عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2016, 11:25 PM   رقم المشاركة : 3
خادم تراب الزهراء (ع)
مشرف
 
الصورة الرمزية خادم تراب الزهراء (ع)








خادم تراب الزهراء (ع) غير متواجد حالياً

افتراضي رد: إصول الديـــــــــن

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجَل فرجهم يا كريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله من كل سوء وشر ...

الإمــــــــــامة


تعريـــف الإمامة
الإمامة : " ولاية إلهيَة ، عامة ، خلافة عن الرسول "
المراد من إلهية : أنَها بتفويض وتنصيص من الله تبارك وتعالى .
ومن عامَة : شمول وظائف ، وظائف الإمام التشريعية والإجرائيَة لشؤون الدين والدنيا أجمع . ومن خلافة عن الرسول : الإمامة المفردة عن النبوة ، التي هي محل بحثنا ، لا الإمامة المجتمعة النبوَة ، فان النبي ــ وهو الموحى إليه لتبليغ رسالة الله ــ قد يكون ذا وظيفة إرشادية فحسب ، وقد يكون ــ إَضافة إلى تلك ــ إماما ذا ولاية إجرائية.
واستيفاء البحث في المقام ، يتوقف على بيان الأمور التالية مُقدَمةً :
1- الإمامة من أصول الدين 2- وظائف الإمام وصلاحيَاته . 3- مواصفات الإمام 4- كيفيَة تعيين الإمام ، وأنه لايكون إلاَ بالنصَ الشرعي.
الأمر الأول - الإمامة من إصول الدين
بعث الله النبي محمداً (صلى الله عليه وآله )بشريعة خاتمة لما تقدَمها من الشرائع ، وعامَة لجميع البشر على اختلاف طوائفهم وأعراقهم ، لتكون دين الله الخالد شعوب العالم .
وقد أدَى الرَسول الأكرم (صلى الله عليه وآله ) ما كان مُقدراً له من بيان أصول الدين وفروعه وتشكيل نواة المجتمع البشريَ الإسلاميَ الصالح ، أدَاه بالتمام والكمال ، ثم ارتحل إلى ربَه . ارتحل الرسول الأكرم والرسالة لمَا تستكمل بعدُ جميع أهدافها لانَ غايتها القصوى لم تكن لتستوعب حياةُ النبيَ الأكرم بلوغها . فكان والحال هذه ، لابدَ من قيام أشخاص كاملين ، بعد النبي الأكرم ، بإكمال المسير الذي بدأه ، بأن يُبينَوا جميع أحكام شريعة الله تعالى ، وينشروا دين العدل الإلهي ، في كافَة مجالاته : الإدارية والاقتصادية والأمنية ، بين الناس ، إلى أن تتحقق كامل أهداف الرسالة ببسط شرع الله في جميع أصقاع المعمورة . وهؤلاء الأشخاص هم الأئمة ــ ووجودهم يُعدَ ــ في منطق العقل ــ من أوجب الواجبات ، إذ بدونهم تبقى الرسالة مبتورة ، ولا تنال هدفها الذي لأجله أُرسلت . وتنتفي بالتالي فائدة بعثة النبي الخاتم وتكون لغوا وعبثا . والله تعالى حكيم ، منزَه عن فعال ذلك . وبهذا يتضح أنَ ضرورة الإمامة لا تقلَ عن ضرورة النبوَة ، بل هما متلازمتان لاتنفك أحداهما عن الأخرى . فتكون الإمامة ــ حينئذ ــ من أصول الدين ، والاعتقاد بها من أركان العقائد الإسلامية
.
الأمر الثاني ــ وظائف الإمام وصلاحياته
قد ظهر لك مما تقدَم أنَ الإمامة ــ في حقيقتها ــ استمرار النبوَة في كافَة مجالاتها ، وان المسؤوليات التي تقع على عاتق النبيَ ، هي نفسها الواقعة على عاتق الإمام ، وبالتالي ، فالصلاحيات التي يتمتع بها النبي ، والمجالات التي يحق له فيها إمال أمره ونهيه ، وعلى البشر إطاعته هي نفسها للإمام . نعم ، يمتاز النبي عن الإمام بأن النبي يقول ما يقوله ، ويفعل ما يفعله بوحي وإرشاد مباشر من الله تعالى . بينما الإمام يقول ويفعل بتعليمٍ مُسبقٍ من النبي . ويمكن للمتتبع في سير الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله ) أن يستكشف المسؤوليات التي كان يتولاَها ، والصلاحيات التي كان يتمتع بها ، وبالإمكان تلخيصها في الأمور التالية :
1- تفسير كتاب الله العزيز ، وشرح مقاصده ، وبيان متشابهاته ، وتقرير قِصصهِ وحِكمِه وأخلاقه وعقائده وبراهينه . 2- بيان حكم الله تعالى في الموضوعات التي كانت تحدث وتستجد ولم يكن قد نزل فيها حكمٌ مُسبق . 3- صيانة الدين في عقائده وشرائعه ومفاهيمه ، عن الشَُبهات المُضلَة والتشكيكات الباطلة التي يثيرها أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين . 4- صيانة المسلمين عن الانحراف في عقائد الدين وشرائعه ومفاهيمه ، بمراقبتهم المستمرة على جميع هذه الأصعدة وتصحيح أية أخطاء تظهر في أفكارهم وأفعالهم . 5- حفظ الوحدة بين أبناء المجتمع الإسلامي المتعدد الطوائف ، حيث كانت تظهر بين الفينة والأخرى ، من بعض الأفراد ، بعض النزعات القبليَة والأهواء الجاهلية الموروثة . 6- إدارة أمور الدولة التي أوجد الرسول (صلى الله عليه وآله ) نواتها ، في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية ، في جميع آفاقها وأبعادها .
وبناء على ما قدَمناه لك ، يكون الإمام مسئولا عن هذه الوظائف ، ومتمتعاً بنفس هذه الصلاحيات الإجرائية
.

الأمر الثالث ــ مواصفات الإمام ومؤهلاته
الآن وقد وقفت على حقيقة الإمامة ومكانتها ووظائف الإمام وصلاحيَاته ، يمكنك أن تدرك مايُلزم أن يتصف به الإمام من مؤهلات وما يشترط أن يكون فيه من مُواصفات . وهي ، بعبارة جامعة : كلَ الكمالات التي يُشترطُ اتصاف النبي بها ، وأبرزها : العصمة ، والإحاطة بأصول الشريعة وفروعها ، والمعرفة التامَة بكتاب الله وسنَة نبيَه ، وقدرته على دفع الشبهات وصيانة الدين ، والحكم بالعدل .
فلو لم يكن الإمام معصوما عن المعصية والخطأ ــ كالنبيَ ــ فكيف يكون مبيناً لشريعة الرسول وهاديا للناس إلى الحق ، حيث لا يؤمن ــ حينئذٍ ــ من كذبه أو أخطائه ؟ .
وكيف يكون له على الناس حق الطاعة والتسليم التام ؟ ولو لم يكن الإمام عالماً بأصول الشريعة وفروعها ، لكان حاكما بالظن والاستنباط والري القياس الاستحسان ، ومع هذه ، كيف يكون صائناً للدين من الانحراف في شرائعه وعقائده ومفاهيمه . وكيف يقضي بالحق والعدل بين الناس ؟
شبـــهة
قد يقال بأن العلم بسنة الرَسول الأكرم (صلى الله عليه وآله ) وأحاديثه الشريفة ، كافٍ في الإمام ، خصوصا مع تصريح القرآن الكريم بتحقق إكمال الدين وإتمام النعمة . في آية كريمة نزلت على الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله ) في أواخر حياته المباركة ، بالتحديد في الثامن عشر من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة ، وهي قوله سبحانه : ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ ( سورة المائدة : الآية :3) فإذا كان الدين كاملا برحلة الرسول الأكرم ، كفتنا سُنَته الشريفه ليعمل المسلمون وأئمتهم بها ، ولاشيء وراءها يحتاج إلى بيان وقيم عليه .
جوابـــها
إن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله ) لحق بالرفيق الأعلى ، لمَا يُبيَن سوى جزء يسير من الأحكام يتناسب والظروف المكانية والزمانية ، والموضوعات التي كان يواجهها المسلمون آنذاك . وهي مما لا يمكن أن تكفي بحال ــ على فرض صيانتها من الدَس والتحريف ــ في هداية الأمة وجميع شعوب العالم ، في جميع الأزمان المستقبلة . فإذا فرضنا وقوع الدَس والتحريف فيها ـ كما قد حصل فعلاً ــ لم يبق للاعتماد عليها مجال .
وأما الآية الكريمة المذكورة ، فان ظرف نزولها والقرائن الموجودة فيها ، تدل على أنَ المراد من إكمال الدين وإتمام النعمة ، أحكام أصول الدين ودعائمه ، وضمان استمراريته وبقائه ، بإبطال ما كان يطمع فيه المنافقون ــ الذين هم كافرون في الواقع ـ من تزلزله وبطلانه بوفاة الرسول الأكرم ، كما هو شأن كل الدعَوات الدنيوية ، فإنها تفنى بموت دُعائها ، تمَ ترسيخه وإحكامه بإعلان عليَ بن أبي طالب ــ في ذلك اليوم الذي نزلت فيه الآية الكريمة ــ إماماً وخليفةً على المسلمين بعد رسول الله . وبذلك يئس الذي كفروا ، وتمت النعمة على المسلمين .

الأمر الرابع ــ كيفية تعيين الإمام
مما بيَناه في حقيقة الإمامة ، وان الإمام يجب أن يكون شخصاً مثاليَأً من الأمة له القابلية لتحمَل أعباء وظائف النبوَة ، وإكمال المسيرة التي بدأها رسول (صلى الله عليه وآله ) إلى الغاية التي أرادها الله تعالى ، وهي نشر الدين ووراثة المؤمنين للأرض والحكم بالعدل بين الناس ، وهداية البشر إلى الكمال الذي خُلقوا له .
ومما يستلزمه ذلك ، من لزوم كون هذا الشخص معصوماً عن المعصية والخطأ ليكون مفروض الطاعة على الناس ، وكونه عالماً تاماً بأصول الشريعة وفروعها ، وعارفا كمال المعرفة بكتاب الله وسنة الرسول ، وغير ذلك مما تقدم . من جميع ذلك ، يظهر أنَ مثل هذا الشخص المثالي لا يمكن نصبه إماماً على الناس إلاَ بتعيين من الله تعالى . ولا تتحقق إمامة احد ــ بالمعنى الذي بيَناه لك ــ بإيكال أمر تعيينه إلى الناس بالانتخاب وغيره .

الإمام بعد رسول الله علي بن أبي طالب
إذا كان التحليل العقلي يقضي بضرورة وجود إمام معصومٍ منصوصٍ عليه من جانب صاحب الشريعة ليُكمل المسيرة التي بدأها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله ) فان الآثار الإسلامية تطابق ذلك الأصل العقلي ، وتُثبت نصيب عليَ بن أبي طالب ، ابن عمَ الرسول ، للخلافة والولاية من بعده وتنوع هذه الآثار بين آيات الكتاب الحكيم ، والسنَة النبويَة الشريفة ، واحتجاجات عليَ ( عليه السلام ) نفسه بذلك ، فيما يلي نقتطف من كلَ منها ثمرة ، فيها الغناء من الدلالة على ذلك
1- ولاية علــــــــــيَ (عليه السلام ) في الكتـــــــــــاب
قال تعالى في كتابه الحكيم :
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (سورة المائدة : الآية 55)
الوليَ في اللغة هو : الأولى بالتصرف في أمر من أمور غيره.
فوليَ الصغير هو أوَلى الناس بالتصرف في شؤونه المالية .
ووليَُ النًصرة ( الناصر ) هو الأولى بالتصرف في أمر المنصور من حيث تقويته في الدفاع . وان شئت قلت : هو أولى الناس بالدفاع عمن التزم نصرته .
ووليَُ الصَُحبة ( الصاحب ) هو الأولى بأن يؤدي حقوق الصَُحبة من غيره . وهكذا .

والله سبحانه وليَ عباده ، من حيث انه ــ لمكان كونه الخالق ــ الأولى بالتصرف في أمور دنياهم بالتدبير والرزق ، وفي أمور دينهم بالتشريع ولهداية ، ويعبَر عنهما بالولايتين التكوينية والتشريعية . وفي هذه الآية الكريمة ، أثبت الله تعالى الولاية لنفسه ولرسوله وللذين آمنوا لا جميعهم ، بل الذين اتصفوا بوصف خاصَ ، وهو إعطاؤهم للصدقة وهم في حالة الركوع من الصلاة . وهذا الوصف بعينه لم يتحقق إلا في شخص عليَ بن أبي طالب ، كما وردت بذلك الآثار المتضافرة . *( الآثار الواردة في ذلك ، من السنة الشيعة ، كثيرة . لاحظ ــ لتسهيل الوقوف عليها ــ البحث الروائي الذي ذكره العلامة الطباطبائي في الميزان ج6 ص15ــ25 الطبعة الثانية ــ الأعلمي 1971 م بيروت).
والولاية التي أثبتها الله تعالى لنفسه ، هي نفسها أثبتها للرَسول ولعليَ ( عليهما السلام ) وتمتاز ولايته تعالى عن ولايتيهما ، أن ولاية الله سبحانه ثابتة بالأصل ، لمكان خالقيَته تعالى وربوبيَته ، والأخيرتان فرعيتان بإذنه تعالى ، التي وقفت عليها ، فتكون الآية ــ بضمينة الآثارــ مثبتةً لإمامة عليَ بن أبي طالب (عليه السلام
).
- ولاية علـــــــيَ ( عليه السلام ) في الســـــــــــنة
روي الطَبري ، والأسكافي ، وابن الأثير ، والخازن ، واحمد وغيرهم بأسانيد صحيحة ، عن علىَ بن أبي طالب ، انه لمَا نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله ) ( وأنذرِ عشِيرتك الأقربين ) (سورة الشعراء : الآية214 )، دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله ) وقال لي :
" يا عليَ ، إن الله أمرني أن أُنذر عشيرتي الأقربين ، فضِقتُ بذلك ذرعاً ، وعرفت أنَي متى أباديهم بهذا الأمر ، أرى منهم ما أكره ، فصمتُ عليه حتى جاءني جبرئيل ، فقال : يامحمَد ، انك إن لا تفعل ما تؤمر به ، يعذَبك ربَُك . فاصنع يا عليَ لنا صاعاً من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، واملأ لنا عسا من لبن ، ثم اجمع لي بني عبد المطَلب حتى أكلَمهُم وابلَغهُم ما أمرت به. "
ففعلت ما أمرني به ، ثم دعوتهم له ، وهم يؤمئذ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً أو ينقصونه ، فيهم أعمامه ... إلى أن قال : فأكلوا حتى مالهم بشيء حاجة ، ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله ) :- (( أسِقهم )) فجئتهم بذلك العسَ ، فشربوا حتى رووا منه جميعاً ، ثم تكلَم رسول الله (صلى الله عليه وآله ) فقال : - "
يا بني عبد المطلب ، إنَي والله ما أعلم شابَاً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتم به ، إنَي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن ادعُوكم إليه ، فأيُكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيَي وخليفتي فيكم ؟.
فأحجم القومُ عنها جميعاً ، وقلت : " أنا يا نبيَ الله أكون وزيرك عليه ".
فأخذ برقبتي ، ثم قال :
_" إن هذا أخي ، ووصييَ وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوه "

وفي رواية أخرى : قال ذلك القول ثلاث مرات ، كلَُ ذلك أقوم إليه ، فيقول " إجلس " *(لاحظ تاريخ الطبري ، ج2،ص 63ــ 64 . و" نقض العثمانية " لأبي جعفر الاسكافي على مافي شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد ، ج13 ، ص244" والكامل " لابن الأثير ،ج2، ص24" تاريخ أبي الفداء عماد الدين الدمشقي " ج3 ص40 . وتفسير " الخازن " لعلاء الدين البغدادي ، ص390 . ومسند الإمام احمد ج1 ، ص111وص159. وجاء في الكثير من كتب التاريخ والحديث ، فمن أراد التوسع فليلاحظ :
-الغدير ، للعلامة المتتبع الأميني ( رحمه الله ) ج2 ،ص278 ــ 289.
- المراجعات ، للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين ( رحمه الله ) المراجعة 20 والمراجعة 22. ).
ويُعرف هذا الحديث بحديث الدار ، وحديث بدء الدعوة ، وهو من المستفيضات الروائيَة ، وحادثته من المسلمات التاريخية .

ودلالته على نصَ الرسول بالخلافة لعليَ ، في غاية الوضوح .
الأئمة بعد علـــيَ ( عليه السلام )
عرفت فيما مضى أن الإمامة ضرورة عقلية ، وانه يجب على الله تعالـى إكمالاً لغرضه من البعثة ــ أن ينصب للناس إماماً معصوماً ، له ما للنبيَ من الكمالات ــ سوى الوحي ــ إلى أن تتحقق أهداف الرسالة الخاتمة كاملة ببسط الدين والعدل الإلهي على كافة أرجاء المعمورة . وهذا الدليل يقتضي لزوم وجود إمام معصوم في كلَ زمان ، إلى أن تتحقق تلك الغاية . وعرفت أنَ الإمام المصوم يستحيل انتصابه على الناس إلاَ بنصَ من صاحب الشرع او من إمام معصوم متقدم . كما قد عرفت ــ والحمد لله ــ إنَ الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ) هو عليَ بن أبي طالب ، بنصٍ من الله تعالى في كتابه ، ومن رسوله الكريم في سُنًته .فإذا اجتمعت لديك هذه المقدَمات ، سهل عليك معرفة الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ) إلى يومنا هذا ، وعدتهم اثنا عشر إماماً ، نص رسول الله (صلى الله عليه وآله ) على عددهم وأسمائهم كما نصَ كل إمام على الإمام الذي يليه . وفيما يلي نُبيَن هذين الأمرين .
1- عدَة الأئمة : اثنا عشر
تواترت الأحاديث من طرق الفريقين على أن خلفاء رسول الله وأوصياءه والأئمة الذي يولون أمر المسلمين من بعده ، إثنا عشر إماماً منها قوله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لايزالُ الدينُ قائماً ــ يقاتل عليه عصابة (في رواية أحمد ) حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة . كلهم من قريش (صحيح البخاري ، ج9،ص101 ـ وصحيح مسلم ، ج6ص3 وسنن الترمذي ج4،ص501وسنن ابي داود ج2 ص421، ومسند احمد ، ج5ص86و89. وجامع الإصول ،ج4 ،ص400و442. وذكر يحيى بن الحسن في كتاب العمدة إن رواية : الخلفاء بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ، قد رويت في الصحاح والمسانيد من عشرين طريقاً (ينابيع المودة ، للقندوزي الحنفي ، ج3، ص104 ، نشر الاعلمي أفست عن ط اسطنبول ). وقد روى هذا الحديث بصور اخرى كثيرة ، اشرنا اليها في الالهيات ، ج2 ص611ــ 613، الطبعة الاولى .
ومنها قول ه( صلى الله عليه وآله " أنا سيَد النبيَين ، وعليٌَ سيد الوصيين ، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر أوَلهم علي ، وآخرهم القائم المهدي "(أخرجه القندوزي في ينابيع المودة ج3ص105، وفي هذا الكتاب روايات كثيرة من طرق السنة في هذا المجال فلاحظها.)
وغير هذين النموذجين الكثير جدا من الأحاديث . ولا يمكن حملها على اثني عشر خليفه من أصحاب الرسول ، لان الذي تولَوا الخلافة منهم قل من ذلك . كما لا يمكن حملها على الخلفاء الذين أعقوبهم من ملوك بني أميَة أو بنيَ العباس، لزيادتهم عن لك العدد كثيراً ، ولظلمهم الفاحش ، الذي تغنينا أٍسفار التاريخ المملوءة به عن إثباته . فلم يبق إلاَ أن يكونوا من أهل بيته ، وقد ثبتت في عليَ (عليه السلام ) فتكون من بعده في العلماء من بنيه ، الذين نصَ عليهم عليَ ( عليه السلام ) ونصَ كلٌ منهم عليه
.
2- أسماء الأئمة ( عليهم السلام )
روت الشيعة الإمامية نص إمامٍ إمامٍ على من يقوم مقامه إلى اتني عشر إماماً . وحيث إن ابتداء التنصيص كان من عليَ ( عليه السلام ) الذي نصبه الله ورسوله إماماً ــ تكون إمامتهم ثابتة على نحو اليقين .
فقد نصَ أمير المؤمنين علي (23قبل الهجرة ــ 40هــ) على إمامة ولده الحسن (3هــ ــ 60هــ) من بعد ، ثم الحسين (4هــ ــ 61 هــ) من الحسن .
ونص الإمام الحسين بن علي على إمامة ولده عليَ السجَاد ؛ زين العابدين (38 هــ 95هــ)
ونص الإمام علي بن الحسين على إمامة ولده محمد ؛ الباقر (57 هــ 95هــ)
ونص الإمام محمد بن عليَ إمامة ولده جعفر ؛ الصادق (83 ــ 148 هــ)
ونص الإمام جعفر بن محمَد على إمامة ولده موسى؛ الكاظم (128 هــ 183هــ)
ونص الإمام موسى بن جعفر على إمامة ولده عليَ ؛ الرضا (148 هــ 203هــ )
ونص الإمام علي بن موسى على إمامة ولده محمَد ؛ الجواد ( 195هــ 220هــ)
ونص الإمام محمد بن عليَ على إمامة ولده عليَ ؛ الهادي(212 ــ 254)
ونص الإمام علي بن محمد على إمامة ولده الحسن ؛ العسكري (232 ــ 260)
ونص الإمام الحسن بن عليَ على إمامة ولده محمد؛ المهدي (ولدعام 255 هــ ــ ولايزال حيَاً يُرزق مُنتظراً الإذن الإلهي بالخروج.

وهذا التنصيصات مستفيضة ، رواها واخبر عنها الأمناء الصادقون من أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) خالف عن سالف ، وضبطوها في كتبهم ومجاميعهم الحديثَية ، وتحفَظوا على إبلاغها لكل نسلٍ نسلٍ . ونقلوا معاجزهم الباهرة التي وقعت منهم في مقامات إثبات إمامتهم ، وهي بحدَ ذاتها كافية لإثبات إمامتهم ، للدليل عينه المتقدَم في بحث إثبات النبَوة.
وبإمكان الباحث الكريم الرجوع إلى كتبهم العديدة المدونة في هذا المجال ، ومن أسهلها تناولاً كتاب الكافي لثقة الإسلام الكُليني ، المتوفَى عام 329 للهجرة
.
الاستدلال من وجه آخر
وبالإمكان الاستدلال على إمامتهم عليهم السلام بوجه آخر ، وهو أنَ مخالفي الشيعة رووا تلك الأخبار الكثيرة التي تقدمت الإشارة إليها ، والتي تصرُح بان الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ) اثنا عشر إماماً . فاإذا ثبت هذا العدد ، كان القائل بإمامه من يطابقه ، هو الصادق من بين جميع الطوائف ، وليس غير الشيعة الإماميَة تقول بذلك دون غيرهم ، فيثبت إمامة هؤلاء الكرام بأعيانهم (أورد هذا الدليل ، الشيخ الطوسي في كتابه ، الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد ص371 ــ 372 ، ط النجف ــ 1399 هــ ، وماذكرناه توضيح جلي لما أفاده قدس سره .
الإمام المــــــــهدي
تسلَم الإمام المهدَي منصب الإمامة عام 260هــ ، واضطرته ظروف الجور والظلم والمطاردة من جهة ، وحالة الاضمحلال الفكري والأخلاقيَ في المجتمع في الإسلاميَ خاصة والبشري عامة ، المانعة من تمكينه التام لأداء ويفته الراوية مباشرة ــ وهو آخر الأئمة المذخورين ــ من جهة ثانية ، اضطرَه ذلك إلى الاستتار وتفويض أمور الإمامة الإجرائية والتشريعيَة ــ بالحد الذي سنشير إليه ــ إلى الفقهاء المتضلَعين بحديث الرسول والأئمة ، كما سنتطرق إليه في البحث الآتي ، وستستمر غيبته هذه إلى أن تتحقق مقتضيات ظهوره ، وتزول أٍسباب استتاره فيحقَق عند ذاك الغاية الإلهيَة المرضيَة من بعثة رسول الله (صلى الله عليه وآله ) فيملأ الأرض هداية ونوراً ، وقسطا وعدلاً.


يتبع العــــدل

وفقكم الله لكل خير ببركة وسداد أهل البيت عليهم السلام






التوقيع


مات التصبر بانتظارك ايها المحيي الشريعه فانهض فما ابقى التحمل غير احشاء جزوعه قد مزقت ثوب الاسى وشكت لواصلها القطيعه فالسيف ان به شفاء قلوب شيعتك الوجيعه
فسواه منهم ليس ينعش هذه النفس الصريعة طالت حبال عواتقن فمتى تعود به قطيعه كم ذا القعود ودينكم هدمت قواعده الرفيعة تنعى الفروع اصوله واصوله تنعى فروعه فيه تحكم من اطاح اليوم حرمته المنيعه



( اللهم انصرنا على القوم الكافرين واظهر علينا وليك القائم المؤمل وايده بتأيدك فأنك على كل شيء قدير )

  رد مع اقتباس