عرض مشاركة واحدة
قديم 05-24-2012, 05:00 AM   رقم المشاركة : 2
عقيلة أبا الفضل
مرشدة سابقة
 
الصورة الرمزية عقيلة أبا الفضل








عقيلة أبا الفضل غير متواجد حالياً

افتراضي رد: توصيات سماحة آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني بخصوص شهر رجب و ليلة الرغائب

العلامة الطهراني كان يوصي بتشديد المراقبة في شهر رجب

و قد كان ملحوظاً أنّ نفس العلامة –رضوان الله عليه كان يتغيّر في هذا الشهر بشكل واضح سواء في نمط حياته أو أعماله الخاصة، و كان يوصي رفقاءه و أصدقاءه بزيادة المراقبة في هذا الشهر و كان يقول: شهر رجب شهر إلهي، و في شهر الله يجب ألّا يسمح الإنسان لغير الله بالدخول، ويجب على الإنسان في هذا الشهر أن يزيد مراقبته، و يجب أن يضبط لسانه في الكلام فلا يتحدّث بأيّ شيء، و لا يتكلّم بكلّ موضوع، إذ في هذا الشهر حتّى الكلام في المسائل العاديّة، حتّى الكلام العادي مضر، و كلّما زاد سكوت الإنسان و سكونه في هذا الشهر كلّما زادت وارداته، فالملائكة لا تدخل إلى المكان المليء بالاضطراب و التشويش، بل تأتي إلى المحل الساكن الهادئ، أمّا المكان المليء بالتخيُّل و الأوهام و جولان الفكر فلا ... (فلان قال كذا ... و ذاك قال كذا، و فلان قال لي كذا ، و لماذا يقول عني هذا الكلام ؟ و أنا رددت عليه بكذا .. و سأقول له كذا ..) مثل هذا الكلام لا ينفع في شهر رجب، و إذا دخل الإنسان إلى شهر رجب بهذه التصورات و الأوهام فلن يكون له أي نصيب منه.
و لذا فأوّل شرط كان يذكره المرحوم السيّد الوالد هو أن يطهّر الإنسان قلبه من كلّ ما فيه، و بغير هذا فلا فائدة ترجى، و مهما قام بالأذكار فلن يستفيد، و مهما توجّه فلن ينتفع، لماذا؟ لأن هذا التوجّه و الذكر ليس إلا توجّهاً و ذكراً صوريا لا عمق له، عمقه و باطنه خراب و تشويش، باطنه الأهواء النفسيّة و التوغّل في الكثرات، و لذا فلا فائدة فيه، إنّ مثل هذا العمل يظهر بصورة و ينتهي عند هذه الصورة لا أكثر.
و تبعا لذلك فأوّل ما يجب على السالك أن يفعله هو أن يتصوّر نفسه أنّه قد وُلد لتوّه في شهر رجب، هل لدى الطفل حديث الولادة أعداء؟ أصلاً هو لم يقترف شيئاً في هذه الدنيا كي يعادي أحداً. هل انتقد أحدٌ هذا الرضيع ؟ هل اغتابه أحد؟ لا طبعاً، فهو قد ولد لتوّه و لم يجد الفرصة أصلاً ليكوّن أصدقاء و لا أعداء، لم يضرب أحداً و لم يقلل من احترام أحد، و لم يقلل أحد من احترامه، فهو أصلاً لم يبنِ أيَّ علاقة بأحد. و هكذا على الإنسان أن يتصوّر أنّه قد ولد في شهر رجب و كما أن قلب الطفل خالٍ من كل شيء فهو كذلك عليه أن يفرّغ قلبه من كل شيء.
الطفل لا يفهم شيئاً إلّا أنّه عندما يجوع فإنه يبكي حتى يشرب الحليب، و غير هذا فلا يفهم شيئا ولا حتّى أمّه، بلى، هو عنده إحساس خاص بها ، و لكن غير هذا فلا ... فهو ليس عنده حقد و لا بغض و لا حسد ، ليس عنده حسابات و لا أي شيء. و لهذا كان المرحوم العلّامة يقول أنّ الرضيع فانٍ حتّى يمضي من عمره بضعة أشهر، فليس عنده أيّ تعلّق بالكثرات، فإذا أردتم أن تنظروا إلى الفناء فانظروا إلى الطفل الرضيع. هل ترون عنده حقداً؟ أبداً، على من يحقد؟! هل يبغض أحداً؟ كلّا، أبدا ً، هو فقط كلّما جاع يبكي، و هل الإنسان الفاني غير هذا؟ لا يوجد في قلبه حقد و لا حسد، لا يوجد في قلبه تعلّق بالدنيا و لا بالماديّات و الكثرات، لا يتعلّق بهذا الشخص و لا بذاك، و ليس شخصا نفعيّاً.
افرضوا أنّنا قلنا لطفل رضيع: يا سيّد! لقد وقع زلزال في المنطقة الفلانيّة، و قد حصل فيها دمار كبير؛ فإنّه أصلاً لن يفهم و سيجيب: عزيزي، ماذا تقول؟ أنا جائع، أريد حليباً، لأرضع و أنام. فإذا قيل له: يا سيّد الشخص الفلاني صار نائباً، و فلان صار كذا ..، فإنه سيجيب: يا عزيزي، أعطني حليبي لأرضع، فهذه الأمور تخصكم أنتم، بارك الله لكم فيها.
إنّ حاجته للتعلّق بالمبدأ هي فقط المحفوظة و الباقية و كلّ شيء سواها لا شيء بالنسبة له، و هكذا الإنسان الفاني ليس عنده إلّا التعلّق بالمبدأ و لا يوجد شيء في نفسه سوى ذلك. و الفرق بين الرضيع و بين الفاني أن الرضيع عندما يأتي إلى هذا العالم فإنّ الكثرات ستُقبل عليه من كلّ جانب و ستزداد تعلّقاته بها يوماً بعد يوم، أمّا الفاني فعندما يصل إلى مرحلة البقاء بعد الفناء فإنّه سيكون قد تخلّى عن كلّ شيء و لن يبقى عنده أيّ تعلّق بالكثرات. هذا هو الفرق، و نحن يجب علينا أن نرجع إلى هنا، أي إلى ذلك المكان الذي جئنا منه.







التوقيع

قال رسول الله صلّى الله عليه و آله ..
مَن كانَ يُحِبُّ أن يَعلَمَ مَنزِلَتَهُ عِندَ اللهِ فَليَنظُر كَيفَ مَنزِلَةُ اللهِ عِندَهُ ؛
فَإِنَّ اللهَ يُنزِلُ العَبدَ مِنهُ حَيثُ أنزَلَهُ مِن نَفسِهِ
  رد مع اقتباس