عرض مشاركة واحدة
قديم 12-30-2012, 02:40 PM   رقم المشاركة : 1
حوراء انسيه
مـراقـبة أولـى ( إرشاد ديني )
 
الصورة الرمزية حوراء انسيه








حوراء انسيه غير متواجد حالياً

افتراضي في رحاب إجابة الدعاء


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف و عجل فرجهم يا كريم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


العلّة‌ في‌ عدم‌ استجابة‌ بعض‌ أدعية‌ غالبيّة‌ الناس‌
==============================
الاوّل‌: أنّ أغلب‌ أدعية‌ الناس‌ غير جادّة‌، ولا تصدر من‌ أعماق‌ قلوبهم‌. فما أكثرأدعية‌ الناس‌ التي‌ تصدر للعادة‌ والتقليد والاستناد على الأسباب‌ الظاهريّة‌ والإعتماد على الاُمور الاعتباريّة‌، وفي‌ هذه‌ الحال‌ فإنّ حقيقة‌ الدعاء لا تنبع‌ من‌ضمائرهم‌ وقلوبهم‌؛ ولولا ذلك‌ فإنّ هذه‌ الادعية‌ والرغبات‌ كانت‌ ستستجاب‌ في‌ حال‌ الاضطرار والانقطاع‌ الكامل‌.
قال تعالى : ( أَمَّن‌ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)..صدر الآيه 62 - النمل

الثاني‌: أنّ الادعية‌ تنصبّ غالباً على المنافع‌ الشخصيّة‌ مع‌ الإعراض‌ عن‌ المنافع‌العامّة‌. أي‌ أنّ الشخص‌ الذي‌ يدعو، يطلب‌ لنفسه‌ شيئاً خاصّاً لو استجيب‌ له‌ فيه‌ لاستلزم‌ ذلك‌ سلب‌ ذلك‌ الشي‌ء منه‌.
فقد يتوسّل‌ امرؤ بالإمام‌ مثلاً فيدعو بإصرار من‌ أجل‌ أن‌ يرتفع‌ عنه‌ ظلم‌ جاره‌، مع‌ أنّه‌ نفسه‌ يُلحق‌ في‌ بيته‌ وباستمرار ظلماً أشدّ بزوجته‌ لا يعلم‌ عنه‌ أحد شيئاً؛ فإن‌ استجاب‌ الله‌ دعاءه‌ بحقّ جاره‌ فأهلكه‌، فإنّه‌ سيكون‌ قد ألحق‌ الظلم‌ والحيف‌ بامرأة‌ هذا الظالم‌، وذلك‌ لانّ ظلمه‌ لزوجته‌ سيدوم‌. ولو استجاب‌ الله‌ بشأن‌ جميع‌ الظَّلَمة‌ بمقتضي‌ سعة‌ أسمائه‌ الجلاليّة‌ لتوجّب‌ من‌ ذلك‌ أن‌ يهلك‌ في‌ الوهلة‌ الاُولى نفس‌ هذا الرجل‌، لانّه‌ يظلم‌ امرأته‌ في‌ بيته‌!
لكنّ الإنسان‌ يُحسن‌ الظنّ بنفسه‌ دوماً فلا يعد ظلمه‌ قبيحاً، بل‌ لا يرى ظلمه‌ ظلماً وتعدّياً، وحينذاك‌ يدعو لرفع‌ ظلم‌ الغير. ومن‌ ثمّ فإنّ أمثال‌ هذه‌ الادعية‌ لا تستجاب‌ لانّ مـآلها هلاك‌ جميع‌ الظلمة‌ من‌ جملتهم‌ نفس‌ الداعي‌.

أغلب‌ طلبات‌ الناس‌، بخلاف‌ مصالحهم‌ الحقيقيّة‌
الثالث‌: أنّ أدعية‌ الناس‌ هي‌ غالباً خلاف‌ مصلحتهم‌، أي‌ أنّهم‌ يطلبون‌ وفق‌ فكرهم‌ وتعقّلهم‌ شيئاً ويلحّون‌ في‌ طلبه‌، فإن‌ استجيب‌ لهم‌ فيه‌ كان‌ فيه‌ ضررهم‌.لكنّهم‌ ـ باعتبار وقوعهم‌ في‌ ستار الحجاب‌ وعدم‌ اطِّلاعهم‌ على الاسرار يتخيّلون‌في‌ الغالب‌ منفعتهم‌. ولذا فإنّ الناس‌ غافلون‌ عن‌ المصالح‌ والمفاسد المعنويّة‌والحقيقيّة‌ ويتصوّرون‌ المصلحة‌ والمفسدة‌ على أساس‌ الإفراط‌ في‌ الشهوة‌ والتمتّع‌ باللذائذ الدنيويّة‌ الخسيسة‌، واكتناز المال‌ والثروة‌ وما أشبه‌ ذلك‌، سواء أدّى ذلك‌ إلى استقرار بالهم‌ أم‌ إلي‌ تعكيره‌، وسواء أبقى ذلك‌ علي‌ تحرّر روحهم‌ أم‌ لم‌ يبقِ، وسواء أتعبَ ذلك‌ نفوسهم‌ أم‌ لم‌ يتعبها؛ وبشكل‌ عامّ سواء زاد ذلك‌ في‌ درجتهم‌ ومقامهم‌ العلمي‌ وقربهم‌ من‌ الله‌ سبحانه‌ أم‌ لم‌ يزد؛ في‌ حين‌ أنّ هذا النمط‌ من‌ التفكير خلاف‌ صالحهم‌. فكم‌ من‌ ملعقة‌ من‌ الحلويات‌ اللذيذة‌ كانت‌ باعثاًعلي‌ إيجاد السمّ القاتل‌ في‌ أبدانهم‌! وكم‌ ساقتهم‌ زيادة‌ الثروة‌ واكتناز الذهب‌ إلى الطغيان‌ والتمرّد! وما أكثر ما دعتهم‌ صحّة‌ مزاجهم‌ وعافيتهم‌ إلى الغفلة‌ والمرح‌ والفخر! وما أكثر ما دعتهم‌ قدرتهم‌ البدنيّة‌ والبطوليّة‌ إلى تمريغ‌ منافسهم‌ في‌التراب‌، وأدخلتْ إلى نفوسهم‌ العُجب‌ والغرور! وأمثال‌ ذلك‌ كثير. فهم‌ سيكونون‌ حينذاك‌ قد جَنَوْا منفعة‌ قليلة‌ ومؤقّتة‌ أعقبتهم‌ مضرّة‌ كثيرة‌ ودائمة‌ دون‌ أن‌ يعلموابذلك‌. وعند ذلك‌ يذهب‌ هؤلاء المساكين‌ إلى اللهو واللعب‌، ويسمّرون‌ أنظارهم‌ على اللذّات‌ الفانية‌ لا يتعدّونها، جاهلين‌ بالتعب‌ والنَّصَب‌ والتداعي‌ الروحيّ الذي‌ لحقهم‌.

كان‌ سماحة‌ السيّد الحدّاد قدّس‌ الله‌ سرّه‌ يقول‌: أرى الناس‌ في‌ جميع‌ المشاهد المشرّفة‌ يُلصقون‌ أنفسهم‌ بالضريح‌ ويضرعون‌ باكين‌ بالدعاء فيقولون‌: أضفْ خرقة‌ إلى خرق‌ لباسنا المتهرّي‌ ليصبح‌ أثقل‌. وليس‌ هناك‌ مَن‌ يقول‌: خذ هذه‌ الخرقة‌ منّي‌ ليخفّ كاهلي‌ وليصبح‌ ردائي‌ أبسط‌ وألطف‌ وأرقّ!
إنّ حاجات‌ الناس‌ تنصبّ غالباً على الاُمور المادّيّة‌ ولو كانت‌ مشروعة‌، كأداء دَين‌،أو الحصول‌ على رأس‌ مال‌ للتجارة‌ والكسب‌، وشراء بيت‌، والزواج‌ من‌ فتاة‌، وشفاء مريض‌، والقيام‌ باستضافة‌ الناس‌ وإطعامهم‌ في‌ شهر رمضان‌ وأمثال‌ ذلك‌. وهذه‌ الاُمور جيّدة‌ لو أدّت‌ إلى قرب‌ الإنسان‌ وتجرّده‌، لا إلي‌ زيادة‌ شخصيّته‌ وأنانيّته‌ وتقوية‌ وجوده‌. لانّ تقوية‌ الوجود هذه‌ ستؤدّي‌ إلى ثقل‌ النفس‌ وبُعدها عن‌ سبيل‌الله‌، لا إلى خفّة‌ النفس‌ وانبساطها وقربها.
إنّ العمل‌ الصالح‌ للبشر وصلاحه‌ الحقيقي‌ّ هو الذي‌ يؤدّي‌ إلى قُربه‌ من‌ الله‌ تعالي‌ وإلى تحرير نفسه‌، سواء اقترن‌ بالمنفعة‌ الطبعيّة‌ والطبيعيّة‌ أم‌ لم‌ يقترن‌.وبعبارةٍ أُخري‌ فإنّ مجموعة‌ الإنسان‌ ليست‌ كمجموعة‌ الحيوان‌ والنبات‌ والجماد ليلحظ‌ فيها البدن‌ فقط‌، بل‌ إنّ الإنسان‌ يمتلك‌ نفساً ناطقة‌ وقابليّة‌ للارتقاء إلى أعلى علّيّين‌. فإن‌ قَصَرَ عنايته‌ على البدن‌ وأبهج‌ بذلك‌ نفسه‌، فقد أصابه‌ الضرر وأيّما ضرر! فهو قد باع‌ حقيقة‌ وجوده‌ وثمرة‌ حياته‌ بثمن‌ بخس‌، وبقي‌ محروماً في‌ ميدان‌ اللهو الدنيويّ. ولو أراد الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ في‌ مثل‌ هذه‌ الافتراضات‌ أن‌ يقضوا حاجات‌ الجميع‌ ويستجيبوا لجميع‌ الادعية‌ لكانوا قد ساروا خلاف‌ مصالحهم‌. إنّ الائمّة‌ هم‌ مصلحو عالم‌ البشريّة‌، فهم‌ في‌ حكم‌ الطبيب‌ الذي‌ يصف‌ للمريض‌ الاغذية‌ والادوية‌ المُرَّة‌ أحياناً، ويجري‌ له‌ العمليّة‌ الجراحيّة‌ والتزريق‌، وينصحه‌ بالامتناع‌ عن‌ بعض‌ الاغذية‌، ويداويه‌ بالجوع‌ أحياناً أُخري‌. أمّا العقلاء فيُدركون‌ ذلك‌ ولا يتمرّدون‌ على تعاليم‌ الطبيب‌، وأمّا الجهلة‌ وعبدة‌ الشهوات‌ أو الاطفال‌ الذين‌ لا كافل‌ لهم‌، فلا يُعيرون‌ ذلك‌ أُذناً صاغية‌، ويقومون‌ من‌ ثمّ بحفر قبورهم‌ بأيديهم‌. وبالطبع‌ فإنّ نفس‌ الالتجاء والدعاء يمتلك‌ المحبوبيّة‌، وهؤلاء المتوسّلون‌ والداعون‌ يحصلون‌ علي‌ أجر معنويّ، ويحسّون‌ ببهجة‌ ونشاط‌ وصفاء في‌ هذه‌ العتبات‌ المشرّفة‌ ويتمتّعون‌ بلذّة‌ الدنيا والعبادة‌. ونحن‌ نشاهد أحياناً أنّ حاجاتهم‌ تقضي‌ حين‌ تقتضي‌ المصلحة‌ ذلك‌، فيشفى المرضى المشرفون‌ على الموت‌ والعميان‌ والمشلولون‌، فيعودون‌ إلى أوطانهم‌ وقد نالوا مرادهم‌ وقضيت‌ حاجاتهم‌.

كتاب : الروح المجرد

ربي يحفظكم ويحميكم من كل سوء وشر ويجعلكم من السعداء في الدنيا والآخرة ببركة محمد وآل محمد عليهم السلام


(( يا علي يا علي يا علي (39)










التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم يارب


اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا
وقائدا وناصر ودليلا وعينا حتى تسكنه ارضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا ارحم الراحمين

روحي لتراب مقدمكِ الفداء يابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم



  رد مع اقتباس