بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(النحل) -انظر كيف اوحى الله تعالى اليها حتى اتخذت!
«
من الجبال بيوتا و من الشجر و مما يعرشون»
(1)
و استخرج من لعابها الشمع و العسل، و جعل احدهما ضياء و الاخر شفاء و انظر في عجائب امرها في تناولها الازهار و الانهار و اجتنابها عن النجاسات و الاقذار، و في طاعتها و انقيادها لواحد من جملتهم، و اكبرهم شخصا، و هو اميرهم.
و انظر كيف علم الله اميرهم ان يحكم بالعدل و الانصاف بينهم، حتى انه ليقتل على باب النفذ كل ما وقع منها على نجاسة.
ثم انظر الى بناء بيوتها من الشمع و اختيارها من جملة الاشكال المسدس، فلا يبنى مستديرا و لا مربعا و لا مخمسا، بل اختار المسدس لخاصية يقصر عن دركها افهام المهندسين، و هو ان اوسع الاشكال و اجودها المستدير، ثم ما يقرب منه، فان المربع تخرج منه زوايا ضايعة، و شكل النحل مسدير مستطيل، فترك المربع حتى لا تضيع الزوايا فتبقى فارغة، و لو بناها مستديرة لبقيت خارج البيوت فرج ضايعة، لان الاشكال المستديرة اذا اجتمعت لم تجتمع متراصة و لا شكل في الاشكال ذوات الزوايا يقرب في الوسعة و الاحتواء من المستدير ثم تتراص الجملة منه بحيث لا يبقى بعد اجتماعها فرجة الا المسدس، فهذه خاصية هذا الشكل. فانظر كيف علم الله النحل مع صغر جرمها لطفا بها و عناية بوجودها ليهنا عيشها، فسبحانه ما اعظم شانه.
و ما ذكرناه قدر يسير من عجائب الحكمة المودعة فيها، و ما فيها من العجائب الظاهرة و الباطنة مما لا يمكن الاحاطة به.
......................................
(1) النحل، الاية: 68.
مقتطفات من كتاب جامع السعادات للنراقي ج1