الموضوع: الطهارة
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-17-2015, 03:03 PM   رقم المشاركة : 1
المهدي طاووس أهل الجنة
مـراقـبة أولـى ( شؤون إدارية )







المهدي طاووس أهل الجنة غير متواجد حالياً

افتراضي الطهارة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



للطهارة أربع مراتب:
الأول ـ تطهير الظاهر من الاحداث والاخباث والفضلات.
الثانية ـ تطهير الجوارح من الجرائم والآثام والتبعات.
الثالثة ـ تطهير القلب من مساوي الأخلاق ورذائلها.
الرابعة ـ تطهير السر عما سوى الله ـ تعالى ـ، وهي تطهير الأنبياء والصديقين. والطهارة في كل مرتبة نصف العمل الذي فيها، إذ الغاية القصوى في عمل السر أن ينكشف له جلال الله وعظمته، وتحصل له المعرفة التامة، والحب والإنس. ولا يمكن حصول ذلك ما لم يرتحل عنه ما سوى الله، ولذلك قال الله ـ تعالى ـ:
" قل الله ثم ذرهم "[1]
فان الله وغيره لا يجتمعان في قلب واحد:
" ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " [2]

وأما الآداب الباطنة لطهارة الخبث وإزالته عند التخلي لقضاء الحاجة، أن يتذكر عنده نقصه وحاجته، وخبث باطنه، وخسة حاله، وما يشتمل عليه من الاقذار، وكونه حامل النجاسات، ويتذكر باستراحة نفسه عند اخراجها، وسكون قلبه عن دنسها، وفراغه للعبادات والمناجاة، وان الأخلاق الذميمة التي في باطنها نجاسات باطنة، واقذار كامنة، لتستريح نفسها عند اخراجها، ويطمئن قلبه من إزالة دنسها، وعند اخراجها يصلح للوقوف على بساط الخدمة، ويتأهل للقرب والوصول إلى حريم العزة. فكما يسعى في اخراج النجاسات الظاهرة لاستراحة البدن مدة قليلة في الدنيا، فينبغي أن يجتهد أيضاً في اخراج الاقذار الباطنة، والنجاسات الداخلة الغائضة[3] في الأعماق، المفسدة على الإطلاق، لتستريح الروح والبدن في الدنيا والآخرة أبد الآباد.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام " إنما سمي المستراح مستراحاً لاستراحة النفس من اثقال النجاسات واستفراغ الاقذار والكسافات فيها. والمؤمن يعتبر عندها إن الخالص من حطام الدنيا كذلك تصير عاقبته، فيستريح بالعدول عنها وتركها، ويفرغ نفسه وقلبه عن شغلها، ويستنكف عن جمعها واخذها واستنكافه عن النجاسة والغائط والقذر، ويتفكر في نفسه المكرمة في حال كيف تصير ذليلة في حال، ويعلم أن التمسك بالقناعة والتقوى يورث له راحة الدارين. فان الراحة في هو ان الدنيا، والفراغ من التمتع بها، وفي إزالة النجاسة من الحرام والشبهة. فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته إياها، ويفر من الذنوب، ويفتح باب التواضع والندم والحياء، ويجتهد في أداء أوامره واجتناب نواهيه، طلباً لحسن المآب، وطيب الزلفى، ويسجن نفسه في سجن الخوف والصبر والكف عن الشهوات، إلى أن يتصل بأمان الله ـ تعالى ـ في دار القرار، ويذوق طعم رضاه، فان المعول على ذلك، وماعداه فلا شيء " [4].
وينبغي أن يتأمل في أن ما دفع عنه من الغائط والقذر هو ما كان يشتهيه ويحترص في طلبه من لذائد الأطعمة، وكلما كانت ألذ عفونتها أشد، فما كانت عاقبته ذلك، فليحذر من أن يأخذه من غير حله، فيعذب أبد الآباد لأجله.
.................................................
[1] الانعام، الآية: 91.

[2] الاحزاب، الآية: 4.

[3] الغائضة: الغائرة. غيض الدمع: حبسه وأخفاه.

[4] الحديث مذكور في (مصباح الشريعة)، باب التاسع. وفي (مستدرك الوسائل): 1/37 ـ 38، كتاب الطهارة. وفي الموضعين اختلاف كثير عما ذكر هنا، فصححناه كما كان في الموضعين.



كتاب جامع السعادات للنراقي ج3








  رد مع اقتباس