد الإنسان علما ومعرفة و إحاطة كلما كان مطمئناً أكثر وقد علمنا أن نبي الله إبراهيم عليه السلام يعلم أن الله يحيي الموتى وهو أمر قد تجاوزه مبكرا ، أما الاطمئنان الذي يريده نبي الله إبراهيم عليه السلام هو أنه يريد الوصول - على حد تعبير المفسرين - إلى عين اليقين .

نبي الله إبراهيم عليه السلام هنا ليس في معرض السؤال وإنما في معرض الطلب والتوسل ، ونحن نعرف تفاصيل طلب إبراهيم من خلال جواب الله له فسؤال إبراهيم مختصر بينما جواب الله مفصل ، ومن خلال الجواب الإلهي تبين لنا أن إبراهيم عليه السلام لا يريد أن يرى إحياء الموتى مثل عزير بل هو يريد منزلة أخص ومرتبة أهم ، إبراهيم لا يريد أن يرى المفعول كيف يحدث , او يرى المتلقي كيف يتلقى ويشاهد الميت كيف يرجع للحياة بل هو يريد أن يرى مرتبة أهم ومقاما أخص فهناك حقيقة رآها إبراهيم عندما رأى ملكوت السماوات والأرض ﴿ كَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾(8) فقد رأى منزلة ومقاماً و مرتبة لشخص سوف يحيي الله سبحانه وتعالى على يديه وبولايته البلاد والعباد والماء والهواء وبه يحيى كل ميت وحين رأى إبراهيم عليه السلام ذلك المقام أراد الوصول إليه و أراد أن يقوم بذلك الدور ولو للحظات .

إبراهيم عليه السلام يطلب رؤية الحقيقة التي يصل إليها الإمام المهدي عليه السلام وتلك القدرة التي يحيي بها الموتى ولأن إبراهيم عليه السلام أراد رؤية ذلك الانقلاب الذي سوف يحدث مع ظهور الحجة بن الحسن عجّل الله تعالى فرجه الشريف في هذه الحياة فلم يقل أرني كيف تُحيي يارب ميتا ولم يقل أرني كيف تَحيا الموتى وإنما قال كيف تُحيي يارب الموتى ، يعني كيف تبثُّ الروح في هؤلاء الموتى فإبراهيم عليه السلام هنا في مورد الطلب لمنزل ومقام ومرتبة والاقتدار وموهبة وعطية يجريها الله على يد ولي من أوليائه فيحيي الموتى والموتى لا تختص بالميت من البشر ولا الميت من الأرض أو الماء او الهواء فلكل شيء في الوجود حياة وموت .

إذن إبراهيم عليه السلام الذي وصل إلى رؤية ملكوت السماوات والأرض يطلب مستوى عال من الاطمئنان نستطيع أن نقول أنه مرحلة قريبة من مرحلة الربوبية ألم يرد في الرواية ( العبودية جوهرة كنهها الربوبية ) ؟! إبراهيم في الحقيقة يريد أن يصل لهذا المقام وذلك حقه ولا عيب في أن يطلب الإنسان مزيدا من مقامات القرب والزلفى ، إبراهيم عليه السلام أراد أن يرى ولاية الله في إحياء الأموات الولاية التي إذا فعّلها الله سبحانه وتعالى أحيت الموتى .

كيف كان جواب الله لطلب نبيه إبراهيم (ع) ؟

الآن يأتي الجواب الذي هو تفصيل للسؤال وهو مليئ بالقرائن التي تبين نحو السؤال .

لم تكن إجابة الله لنبيه من قبيل : إنني أحيي الموتى لأني اقدر عليهم وأنت تدرك هذه القدرة وأنك رأيت ذلك لأنك مطلع على ملكوت السماوات والأرض .... الخ وإنما جاء الجواب الإلهي عن طريق إدخال نبي الله إبراهيم في تجربة مؤقتة يرى من خلالها ما طلب ، هذه التجربة التي تكون مطلقة لمحمد بن الحسن عليه السلام في الظهور .

التجربة التي أدخلها الله نبيه إبراهيم عليه السلام تجعله يمارس عملية إحياء الموتى وهي تتناسب مع طلبه فهو انتهى من مراحل علم ومعرفة ويقين ويطمح في أرقى منها وهذه التجربة توصله لذلك الطموح .

ولنوضح درجات العلم بمثال :

طالب الطب يترقى في معرفته لبدن الإنسان وخصائصه من المرحلة النظرية التي هي مجموعة مسميات ومصطلحات ووظائف للأعضاء إلى مرحلة أرقى وهي رؤية طبيب يشرح جثة إنسان يرى الطالب من خلالها ما درسه رأي العين ثم المرحلة الأخيرة من العلم والتي تمنحه سمة ( طبيب) وهي أن يقوم هو بنفسه بعملية التشريح ولا شك أن الفرق بين مراحل تلك العلوم فرق كبير .

فالنبي إبراهيم عليه السلام كان يملك مراحل عالية من الاطمئنان واليقين لكن طموحه يطلب الغاية القصوى من تلك المراحل .

ماهي الحياة التي عناها النبي إبراهيم ؟

يجدر أن نشير لمعنى الحياة التي يطلب إبراهيم من الله سبحانه وتعالى أن يجريها على يديه ومرتبة الولاية التي يطلب منه أن يحققها به , فليس المراد بالحياة تلك الحياة العضوية البدنية ولم يكن طلبه هو ما أجراه الله علي يد نبيه عيسى عليه السلام إذ يخلق من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ، إن نوع الإحياء الذي أراده خليل الله أبعد وأعمق من هذا المعنى فهو الذي كشف له الملكوت .. كان يرى أن الحياة الواقعية هي ارتباط وخلوة وعلاقة بالله سبحانه وتعالى وهذا الاتصال هو حقيقة وجود كل الموجودات ، ثم هو يرى ابتعاد هذه الموجودات عن حقيقة الحياة بابتعادها عن الله سبحانه وتعالى ويرى الإنسان والماء والهواء قد فُرّغت من معناها الربوبي والإلهي لذا فهو يريد أن يرى هذه الأرض التي مُلأت ظلما وجورا كيف تملأ قسطا وعدلا و كيف تملأ بعباد الله الصالحين بعد أن امتلأت بمعاصي العباد كان طلب إبراهيم عليه السلام هو أن يريه الله كيف يمن على عباده فيهبهم الأمان ثم يقول الله تعالى ﴿ يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾(9) لقد رأى نبي الله إبراهيم عليه السلام في تجربته مختلف الملل والنحل والشعوب والمفاهيم والسنن التي لم تحقق للإنسانية إلا الإعراض والانصراف عن الله سبحانه وتعالى فكيف سوف تعود وكيف سوف تحيى حياة واقعية ؟ هذا ما أراد نبي الله إبراهيم عليه السلام أن يراه .

لأن ما يراه إبراهيم عليه السلام من واقع الكون أمر يدعو للعجب ، فهو يرى هؤلاء الذين قد تمزقت فطرتهم وتقطعت معارفهم و عقولهم وأصبحت مظاهر حياتهم تضج بألوان العبودية لغير الله سبحانه وتعالى فكيف سوف يحولهم الله سبحانه وتعالى ويمن عليهم بحيث يصلون لمرحلة ﴿ يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ إبراهيم عليه السلام في الواقع أراد أن يرى هذه المرحلة من الإحياء ويعرف كيف سوف يصل لها الناس كيف سيعودون لله ومن الذي يعيدهم ؟

هذه هي الحياة التي كان يطلب أن يراها إبراهيم عليه السلام وهو طلب يتناسب مع معاناة خليل الله فمعاناة إبراهيم عليه السلام ليست من كون بدن أحدهم قد انتهى وانتقل بروحه إلى عالم آخر معاناة نبي الله إبراهيم عليه السلام هي الموت الحقيقي الذي تعاني منه البشرية معاناته من إنسان مات بكل معنى الكلمة ومن أرض ومن هواء وماء وموجودات ماتت بحقيقة الموت بحيث تجزأت وتقطعت وابتعدت عن الله سبحانه وتعالى .

والله هنا يجيبه إجابة تحمل عمق طلبه وتوسله فيطلب منه أن يأخذ أربعة من الطير ويقطعهن ويوزع أجزائهن على الجبال ثم يدعوهن وبهذه الدعوة / الرمز سوف يجد أن تلك الأجزاء المقطعة الموزعة ستجتمع ولا تأتي إليه فحسب بل تسعى إليه سعيا أي بانسياب واستسلام ورضا وقبول .

هذه العملية رآها إبراهيم عليه السلام في أربعة من الطيور المقطعة حيث تجتمع أجزاؤها بعد ابتعاد وتمزق وشتات وتفرق وتقطع أوصال ورأى أنها بمجرد دعوة منه جاءته ساعية لم تضِع فيه ولم تفتتن بغيره ولم تبحث عن سواه ولأنها عرفت صوته ولحن ندائه فقد أتته سعيا .

لقد نفخ إبراهيم عليه السلام في تلك الطيور لا لكي تعود طيرا بإذن الله ويحلق في السماء كما فعل عيسى عليه السلام بل لتأتي إمامها وسيدها تسعى بين يديه لا تتلكأ في مشيها بل تأتيه ( سَعْياً ) ..

تحيا لا لتنفض تراب الموت محلقة في الهواء ولا لتبحث في الأرض عن الخبء وموارد الشرب والماء بل تنتفض من الموت لتلبي دعوته وتسعى إليه .

هذه التجربة أرت إبراهيم عليه السلام صورة مصغرة لتلبية صاحب مقام إحياء البلاد والعباد مولانا الإمام الحجة ابن الحسن عجّل الله تعالى فرجه الشريف حين يلبي دعوته الحاضر والبادي هذا هو المقام الذي طمع فيه إبراهيم ورجاه إبراهيم وهذا واضح المعنى في الأدعية الخاصة بالإمام المهدي عليه السلام ففي دعاء العهد نقول ( يا حيا قبل كل حي يا حيا بعد كل حي يا مميت الأحياء ومحيي الموتى يا حي لا إله إلا أنت ) و نقول في مناجاة الإمام في دعاء الندبة ( أين محيي معالم الدين وأهله ) وسوف نبين كيف يمارس الإمام هذه الوظيفة لحظة لحظة وآنا آنا مع شيعته وهو المحجوب عن شيعته مع محجوبيته ..

يا أيها المحجوب عن شيعته ........ وكاشف الغما على احتجابه

كم تغمد السيف لقد تقطعت ........ رقاب أهل الحق على ارتقابه

فانهض لها فليس إلاك لها ........ قد سئم الصابر جرع صبابه

................................
الاستاذة العالمة أم عباس النمر

(1) نوح 28
(2) النحل 120

(3) البقرة 260
(4) البقرة 259
(5) طه 115
(6) البقرة 260
(7) البقرة258
(8) الانعام 75
(9) النور 55


والله أعلم

ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام اجمعين

[عقيلة أبا الفضل]

بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم والعن أعدائهم يا كريم..

الحبيبة صفاء نور الزهراء حفظكم الله من كل سوء
أحببت أن أكون أول المشاركين بطرحكِ النوراني و أشكركِ عليه ..

إن شاء الله لي عودة بعد قرائته بتدبر

وفقكم الله لكل خير ببركة وسداد أهل البيت عليهم السلام

[صفاء نور الزهراء]

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي الفاضلة حفظكم الله تعالى من كل سوء ببركة محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف

أحببت أن أكون أول المشاركين بطرحكِ النوراني و أشكركِ عليه ..
أهلاً بكِ عزيزتي وأهلاً بنوركِ ونحن من نشكركِ على المتابعه والمرور الكريم

إن شاء الله لي عودة بعد قرائته بتدبر
قراءة ممتعه ومفيده اتمناها لكِ اختي العزيزة

تم إضافة الجزء الثاني ( يَأْتِينَكَ سَعْياً ) -2-

والله أعلم
ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام اجمعين

[منار علي (ع)]

-بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبيين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم .

السلام على محي معالم الدين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أعجبني عنوان الدورة كثيرا ,
قرأت الموضوع عدة مرات وفي كل قرآءة أبصر معنى وتتضح لي فكرة .
لأول مرة أعلم أن هذه الآية الشريفة مرتبطة بصاحب العصر والزمان عليه سلام الله .
استخلصت نقاط من قرأئتي للموضوع .
* طموح نبي الله إبراهيم عليه السلام لاحد له في باب المعرقة والعلم . وفي هذا حث لنا على عدم التوقف عند نقطة معينة في طلب القرب من الله .
*اللإمام روحي فداه سيحي هذه الأرض ومن عليها بعد الموت أي بعد البعد عن طرق الحق سيقوم الإمام بإحياء النفوس من الضلالة إلى الهدى . ولن تكون حياة عادية . كلا بل أن من يتنفس هذه الحياة سيُقبل إلى الإمام وسينصاع له في كل أوامره ونواهييه إذ أنها ميزت هذا الصوت .أنه صوت الحق .

* المثال راقي جدا فبعد أن تتقطع الطيور وتتمزق , التي تمثل تمزق الملل والنحل
حين ينفخ فيه نبي الله إبراهيم .هذا النفخ اللذي يمثل دعوة صاحب العصر والزمان عليه سلام الله
تأتي الطيور مسرعه . هذا المجيئ اللذي يمثل عودة الناس للحق , وعودتهم للنور الحقيقي وإلتفافهم حول من ينشر راية العدل والهدى .

لكن استوقفني هذا المقطع من الدعاء

( يا حيا قبل كل حي يا حيا بعد كل حي يا مميت الأحياء ومحيي الموتى يا حي لا إله إلا أنت )
ظاهر الكلام هو الله عز وجل.
فحين نختم العبارة بــ ياحي لاإله الأ انت نعلم أن سابق الكلام مقصود به الله عز وجل .

هل المعنى الباطني لهذا المقطع يحمل دعوة الإمام المهدي عليه السلام .؟
وأن كان كذالك فهل تقومون بشرح .
هل يقصد ياحي قبل كل حي .
أن الإمام روحي فداه حي بمعالم الدين قبل أن يحي البشر بهذه المعالم .
ياحي بعد كل حي
إن الأمام عجل الله له الفرج هو اللذي سيتمتع بحياة الحق والعدل حتى بعد حياة الأحياء . فهناك فرق بين حي بالأصل ,وحي بثت فيه الحياة !
يامميت الأحياء ومحي الموتى
هل يقصد أن الإمام سيذيب حياتهم الجسدية التي يعتقدون هم بحياتها وسيُحيي أرواحهم الميته .!

وختم هذه العبارة ب يا حي لاإله الا أنت ,
أن كل الأحياء يعودون للحي وهو الله عز وجل .
أرجو مزيد من الإيضاح , وهل تحليلي صح .
أم مالصحيح في شرح هذه العبارة ؟!

وكما افتتحنا حديثنا بالصلاة على محمد نختمها بذالك ليكون اسمه صل الله عليه وآله من أوئل مايجري على اللسان ومايختتم به أيضا
اللهم صل على محمد وآل محمد .
أعجبني المقطع اللذي ينوه لهذا .


شكرا لكم أختي العزيزة لهذا الطرح النوراني
نسألكم الدعاء
في رعاية الله .

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبيين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم .
.

[عقيلة أبا الفضل]

بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم والعن أعدائهم يا كريم..

حفظكم الله من كل سوء

أعجبني إسلوب الكاتبه ربي يحفظها و يحفظكم ..
الطرح مليء بالعمق و الأسرار النورانيه
وإن شاء الله سأتزود بقراءة الجزء الثاني
جزاكِ الله خير الدارين يا حبيبة..
وجعلنا الله و إياكم من الثابتين على الإيمان ومن أنصار يوسف الزهراء إلهي عجل لولينا الفرج ..

وفقكم الله لكل خير ببركة وسداد أهل البيت عليهم السلام

[صفاء نور الزهراء]

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيد الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم ومنكر فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين

"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله تعالى وحماكم من كل سوء ببركة الإمام الهادي المهدي عليه السلام عجّل الله تعالى فرجه الشريف

بارك الله بكم أخواتي العزيزات

أرجو مزيد من الإيضاح , وهل تحليلي صح .

أم مالصحيح في شرح هذه العبارة ؟!

أختي العزيزة سأكتفي الآن بنقل اسأل الله تعالى ان يفتح لكم باب من ابواب العلم ويجيب عليكم

السَّلامُ عَلَيْكَ ياداعِيَ الله وَرَبَّانِيَّ آياتِهِ

من المعلوم أن مصطلح الرباني هو من المصطلحات القرآنية وقد ذكر في تعريفه الشيخ الطريحي في مجمع البحرين عدة معاني هي أنه يعني العارف بالله المتأله الكامل في العلم والعمل والمربي للشيء الذي يقوّمه والذي يربي أمر الناس بتدبيره واصلاحه ، وجاء في كتاب التحقيق في كلمات القرآن بعد عرض آراء اللغويين بشأن هذا المصطلح أن الرباني هو المنسوب الى الربان أي الذي يخضع الى تربية الله عزوجل مباشرةً متصفاً بصفته في تربية وتدبير الآخرين.
وبناءً على ما تقدم نعرف ان هذا اللقب من القاب مولانا المهدي ارواحنا فداه يشير الى ان من مقاماته عليه السلام هي كونه العارف الكامل بالله عزوجل الذي يحظى بتدبير شؤونه من ربه تبارك وتعالى مباشرةً ويقوم بدوره بتدبير شؤون الناس على طريق الاصلاح والتقويم ولذلك فهو عليه السلام الذي تتنزل عليه الملائكة في ليلة القدر وبإذن ربهم من كل أمر ولذلك لولاه لساخت الارض بأهلها فهو السبب المتصل بين الارض والسماء كما ورد في دعاء الندبة الشريف وقد أبى الله جلت حكمته ان يجري الامور الا بأسبابها وبذلك يكون دوره عليه السلام مظهراً للتدبير والنظم الالهي الحكيم الذي سنه رب العالمين ولذلك فقد نسب لقب الرباني الى الآيات الربانية فجاء في الزيارة ورباني آياته فهو عليه السلام مظهر آيات الله جل جلاله زادنا الله معرفةً به عليه السلام وتمسكاً بولايته وطاعته.

نقلاَ عن اذاعة الجمهورية الاسلامية

الأخت العزيزة نورٌ من القرآن والعترة بارك الله تعالى بكم واحبكم

اشكركم على المتابعه والمرور وإن شاء الله تعالى يكون لكم نوراً

والله أعلم
ربي يحفظكم ويحميكم بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف عليهم السلام اجمعين

[منار علي (ع)]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبيين الطاهرين ألأاشراف وعجل فرجهم
السلام عليكم غالية ورحمة الله وبركاته
مساؤكم نفحة من الرحمن .


غالية قرأت ماكتبتم تكرار ومرار.
لفت نظري كلمة رباني .
نحن نسمع عالم رباني , ولكن لم ابصر ذات مره معناها ,كنت أعرف أنه يدل على أنه شخص قريب جدا من الله وله مقاام عالِ
لكن لم أعلم ان معنى كلمة رباني أي انه بالأضافة الى أنه عارف وعالم بالله أنه ايضا يحظى بالتربية المباشرة من الله
فإذا كان عالم ما ينسب له صفة الرباني
فمن باب أولى أن تكون هذه الصفة لبقية الله سلام الله عليه .
حين أقرأ ورباني آياته , لم أعيها حقيقة ولم افهمها الا الآن .
آيات الله شاسعة وواسعة لاحصر لها _ وفي كل شيئ له آية تدل على أنه الواحد _
هذه الآيات منها صفة الإحياء التي تحدثنا عنها سابقا ,
بقية الله يحظى بتربية مباشرة من الله وقد حباه بعض صفاته كي يدبربعض الأمور ويربي الآخرين ,
فهو اللذي يدبر أمور الآخرين بعين الله .
جميل جدا هذا من جديد مااكتسبته من معلومات

وفقكم الله غالية وجعلكم منارات هدى وصلاح .
نسألكم الدعاء
وصل الله على محمد وآل محمد الطيبيين الطاهرين ألأشراف وعجل فرجهم ياكريم

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختي العزيزه حفظكم الله ورعاكم ،،



طرح رائع اختي الغالية يحمل الكثير من الدروس والعبر ودعوه لنا لنتأمل في ايآت الذكر الحكيم ونتعمق في فهمها وارتباطها بأهل البيت عليهم السلام ..

- علينا ان نسعى لإن يكون لدينا طموحا راقياً وهمه عاليه في الوصول الى الله والارتباط بأهل البيت عليهم السلام ولا نتوقف عند حد معين بل نسعى ان نزيل الحجب والعوائق لنصل الى النور ،،،

- أن الحب والعشق والتعلق له أحكام فالمحب يتحين أي فرصة ليذكر اسم محبوبه , لأن أصل ذكر اسم المحبوب على لسان المحب هو من شأن الوفاء للحب والخلة والعلاقة .

هكذا يجب ان تكون علاقتنا مع ولي امرنا الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف

- كان يرى أن الحياة الواقعية هي ارتباط وخلوة وعلاقة بالله سبحانه وتعالى وهذا الاتصال هو حقيقة وجود كل الموجودات ، ثم هو يرى ابتعاد هذه الموجودات عن حقيقة الحياة بابتعادها عن الله سبحانه وتعالى ويرى الإنسان والماء والهواء قد فُرّغت من معناها الربوبي والإلهي لذا فهو يريد أن يرى هذه الأرض التي مُلأت ظلما وجورا كيف تملأ قسطا وعدلا و كيف تملأ بعباد الله الصالحين بعد أن امتلأت بمعاصي العباد

فعلاَ ما اجملها من حياة !


والله اعلم

وفقكم الله لكل خير ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام ..

(يا علي يا علي يا علي(49)