مركز نور السادة الروحي
         
 
     

:: مركز نور السادة الروحي ليس لديه أي مواقع آخرى على شبكة الأنترنت، ولا نجيز طباعة ونشر البرامج والعلاجات إلا بإذن رسمي ::

::: أستمع لدعاء السيفي الصغير  :::

Instagram

العودة   منتديات نور السادة > نـور السـادة لمحـاسن الأخـلاق > نور فضائـــل الأخــلاق
التسجيل التعليمـــات التقويم

نور فضائـــل الأخــلاق (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ))

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09-28-2014, 09:23 PM   رقم المشاركة : 1
المهدي طاووس أهل الجنة
مـراقـبة أولـى ( شؤون إدارية )







المهدي طاووس أهل الجنة غير متواجد حالياً

افتراضي علاج الغيبة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الطريق في علاج الغيبة وتركها، أن يتذكر أولا ما تقدم من مفاسدها الأخروية، ثم يتذكر مفاسدها في الدنيا، فإنه قد تصل الغيبة إلى من اغتيب، فتصير منشأ لعداوته أو لزيادة عداوته، فيتعرض لإيذاء المغتاب وأهانته، وبما انجر الأمر بينهما إلى مالا يمكن تداركه من الضرب والقتل وأمثال ذلك. ثم يتذكر فوائد أضدادها ـ كما نشير إليها ـ، وبعد ذلك فليراقب لسانه، ويقدم التروي في كلام يريد أن يتكلم به، فان تضمن غيبة سكت عنه، وكلف نفسه ذلك على الاستمرار، حتى يرتفع عن نفسه الميل الجلي والخفي إلى الغيبة.

والعمدة في العلاج أن يقطع أسبابها المذكورة، وقد تقدم علاج الغضب والحقد والحسد والاستهزاء والسخرية، ويأتي طريق العلاج في الهزل والمطايبة والافتخار والمباهاة. وأما تنزيه النفس بنسبة ما نسب إليه من الجناية إلى الغير، فمعالجته أن يعلم أن التعرض لمقت الخالق أشد من التعرض لمقت المخلوق، ومن اغتاب تعرض لمقت الله وسخطه قطعاً، ولا يدري أنه يتخلص من سخط الناس أم لا، فيحصل بعمله ذم الله وسخطه تقديراً، وينتظر دفع ذم الناس نسيئة، وهذا غاية الجهل والخذلان. وأما تعرضه لمشاركة الغير في الفعل تمهيداً لعذر نفسه، كأن يقول إني أكلت الحرام، لأن فلاناً أيضاً أكل، وقبلت مال السلطان، لأن فلاناً أيضاً قبل، مع أنه أعلم مني، فلا ريب في أنه جهل وسفه، لأنه اعتذر بالاقتداء بمن لا يجوز الاقتداء به.

فان من خالف الله لا يقتدى به كائناً من كان، فلو دخل غيره النار وهو يقدر على عدم الدخول فهل يقتدى به في الدخول، ولو دخل عد سفيهاً أحمق، ففعله معصية، وعذره غيبة وغباوة، فجمع بين المعصيتين والحماقة، ومثله كمثل الشاة، إذا نظرت إلى العنز تردى نفسها من الجبل فهي أيضاً تردي نفسها، ولو كان لها لسان ناطق واعتذرت عن فعلها بأن العنز اكيس مني وقد أهلكت نفسها فكذلك فعلت أنا، لكان هذا المغتاب المعتذر يضحك عليها، مع أن حاله مثل حالها ولا يضحك على نفسه.

والعجب أن بعض الأشقياء من العوام، لما صارت قلوبهم عش الشيطان وصرفوا أعمارهم في المعاصي، واشتغلت ذممهم بمظالم الناس بحيث لايرجى لهم الخلاص، مالت نفوسهم الخبيثة إلى ألا يكون معاد وحساب وحشر وعقاب، ولما وجد ذلك الميل منهم اللعين، خرج من الكمين، ووسوس في صدورهم بأنواع الشكوك والشبهات، حتى ضعف بها عقائدهم أو افسدها، ودعاهم في مقام الاعتذار عن أعمالهم الخبيثة ألا يصرحوا لما ارتكز في قلوبهم ويشتهونه، خوفاً من القتل واجراء أحكام الكفار عليهم ولم يدعهم أيضاً تلبيسهم وتزويرهم وغلبة الشيطنة عليهم أن يعترفوا بالنقص وسوء الحال فحملهم الشيطان باغوائه على أن يعتذروا من سوء فعالهم بأن بعض العلماء يفعلون ما نفعل ولا يجتنبون عن مثل أعمالنا، من طلب الرئاسة وأخذ الأموال المحرمة، ولم يدروا أن هذا القول ناش من جهلهم وخباثتهم.

إذ نقول لهم: إن فعل هذا البعض إن صار منشأ لزوال إيمانكم بالمعاد والحساب، فأنتم كافرون، وباعث أعمالكم الخبيثة هو الكفر وعدم الإذعان بأحوال النشأة الآخرة. وإن لم يصر منشأ له، بل إيمانكم ثابت، فاللازم عليكم العمل بمقتضاه، من غير تزلزل بعمل الغير كائناً من كان فما الحجة في عمل هذا البعض، مع اعتقادكم بأنه على باطل؟!.

وأيضاً لو كان باعث أعمالكم الخبيثة فعل العلماء، فلم اقتديتم بهذا البعض مع عدم كونه من علماء الآخرة وعدم اطلاعه على حقيقة العلم؟ ولو كنتم صادقين فيما تنسبون إليه، فهو المتأكل بعلمه، وأنما حصل نبذا من علوم الدنيا ليتوسل بها إلى حطامها، ولا يعد مثله عند أولي الألباب عالماً، بل هو متشبه بالعلماء. ولم ما اقتديتم بعلماء الآخرة المتخلفين بشراشرهم عن الدنيا وحطامها؟ وإنكار وجود مثلهم، والقدح في الكل مع كثرتهم في أقطار الأرض غاية اللجاج والعناد. ولو سلمنا منكم ذلك، فلم ما اقتديتم بطوائف الأنبياء والأوصياء، مع أنهم أعلم الناس باتفاق الكل، وحقيقة العلم ليس إلا عندهم؟ فان أنكروا أعلميتهم وعصمتهم من المعاصي، واحتملوا كونهم أمثالا لهم، ظهر ما في بواطنهم من الكفر الخفي.

وأما موافقة الأقران، فعلاجه أن يتذكر ان الله يسخط عليه ويبغضه إذا اختار رضا المخلوقين على رضاه، وكيف يرضى المؤمن ان يترك رضا ربه لرضا بعض أراذل الناس؟ وهل هذا إلا كونه تعالى أهون عنده منهم؟ وهو ينافي الإيمان.

وأما استشعاره من رجل انه يقبح عند محتشم حاله أو يشهد عليه بشهادة فيبادره بالغيبة اسقاطاً لأثر كلامه، فعلاجه أن يعلم: (أولا) ان مجرد الاستشعار لا يستلزم الوقوع، فلعله لا يقبح حاله ولا يشهد عليه، فالمواخذة بمحض التوهم تنافي الديانة والإيمان. و(ثانيا) ان اقتضاء قوله سقوط أثر كلام من اغتابه في حقه مجرد توهم، والتعرض لمقت الله يقيناً بمجرد توهم ترتب فائدة دنيويه عليه محض الجهل والحماقة. و(ثالثاً) أن تأدي فعل الغير ـ

أعني تقبيح حاله عند محتشم مع فرض وقوعه ـ إلى اضراره في حيز الشك، إذ ربما لم يقبله المحتشم، وربما لم تقبل شهادته شرعاً، فتقبيح حاله وتحمل معاصيه بدون الجزم بصيرورته سبباً لايذائه محض الجهل والخذلان.

وأما الرحمة له على اثمه والتعجب منه والغضب لله عليه، وان كان كل منها حسناً، إلا أنه إذا لم تكن معه غيبة، وأما إذا كانت معه غيبة أحبط أجره وبقى اثمها، فالعلاج ان يتأمل باعث الرحمة والتعجب والغضب هو الإيمان وحماية الدين، وإذا كان معها غيبة أضرت بالدين والإيمان، وليس شيء من الأمور الثلاث ملزوماً للغيبة لإمكان تحققه بدونها، فمقتضى الإيمان وحماية الدين أن يترحم ويتعجب ويغضب لله، مع ترك الغيبة وإظهار الإثم والعيب، ليكون مأجوراً غير آثم.



مقتطفات من كتاب جامع السعادات للنراقي ج 2







  رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 10:00 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.