الموضوع: الأنس بالقرآن
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-30-2012, 10:10 AM   رقم المشاركة : 1
أريج الطُهر المهدوي
مرشدة سابقة
 
الصورة الرمزية أريج الطُهر المهدوي








أريج الطُهر المهدوي غير متواجد حالياً

افتراضي الأنس بالقرآن

الأنس بالقرآن



- إن الأنس بالقرآن الكريم، لا يكون بقراءة القرآن، ولا حتى في التدبر فقط!.. فعندما يأنس إنسان بإنسان؛ ذكر كان أم أنثى، فإن نفس الحديث معه يريح القلب، وإن كانت خاليا من فائدة علمية.. ويحبّ أن يتحدث معه، ولهذا اتخذ موسى -عليه وعلى نبينا وآله السلام- سؤال الله -عزّ وجلّ- له: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى}؛ ذريعة للكلام مع الله -عزّ وجلّ- فأخذ يفصّل فـ: {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}.. يقال: أن موسى اغتنم الفرصة، لكي يستأنس بالحديث مع الله سبحانه وتعالى.

- إن الإنسان إذا فتح القرآن، وقرأه قراءة من دون تدبر؛ فهذه درجة من درجات الارتباط بالقرآن الكريم، وهي الدرجة الأولى.. والدرجة الثانية، هي أرقى من ذلك، إذ يكون هناك تدبر في معاني الآيات، والاستفادة العلمية في هذا المجال.. والمرحلة الثالثة: هي الأنس بالقرآن والحديث.. إذ يتخذ الإنسان الصلاة ذريعة للحديث مع الله عز وجل، ويتخذ القرآن ذريعة لحديث الله مع العبد.. والإنسان إذا اشتدّ أنسه بالقرآن، يصل إلى عالم شبيه بعالم أئمة أهل البيت عليهم السلام، الذين كانوا يفهمون القرآن حق فهمه، ويعرفون القرآن حق معرفته.

- إن الإنسان إذا زادت تلاوته، وزاد تدبره، واشتد أنسه بالقرآن الكريم؛ يصل إلى درجة انكشاف رموز القرآن، وشرح الصدر.. فالقلوب عليها مغاليق وعليها مفاتيح، {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، عندها الله -سبحانه وتعالى- يفتح هذه الأقفال لهذا الإنسان، فيفهم من القرآن ما لا يفهمه الآخرون.. بالإضافة إلى ذلك فإن المعاني القرآنية، تجد لها طريقاً انسيابياً إلى قلب الإنسان، فعندما تأتي الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} يرى نفسه بأنه المعني بكلمة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}.. ولهذا قيل في {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} في جميع القرآن الكريم، أنّ لذة الخطاب الإلهي للعبد ذهبت بالعناء.. فالإنسان عندما يخصه الله بالتكليف، ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، يلتذّ بأن الله -عزّ وجلّ- قد تكلم معه.. ولهذا نرى أئمة أهل البيت -عليهم السلام- يقولون: لبيك!.. عندما يقرؤون هذه الآيات المباركة.

- علينا أن نعلم أن الكتاب -القرآن الكريم- من ربّ متصف بصفتين، هاتان الصفتان هنا: صفة الحكيم، وصفة اللطيف...
حكيم : بمعنى أن القرآن يوازي حركة الوجود، فكما أن للنجوم مواقعا، وكما أن الذرة فيها مواقع مرسومة.. فكذلك معاني القرآن وآياته، متقنة الصنع كإتقان الذرة والفلك.. فالذرة في صغار الموجودات، والفلك في المجرات الواسعة. .ولو أمكن أن يكون هناك كتاب أرقى من القرآن للنبي الخاتم، وللأمة الخاتمة، لأنزله الله -عزّ وجلّ- هكذا نعتقد بأن كلام الرب هذا، أرقى كلام يمكن أن يتوجه إلى البشر.
- إن الله -عز وجل- أراد أن يرفع من مستوى البشر، كما نقرأ في آية الكرسي: {يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} إذ نسب الإخراج إلى نفسه.. وعليه، فإنه -تعالى- إذا أراد أن يختص العبد باللطف، فإنه يجعل القرآن شفاءً لدائه.. فالآيات القرآنية فيها صفة الإعجاز، وفيها صفة التأثير الذاتي.. والقلوب المستعدة الخالية من الشوائب، عندما تسمع القرآن الكريم -القرآن فيه جهة الباعثية؛ تفتح الآفاق، وتشرح الصدر- تدعو الإنسان وتحثه على العمل.

- إذا أراد الإنسان المزيد، فليبدأ بالخطوات الأولى.. والخطوات الأولى، هي أن يفهم ظاهر القرآن الكريم.. إذ كيف يتفاعل الإنسان مع آية، لا يعلم معناها مثل: {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}، {مُدْهَامَّتَانِ}، {اللَّهُ الصَّمَدُ}!.. فالآيات إذا لم نعلم المعنى الظاهري فيها، لا يمكن أن نتفاعل معها.

الخلاصة : إن أدنى الدرجات أن نفهم ظاهر القرآن الكريم، وبالتالي التلاوة الرتيبة.. أي أن التلاوة الرتيبة للقرآن -كما في بعض الروايات- تؤكد على أن نتخذ مجموعة من الآيات كحد أدنى للقراءة، فهذه أيضاً خطوة أولى في طريق الأنس بالقرآن الكريم.. والمهم بعد ذلك الالتزام بما يأمر به القرآن، لئلا ينطبق علينا ذلك النص الشريف -لا سمح الله- (رب تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه).. فالقرآن يلعن الظالمين، فإذا كان الإنسان ظالماً بالمعنى الذي تنطبق عليه الآية، فإنه عندما يقرأ القرآن، فإن القرآن يلعنه.. وبالتالي، فإن القرآن لا يتجاوز الدرجات الأولى من الاستيعاب والتأثير في وجود الإنسان.


الوصية السابعة من الوصايا الأربعون

وفقكم الله لكل خير ببركة وسداد أهل البيت عليهم السلام






التوقيع




بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }

صَدَقَ اللَّه الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ


  رد مع اقتباس