الموضوع: عاقبة الاُمور
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-02-2012, 01:26 PM   رقم المشاركة : 1
نور القائم (عج)
مـراقـبة عامة ( شؤون إدارية )
 
الصورة الرمزية نور القائم (عج)








نور القائم (عج) غير متواجد حالياً

افتراضي عاقبة الاُمور

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف الكرام و عجَّل فرجهم يا كريم و ارحمنا بهم يا رحمن يا رحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الله تعالى في ثامن مثل من أمثال القرآن في الآية 266 من سورة البقرة: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾.

كيف يكون أحدكم راغباً في ان يبتلى بمصير الشخص الذي له بستان فيه نخيل وأشجار مثمرة وفيه أنهار بعد ما بلغ هذا الشخص سن الكبر، وكان قد جمع حوله ذرية واطفالا ضعفاء، حينئذ يواجه البستان إعصاراً متزامناً مع نار ملتهبة تلتهم بستانه وما فيه ليصبح ذليلا بعد عمر من العز.

للمفسرين أقوال في هذه الآية:

يعتقد بعض المفسرين أنَّ هذا المثل يحكي عاقبة الإنسان الذي يحرق محاصيل انفاقه وبذله بنار الرياء، لتذهب بذلك أعماله الصالحة وعباداته سُدى.

قد يقوم البعض باعمال كثيرة من قبيل الحج والصلاة والصيام والجهاد واعانة المساجد وبناء المستشفيات واعانة الايتام، وقد يقضي عمراً طويلا في هذه الأعمال إلاَّ أنه قد يحرقها ويُذهب بها مع الريح ليمحو آثارها وذلك بأن يتراءى بها.

ويرى البعض أنَّ آية المثل لا تختص بالرياء، بل تشمل جميع الذنوب، فإنَّ الآية تحذّر المسلمين ليراقبوا أعمالهم وعباداتهم، ويحفظوها مما قد يدمرها ويحرقها من الذنوب.

وحسب هذه الاية، فانّ الإنسان إذا لم يراقب أعماله قد يبتلي بمصير هذا الشيخ الذي تضرر هو مع عياله وأولاده وأوقع مستقبل اطفاله بخطر. وبعبارة أخرى: يا إنسان! حافظ على أعمالك وعباداتك دائماً وبشكل مناسب وفكر بعاقبة امرك; وأنَّ حفظ العمل اصعب من اداء نفس العمل.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من قال لا إله الا الله، غرس الله بها شجرة في الجنة"، والحديث يعني أنَّ الإنسان كلما نطق بهذه الكلمة غرست له شجرة في الجنة. والمستفاد من هذه الرواية هو أنَّ الجنة وكذا جهنم تبنى بواسطة أعمالنا، فهي ليست مبنية من ذي قبل.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من قال: سبحان الله غرس الله بها شجرة في الجنة. ومن قال: الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة. ومن قال: لا اله الا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة. ومن قال: الله اكبر غرس الله له بها شجرة في الجنة". فقال رجل من قريش: يا رسول الله إنّ شجرنا في الجنة لكثير، قال: "نعم، ولكن إيَّاكم أنْ ترسلوا عليها نيراناً فتحرقوها(1)، وذلك أنَّ الله عزوجل يقول: ﴿يَا أيُّهَا الّذِيْنَ آمَنُوا أطِيْعُوا اللهَ وأطِيْعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أعْمَالَكُم﴾.

﴿أيَوَدُّ أحَدَكُم أنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيْل وَأعْنَاب﴾ إنَّ الإشارة إلى فاكهة العنب والتمر دون غيرهما يفيد أنهما أهم أغذية للبشر، أما الأهم منها فمعدم أو قليل.

﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ فِيْهَا مِنْ كُلِّ الثَمَرَاتِ﴾ البستان قد يحتوي على بركة أو قنال يسقى منها، والأخير قد يستدعي بذل المال مقابل الماء. وفي كلا الحالتين، إنَّ السقي بهما يستلزم متاعب وزحمات جمة. إلاَّ أنَّ البستان الذي تحدثت عنه الآية يقع في مسير نهر، وهذا يعني أنَّ السقي لهذا البستان مريح جداً ولا يستدعي تحمل زحمات وافرة. اضافة إلى هذا; فإنَّ في هذا البستان فواكه من قبيل التمر والعنب.

﴿وأصَابَهُ الكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءٌ﴾ أي أنَّ صاحب هذا البستان أصبح شيخاً كبيراً. وضعف الذرية اشارة إلى عدم امكانهم اعانته على شؤون البستان، بل انَّ عبء هؤلاء الأطفال واقع جميعاً على عاتق هذا الشيخ، وهذا البستان لا يحتاج إلى عناية كبيرة ومستمرة فيمكنهم التمتع بمحاصيله وثماره.

﴿فَأصَابَهَا إعْصَارٌ فِيْهِ نَارٌ فاحْتَرَقَتْ﴾ أي في الوقت الذي يكون فيه الشيخ بأمسِّ الحاجة إلى هذا البستان يأتي إعصار من نار يحرق هذا البستان ويبدله إلى تل من الرماد ثم يذهب هذا الرماد مع الريح متناثراً بحيث لا يبقى أي اثر منه. الإعصار يحصل اثر اصطدام ريحين قادمين من اتجاهين مختلفين، وهو يحضى بقدرة عجيبة إذا حصل في مكان فانه يذهب معه كل ما يكون هناك من اشياء، فقد يذهب بماء حوض مع اسماكه ويسقطها في مكان اخر بحيث يتصور البعض انّ الاسماك جاءت من السماء، وقد يرفع انساناً من مكانه ويلقيه في مكان آخر.

﴿كَذَلك يُبَيِّن اللهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُم تَتَفَكَّرُونَ﴾ يعتبر الله الهدف من هذا المثل هو التفكّر والتعقل. ووفقاً لهذه الآية الشريفة، فإنَّ على الإنسان أن يودع نفسه بيد الله ويعتقد أنَّ كل ما يقوم به من أعمال وطاعات وعبادات هي قليلة في حق الله وأنَّ ما يصله من الله تعالى من نعيم هو بلطفه وإحسانه لا لعمل وعبادة استحق بهما الإنسان تلك النعم. من المؤسف أنَّ هذا الإنسان الضعيف قد لا يفكر جيداً ويغتر بما جاء به من ركعات صلاة وأيام من الصوم فيعد نفسه - لأجل ذلك - من أصحاب الجنة. بل يعد الجنة، واجبة له، ونفس هذا الإنسان قد يرى نفسه ميتاً خلو الإيمان.

اللهم اجعلنا من المرحومين ولا تجعلنا من المحرومين.2

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- بحار الأنوار 90_ 168.
2- الأمثال في القرأن / مكارم الشيرازي_ المثل الثامن.

وأسأل الله و أهل البيت عليهم السلام التوفيق و السداد وأن تقضى جميع حوائجكم في الدنيا و الآخرة عاجلاً ببركة و سداد أهل البيت عليهم السلام







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم

الَلهّمّ صَلّ عَلَىَ محمد وآل مُحَّمدْ الَطَيبيِن الطَاهرين الأشْرَافْ وَعجَّل فَرَجَهُم ياَكَرِيمَ..
السلام عليكَ سَيدي ومَوْلاي يا بَقـِيةَ اللهِ في أَرْضِهِ وَرَحْمَةُ الله وبركاته.

فأُطالبكَ يا الهي أن ترزقني شهادةً مُطَهِّرَةً أنا اخترتُها لنفسي كفارةً عن ذنبي، شهادةً قلّ نظيرُها يتفتتُ فيها جسدي و تنال كل جارِحة من جوارحي ما تستحقُّه من القصاصِ و العقوبةِ و بعدها يا ربِّ يصبحُ حتماً أن تسكنني بجِوارِكَ و جِوارِ أولِيائكَ

كن مع الله يكن الله معك

  رد مع اقتباس