منتديات نور السادة

منتديات نور السادة (https://noor-s.site/vb/index.php)
-   نور الأعمال العبادية لكل شهر كريم (https://noor-s.site/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   في رحاب المناجاة الشعبانية (4) (https://noor-s.site/vb/showthread.php?t=7346)

صفاء نور الزهراء 03-21-2010 03:13 PM

في رحاب المناجاة الشعبانية (4)
 
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين بجميع محامده والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الأشراف والعجّل العجّل العجّل لصاحب الأمر الحجة إبن الحسن عليه السلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1- (إلهي وقد أفنيت عمري في شرة السهو عنك ، وأبليت شبابي في سكرة التباعد منك..) : إن البعض قد تقتضي ظروفه الحياتية عدم وقوعه في المعاصي الكبرى ؛ نظراً لكون طبيعة حياته طبيعة خالية من أرضية المعصية ، وهذه نعمة لا تنكر من نعم الله عزوجل.. إلا أن الإمام (ع) هنا يفتح باباً أخر للتدبر ومحاسبة النفس ومعاتبتها ومعاقبتها ، ألا وهو باب الغفلة.. فلئن سلم الإنسان من الوقوع في الحرام ، فليحذر هذا الباب أيضاً !.. إذ كم من القبيح أن يتصرف الإنسان في حياته وكأنه لا مالك له !.. فهب أنه لم يرتكب الذنب ، ولكن هذه الغفلات المتتابعة تحتاج منه إلى استغفار شديد ، لأنه نوع من استخفاف بوجود المولى جل اسمه.. ومن هنا يُفهم موقف ولي الله تعالى إذا ما أكل طعاماً بدون تسمية ، إذ يعتبر نفسه وكأنه أكل ميتة..
فإذن ، فكما أن الذنوب توجب البعد عن الله عزوجل ، كذلك الأمر في الغفلة عن ذكره عزوجل ، ولهذا نحن نقرأ في دعاء كميل هذه العبارة : ( وكثرة شهواتي وغفلتي).. فالشهوات داعية للحرام ، وأما الغفلات فهي موجبة للبعد عن الله عزوجل.. ولا شك أن المؤمن الذي يعيش هذا الهاجس ، وتراه دائماً يتهم نفسه ويعيش بين الخوف والرجاء ، فإنه في مظان الرحمة والألطاف الإلهية.

2- (إلهي أنا عبد أتنصل إليك مما كنت أواجهك به ، من قلة استحيائي من نظرك..) : من المناسب بعض الأوقات أن يستذكر الإنسان جزئيات ذنوبه التي ارتكبها فيما مضى ، ليثبت لنفسه موقع الذلة أمام ربه جل وعلا.. فإن مشكلة المعصية أنها تبقي حرقة في قلب الإنسان ، إذ كيف هو استخف بأمر مولاه !.. فمثله كمثل إنسان أعرض عن رؤية والده ، الذي قد تحمل عناء السفر ، شوقاً لزيارته في الوطن الذي هو متواجد فيه.. فهب أن هذا الأب الشفيق غفر له زلته ، إلا أنه سيظل يعيش تأنيب الضمير طول عمره ، لاستخفافه بحق والده.. غير أن هذه الحالة من الخجل والتقصير في حق الله عزوجل ، من موجبات نزول الرحمة الغامرة على العبد.

3- (إلهي إن من تعرف بك غير مجهول ، ومن لاذ بك غير مخذول..) : إن الإنسان الذي يكون معروفاً بإيمانه في السماوات عند الله تعالى ، ويكون صوته مألوفاً عند ملائكة الرحمة في الرخاء والشدة ؛ فإنه إنسان غير مجهول ، لماذا ؟.. لأنه تعرف على من تنفعه معرفته ، كما نقرأ في دعاء عرفة : (إلهي ماذا وجد من فقدك؟!.. وماذا فقد من وجدك؟!..).. فلو أن إنساناً كان رئيساً لجمهوريات الأرض ، وأعطي لقب ملك الملوك ، في حين أنه مجهول في السماوات -وإن كان معروفاً في الأرض- ، فماذا ينفعه كل ذلك ؟!.. فلماذا يبحث الإنسان عن الشهرة وحسن الذكر عند المخلوقين ، مع أنه يعلم بأن رصيده عند الله تعالى ضعيف ؟!.. وعليه، فكل إنسان على هذه الشاكلة ، يزداد شهرة وسمعة بين الناس ، وينهال عليه الثناء من كل صوب ؛ حسناً لظاهره ، واعتقاداً بظاهره ، في حين أنه مجهول في السماوات ، فلا يعرفه الله عزوجل ، ولا تعرفه ملائكته ؛ إنما هو إنسان لا ينظر الله تعالى إليه ، ولا يعترف بوجوده ، بل ويسقطه من عينه تعالى ، كما نقرأ في مناجاة أبي حمزة : (وأسقطتني من عينك..).

4- (إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك ..) : يقال في اللغة : فلان انقطع إلى فلان ، أي استغنى به عن غيره في أخذ ما يحتاج أو يريد.. إن الإنسان في علاقته مع ربه إذا وصل لهذه الدرجة ، بحيث لا يرى مؤثراً في الوجود غير الله تعالى ، فيراه هو الرازق ، وهو الذي تصير إليه الأمور ، وهو الذي بيده خزائن كل شيء ، وهو الذي يحي ويميت ، وهو الذي بيده الخير ، وهو الذي على كل شيء قدير ؛ فإنه هل يحتاج أن يراجع الآخرين ، وهو يعلم يقيناً أن الكل مفتقرون إلى رحمته تعالى ؟!..
إلا أن الانقطاع له درجات ، فقد ينقطع الإنسان إلى الله عزوجل في ساعات الإقبال ، أو في جوف الليل ، أو في أثناء سفرة لحج أو عمرة ؛ فإن هذا ليس هو الانقطاع الكامل.. إن الانقطاع الكامل هو أن ينقطع الإنسان عن كل فرد في الوجود ، في كل زمان ، وفي كل مكان ، وفي كل حال.. فإذا انطبقت هذه العمومات الأربع : عموم أفرادي ، ومكاني ، وزماني ، وأحوالي ؛ على حياة الإنسان ، فقد حقق كمال الانقطاع المقصود.

5- (وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك ، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور..) :
ما المراد هنا بحجب النور ؟..
وكيف يعبر عن النور الذي ينير الطريق بالحجاب ؟..
النور والحجاب ضدان فما وجه اجتماعهما هنا ؟..
قد يكون الجواب : في أن بعض الأمور التي هي موصلة إلى الله عزوجل : كالدعاء ، والحج ، والعمرة ، والمطالعات الثقافية... ؛ إذا نُظر إليها في نفسها ، فإنه يتحول الأمر إلى حجاب بين العبد وبين ربه.. كمثل إنسان ينشغل بسيارته زيادة عن اللزوم : تزييناً وتلميعاً وما شابه ذلك ، فيصده ذلك الانشغال عن الوصول بها إلى هدفه.. إذ أن الإنسان في بعض الحالات يعجب بذاته ، فيراها جميلة ، لما هي عليه من العلم والعبادة ، وغيره من الملكات الحسنة ، فيصده هذا الإعجاب عن سبيل الله.. فإذن، السالك إلى الله تعالى ، إذا انشغل بأي شيء -ولو كان بجنسه نورياً- ، فقد وقع في الفخ الخفي ، وهذا من صور الشرك الذي لا يلتفت إليه إلا الخواص من العباد.

6- ( فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك..) : إن الإنسان مهما بلغ بنفسه من الكمال ، إلا أنه ما وزن نفسه أمام عظمة الخالق جل وعلا ؟!.. إن هذه النفس إذا اندكت في عالم العرش ، فقد حققت معنى الفناء ، لا الفناء بمعنى وحدة الوجود ، وإنما أن لا يرى الإنسان لنفسه خصوصية في قبال ذلك الوجود الذي غمر نوره كل شيء.

7- ( إلهي واجعلني ممن ناديته فأجابك ، ولاحظته فصعق لجلالك ، فناجيته سراً ، وعمل لك جهرا..) : الإمام (ع) يشير إلى ما حدث للكليم نبي الله موسى (ع) ، مثيراً الشهية لسؤال الرب المتعال ، للوصول إلى مرتبة مشابهة لمرتبة الكليم (ع).. إلا أن هذه الحالة من الصعق لجلال الله عزوجل ، يرجى من ورائها هدف سامٍ ، وليس هو للتقوقع والترهبن ومقاطعة المجتمع.. إن موسى (ع) بمجرد أن أنهى لقاءه مع رب العالمين ، رجع إلى قومه ليواصل مهمته التبليغية.. ومن هنا يتضح موقع صلاة الليل في حياة المؤمن ، فهو ليلاً يعيش الخلوة مع ربه ، إذ يناجيه سراً ، ثم هو في النهار يعكس آثار ذلك بالعمل جهراً في خدمة المجتمع.

8- (إلهي وألحقني بنور عزك الأبهج ، فأكون لك عارفا ، وعن سواك منحرفا ، ومنك خائفاً مراقبا..) : إن الإنسان إذا التحق بهذا النور الإلهي ، فإنه سيترتب على ذلك آثاراً في حياته :
الأول : أن هذا النور ينير له الطريق ، فيصل إلى معرفة الله عزوجل.
والثاني : تحصل لديه حالة زهد قهرية عن كل ما سوى الله عزوجل ، فلا يتعلق قلبه بشيء أبداً.
والثالث : تنشأ عنده حالة الخوف والمراقبة لكل أموره - صغيرها وكبيرها- ، بحيث ينزجر تلقائياً عن كل ما يغضب الله عزوجل.. لأنه وصل إلى درجة يرى فيها ذلك البطش الإلهي ، الذي يكفيه عن كل واعظ.. أضف إلى أن رؤيته لذلك الجمال والجلال والرحمة الإلهية ، تدفعه إلى أن يكون راجياً لله عزوجل في كل أحواله.

..................................
الشيخ حبيب الكاظمي


حفظكم الله تعالى وسددكم ببركة الصلاة على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف
وصلِّ اللهم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم ياكريم يارب العالمين

سرور قلبي محمد 03-22-2010 03:40 PM

رد: في رحاب المناجاة الشعبانية (4)
 
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد

احسنتي غاليتي وسدد الله خطاك على جميل ماقدمتي

بارك الله فيك



وفقكم الله لكل خير ببركة و سداد أهل البيت عليهم السلام

مناي الجنة 07-14-2010 11:37 PM

رد: في رحاب المناجاة الشعبانية (4)
 
بسم الله نور النور
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم ياكريم
جزاكم الله خيرا وبارك بكم وقضى حوائجكم ورزقنا معكم الشفاعة والفوز بالجنان
وصلى الله عى سيدنا ونبينا ابا القاسم محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم ياكريم


الساعة الآن 04:59 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.