في ماهية الايمان وخصال المؤمنين ...2

[سراج المشتاق]

ان الله انعم على الخلق نعم لا يحصى عددها ... ونذكر ما يخص الانسان وهو نوعان :
احدهما من خارج الجسد كالمال والقرين والولد ومتاع الدنيا .. والآخر داخل الجسد وهو نوعان :
احدهما في الجسد كالصحه وحسن الصوره وكمال البنيه والقوه وما شاكلها ...
والاخر في النفس وهو نوعان : احدهما حسن الخلق والاخر ذكاء النفس وصفاء جوهرها وهي الاصل في جميع المعارف ..
اعلم ان الناس في المعارف على اربع منازل : فمنهم من رزق العلم ولم يرزق الايمان .. ومنهم من رزق الايمان ولم يرزق العلم .. ومنهم من قد وفر حظه منهما جميعا .. ومنهم من حرم منهم جميعآ .. واليهم اشار الله بقوله ( وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله الى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون ) ...
اما الذين اوتوا الايمان ولم يرزقوا العلم .. فهم طائفه من الناس المقرين بما في كتب الانبياء من اخبار البعث وامر المبدأ والمعاد والقيامه والحشر والنشر والحساب والميزان والصراط وجزاء الاعمال في النشأة الآخره ونعيم الجنان وما شاكلها من الامور الغائبه عن الحواس فانهم راغبون فيها عاملون من اجلها ولكنهم تاركون البحث عنها والكشف لها والنظر في حقائقها .... واليهم اشار تعالى بقوله ( فسلام لك من اصحاب اليمين ) لهم الامن واليمن والامان والايمان ..
اما الذين رزقوا حظآ من العلم ولم يرزقوا الايمان : فهم طائفه من الناس نظروا في كتب الفلاسفه والحكماء وبحثوا عنها وارتاضوا بما فيها من الاداب مثل الهندسه والتنجيم والطب والمنطق والجدل والطبيعيات وما شاكلها وتركوا النظر في كتب النواميس والتنزيلات النبويه والبحث عن اسرار الموضوعات الشرعيه فهم شاكون في حقائقها .. متحيرون في معرفة معانيها واليهم اشار تعالى بقوله ( فرحوا بما عندهم من العلم ) ..
اما الذين حرموا العلم والايمان : فهم طائفه من الذين اترفوا في هذه الحياه الدنيا فهم مشغولون الليل والنهار في طلب شهواتها .. مغرورون بحلاوت ولذات الدنيا .. معرضون عن العلم وعن امر الدين واحكام الشرائع الذي فيه نجاة النفس وطلب الاخره .. واليهم اشاره تعالى بقوله ( واترفناهم في الحياة الدنيا ) .. ( ذرهم ياكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل فسوف يعلمون ) ... ( يتمتعون وياكلون كما تاكل الانعام والنار مثوى لهم )...
واما الذين اوتوا من العلم والايمان حظآ : فهؤلاء هم الفضلاء الكرام الاخيار .. والذين اشار الله تعالى بقوله ( يرفع الله لذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات ) .
والحمد لله رب العالمين