عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2013, 01:23 AM   رقم المشاركة : 1
نور بسم الله
موالي جديد







نور بسم الله غير متواجد حالياً

افتراضي قصّة‌ الشابّ المريد قلبيّاً للهداية‌

قصّة‌ الشابّ المريد قلبيّاً للهداية‌

نقل‌ لي‌ أحد أصدقائي‌ بأنـّه‌ تشرّف‌ ذات‌ مرّة‌ بزيارة‌ العتبات‌ المقدّسة‌ في‌ كربلاء، وقال‌ : «انطلقت‌ بنا السيّارة‌ من‌ إيران‌ وإلی‌ جانبي‌ كان‌ يجلس‌ شابّ حليق‌ الذقن‌ تبدو علیه‌ السمنة‌، ولهذا لم‌ يجر بيننا أيّ حديث‌، وأثناء الطريق‌ إذا بصوته‌ يرتفع‌ فجأة‌ بالبكاء والنحيب‌، ممّا أثار دهشتي‌، فسألته‌ عن‌ سبب‌ بكائه‌، فقال‌ لي‌ : إنـّني‌ إذا لم‌ أُخبرك‌ فلمن‌ أقول‌. أنا مهندس‌ مدنيّ، وقد رُبّيت‌ منذ الطفولة‌ تربية‌ غير دينيّة‌، فلم‌ أكن‌ أعتقد بالمبدأ والمعاد، وإنَّما كنت‌ أشعر أنَّ في‌ قلبي‌ ميلاً ومحبّة‌ للمتديّنين‌ فقط‌، سواء كانوا مسلمين‌ أومسيحيّين‌ أويهوداً.
وفي‌ يوم‌ كنت‌ في‌ إحدي‌ السهرات‌ الليليّة‌ التي‌ كان‌ يحضرها أكثر رفقائي‌ البهائيّين‌، حيث‌ رقصنا ولعبنا ساعات‌ وساعات‌، فجأة‌ شعرت‌ في‌ أعماق‌ نفسي‌ بالخجل‌، وتضايقت‌ من‌ أفعالي‌، واضطررت‌ أن‌ أخرج‌ من‌ المغفرة‌ وصعدت‌ إلی‌ الطابق‌ العلويّ وهناك‌ أجهشت‌ بالبكاء، ورحت‌ أُردّد في‌ نفسي‌ وأقول‌ : يا ذا الذي‌ إن‌ كان‌ هناك‌ إله‌ فهوأنت‌ ! أدركني‌، ثمّ نزلت‌ إلی‌ الحفل‌ الذي‌ كان‌ منتهياً. وفي‌ اليوم‌ التالي‌ كنت‌ عازماً علی‌ السفر في‌ مهمّة‌ تخصّصيّة‌ بصحبة‌ رئيس‌ القطار وبعض‌ الشخصيّات‌، وفجأة‌ رأيت‌ سيّداً نورانيّاً يقترب‌ منّي‌، فسلّم‌ علَي‌َّ وقال‌: أُريد أن‌ ألتقي‌ بك‌. فوعدته‌ بأن‌ أراه‌ غداً بعدالظهر. وبعد ذهابه‌ أخبرني‌ أحد أصدقائي‌ بأنَّ هذا الرجل‌ من‌ السادة‌ الكبار، فلماذا سلّمت‌ علیه‌ بلا مبالاة‌ ؟ فقلت‌ : لقد ظننت‌ أنـّه‌ أتي‌ وسلّم‌ علَيَّ لحاجة‌ له‌ عندي‌ ! وبعدها أمرني‌ رئيس‌ القطار بالسفر في‌ اليوم‌ التالي‌، وبالتحديد في‌ الموعد الذي‌ أبرمته‌ مع‌ السيّد وكلّفني‌ بعدّة‌ أُمور وأعمال‌. فقلت‌ في‌ نفسي‌ : لن‌ أستطيع‌ بعد هذا أن‌ ألتقي‌ بالسيّد غداً.
في‌ اليوم‌ التالي‌ ـ عندما اقترب‌ موعد العمل‌ ـ أحسستُ بالضعف‌ شيئاً فشيئاً، واعترتني‌ حمّي‌ شديدة‌ ألزمتني‌ الفراش‌ وأحضروا لي‌ الطبيب‌، ممّا أدّي‌ إلی‌ إعفائي‌ من‌ المهمّة‌ التي‌ كلّفت‌ بها في‌ ذلك‌ اليوم‌. وما إن‌ خرج‌ الرجل‌ الذي‌ أرسله‌ رئيس‌ القطار إلَيَّ، وتأكّد من‌ مرضي‌، إذا بالحمّي‌ تزول‌ عنّي‌، وعادت‌ حالتي‌ إلی‌ طبيعتها، وأحسست‌ بالراحة‌ مجدّداً. حينها أدركت‌ أنـّه‌ لابدّ من‌ وجود سرّ في‌ ذلك‌. فنهضت‌ ثمّ ذهبت‌ إلی‌ منزل‌ ذلك‌ السيّد، وما إن‌ جلست‌ عنده‌ بدأ يلقي‌ علَيَّ دورة‌ من‌ الاُصول‌ الاعتقاديّة‌ بالادلّة‌ والبراهين‌، بحيث‌ أصبحت‌ مؤمناً. ثمّ كلّفني‌ بعدّة‌ أُمور، وأمرني‌ بالمجي‌ء إلیه‌ في‌ اليوم‌ التالي‌. تردّدتُ علیه‌ عدّة‌ أيّام‌، وكنت‌ ـ كلّما جئت‌ إلیه‌ ـ أسمع‌ منه‌ أخباري‌ والحوادث‌ التي‌ وقعت‌ في‌ أيّامي‌ الماضية‌ دون‌ زيادة‌ أونقيصة‌، ولم‌ يكن‌ مطّلعاً علیها أحد غيري‌، وحتّي‌ نيّاتي‌ التي‌ عزمت‌ علیها ولم‌ أخبر بها أحداً.
ومرّت‌ الايّام‌ فاضطررت‌ ذات‌ ليلة‌ أن‌ أشترك‌ في‌ سهرة‌ للاصدقاء، جرّتني‌ إلی‌ طاولة‌ القمار. في‌ اليوم‌ التالي‌، عندما دخلت‌ علیه‌، قال‌ لي‌ علی‌ الفور : ألم‌ تستح‌ وتخجل‌ من‌ ارتكاب‌ هذه‌ المعصية‌ الكبيرة‌، فبدأت‌ دموع‌ الندم‌ تنهمر من‌ عيني‌َّ، وقلت‌ له‌ : لقد أخطأتُ، وأنا أتوب‌ الآن‌. فقال‌ : ينبغي‌ أن‌ تغتسل‌ غسل‌ التوبة‌ ولا تعد إلی‌ تلك‌ المعصية‌. فحدّد لي‌ عدّة‌ تكاليف‌. وباختصار، غيّرتُ سيرتي‌ وبرنامج‌ حياتي‌.
ولانَّ هذه‌ القضيّة‌ حدثت‌ في‌ زنجان‌، فعندما أردت‌ الانتقال‌ إلی‌ طهران‌ أمرني‌ بزيارة‌ بعض‌ العلماء هناك‌، وفي‌ النهاية‌ أُمِرتُ أن‌ أزور العتبات‌ المقدّسة‌. وهذا السفر كان‌ بأمر السيّد الجليل‌».
قال‌ صاحبي‌ : وعندما اقتربنا من‌ الحدود العراقيّة‌، سمعت‌ صوته‌ قد علا بالبكاء ثانية‌، فسألته‌ عن‌ السبب‌. فقال‌ :
« ونحن‌ ندخل‌ أرض‌ العراق‌ ـ الآن‌ ـ رأيت‌ أبا عبدالله‌ علیه‌ السلام‌ يقول‌ لي‌ : مرحباً بكم‌».
ومرادي‌ أنـّه‌ إذا سار الإنسان‌ في‌ طريق‌ الصدق‌ والصفاء، وطلب‌ الهداية‌ من‌ ربّه‌ من‌ صميم‌ قلبه‌، سوف‌ يوفّق‌ لها، وإن‌ كان‌ لديه‌ شكّ في‌ التوحيد.






کتاب رسالة لب اللباب/ القسم الثانی: عالم الخلوص، الإسلام الأکبر، الإیمان الأکبر، مقام الإحسان، الهجرة الکبری، الجهاد الأکب...







  رد مع اقتباس